تحديد أهداف أفضل للمبيعات باستخدام التحليلات المحوسبة

5 دقائق
تحديد أهداف المبيعات

تعتبر مكافآت المبيعات محركاً حيوياً لتشجيع موظفي المبيعات ودفع النمو في قطاع الأعمال بين الشركات (B2B) من أجل تحديد أهداف المبيعات وزيادتها. إذ تبين الدراسات أن مراجعة المكافآت وتعديلها بما يتماشى مع اتجاهات السوق قد يكون له أثر إيجابي على المبيعات أكبر من أثر الإعلانات مثلاً بنسبة 50%. إذ يُعدّ تحديد الأهداف المناسبة للمبيعات جزءاً حيوياً من تطبيق المكافآت على النحو الصحيح. تشير الأبحاث الأكاديمية وخبرتنا في العمل مع شركات التعاملات التجارية (B2B) ضمن مجموعة متنوعة من القطاعات إلى أن الأهداف غير المناسبة غالباً ما تخيب، وتفشل في تحقيق الفوائد المتوقعة، وتحط من معنويات القوة العاملة في المبيعات أثناء ذلك.

اقرأ أيضاً: أربع طرق لبناء ثقافة بيع منتِجة

وفي الواقع، غالباً ما تخسر المؤسسات أهم المواهب في المبيعات بسبب تحديد الأهداف بأسلوب يعاقب النجاح، وأحد الأخطاء الشائعة هو استخدام الأداء السابق كمعيار. فإذا تخطت إحدى أفضل الموظفات أداء هدفها السنوي بنسبة 20%، يحدد هدفها للعام التالي بنسبة 120% من العام الحالي، في حين يبقى هدف العام التالي بالنسبة لمندوب مبيعات حقق 90% من هدف العام الحالي دون تغيير. وليس مستغرباً أن يجد الموظف الأفضل أداءً هذا الأمر مجحفاً، وغالباً ما ينسحب من العمل.

ونحن نرى كثيراً من الشركات في عدة قطاعات تكافح بالمثل من أجل وضع أهداف طموحة وعادلة في نفس الوقت كي تحفز موظفي المبيعات على تحقيق النمو العضوي. هناك بعض الشركات تعمل على إيجاد الحلول، إذ تستعين بالتحليلات المحوسبة المتقدمة من أجل تحديد المحركات الحقيقية لنتائج الشركة، وتطبق البيانات الكبيرة وتَعَلُّم الآلة من أجل فهم مطالب الزبائن على مستوى غير مسبوق من الدقة والتفصيل، وتتسلح بالتوقعات الأكثر وثوقية كي تحدد أهدافاً أكثر جدوى وأهمية.

كيغية تحديد أهداف المبيعات

ومن أجل وضع أهداف أفضل، يجب على الشركات الإجابة عن ثلاثة أسئلة جوهرية: كيف نختار مؤشرات الأداء الرئيسية لدينا؟ وكيف نحدد المستوى المناسب لأهدافنا؟ وكم مرة يجب علينا وضع أهداف جديدة؟

حدد مؤشرات الأداء الرئيسية الصحيحة

يجب على كل شركة الإجابة عن هذا السؤال: هل يجب تحديد العمولات والمكافآت بناء على أرقام المبيعات أم أرباحها أم على مقياس آخر؟ يؤدي سوء اختيار المقياس إلى نتائج سيئة، عندما استخدمت شركة منتجة للمواد الكيميائية أهدافاً قائمة على الحجم، لجأ مندوبوها إلى طرح منتجات ذات هامش ربح منخفض تتطلب جهداً محدوداً لبيعها، بدلاً من بيع منتجات ذات هامش مرتفع يتطلب بيعها جهداً أكبر وإن كانت تؤدي إلى زيادة في تحقيق الربحية.

اقرأ أيضاً: التقنية تشوش الحد الفاصل بين المبيعات الميدانية والمبيعات الداخلية

يمكن للبيانات الكبيرة والتحليلات المحوسبة المساعدة في تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية التي تتوافق بشكل أفضل مع أولويات الشركة، كما يمكن أن تساعد على تحديد المقاييس التفصيلية الدقيقة التي يمكن أن تقود إلى تحقيق النتائج المرجوة. كانت إحدى شركات الخدمات الصناعية الأميركية تعاني من مشكلة كبيرة في ارتفاع معدل الزبائن فوق الحدّ الطبيعي المحتمل، إذ وصل إلى نسبة 20%، ويرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى اتباع المندوبين أساليب بيع جريئة، كتضمين عناصر لم يطلبها الزبائن في العرض، وبمجرد اشتراك الزبون في العرض لم يلتزم المندوبون بضمان توفير الخدمة وتنفيذ الاشتراك كما يجب. كان العرض عبارة عن خدمة اشتراك شهرية، أي يمكن للزبائن إلغاؤه في أي وقت، وهذا ما فعله الكثير منهم بسبب تجربة المبيعات السيئة.

أظهرت التحليلات أنه إذا بقي الزبائن 6 أشهر، فإنهم عادةً ما يكملون عاماً كاملاً. لذلك، أعادت الشركة تصميم حوافز مندوبي المبيعات حول ما نطلق عليه اسم مقياس ثبات العائدات. أي حصة العائدات التي تستمر أكثر من 6 أشهر بعد البيع. وهذا ما غير وجهة المندوبين من "الصيد" إلى "الزراعة"، أي تحسين عملية اشتراك الزبائن والحفاظ على العلاقة معهم.

وضع الأهداف الصحيحة

نظراً لتزايد العروض وزيادة تعقيد عمليات استراتيجية المبيعات، يزداد تقلب مطالب الزبائن وتزيد صعوبة التنبؤ بها، وقد تخفق النُّهُج التنازلية التقليدية في تحديد الأهداف.

وتستخدم بعض الشركات تقنيات مبتكرة لتعلم الآلة من أجل التنبؤ بسلوك الزبائن. ولإكمال بيانات النهج التنازلية من أعلى إلى أسفل، تعتمد الشركات على التنبؤات على مستوى الإقليم أو الحساب، بما في ذلك البيانات التاريخية الواردة من مصادر خارجية وداخلية، حيث تراقب الخوارزميات العوامل التي تؤثر على مصداقية تنبؤاتها وتستجيب لها، فتصبح أكثر دقة كلما طالت مدة استخدامها.

في شركة تصنيع عالمية، جعلت التقلبات في الطلب تحديد أهداف المبيعات أمراً صعباً. وكان مدراء المبيعات يكابدون المشقة لتحديد التوقيت ودرجة التدخل المناسبين لتحسين أداء موظفي الخطوط الأمامية عندما تكون الأحجام الشهرية في خطر. ودون وجود بيانات مبيعات قوية ومفصلة، كان إجراء التنبؤات يتم يدوياً، ويعتمد اعتماداً كبيراً على تقديرات المدراء. ولذلك، قامت الشركة ببناء "بحيرة بيانات" باستخدام مصادر داخلية متعددة، ولجأت إلى تعلم الآلة من أجل تحليل أنماط المبيعات لكل منتَج لدى كل موزع. وبالتالي، فإن ثروة نقاط البيانات التي تم اكتسابها، بالنسبة للمنتجات ومستويات المخزون والأسعار ووقت البيع وما إلى ذلك، سمحت للشركة بتجميع البائعين في مجموعات متجانسة، وتطوير خوارزمية تنبؤ لكل منها، وتم تحسين هذه الخوارزمية من خلال المعالجة الذّكية للمُدخَلات مع مرور الوقت.

وكانت النتائج مبهرة، فقد تحسنت دقة التنبؤات بنسبة 80%. لأن التنبؤات الأدق مكّنت مدراء المبيعات من ضبط الأهداف وتعديلها على مدار العام من أجل ضمان عدم مكافأتهم أو معاقبتهم لموظفي الخطوط الأمامية وشركاء قنوات البيع بسبب تطورات السوق الخارجة عن نطاق سيطرتهم.

اختيار التواتر المناسب للمراجعة

كم مرة يجب إعادة تحديد الأهداف؟ تؤدي مراجعة الأهداف بشكل متكرر أكثر من اللازم إلى زيادة التكاليف الإدارية وتحديات التواصل. وبالمقابل يمكن أن يؤدي التأخر والبطء الشديد في المراجعة إلى خسارة الاستجابة لتغيرات السوق وتقويض تفاعل مندوبي المبيعات.

استعانت إحدى شركات الخدمات الصناعية بتقنيات تعلم الآلة من أجل حساب احتمال استنزاف (خسارة) كل زبون، فتعرفت خوارزميتها بدقة على 60% من الزبائن المستنزفين و95% من غير المستنزفين. وقامت الشركة بعد ذلك بتصميم نموذج جديد لتحديد الأهداف، مستعينة بمندوبين تمّ انتقاؤهم بعناية.

ووفقاً لهذا النموذج، تُدفَع المكافآت للمندوبين لقاء تواصلهم مع الزبائن الذين تواجه الشركة احتمال خسارتهم. وبعد تجربة واختبار هذا النموذج على الأهداف التي حددت على فترات زمنية مختلفة، باستخدام تنبؤات الخوارزمية إلى جانب الملاحظات التقييمية حول سلوك الزبائن على أرض الواقع، قررت الشركة أن التواتر الأمثل للمراجعة هو أن تتم على أساس ربع سنوي. وباستخدام النموذج للتعرف على الزبائن ذوي الخطورة كي يتواصل المندوبون معهم كل ثلاثة أشهر، تمكنت الشركة من تخفيض معدل خسارة الزبائن لديها بنسبة 5%.

حقّق ما تصبو إليه

يجب أن تدرس الشركات ما إذا كانت المقاييس التي تستخدمها لمكافأة المندوبين متوافقة مع أهدافها الإستراتيجية، وينبغي أن تحدد أهدافاً فردية ولكن ليس على أساس الأداء السابق، بل على أساس إمكانات محفظة الزبائن الخاصة بكل مندوب. ويمكنها تعزيز تحفيز المندوبين عن طريق تحديد الأهداف ومراجعتها بما يتماشى مع دورات الشراء لدى الزبائن، بالتزامن مع إجراء التجارب للتوصل إلى التواتر الأمثل.

قد تعاني الشركات في مسيرتها من البيانات المنقوصة، وتشكيك المندوبين أو الإدارة أو كليهما معاً. وسيتطلب النجاح غالباً تجربة تلو الأخرى من أجل اختبار نماذج تحديد الأهداف، ومراجعة أهداف المبيعات، والاستعانة بالأهداف الجديدة من أجل تحسين خطط المكافآت. ويمكن أن توفر منصات البيانات والأنظمة المركزية لإدارة البيانات مصدراً موحداً للمعلومات الموثوقة من أجل دعم التحليلات الواقعية، وربما كان أحد الأمور الأساسية أيضاً جذب مواهب مثل علماء البيانات و"المترجمين"، أي الوسطاء الذين يشرحون احتياجات الشركات للمتخصصين التقنيين، ويوضحون الجوانب التقنية لقادة الشركات.

ويمكن، من خلال اتخاذ الخطوات الموضحة أعلاه والمثابرة من خلال التكرار مرة بعد مرة، تحديد أهداف المبيعات بشكل دقيق، وأن يصبح أداء المؤسسات أعلى من خلال تحقيق مبيعات أكبر، وهوامش ربح أفضل، ووجود موظفي مبيعات أكثر تحفيزاً.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي