تشعر التوتر من زميل العمل وعيناك مسمّرة وتتعاقب أفكارك في ذهنك بسرعة.
لا، إنه ليس بسبب هجوم وشيك لحيوان مفترس، وليس بسبب رسالة بريد إلكتروني مخيفة من مديرك في العمل. بل إنّ هذا كله بسبب تلقيك لرسالة نصية من صديق مقرب، أو لتلقيك اتصالاً من شخصٍ تكن له الكثير من المودة، أو بسبب زميل العمل الذي مر ليحدثك خلال ساعات عملك.
لماذا تحدث مثل ردة الفعل هذه؟ أنت تريد التواصل مع هؤلاء الأشخاص والحفاظ على علاقتك الجيدة معهم، فلماذا إذاً يبدو تواصلهم معك أو طلبهم للخروج برفقتك لتناول طعام الغداء وكأنه أشبه بتهديد؟
باعتباري مدربة في اختصاص إدارة الوقت، وجدت أنّ ردود الأفعال هذه تحدث بسبب أنّ أحد المفاتيح الرئيسية لإدارة وقتك هو إدارة التوقعات مع الآخرين. في مجتمع يتمتع فيه الناس بالقدرة على التواصل على الفور، فإنّ الاستجابة السريعة تصبح متوقعة. لكنه توقع لا يُمكن أن نلبيه دائماً، وخاصة عند محاولتنا القيام بإنجاز أعمالنا. هذه الفجوة بين التوقعات وما يمكننا فعله يمكن أنْ تؤدي إلى الكثير من الشعور بالذنب، بخاصة عندما يتعلق الأمر بأقرب الناس لدينا. وعندما يُترك هذا الشعور من دون معالجة، يمكن أن يتجلى إلى استجابة أشبه بالقتال أو الهروب، فنحن نثور على الأشخاص الذين يحاولون مقاطعتنا أو ببساطة نتجاهل محاولات اتصالهم.
اقرأ أيضاً: طرق تخفيف التوتر من المناقشات المجهدة
كيف تتعامل مع التوتر الحاصل بسبب زميل العمل
ولكن يُمكنك ضبط سلوكك بهذا الشأن، حيث يُمكنك العثور على السعادة والهدوء ما بين تركيزك على عملك وإظهار تقديرك لعلاقاتك مع الآخرين. لتتمكن من القيام بذلك، يتوجب عليك صقل مهاراتك في ثلاثة جوانب وهي: كيفية وضع حدود للتواصل، وتخصيص هامش زمني خلال يومك، والحفاظ على المنظور الصحيح للأمور.
ملاقاة الحدود
أحد أهم الأسباب التي تجعلك تشعر بالتهديد من التواصل غير المتوقع هو فقدان شعورك بالأمان. إنّ الثقة الضمنية في العلاقات تتمثل بأنك تفعل ما بوسعك لأن تكون مستجيباً على الدوام إلى جانب شعورك بشيء من الحرية في تحديد متى تستجيب بناء على ظروفك الحالية. إذا فقدت هذا الإحساس، فإنك سوف تشعر بالتوتر تجاه الرد بطريقة معينة أو في وقت معين، أو أنك ستشعر بالذنب أو تجعل الشخص الآخر منزعجاً.
ستختلف سرعة ومدى استجابتك بشكل كبير وفقاً للموقف الذي أنت فيه – فمثلاً تتطلب رسالة نصية من طفلك استجابة مختلفة تماماً لتلك المرسلة من قبل متابع لك على لينكد إن. ولكن لا ضير من الالتزام بحدود معينة. على سبيل المثال، يمكنك أن توضح لأحبائك أنه في ساعات عمل معينة يتوجب عليك أن تكون شديد التركيز على عملك لتقوم بتسليمه في الوقت المناسب، وستكون متوفراً للمكالمات الطارئة فقط. أو قد ترغب في توضيح ما إذا كانت الرسالة النصية أو الرسالة الإلكترونية يُمكن أن تفي بالغرض أكثر من الاتصال الهاتفي للتواصل معك في أوقات معينة من اليوم. من المفيد أيضاً أن تشير إلى الوقت الذي تكون فيه عادة غير منشغل ومتوفراً للالتزامات الشخصية. على سبيل المثال، يعلم المقربون مني أنه بعد الساعة السادسة مساء عادة ما يكون أفضل توقيت لنا للتواصل إما شخصياً أو عبر الهاتف.
