التنقل إلى وظيفة جديدة ذات ثقافة مختلفة للغاية

4 دقائق
التنقل إلى وظيفة جديدة

كيف تشعر قبل التنقل إلى وظيفة جديدة قريباً؟ من الطبيعي أن نعتاد على ثقافة بلد ما عند انتقالنا إليه، وأن نعرف الإجابة الصحيحة لسؤال الناس عن أحوالنا، وأن ندرك الموضوعات التي يحظر مناقشتها، ويحدث الشيء نفسه في الحياة المؤسسية، ذلك أننا نطور فهماً ضمنياً لكيفية سير المعاملات، إلا أن هذه العملية قد تكون مقلقة عند مواجهة أي خلافات في الرأي.

وبصفتي مدرباً تنفيذياً متخصصاً في مجال التواصل لدى القادة، قضيت العقد الماضي أعمل على تدريب كبار القادة على كيفية التواصل مع الزملاء وأصحاب المصلحة الجدد بشكل فاعل. وفيما يلي أربع استراتيجيات يمكن أن تساعد في تسهيل انتقالك إلى بيئة جديدة.

التمس آراء الآخرين قبل عرض آرائك.

قد يجري إطلاعك بعدة معلومات من قبل مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي أو لجنة التعيين عند انضمامك إلى بيئة جديدة، لكن لا يمكنك بالضرورة الاعتماد على هذه المعلومات، فقد يمتلك مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي تحيزات أو أموراً بعيدة عن الرؤية، مثلهم مثل جميع البشر، وقد يكونون غير مدركين لديناميات ما يحصل وراء جدران مكاتبهم، مثل النزاعات بين الموظفين، أو وجود موظفين يمارسون نفوذاً سياسياً غير متناسب داخل الإدارة أو الفريق.

لذلك، من المهم قبل أن تباشر جدول أعمالك بشكل رسمي أن تلتقي زملاءك وموظفيك الجدد بشكل فردي وجماعي على حد سواء بهدف تحديد المزالق المحتملة واستكشاف خيارات جديدة أو تحديد حلفاء محتملين يدعمون آراءك، على سبيل المثال، قد ينطوي هدفك على إغلاق المكتب الموجود في مدينة طوكيو، ويتبيّن لك عند الاجتماع مع أعضاء الفريق أن رئيس مكتب طوكيو على صلة مع زبون قوي. ويمكنك طرح عدة أسئلة مفتوحة في الاجتماع مثل:

  • ما هي المجالات التي تبرع الشركة في أدائها حسب اعتقادك؟
  • ما هي مجالات التحسين التي تقترح إجراءها؟
  • ما هو الشيء الذي ترغب في إجراء تعديلات عليه فيما يخص منصبك أو الأسلوب الذي تتبعه الشركة في ممارسة الأعمال التجارية؟

وقد يؤول بك الحال إلى إجراء التغييرات المحددة التي توقعتها في البداية، لكنك ستصبح أكثر وعياً بالمخاطر وأكثر قدرة على التخفيف من حدتها على الأقل. ومع تبنّي الفريق الجديد رؤيتك، يمكنك اعتبار نفسك وكيل التغيير الذي يعمل بالوكالة عنهم، بدلاً من اتخاذ قرار إجراء التغييرات بشكل شخصي.

لا تنس أن فرض قرارات التغيير له حدود.

يُعتبر فرض قرارات التغيير بمثابة فخ غالباً ما يقع فيه القادة الجدد في المستويات العليا من القيادة، فمن المحتمل أن يجري تعيينك بفكرة أن النظام السابق هو نظام فاشل وأن مهمتك تتمثّل في إصلاحه، وهو ما يجعلك تبذل قصارى جهدك لإرضاء مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي، وتبدأ في تسريح الموظفين أو إعادة توزيعهم، وإطلاق مبادرات جديدة، والتخلي عن المبادرات القديمة، والتصرف وفق ما يُطلب منك بالضبط.

لكن من المحتمل أن يرفض زملاؤك وموظفوك هذا التقييم المجحف الذي وضعه صانعوا القرار، وأن يشعروا بالإهانة من فكرة أن عملهم يحتاج إلى "إدارة"، وقد يتمردون ضدك، إما بشكل مباشر أو عن طريق الامتثال السلبي لقراراتك، أو تقديم شكاوى سرية للقيادة. وقد تحظى بدعم مجلس الإدارة أو المدير التنفيذي فترة من الوقت ألا أنهم قد يتخذون قراراً أن دعمك لا يستحق رأس المال السياسي إذا علا صوت الاعتراض. وقد درّبت بالفعل أحد المسؤولين التنفيذيين في المناصب العليا الذي نجح في تنفيذ جدول أعمال التغيير الذي طُلب منه، لكن وظيفته كانت في خطر لأنه نأى فريقه في هذه العملية.

حدد "مرشداً ثقافياً".

ابحث عن مرشد ثقافي يمكنه مساعدتك في تفسير الرموز الضمنية لبيئتك الجديدة وتجاوزها، تماماً مثلما تفعل عندما تشغل منصباً يتطلب إيفاداً إلى الخارج. ومن الضروري أن يمتلك هذا الشخص فهماً عميقاً لإدارات الشركة، ويسعى إلى مساعدتك في تحقيق النجاح، ولا يمتلك مآرب سياسية تحجب وجهة نظره أو تدفعه إلى أن يقدّم لك معلومات متحيزة. وقد تشمل الاحتمالات موظفي الشركة السابقين الذين تعرفهم من خلال الدوائر الاجتماعية أو المهنية، أو الزملاء المقرّبين في المكاتب أو الإدارات الأخرى.

تحكّم بما يعلمه الآخرون عنك.

من المحتمل أن تواجه عدة مشكلات في مرحلة ما إذا كانت ثقافة شركتك الجديدة مختلفة تماماً، فقد تبدو ملاحظاتك في اجتماع طرح الأفكار قاسية، وقد يشتكي أعضاء الفريق من اتخاذك قرارات دون أن تلتمس مشورتهم بشكل كاف، وقد تعمل مجموعة العمل ببطء شديد لأنهم لم يدركوا جدّية حديثك عند اعتبار المشروع أهم الأولويات.

بطبيعة الحال، تتعلق بعض هذه الأمور بمراوغات الشخصية وأسلوب القيادة، لكنها قد تتفاقم عندما تعمل ضمن ثقافة تختلف كثيراً عما تتوقعه، فقد توصف أنك شخص "متقد الحماس" إذا قدمت من بيئة طموحة، من ناحية أخرى، إذا اعتمدت ثقافة وظيفتك الأخيرة على نهج الإجماع والاتفاق الجماعي، فقد يُشاع أنك تتبع نهجاً تعاونياً أكثر من اللازم للحصول على نتائج.

وفي حال كنت تشعر أن الآخرين أساؤوا فهمك أو أن نواياك غير واضحة، بيّن الفرق الثقافي الذي من المحتمل ألا يدركه زملاؤك الجدد، إذا غالباً ما يكون من الصعب إدراك الحقائق. يمكنك أن تقول: "أعتذر إن كانت تعليقاتي قاسية للغاية، إلا أنني اعتدت التعبير عن أفكاري في الشركة التي كنت أعمل فيها بهذا الأسلوب، وأدرك تماماً أن هذا النهج قد لا يكون فاعلاً هنا، وسأبذل قصارى جهدي لتجنب اتباع هذا النهج في المستقبل".

وغالباً ما يلتمس الأفراد الأعذار لك بعد التنقل إلى وظيفة جديدة إلى حين تتكيّف مع ثقافة الشركة، شريطة ألا يوحي أسلوبك بالتذمر وألا ينطوي على مقارنة سلبية بين مكان العمل الجديد ومكان العمل القديم. ويكمن الحل في مراعاة هذه الفروق الدقيقة بعناية وضمان عدم تكرار أخطائك.

غالباً ما نفترض أننا إذا كنا ناجحين في شركة ما سننجح في شركة أخرى عند التنقل إلى وظيفة جديدة واعدة، لكن وجود اختلافات ثقافية بسيطة يمكنها خلق سلسلة تعاقبية من سوء الفهم الذي يؤثر على قدرتك على النجاح في وظيفتك الجديدة. إلا أن اتباع هذه الاستراتيجيات سيضمن لك إدراك الرموز الثقافية الدقيقة بشكل أسرع وسيضمن لك انتقالاً أكثر سلاسة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي