كيف تبتكر مؤشرات قياس تنسجم مع أولوياتك؟

3 دقائق

سألني رائد (اسم مستعار)، الرئيس التنفيذي لهيئة الطرق الرئيسية في إحدى الولايات الأسترالية الكبيرة، قائلاً: ما رأيك في بطاقة قياس الأداء الخاصة بنا؟ كان أرسل لي بطاقة قياس الأداء الخاصة بمؤسسته، التي تضم 29 من مؤشرات الأداء الرئيسة، عبر البريد الإلكتروني، لمراجعتها قبل ورشة العمل التي كنتُ سوف أنظمها لهم. وللأسف، وجدتُ أنه إلى جانب أن القائمة طويلة للغاية، فإنها أيضاً غير متكافئة ومتحيزة، مع وجود ثغرات كبيرة قد تؤدي إلى قصور في أداء الهيئة في جوانب حساسة.

الهيكل أمر أساسي

للإجابة عن سؤال رائد، شرعت في العثور عن إجابة لهذا السؤال الجوهري: هل تتبع بطاقة قياس الأداء هيكل أصحاب المصلحة الرئيسيين؟

تعمل المؤسسات في بيئات يحددها أصحاب المصلحة الرئيسيون. فنأخذ، على سبيل المثال، أحد فنادق "هيلتون" (Hilton)، سنجد أن أصحاب المصلحة الرئيسيين فيه هم: العملاء والموردون والموظفون والشركة القابضة والمجتمع الذي يعمل فيه. ولن تزدهر أعمال الفندق إلا ببناء علاقات قوية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين جميعهم. إذا كانت علاقة الفندق بموظفيه سيئة، فسيجد صعوبة في تقديم خدمات مرضية وفي تحقيق الازدهار أيضاً. وإذا كانت علاقته كذلك بعملائه سيئة، فسيغرق في الديون بعد فترة قصيرة. في الواقع، تقاس قوة المؤسسة بقوة أضعف الحلقات في مجموعة أصحاب المصلحة الرئيسيين فيها. ولهذا أقول لعملائي إن "قياس الأداء هو في الواقع قياس لقوة العلاقات".

تطبيق المعايير

إذاً، كيف كان أداء بطاقة قياس الأداء التي أرسلها رائد؟ ليس جيداً. ما فعله الفريق التنفيذي هو تقسيم المؤسسة إلى 6 برامج. على سبيل المثال هذه 3 منها: برنامج سلامة الطرق، وبرنامج كفاءة الطرق، وبرنامج صيانة الطرق. ولم يرد ذكر أصحاب المصلحة. ولكن مَن هم أصحاب المصلحة الرئيسيون في هيئة الطرق الرئيسة؟

تصادف أنني أعرف الإجابة بحكم عملي سابقاً مع فريق تنفيذي لمؤسسة مماثلة في ولاية أخرى على الأمر ذاته. والإجابة هي أن أصحاب المصلحة الرئيسيين هم: مستخدمو الطرق، والحكومة المحلية، والمجتمع المتضرر، ومزودو الخدمة، والهيئات المركزية، والموظفون.

سأوضح كلاً منها بإيجاز. مستخدمو الطرق هم مجموعة من الأشخاص والمؤسسات، بداية من راكبي الدراجات إلى شركات النقل بالشاحنات. وتُشير الحكومة المحلية إلى المجالس التي يُعد تعاونها ضرورياً لبناء شبكات الطرق على نطاق الولاية. المجتمع المتضرر هو أصحاب الأراضي المجاورة لأي مشروع توسعة للطرق، حيث قد يتم التعدي على ممتلكاتهم. يضم مزودو الخدمة طائفة عريضة من الفئات، أبرزها المقاولون الذي يشيدون الطرق. وتشير الهيئات المركزية إلى الجهات الحكومية الأخرى التي قد تعتمد عليها الطرق الرئيسة للحصول على تمويل (مثل خزانة الدولة). ويشير الموظفون إلى العمال الذين يتقاضون أجراً.

انتبه للأثر

صنفتُ مؤشرات الأداء الرئيسة، البالغ عددها 29، الخاصة بهيئة الطرق الرئيسة وفقاً لأصحاب المصلحة الرئيسيين الستة، وخلصتُ إلى نتائج مذهلة.