اقرأ أيضاً: أربع طرق للتحكم بمشاعرك في لحظات التوتر
خفض ضغط الوقت
عندما لا يكون هناك هامش زمني مخصص لك في جدولك اليومي، فيمكن أن يجعلك ذلك متوتراً. وعندما تشعر بأنك تنتقل من اجتماع إلى آخر أو من مهمة إلى أخرى حتى من دون أن تجد الوقت لتناول طعامك أو تصفية ذهنك، تصبح شديد التركيز على تلك المهام، وبالتالي تفقد تركيزك على الأشخاص الذين من حولك. وبدلاً من الترحيب بمحاولات التواصل معك، تنكمش على نفسك بعيداً خشية أن يمنعك ذلك من إتمام عملك.
إذا كان هذا هو السبب الذي يجعلك تشعر بالغضب من الأشخاص الذين يقومون بالتواصل معك أثناء ساعات عملك، قم بتخصيص وقت معين للاسترخاء في جدولك الزمني. حدد الأوقات المناسبة لذلك على تقويمك وسمها "هامش زمني". بالنسبة للآخرين، تبدو هذه الأوقات كأنها التزام بالوقت وتقليل لاحتمال عقد اجتماعات متتالية. ولكنها بالنسبة لك، فإنها تخلق مساحة لإنجاز العمل الإضافي الذي ينبثق على مدار الأسبوع، وتعطيك فرصة لتصفية ذهنك، وتتيح لك مجالاً للقيام بالمهام البسيطة مثل تفقد رسائلك النصية. وإذا وجدت أنّ هذا الوقت يتم مقاطعته أيضاً من قبل زملاء عملك، إذاً، حاول ترك مكتبك. اذهب إلى قاعة الاجتماعات أو اخرج إلى أحد المقاهي لتتمكن من تعديل مزاجك في منتصف يومك.
حافظ على المنظور الصحيح
في بعض الأحيان تكون ردة فعلنا سيئة نحو أحبائنا لأنه في أعماق نفسنا، نريد التواصل معهم بقدر ما يريدون هم ذلك. ونشعر بالذنب لأننا لا نمتلك الوقت والمجال الكافي للقيام بذلك. ويمكن أن نشعر أيضاً بأننا نخذلهم لأن لديهم المقدرة للتواصل معنا أكثر مما لدينا في الوقت الحالي.
عندما تشعر بأنك متوتر أو تحت ضغط معين أو أنك غاضب وستكون ردة فعلك الأولية هي تجنب الشخص الذي تهتم لأمره أو اللجوء إلى القيام برد مقتضب، توقف للحظة، كُن ممتناً لوجود شخص يهتم لأمرك ويريد التواصل معك. خذ وقتاً وحيزاً للاسترخاء وخذ الأمور من منظورها الصحيح. في تلك اللحظة، سيبدو لك العمل أكثر إلحاحاً، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصحة والسعادة بشكل عام، فإنّ الروابط الحقيقية مع الأشخاص الذين تحبهم والذين يبادلونك الشعور نفسه هي أكثر أهمية. توقف قليلاً واعلم أنه إذا تبقى لك أسبوع واحد فقط لتعيشه، فمن المرجح أنك سوف تترك عملك وتقضي كل لحظة مع الأشخاص الذين تشعر بأنهم يُعيقونك الآن.
اقرأ أيضاً: كيف تتصرف مع زميلك الذي يشعر بالتوتر؟
ثم اختر طريقة استجابتك بناء على تلك الحقيقة التي توصلت إليها. ربما سوف يعني ذلك أن تقوم بإرسال رسالة نصية محضّرة مسبقاً لتقول: "شكراً جزيلاً لاتصالك، أقدر تواصلك معي. لا يمكنني التحدث الآن، لكنني أرغب في التواصل معك هذه الليلة". أو قد تقوم بإعلام زميلك في العمل بأنك لست متفرغاً على وقت الغداء اليوم، ولكن يمكنك الإعداد لشيء ما في الأسبوع المقبل. أو ربما لن تتمكن من الرد على الفور، ولكن سوف تتواصل حال الانتهاء من عملك.
عندما نكون متوترين بسبب ضيق الوقت، يُمكن للأصدقاء وأفراد العائلة وزملاء العمل الذين يتواصلون معنا - حتى بألطف الطرق الممكنة - أن يشعروا بذلك التوتر. من الضروري أن نبذل جهداً يومياً متعمداً لتنظيم وقتنا وللاستجابة بشكل جيد بالاستعانة بهذه المهارات الأساسية الثلاث.
اقرأ أيضاً: عزّز مقاومتك الداخلية كي تتغلب على التوتر الزائد