لقد وجدتُ أن 16 من مؤشرات الأداء الرئيسة مرتبطة بواحد فقط من أصحاب المصلحة، وهو: مستخدمو الطرق. يُشار إلى هذه المؤشرات على النحو التالي: سلامة الطرق، والرضا عن شبكة الطرق، وتدابير السفر على الطريق بسلاسة، وبيانات حول صيانة الطرق. ارتبطت 10 من مؤشرات الأداء الرئيسة بمزودي الخدمة من حيث العقود التي انتهت في الوقت المحدد ووفقاً للميزانية. وتعلقت 3 منها بالهيئات المركزية، وكانت مهتمة بالاستخدام الفعال للأموال، على سبيل المثال يُمثل أحد مؤشرات الأداء الرئيسة في "متوسط تكلفة صيانة شبكة الطرق بالدولار لكل كيلومتر من شبكة الطرق". ولم تكن هناك أي مؤشرات أداء رئيسة لـ 3 من أصحاب المصلحة الرئيسيين: الحكومة المحلية، والمجتمع المتضرر، والموظفون.

ما يعني أننا نتحدث عن مؤسسة تمتلك ما يقرب من 7 آلاف موظف ولكن لا تتعلق أي من مؤشرات الأداء الرئيسة، البالغ عددها 29، برضا الموظفين، أو السلامة، أو معدل دوران الموظفين، أو الإنتاجية، أو الابتكار. ولم تكن هذه علامة جيدة بالنسبة إلى القوى العاملة، كما أن ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي على الطريقة التي يفكر فيها الرئيس التنفيذي والفريق التنفيذي في المؤسسة. وأيضاً لماذا لم يرد ذكر الحكومة المحلية والمجتمع المتضرر؟ فإذا استبعدت الهيئة أصحاب المصلحة هؤلاء، فهي تخاطر بحدوث تداعيات سياسية خطيرة.

إذاً، ما الذي ينبغي لرائد وفريقه في هيئة الطرق الرئيسة (وأنت كذلك) فعله بدلاً من ذلك؟

إعداد بطاقة قياس الأداء

تتمثل الخطوة الأولى في تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين في مؤسستك، أو وحدة العمل الاستراتيجية. خذ في اعتبارك أن علاقتك بهم متبادلة، ثم ضع تدابير على طرفيها. فيما يتعلق بموظفي هيئة الطرق الرئيسة، يمكنك اختيار تدابير متعلقة بما ترغب المؤسسة منهم تحقيقه، مثل الإنتاجية (وغالباً ما يلعب دوران الموظفين دور الوسيط هنا)، والابتكار. وفيما يخص العملاء في أحد فنادق "هيلتون"، على سبيل المثال، تستطيعُ اختيار تدابير تتعلق بما هو مطلوب منهم، مثل تحقيق إيرادات وهامش ربح.

وعلى الطرف الآخر من العلاقة، ابحث عن العوامل التي تمنح مؤسستك ميزة تنافسية من منظور أصحاب المصلحة. فمثلاً بالنسبة إلى الموظفين في هيئة الطرق الرئيسة، فإن ظروف العمل المادية والدخل والسلامة والثقافة المؤسسية عوامل مهمة. وعملاء فندق "هيلتون" ربما يُقيّمونه وفقاً لخدمة العملاء والأسعار وجودة المكان. لذا، ضع في اعتبارك التدابير الذاتية والموضوعية في الحالات كلها.

بالطبع، يُسفر هذا النهج عن عدد كبير من التدابير، ولكن يُمكنك الاختيار من قائمتها الطويلة ما هو أكثر أهمية إليك، علماً بأنك حددتها بطريقة استراتيجية، ولم تغفل عن أي من مؤشرات الأداء الرئيسة المهمة.

في هيئة الطرق الرئيسية، قسّمتُ المدراء المشاركين، البالغ عددهم 42 مديراً، إلى مجموعات تُركز كل منها على كل من أصحاب المصلحة الستة الذين حددناهم، وقد أعدوا قائمة أولية تضم ما يقرب من 30 تدبيراً لكل مجموعة من أصحاب المصلحة، وبلغ مجموعهم 180 تدبيراً تقريباً. وفي تلك المرحلة، سُلِّمتُ الراية إلى الفريق التنفيذي (12 فرداً)، الذي اختار مؤشرين أو ثلاثة فقط لكل مجموعة من أصحاب المصلحة، وبذلك انتهى الأمر بإعداد قائمة متوازنة من 17 مؤشر أداء رئيسي.

إذا كنت تهتم حقاً بتتبع المقاييس بالغة الأهمية لنجاح مؤسستك، أوصيك بتطبيق ما أدرجته في هذه المقالة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي