أب وورك تسعى لتحسين مكانتها في اقتصاد المنصات

24 دقيقة
مكانة آب وورك في الاقتصاد
shutterstock.com/Sundry Photography
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع ستيفان كاسريل، الرئيس التنفيذي لمنصة أب وورك الرائدة للعمل الحر، وديفيد يوفي الأستاذ الجامعي في كلية هارفارد للأعمال حول مكانة آب وورك في الاقتصاد المعني بالمنصات.

يمكنكم الاستماع إلى هذه المدونة الصوتية والاشتراك فيها عن طريق آبل بودكاستس | جوجل بودكاستس | آر إس إس.

يدرس ستيفان كاسريل حلول التسعير المختلفة وسبل تحسين عملية المطابقة كجزء من إعادة تصميم نموذج العمل. ويناقش ديفيد يوفي دراسة الحالة التي قام بإعدادها بعنوان: “منصة أب وورك: خلق السحابة البشرية”، وينضم إليه مايكل كوسومانو من كلية سلون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي). وقد ألّفا معاً إلى جانب أنابيل غاور كتاباً يحمل عنوان “عمل المنصات: الإستراتيجية في عصر المنافسة الرقمية والابتكار والسلطة.(The Business of Platforms: Strategy in the Age of Digital Competition, Innovation, and Power).

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص

بريان كيني: ما هو القاسم المشترك بين هذه الشركات التالية؟ إنجين (InGen)، وأنظمة سايبرداين (Cyberdyne)، وأومني (Omni) للمنتجات الاستهلاكية، وشركة تيريل (Tyrell)؟ هل لديكم أي فكرة؟ أعتقد أن القاسم المشترك بين هذه الشركات هو أن جميعها مزيفة، وجميعها نتاج هوليوود. وهي شركات ضخمة شريرة استخدمت التكنولوجيا لاستغلال المستهلكين البُسطاء في سعيهم الخبيث للهيمنة على العالم. كانت القصص التكنولوجية المثيرة وسائل مؤكدة النجاح في شباك التذاكر على مدى عقود، وبدت جميع هذه الحكايات التحذيرية معقولة جداً في عصر البيانات الكبيرة. ولحسن الحظ يُعتبر الواقع أقل إثارة وأكثر أملاً بكثير بالنسبة إلى البشرية. في الواقع، لقد جعلتنا شبكة الإنترنت وظهور الشبكات الاجتماعية أكثر تواصلاً من أي وقت مضى، وهو ما فتح الباب أمام جيل جديد من الشركات التي تهدف إلى جعل حياتنا أسهل وأكثر إنتاجية من خلال ربط الشركات والزبائن بطرق جديدة. واليوم سوف نستمع إلى حديث الأستاذ الجامعي ديفيد يوفي من كلية هارفارد للأعمال، والأستاذ الجامعي مايكل كوسومانو من كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حول دراسة الحالة التي تحمل عنوان “منصة أب وورك: خلق السحابة البشرية”. معكم المضيف براين كيني، وأنتم تستمعون إلى برنامج “كولد كول” الذي سُجل على الهواء مباشرة في كلارمان هول ستوديو في كلية هارفارد للأعمال. تركز أبحاث ديفيد يوفي على الاستراتيجية التنافسية والتكنولوجيا والمنافسة الدولية. أما مايكل كوسومانو من كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فهو متخصص في الاستراتيجية وتطوير المنتجات وريادة الأعمال في برمجيات الكمبيوتر وصناعة السيارات والإلكترونيات الاستهلاكية. وقد ألّفا معاً كتاباً صدر مؤخراً بعنوان أعمال المنصات: الإستراتيجية في عصر المنافسة الرقمية والابتكار والسلطة.(The Business of Platforms: Strategy in the Age of Digital Competition, Innovation, and Power). والمؤلفة الثالثة لهذا الكتاب هي أنابيل غاور من جامعة سوري. ولم نتمكن من الحصول على تمويل كاف لدعوتها من إنجلترا اليوم، لذلك نحن ثلاثة رجال فقط. أهلا بكما.

ديفيد يوفي: يسرني وجودي معكم.

مايكل كوسومانو: شكراً لك.

بريان كيني: سررت بقبولكما حضور البرنامج. لقد استمتعت حقاً بقراءة هذه الحالة حول منصة أب وورك. لم يكن لدي أي فكرة في الواقع عن منصة أب وورك إلى حين قرأت الحالة، وأعتقد أنها جهة فاعلة كبيرة في أعمال المنصات التي سنتحدث عنها كثيراً. اسمح لي يا ديفيد أن أطلب منك البدء في الحديث أولاً. كيف بدأت الحديث عن هذه الحالة؟ من هم أبطال هذه الحالة، وماذا دار في أذهانهم؟

ديفيد يوفي: إن منصة أب وورك هي عبارة عن منصة لربط الشركات بأصحاب العمل الحر. انضم إلى المنصة رئيس تنفيذي جديد في عام 2016، ألا وهو ستيفان كاسريل، وهو فرنسي الأصل. وكانت الشركة قد حققت للتو أرباحاً بقيمة مليار دولار في صفقاتها التجارية، وهو ما جعلها إحدى أكبر الجهات الفاعلة في اقتصاد الأعمال المستقلة. لكن الشركة واجهت مشكلة تمثّلت في إدراك كيفية ربط المزيد من العملاء بالمزيد من أصحاب العمل الحر، إذ كان هدف الرئيس التنفيذي هو تنمية الشركة وتحقيق إيرادات بمقدار 10 مليارات دولار في الصفقات التجارية على مدى السنوات القليلة المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، تعين عليه معرفة كيفية تجنب أكبر المشاكل في المنصة، ألا وهي قيام الزبائن والعملاء والعملاء من الشركات بالتواصل بشكل مستقل عن المنصة بعد التعرف على بعضهم البعض من خلالها وإنجاز أعمالهم بمعزل عنها. وانطوت المشكلة ذات الصلة على معرفة كيفية كسب الأرباح، إذ مضى على تأسيس الشركة حوالي 20 عاماً، ومن الواضح أن مؤسسيها حاولوا تنفيذ الكثير من الصفقات التجارية، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي أرباح خلال 20 عاماً.

بريان كيني: ما الذي دفعك إلى كتابة هذه الحالة، وما هي صلتها بالبحث الذي أجريته؟

ديفيد يوفي: بدأت أنا و مايكل العمل على هذا الكتاب مع أنابيل غاور قبل بضع سنوات، ولذلك أردنا أن يكون لدينا حالة من شأنها أن تساعدنا في التفكير في مشكلة تطوير نموذج أعمال ناجح. وكانت منصة أب وورك شركة قائمة منذ فترة طويلة، ومع ذلك، كان نموذج عملها دائم السعي نحو معرفة كيفية جني الأموال بالفعل. قد يظن الجميع أن تقوم الشركة الرقمية التي تتمتع بوجود قائم منذ 20 عاماً ونطاق كبير إلى حد ما بجني الكثير من الأموال. وهذا هو الاعتقاد الشائع. لكن المنصة تعاني من نموذج العمل هذا في الواقع. وكانت هذه فرصة رائعة لدعم بحثنا بمثال حول كيفية قيام المنصات بإجراء دراسة متعمقة لشركة معينة.

بريان كيني: عظيم. سنستمر في التطرق إلى حالة منصة أب وورك أثناء هذه المحادثة، لكنني أود حقاً التحدث حول بعض الأفكار الموجودة في كتابكم. هل يمكنك أن تحدثنا قليلاً عن معنى مفهوم اقتصاد المنصة يا مايكل؟

مايكل كوسومانو: إنه مصطلح أضحينا نسمعه كثيراً بعض الشيء هذه الأيام. وهو يشير إلى النشاط الاقتصادي الذي تمارسه عدد كبير من الشركات التي تستخدم الإنترنت لبيع المنتجات والخدمات بشكل أساسي، أو لجمع الابتكارات التي أعني بها تحفيز الأطراف الثالثة المتمثلة بالمبرمجين، على سبيل المثال، لابتكار التطبيقات التي تجعل بعض المنتجات الأساسية أكثر قيمة. وقد درسنا أنواع منصات الأعمال القائمة منذ حوالي 30 عاماً. أو على الأقل تلك المنصات التي تقودها تكنولوجيا الكمبيوترات الشخصية أو تكنولوجيا الإنترنت وصولاً إلى شركة مايكروسوفت وإنتل، وبعد ذلك جيل آخر من المنصات القائمة على شبكة الإنترنت، وجيل منصات وسائل الإعلام الاجتماعية مؤخراً.

بريان كيني: يبدو أن هذا المصطلح قد بدأ في الانتشار حسبما أعتقد. ومن الواضح أن كتابكم يُمثّل دليلاً على وجود المزيد من النشاط هنا، كما أنكم تدلون بتنبؤ جريء بأن هذه هي شركات المستقبل. ما الذي دفعكم إلى هذا التفكير؟

مايكل كوسومانو: من المؤكد أن التكنولوجيا تمثّل عاملاً مهماً في ذلك، من حيث توافر الهواتف الذكية وتقنية الإنترنت اللاسلكية، وإمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت من أنواع مختلفة من الأجهزة. وقد شهدنا أيضاً التغيرات التي طرأت على الاقتصاد وعلى الأفراد. على سبيل المثال، لا يرغب الكثير من الشباب في شراء الأشياء، ولا يحبون شراء السيارات، ولا يُعتبر شراء المنازل أو منازل الإجازات من أولوياتهم. ولهذا السبب ظهرت منصة إير بي إن بي (Airbnb). وهي تعتبر جزءاً مهماً من اقتصاد المنصات. وكذلك شركة أوبر، ولاسيما في المناطق الحضرية. بالإضافة إلى الأدوات المنزلية، أو حتى الحيوانات الأليفة. أقصد أنه يمكنك استخدام اقتصاد المنصة لاستعارة حيوان أليف لشخص ما أو الحفار الزراعي من شخص آخر. يمكنك فعل كل شيء تقريباً. ونربط الكثير من هذه الاستخدامات بالاقتصاد التشاركي أو اقتصاد الأعمال المستقلة الذي تعد منصة أب وورك جزءاً منه لتوفير الوصول إلى المهارات التي لا يمكن الوصول إليها عادة من خلال شركات التوظيف التقليدية، أو أنواع أخرى من المواقع الإرشادية.

بريان كيني: وبالتأكيد، تُعتبر أوبر مثالاً عظيماً من جانب السائقين وراء ظهور اقتصاد الأعمال المستقلة.

مايكل كوسومانو: أعتقد أنها تمثّل مثالاً جيداً وسيئاً في الوقت نفسه. كما أننا نتحدث عن شركة أوبر كثيراً في الكتاب الجديد. ونعتقد أن عمل المنصات ينطوي على جمع جانبين اثنين أو أكثر مع بعضهما البعض. ونطلق عليها مصطلح الجهات الفاعلة في السوق. وتلعب المنصات الرقمية دوراً هاماً في السوق لأن نطاقها عالمي بشكل أساسي والوصول إليها فوري. بينما في حالة أوبر، كان من الصعب الحصول على السائقين والحفاظ عليهم، كما كان من الصعب الحصول على ركّاب، إلا إذا قمت بعرض سعر أقل من سيارات الأجرة أو وسائل النقل الأخرى. وآل المطاف بشركة أوبر بما نسميه دعم كلا الجانبين من السوق الذي تحاول جمعه، بينما قامت إير بي إن بي بفرض رسوم على كلا الجانبين. إنها تفرض رسوماً على الأفراد لقاء الغرف التي يقومون باستئجارها، وتفرض رسوماً على الأفراد الذين يمتلكون غرفاً للايجار. لذلك، كلاهما يُعتبر نوعاً من أنواع اقتصاد الأعمال المستقلة وجزءاً مهماً من اقتصاد المنصات، إلا أنهما يعملان بشكل مختلف تماماً.

بريان كيني: لنتحدث عن منصة أب وورك قليلاً يا ديفيد. يتحدث الكتاب عن نوعين من المنصات. أتساءل عن هذين النوعين وعن النوع الذي تندرج ضمنه منصة أب وورك.

ديفيد يوفي: في الواقع، لقد تحدثنا عن ثلاثة أنواع من المنصات. لقد تحدثنا عن منصات الصفقات التجارية، ومنصات الابتكار، والمنصات الهجينة التي تُعتبر مزيجاً من منصات الصفقات ومنصات الابتكار. إن ما يقود منصات الصفقات التجارية بالأساس هو ما نسميه أثر الشبكة. وهو يمثّل فرصة ظهور جانب واحد من السوق. وهو ما يجعله أكثر جاذبية بالنسبة إلى الجانب الآخر من السوق. وبالتالي، فالمزيد من المشترين يقودون إلى المزيد من البائعين، والمزيد من البائعين يقودون إلى المزيد من المشترين، والمزيد من الركاب بالنسبة إلى أوبر يقودون إلى المزيد من السائقين، والمزيد من السائقين يخلقون أثر الشبكة متعدد الجوانب لتعزيز الفرصة لجذب المزيد من الركاب. بينما تعمل منصات الابتكار وفق نهج مختلف تماماً. إذ تُعتبر الأساس التكنولوجي لبناء المنتجات التكميلية، مثل نظام التشغيل. حيث أن الغرض من هذه المنصات هو استقطاب أطراف ثالثة، مثل مطوري التطبيقات بهدف ابتكار التطبيقات التي ستضيف قيمة، والتي ستكون مرتبطة بشكل مباشر بالجانب الآخر من السوق الذي قد يكون في هذه الحالة المستهلكين أو العمال أو المؤسسات. بينما تجمع المنصات الهجينة بين هذين النوعين من المنصات. فكّر في شركة جوجل على سبيل المثال، إذ تعتبر منصة جوجل منصة صفقات من خلال تقنيات آندرويد ومحرك جوجل سيرتش، كما أنها تقوم بالربط بين المعلنين والمستخدمين النهائيين. وتعتبر أيضاً منصة ابتكار عبر امتلاكها تطبيقات آندرويد، حيث يبتكر الأفراد حرفياً الملايين من التطبيقات على الهواتف الذكية التي تمكنك من الحصول على جميع أنواع القدرات الجديدة على هذا الهاتف الذكي التي لا توفرها شركة جوجل بشكل مباشر. وتعمل شركة جوجل بالفعل وفق هذين النوعين من المنصات. وهذا ما ندعوه بالنهج بالهجين، وهو ما يعني أن تعمل المنصات وفق نهج الصفقات ووفق نهج الابتكار على حد سواء. وتُعتبر منصة أب وورك منصة صفقات كلاسيكية. وتنطوي مهمة المنصة على ربط أصحاب العمل الحر في أي مكان في العالم بالعملاء من الشركات، ومحاولة مساعدة الشركات على معرفة كيفية العثور على شخص ماهر للغاية يمكنه تأدية المهمة المحددة التي تحتاج الشركة إلى إنجازها دون أن يكون موظفاً بدوام كامل.

بريان كيني: حسناً. أفكر في شركة مان باور أو بعض وكالات التوظيف الأخرى التي كانت قائمة منذ زمن. كيف تختلف منصة آب وررك عن تلك الشركات؟

ديفيد يوفي: إن شركة مان باور مختلفة جداً في الواقع. لقد قابلت بالفعل الرئيس التنفيذي لشركة مان باور منذ فترة، وهي شركة مختلفة تماماً لأنهم يوظفون بالفعل حوالي 600,000 شخص. وقد حطموا بالفعل رقماً قياسياً في التوظيف. وتنطوي مهمة شركة مان باور على وضع الأفراد الذين توظفهم في شركات أخرى على أساس مؤقت. أما في حالة أب وورك فإن صاحب العمل الحر يعمل مع الشركة بشكل مباشر في الواقع. ولهذا السبب قمنا بتصنيف أب وورك على أنها منصة، بينما نعتبر مان باور بوصفها موزع وجهة توظيف حاصلة على رقم قياسي في هذا القطاع. وبالتالي، يوجد في الواقع أنواع مختلفة تماماً من الاستراتيجيات، إلا أن جميع هذه الاستراتيجيات تُعتبر جزءاً من بيئة العمل المتكاملة للموظفين، وهو ما يعني وجود الآلاف من الجهات اللاعبة التي تتّبع نهج أب وورك، بمن فيهم شركات التوظيف، ووكالات التوظيف المؤقت، وغيرها من المنصات. ويمكنك حتى اعتبار منصة أوبر أنها منصة منافسة إلى حد ما، إذ إنها تمتلك عاملين مستقلين مؤقتين يعملون مع منصة أوبر التي تربطهم بالركاب بشكل مباشر. وتركز منصة أب وورك بشكل أساسي اليوم على مجالين اثنين، ألا وهما المجال الفني، مثل تطوير البرمجيات وتصميم المواقع الإلكترونية ومجال التصميم الإبداعي. لكنها تسمح في الواقع للعاملين المستقلين بالعمل في مئات المجالات، بدءاً من الكتابة والتسويق، وحتى المهارات القانونية وخدمات الترجمة. لذلك، فهي تُمكّن بشكل أساسي أي عامل مستقل في أي مكان في العالم وفي أي مجال تقريباً من التواصل مع العميل الذي يحتاج إلى إنجاز مهمة ما في مجال عمله الخاص.

بريان كيني: واختارت المنصة بالتالي نهجاً محدداً ينطوي على المساحة الإبداعية. لذلك، لا تُعتبر منصة أب وورك منصة متخصصة في الصناعات، وإنما منصة متخصصة في إنجاز وظائف محددة.

ديفيد يوفي: يوجد نوعان من القطاعات التي يعملون بها، والتي تضطلع في الفضاء التقني في المقام الأول. وتنطوي الأعمال التي تجذب الكثير من الأفراد في أب وورك على إنجاز تطبيقات الويب أو تصميم الويب، أو كتابة التعليمات البرمجية لمشروع محدد للغاية. وتضم المنصة أيضاً مجموعة كاملة من المبدعين، الذين يمكنهم فعل أي شيء، بدءاً من تصميم الشعارات، إلى تأدية مهمات عملك، وحتى القيام بالتسويق.

بريان كيني: هل يوجد خصائص تُسيّر عمل هذه المنصة، وتُضيف إليها تخصصات أخرى أيضاً؟

ديفيد يوفي: الجواب هو “نعم”، إذ تمتلك المنصة المئات من القطاعات، على الرغم من وجود قطاعين مهيمنين. وأحد التحديات التي تواجهها منصة أب وورك هو وجود منصات منافسة متخصصة للغاية في قطاعات محددة، حيث يمكنك تخيّل منصة متخصصة في الأعمال القانونية فقط على سبيل المثال. والسؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة إلى الشركات هو: إذا كنت أمتلك شركة صغيرة وأحتاج إلى محام لأقوم بشيء متخصص للغاية، فهل ألجأ إلى منصة أب وورك لإيجاد محام محتمل، أم أبحث عن منصة قانونية للعثور على محام خاص؟ لذلك تتنافس أب وورك مع العديد والكثير من القطاعات المتخصصة في فئات معينة، كما أنها تتنافس على نطاق واسع عبر نطاق أفقي في أي نوع من الأعمال التي يمكنك تخيلها بشكل أساسي.

بريان كيني: ما هي التحديات المشتركة بين المنصات يا مايكل؟

مايكل كوسومانو: يكمن التحدي الأول في كيفية البدء.

بريان كيني: هذا صحيح.

مايكل كوسومانو: في حالة منصة أب وورك على سبيل المثال، لا يمكنك الاستجابة للشركات وتوفير العمال المهرة لهم إذا لم يكن لديك أي عمال متاحون عبر الإنترنت، أو إذا لم يكن لديك أي شركات مشتركة في المنصة. ونحن ندعو هذه المشكلة بمشكلة البيضة والدجاجة، إذ يجب عليك البدء في مرحلة ما. بشكل عام، يتعين على شركات منصات الأعمال معرفة جوانب السوق التي يقومون بربطها معاً. وهم بحاجة إلى معرفة الجوانب الأكثر أهمية. وبعبارة أخرى، يجب عليهم معرفة الجانب الذي قد يُسفر عن نجاح أعمالهم. كما يجب عليهم معرفة أي جانب أو الجوانب التي يمكنهم العمل على تغييرها. ويجب أن ينطوي ذلك على نموذج عمل، وفي نهاية المطاف يجب عليهم معرفة كيفية إدارة أو تنظيم بيئات العمل المتكاملة التي يقومون بخلقها. في حالة فيسبوك على سبيل المثال، شهدنا الكثير من الأنشطة الشريرة من جانب الحكومة الروسية، أو الوكالات الحكومية الزائفة التي كانت تظهر في الانتخابات وتؤثر على نتائج هذه الانتخابات. لذلك يوجد الكثير من الأمور التي يمكن أن تحدث على هذه المنصات في حال لم تُدار بشكل صحيح، ويُعتبر هذا تحد كبير بمجرد اكتساب هذه القضايا أهمية كافية.

بريان كيني: ويقودنا هذا إلى سؤال آخر: لقد كانت الأرقام في أب وورك صاعقة إلى حد ما، إذ كانت أرقاماً ضخمة. وقد ذكرت المشكلة التي كانت تحدث، وأن أحد التحديات التي واجهتها الشركة كانت قيام بعض الزبائن والعمال بإبرام صفقات جانبية، حسبما أعتقد. هل يمكن لأي منصة التوسع في نطاق حجمها على حساب مصلحتها الشخصية؟

مايكل كوسومانو: نعم بالتأكيد، يمكنها فعل ذلك في بعض النواحي. على سبيل المثال، تُعتبر شركة أمازون إحدى شركات اقتصاد المنصات. على الرغم من أن نموذج عملها معقد أكثر من ذلك بكثير. ولكن لطالما كان لدى شركة أمازون وجود مادي قوي جداً. إذ تمتلك أمازون العديد من الشركات المترابطة مع بعضها البعض من خلال البيانات ووجهات النظر المشتركة حول الزبون. وتمتلك الشركة قاعدة بيانات رقمية تُزود الشركة بمعلومات حول ما يشتريه الزبائن. وبالتالي، يمكنها بيع البقالة، ويمكنها بيع الكتب. كما أنها تمتلك نظام عضوية رئيس يزود الشركة بالبيانات، ويعمل أيضاً على ثني الزبائن عن التسوق من أي مكان آخر. وهذا هو النهج الذي تتبعه المنصات الكبيرة بهدف أن تصبح أكبر. وهذا جزء من تأثيرات الشبكة التي تشبه حلقات التعليقات الإيجابية. وبالتالي، إذا كان لدى أمازون 500 مليون صنف من المنتجات، فما هو السبب الذي قد يجعلك تتسوق من مكان آخر؟ وإذا كان لدى أب وورك الملايين من العمال المحتملين، وجميع المهارات التي قد تحتاج إليها، لماذا تتجه إلى مكان آخر للبحث عن موظفين؟ وبالتالي، يُعتبر السباق إلى توسيع نطاق الحجم بسرعة جزءاً مهماً من كيفية تصميم المنصات وجزءاً من استراتيجيتها. ولكن إذا توسع نطاق الشركة إلى درجة كبيرة جداً، فقد تكون عرضة للمساءلة وفق قوانين مكافحة الاحتكار أو أنواع أخرى من القوانين. وإحدى المشكلات التي نشهدها في منصة أمازون على سبيل المثال، هي أنها لا تملك حقاً حصة سوقية مهيمنة في العديد من الأسواق. بل تفعل ذلك من خلال الكتب الإلكترونية. وقد تظن أن تجارة التجزئة الإلكترونية توفر لها حصة سوقية مهيمنة، لكن الحقيقة أن تجارة البيع بالتجزئة لا تعتبر سوقاً، وإنما هي قناة. على سبيل المثال، تمتلك أمازون أربعة في المائة من محلات البقالة، إلا أنها تطغى على كل شركة بقالة في الولايات المتحدة نتيجة الخدمات التي تقدمها.

بريان كيني: أود أن نتحدث قليلاً عن شركة أب وورك عندما كانت في طور النمو. لقد ذكرت يا ديفيد أن منصة أب وورك كانت قائمة منذ وقت طويل، هل كانت المنصة على استعداد للقيام بهذه القفزة التالية، وهل أجروا تقييما لمخاطر توسيع نطاق الحجم؟

ديفيد يوفي: لم تجر الشركة أي تقييم لمخاطر توسيع نطاق الحجم. وأود أن أزودك فقط ببعض السياق هنا. تبلغ قيمة شركة مان باور 21 مليار دولار. بينما كانت قيمة أب وورك تبلغ 200 مليون دولار عندما أجرينا الدراسة.

مايكل كوسومانو: نعم من حيث الإيرادات.

ديفيد يوفي: إلا أن قيمة الشركة تبلغ أكثر من ذلك بقليل اليوم. وحتى من حيث إجمالي الصفقات، لا تتجاوز منصة أب وورك اليوم المليار ونصف المليار، مقارنة بإجمالي صفقات شركة مان باور التي تبلغ 21 مليار دولار. وبالتالي، يوجد لديهم الكثير من إمكانات النمو. في الواقع، إن أحد الأشياء العظيمة بالنسبة إليهم هو أن سوق العمل الحر ينمو بسرعة. ويوجد عدد متزايد من أصحاب العمل الحر، وطلب متزايد على العمل المستقل. وبالتالي، لديهم مجال حر للنمو. وكما ذكرنا، لا تزال الشركة قائمة وتواصل أعمالها منذ 20 عاماً، ولم تتوصل إلى معرفة كيفية جني الأموال بعد. وبالتالي فإن صافي الأعمال بالنسبة إليهم يتمثل في كيفية العثور على وسيلة لدفع الأرباح الحقيقية. ولديهم بالفعل مشكلتين أو ثلاث مشاكل يتعين عليهم حلها للقيام بذلك. المشكلة الأولى هي أن اكتساب الزبائن وسيلة مهمة لكنها مكلفة للغاية، ومعظم عمليات اكتساب الزبائن تتأتى من منصة جوجل أدوورد (Google AdWords). إذ يتعين عليهم الإعلان بكثافة من أجل جعل الشركات تدرك وجود فرصة حقيقية ومكلفة. بالإضافة إلى ذلك، تنفق الشركة أموالاً كثيرة على البحث والتطوير لأنها تحاول تحسين عملية تطابق الموظفين مع الوظائف المطروحة. وإحدى القضايا الحاسمة التي تواجه كل منصة هي “كيفية جعل كل جانب من جوانب السوق يدرك المجموعة الأفضل التي يمكنه العمل معها”. ويوجد فعلياً المئات أو الآلاف أو عشرات الآلاف من الشركات التي تحاول العثور على مهارة محددة للغاية ضمن 12 مليون شخص من أصحاب العمل الحر، ويتعين على الشركة بعد ذلك معرفة العامل المستقل الأنسب لأداء المهمة التي قامت بطرحها على المنصة.

بريان كيني: اسمح لي أن أقاطعك للحظة واحدة. إذا كنت أحد الزبائن وأحتاج إلى تصميم شعار أو أي شيء آخر، ما هي الآلية التي يجب اتباعها؟ ما هي الخطوات التي يجب علي اتخاذها، وكيف يمكنني التواصل مع شخص يمكنه إنجاز هذه المهمة؟

ديفيد يوفي: ستنشر متطلباتك الوظيفية وما تريد القيام به على منصة أب وورك، وستحاول منصة أب وورك ربطك بشخص يمتلك المهارات اللازمة لإنجاز طلبك. ويوجد عدد محدود من الإحالات التي ستقدمها منصة أب وورك إلى العميل. إذ من غير المنطقي أن تقوم بإحالة المئات والآلاف إلى عامل واحد.

بريان كيني: أعتقد أن هذا يتنافى مع هدفها.

ديفيد يوفي: وبالتالي، من المهم بالنسبة إلى منصة أب وورك أن تدرك كيفية جعل منصتها منصة صفقات فاعلة. وقد صرحت الشركة بالفعل عن هدفها الذي ينطوي على العثور على أفضل الصفقات وربطك مع هذا الشخص. وهذه مهمة صعبة جداً. ولذلك تنفق الشركة الكثير من المال على البحث والتطوير من أجل معرفة كيفية جعل عملية التطابق هذه أفضل. ولكن ظهرت مشكلة أخرى بعد حل عملية التطابق والعثور على الشخص المناسب، ألا وهي قيام الشركة والعامل المستقل في التحدث مع بعضهما البعض بالفعل على المنصة، ومن ثم إدراك أن بإمكانهما التواصل خارج نطاق منصة أب وورك. والسبب في ذلك أن منصبة أب وورك تفرض عليهم رسوماً لقاء خدماتها. وقد كانت النسبة 10% عندما أجرينا دراسة الحالة. ويتخذ الجانبان قراراً بالتواصل بشكل شخصي وعقد صفقة مربحة لكلا الطرفين. وتُعتبر هذه مشكلة حقيقية بالنسبة إلى المنصة.

مايكل كوسومانو: وهذا ما يحدث بالفعل مع منصات أخرى مثل منصة إير بي إن بي، حيث إذا كان لدى المنصة زبون متكرر للمرة الثانية، يمكن للزبون التلاعب أو إبرام الصفقات دون جعل المنصة وسيطاً بين الطرفين. وهذه مشكلة حقيقية، ولكن يوجد طرق لمعرفة آليات التسعير وتجاوزها، على الأقل في مرحلة ما. ومن المهم إدراك أن انعدام الوساطة يضيف إلى تكاليف اكتساب الزبائن، لأنه يتعين على الشركة الاستمرار في الحصول على زبائن جدد.

ديفيد يوفي: وهنا تكمن المشكلة الحقيقية. إذ سيكون من الصعب العثور على زبائن جدد، وخاصة إذا خسرت أحد الزبائن الذي يعمل على إبرام الصفقة بمعزل عن المنصة، بينما كنت تسعى جاهداً إلى مضاعفة المبيعات أو زيادة عدد الصفقات بمقدار 10 أضعاف.

بريان كيني: هل من المكلف بالنسبة إليهم اكتساب جانب المواهب من المعادلة؟

ديفيد يوفي: كلا، بل العكس هو الصحيح في الواقع. وإحدى مشاكلهم هي وجود ما يقرب من سبعة إلى عشرة أضعاف من أصحاب العمل الحر الذين يرغبون في الاشتراك بالمنصة، إلا أن المنصة ليست على استعداد لاستيعاب هذا العدد الهائل لأنه يجعل عملية المطابقة صعبة للغاية.

مايكل كوسومانو: ولذلك، لا تقبل المنصة إلا اثنين في المئة فقط من المتقدمين. في حين وجود بعض منصات التوظيف التي تقبل أي شخص. وأحد العوامل المميزة التي تقوم بها المنصة هو التحقق من الموظفين بعناية فائقة، وبالتالي، يوجد عامل جودة مرتبط بالتوظيف في منصة أب وورك، ويبدو أنه فاعل تماماً. وبالنظر إلى قسم البحث والتطوير الخاص بالشركة، نجد أن معظمه يدور حول الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعلم الآلة، وأعتقد أنه ليس من الضروري مواصلة الإنفاق الحالي على البحث والتطوير إلى الأبد. بل بإمكانهم بناء نظام يكون قادراً في النهاية على تحقيق الربح، كما فعلت منصة أير بي إن بي. وأعتقد أنهم على بعد خطوات قليلة فقط من تحقيق الربح. وهي منصة جيدة جداً مقارنة ببعض المنصات الأخرى التي رأيناها.

اقرأ أيضاً: لماذا تخوض الشركات التكنولوجية غمار المنافسة على منصاتها؟

ديفيد يوفي: إنها ليست مثل أوبر، لكنها قريبة من نقطة التعادل. ويكمن التحدي في أن يكون العمل بعد 20 عاماً أفضل من نقطة التعادل. ولكن كما قال مايكل، يجب أن تنخفض مستويات البحث والتطوير مع مرور الوقت، كنسبة مئوية من المبيعات. وينبغي أن تنخفض تكلفة اكتساب الزبائن أيضاً. وأعتقد أنه يجب عليهم إيجاد طرق أخرى لبناء سمة الولاء بين عملائهم وبين أصحاب العمل الحر، إما من خلال تغيير سياسة الأسعار، أو تغيير الخدمات التي يقدمونها، بحيث يقول الزبائن، “إن اشتراكنا في المنصة مجدٍ جداً، كما أن السعر الذي ندفعه عادل تماماً”.

بريان كيني: ما هي الأمور التي يجب على شركات المنصات أن تفكر فيها فيما يخص المستقبل؟

ديفيد يوفي: إحدى الحجج التي نعرضها في الكتاب هو أن المنصات هي عبارة عن سيوف ذات حدين. ونحن ندعوها بسيوف ذات حدين لأنني أعتقد أنها أفضل طريقة لبناء أعمال تجارية بقيمة تريليون دولار. وأنا جاد تماماً بقولي تريليون دولار. في الواقع، أغلب الشركات التي تبلغ قيمتها تريليون دولار اليوم، هي شركات المنصات.

بريان كيني: هذا رائع.

ديفيد يوفي: وفي الوقت نفسه، نحن نعرف تمام المعرفة أن إنشاء المنصات هو السبيل إلى خسارتك ثروتك. كما أنها تُعتبر وسيلة يمكن أن تقوض الديمقراطية، كما شهدنا ما كانت روسيا قادرة على القيام به في منصة فيسبوك، أو للترويج للعنف، مثلما شهدنا في فيديو نيوزيلندا على تويتر ويوتيوب وفيسبوك. وبالتالي، تُعتبر المنصات سلاحاً ذو حدين ينطوي على إمكانية مشاركة الجهات الفاعلة السيئة في المنصة، وعلى إمكانية خلق كفاءات هائلة، وتوليد مبالغ مذهلة من القيمة. وهذه هي المعضلة الرئيسة. وما حاولنا أن نظهره في الكتاب هو وجود طرق يمكنك من خلالها حل هذه المشكلات كلما زاد حجم وهيمنة الشركة. لكن منصة أب وورك لم تصل إلى هذه المرحلة حتى الآن. لكن ستنطبق هذه الدروس نفسها على المنصة مع مرور الوقت. على سبيل المثال، يتمثّل أحد الأمور التي أثرناها في الكتاب هو أن البيئة التي تنطوي على وجود تأثيرات الشبكة تمتلك القدرة على أن تكون الفائز الذي يحصّل كل الغنائم. وهو ما يقودنا إلى النقاش الدائر حول مكافحة الاحتكار. وقد سمعنا هذا النقاش بشكل متكرر هذه الأيام فيما يتعلق بشركة فيسبوك. وينطوي جزء من المشكلة على أن الكثير من هذه الشركات الكبيرة جداً أصبحت تمارس أسلوب التهديد. بمجرد أن تصبح الشركة قوية ومهيمنة للغاية، يصبح من السهل جداً عليها ممارسة الاستبداد على مورديك وعلى كل جانب من جوانب المنصة. وقد غُرّمت جوجل بالفعل بأكثر من 9 مليارات دولار من قبل المجتمع الأوروبي نتيجة ممارستها السلوك الاستبدادي. وما نثيره في هذا الكتاب هو أنه ليس من الضروري أن تمارس هذا الأسلوب. بمجرد أن تصبح الشركة قوية في الواقع، فمن الأرجح أن تنجح في أعمالها دون الحاجة إلى ممارسة سلوك الاستبداد. ولكن هناك ميل طبيعي إلى استخدام قوة المنصة والاستفادة منها بطريقة تدفع السلطات على الأرجح إلى اللجوء إلى حل مكافحة الاحتكار. وبالمثل، يمكننا القول أن الكثير من هذه المنصات تعمل على استغلال موظفيها. إذ من الواضح أن أوبر لا تمتلك موظفين بدوام كامل لما يقرب من ثلاثة ملايين سائق يعملون لديها، حيث يبلغ متوسط الأجر حوالي 10 دولارات إذا كانوا محظوظين. ونعتقد أنه عند يعمل شخص ما 40 أو 50 ساعة في الأسبوع لصالح منصة أوبر، فمن المفترض أن يصبح موظفاً. كما أن معظم هذه المنصات تمتلك القدرة وتملك الموارد اللازمة لتغطية تكاليف ذلك. والوضع نفسه قد يكون صحيحاً بالنسبة إلى منصة أب وورك. ويمكنني القول أن منصة أب وورك تمارس ما تدعو إليه. إذ إنها تستخدم الكثير من أصحاب العمل الحر لإدارة أعمالها.

اقرأ أيضاً: هل يجب أن تعتمد استراتيجية تقنيات الصوت في شركتك على منصات مثل أليكسا؟

مايكل كوسومانو: أعتقد أن اقتصاد المنصات لديه القليل من الجانب المظلم فيما يتعلق بعنصر العمل، ولكن سيجري حل تلك الأمور. أعني أن المنصات التي تتميز بالكفاءة والمساهمة في تقديم منتجات وخدمات مفيدة، ستبقى صامدة حسبما أعتقد. بينما جذبت بعضها الآخر الكثير من رأس المال الاستثماري، لسوء الحظ. وهذا ما ساعدهم على البقاء، على الرغم من أنها ليست شركات جديرة بالبقاء في الواقع. وبالتالي، كلما ازداد نطاق حجم منصة أوبر، ستفقد الأموال. ولا أعتقد أنهم يمتلكون حلاً بديلاً لذلك.

بريان كيني: إذا كنتُ صاحب شركة تقليدية وأردت أن أنقل مجال أعمالي إلى المنصة، فهل يمكنني القيام بذلك، أم أنني سأواجه حظاً سيئاً في النجاح؟

ديفيد يوفي: نتحدث في الكتاب عن عدد من الاستراتيجيات المختلفة للشركات التقليدية. والجواب هو كلا. يمكنك النجاح بالطبع، إلا أنه صعب جداً. ويوجد لدينا في الأساس إطار بسيط للغاية نطلق عليه نهج الشراء أو البناء أو الانتماء. إذا كنت صاحب شركة تقليدية، فإن الخطوة الأولى التي يمكنك اتخاذها هي محاولة الانتماء إلى منصة أساسية موجودة. وقد أصبحت هذه الاستراتيجية قابلة للتطبيق اليوم بالنسبة إلى العديد من الشركات الصغيرة على وجه الخصوص. ألق نظرة على عدد الشركات الصغيرة التي انتمت إلى منصة إيباي أو أمازون. تمثّل الأطراف الثالثة اليوم 60% من حجم أمازون. وبالتالي، يوجد الكثير من الشركات الصغيرة الناجحة التي تعمل من خلال المنصات. وقد كانت هذه المنصات شركات تقليدية لها وجود مادي إلا أنها أدركت أن وجودها على منصة أمازون، سيمكّنها من أن تحصل على نطاق أوسع بكثير.

مايكل كوسومانو: ويوجد أيضاً بعض الحالات السلبية، مثل شركة تويز آر أص التي تعرضت إلى كارثة. قامت شركة تويز آر أص ببيع الألعاب من خلال منصة أمازون. واطّلعت أمازون على البيانات واتخذت قراراً ببيع الألعاب أيضاً، دون الحاجة إلى إشراك تويز آر أص. وجعلت شركة تويز آر أص خارج الملعب. وبالتالي، نعود إلى فكرة أن المنصات هي سيف ذو حدين، خاصة إذا رغبت في العمل مع منصات عملاقة مثل أمازون، وقمت بالاعتماد عليها باعتبارها قناة تسويق عبر الإنترنت.

ديفيد يوفي: والأمر الثاني الذي نتحدث عنه هو أنك قد تشتري منصة ويُكتب لهذه المنصة النجاح بالفعل. على سبيل المثال، كان شراء فيسبوك لمنصة إنستغرام ناجحاً بشكل لا يصدق. وقد لا يُكتب لعملك النجاح أيضاً. على سبيل المثال، كان شراء نيوز كورب لمنصة ماي سبيس بمثابة كارثة. والمثال الذي نستخدمه في هذا الكتاب هو منصة وول مارت. لقد كافحت منصة وول مارت على مدار 17 إلى 18 عاماً في محاولة إنشاء منصة للتنافس مع أمازون، وبدأت أخيراً في الحصول على بعض الاهتمام لأنها اشترت منصة جيت دوت كوم. وأعتقد أن جزء من نجاحها يكمن في منح كل مسؤولية إدارة المنصة إلى منصة جيت. وإذا اطلعت على إحصائيات العامين الماضيين فقد بلغ متوسط نموها ما يقرب من 40 إلى 45% في أعمال التجارة الإلكترونية.
مايكل كوسومانو: لكن هذه الخطوة لم تُضف للشركة إلا قناة للتجارة الإلكترونية، بينما كانت أمازون تمتلك ذلك بالفعل. إذ إنها تحتوي على متجر على شبكة الإنترنت، وهو ما يعادل موقع وول مارت. ويُعتبر المتجر هو أساس قيام شركة أمازون منذ عام 1999 و 2000 تقريباً، وهو يجمع الأطراف الثلاثة معاً. وتمتلك أمازون سلعاً بكميات كبيرة، إذ عندما تجد فرصة قد تحقق أرباحاً، تقوم بالشراء بكميات كبيرة وبيع ما اشترته على منصتها. ويمكن للمستهلك أن يرى المنتج ببساطة على متجر المنصة. إذا كنت ترغب في شراء الكتب التي كتبتها أنا وديفيد في التسعينات من القرن العشرين أو أواخر القرن العشرين ستجد هذه الكتب معروضة في المتجر.

اقرأ أيضاً: يمكن إنشاء منصات الإعلام الاجتماعي بناء على الجودة لا الحجم

بريان كيني: أعتقد أنها أفضل المبيعات.

مايكل كوسومانو: نعم، يمكنك إيجادها على موقع أمازون. لكنك لن تعرف حتى إن كانت أمازون تحتفظ بالكتب في مخزن البضائع، بينما تعرف الشركة من يملكها، حتى إن كانت مكتبة صغيرة في جنوب كاليفورنيا. وبالتالي، ستتولى أمازون عملية تلك المطابقة لك. وأعتقد أن أمازون تتفوق على وول مارت في هذه المهارة. ولا أعتقد أن وول مارت قد اكتشفت حقاً كيفية إجراء عملية المطابقة، إلا أنني لا أعتقد أنهم بحاجة إلى هذه العملية. بل ما يحب عليهم القيام به حقاً هو تأمين وجود الإنترنت لتجارة التجزئة.

ديفيد يوفي: وهل هذا هو التغيير الذي قامت به منصة جيت؟ قبل أن تشتري وول مارت منصة جيت، كان يوجد على المنصة حوالي 500,000 وحدة تخزين من أطراف ثالثة. أما اليوم، فهي تمتلك 75 مليون وحدة تخزين.

بريان كيني: هذا صحيح.

ديفيد يوفي: لكن لا يمكن مقارنتها بأمازون، إذ تمتلك أمازون 500 مليون وحدة تخزين. بينما نمت وورل مارت من 500,000 وحدة تخزين إلى 75 مليون وحدة في العامين الماضيين. وبالتالي، لا تزال منصة وول مارت صغيرة مقارنة بأمازون. ولم تقترب حتى من أن تصبح شركة تنافسية تهدد وجود أمازون بشكل مباشر. لكن أعتقد أن شراء منصة جيت قد وضعهم على المسار الصحيح.

بريان كيني: لقد قمتما كلاكما بتدريس هذه القضية. ولا أريد منكما ذكر أي أسرار. هل لاحظتما أي مفاجآت عند مناقشة هذه الحالة مع الطلاب؟ من الواضح أن العديد منهم يستخدمون هذه المنصات ويعرفونها جيداً.

ديفيد يوفي: حسناً، الأمر الممتع في هذه الحالة للطلاب هو أنك تجد في كل فصل دراسي بعض الطلاب الذين قاموا بتوظيف أشخاص على منصة أب وورك لشركة ناشئة يحاولون تأسيسها، أو أنهم كانوا أصحاب عمل حر وحصلوا على وظائف عبر منصة أب وورك.

بريان كيني: أعتقد أن هذا مكّنكما من الحصول على كلتي وجهتي النظر.

ديفيد يوفي: هذا صحيح، إذ تمكّنا من الحصول على أمثلة من كلا جانبي السوق. وقد أحبّ بعض الطلاب التجربة، في حين بغضها البعض الآخر. وقد حاول بعضهم التحايل على منصة أب وورك والتواصل مع عملاء عثروا عليهم من خلال المنصة. وبالتالي، يوجد دائماً وجهات نظر قوية. أعتقد أن الجزء المثير من هذه الحالة يكمن في محاولة معرفة كيفية جني المال الحقيقي. وكما ذكرت بداية، يتوقع الأفراد أن تجني منصة أب وورك الكثير من الأموال باعتبارها شركة رقمية. لكن الواقع أنها بعد 20 عاماً لم تحقق سوى مليار دولار من إيرادات الصفقات ولا تزال قريبة من نقطة التعادل. وقد مثّل هذا تحدياً كبيراً للطلاب. إذ لا بدّ من وجود وسيلة لكسب المال نظراً إلى الطبيعة الرقمية لهذا العمل، وحقيقة أنها شركة قائمة منذ زمن. وهي منصة مشهورة جداً، وتعمل على نطاق عالمي. كما أنها تمتلك 12 مليون مشترك من أصحاب العمل الحر في جميع أنحاء العالم. كما أن لديها خمسة ملايين عميل من العملاء الشركات. ما هو سبب عدم تحقيقها الأرباح؟

بريان كيني: هل يوجد أي مفاجآت من وجهة نظرك يا مايكل؟

مايكل كوسومانو: لقد قارنا بعناية منصة أب وورك بالشركات الأخرى التي قد حاولت تحويل منتجاتها إلى خدمة. وكان القاسم المشترك في جميع الحالات تقريباً هو خسارة هذه المنصات الزبائن، وعملها على تجديد قاعدة زبائنها من جديد. لكن كان عدد قليل فقط من شركات البرمجيات كخدمة تحقق نجاحاً، لأن معدلات خسارة هذا الشركات للزبائن كانت مرتفعة جداً. ولهذا السبب أحببنا منصة أب وورك نوعاً ما أكثر من بعض هذه الشركات الأخرى. إذ تمتلك منصة أب وورك خدمة قيّمة، وقد تتمكن يوماً ما من إدراك نموذج أسعار يضعها على مسار المستقبل. وقد كان موضوع نقاشنا في الواقع. ولن أفصح عن الحديث الذي دار بيني وبين ستيفان بعد ذلك. لكن تفكيره يشبه إلى حد كبير النقاش الذي دار بيننا في الفصل الدراسي، وهو أنه يجب عليهم القيام بشيء ما لتعزيز الوفاء مع عملائهم من الشركات. يريد جميع العمال أن يشتركوا في الموقع، ولا يوجد أي تكلفة قد تتكبد على اشتراكهم في الواقع. ولكن الأمر الحاسم كان ينطوي على جعل الشركات تتبنى استخدام المنصة، دون أن تفقد هذه المنصة موقعها الوسيط. وقد توصلنا إلى عدد من حلول التسعير التي يمكن أن تنتهجها منصة أب وورك. وتنطوي هذه الحلول على اكتساب أرباح أقل من الصفقات المتكررة بهدف كسب وفاء الزبائن. وبالتالي، يجب عليهم التفكير في عملائهم من الشركات من حيث نموذج قيمة الزبائن مدى الحياة.

بريان كيني: أود أن أطرح سؤالاً قد يكون غير عادلاً بعض الشيء، وهو سؤالي الأخير لكما. ما هي المنصة الكبيرة التالية التي يجب علينا التطلع إليها؟

ديفيد يوفي: لقد تحدثنا في الكتاب عن أربع منصات كبيرة مرتقبة. وإحدى هذه المنصات التي كنت مهتماً بها بشكل خاص والتي كتبت عنها كانت في مجال الصوت. أليكسا مقابل سيري مقابل جوجل ومجموعة متنوعة من التقنيات الأخرى. تُعد تقنيات الصوت الآن إحدى معارك المنصات حامية الوطيس لعمالقة الإنترنت، وسيستمر ذلك لبعض الوقت. كما أننا لا نزال في المراحل الأولى من هذه المعارك. أما منصة الجيل التالي الثانية هي عالم السيارات بدون سائق، وأثرها على اقتصادات أوبر أو ليفت أو وايمو، أو أي من الجهات الفاعلة الأخرى الناشئة. وبالتالي، أعتقد أنه من المحتمل أن يتطور هذا النوع من المنصات بشكل كبير جداً.

مايكل كوسومانو: ويوجد منصتان أخرتان حصلتا على بعض الأهمية في الوقت الحالي ألا وهما هما الهندسة الوراثية ، ولاسيما تقنية كريسبر التي هي عبارة عن مجموعة أدوات تحرير الجينات، وكذلك الحوسبة الكمومية. ويوجد أيضاً العديد من الشركات الناشئة التي تعمل على ابتكار الأدوات، وشركات أخرى تعمل على بناء الاختبارات التشخيصية، بينما تتخصص بعض الشركات الأخرى في ابتكار سبل العلاج. وتشارك بعض الجامعات في هذا أيضاً عبر تأسيس المكتبات. لذلك، أعتقد أنه يوجد بعض الإمكانيات هنا. أما في حالة الحوسبة الكمومية، ظهرت اليوم الكثير من الشركات الناشئة. وقد اكتسب هذا المجال الكثير من الأهمية اليوم. وهو عبارة عن تقنية صعبة جداً. ونعتبر هذا كنوع جديد من منصات الابتكار، حيث سيكون لديك بعض التقنيات الأساسية، وعدد كبير من المطورين الذين يبتكرون التطبيقات. وقد شهدنا بعض التقدم المهم في مجال التشفير وكذلك الاتصالات الآمنة باستخدام أجهزة الكمبيوتر الكمومية. وقد جذب ذلك اهتمام الحكومات، وخاصة وكالة الاستخبارات المركزية في الصين، والعديد من شركات الاتصالات.

بريان كيني: يبدو أنه جيل جديد ومثير من التقنيات.

مايكل كوسومانو: هذا ممكن. يجب أن نكتب كتاباً بعنوان “شركات الحوسبة الكمومية”. أعتقد أن هذا المجال لا يزال في طور النمو البطيء لأن العلم القائم وراءه معقد للغاية. ويوجد لدينا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أربعة أو خمسة من أجهزة الكمبيوتر الكمية التي تعمل في مختبرات العديد من أساتذتنا الجامعيين. كما يوجد لدينا العديد من الفصول الدراسية حول كيفية برمجة أجهزة الكمبيوتر الكمية. وأعمل على تدريس هذه الحالة منذ حوالي 15 عاماً وهي حالة خاصة بكلية هارفارد للأعمال على الرغم من أنها كُتبت في الأصل من قبل هيئة التدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكلية من هارفارد. لذلك لا يزال هذا العلم بطيء النمو ولم نشهد ظهور الشركات المتخصصة في هذا المجال إلا قبل سنتين أو ثلاث سنوات. ويوجد الكثير من الشركات الناشئة وشركات رأس المال المغامر (أو شركات رأس المال الجريء) التي انضمت أيضاً. لذلك، ستكون منصة ابتكار جديدة لحل أنواع معينة من مشكلات التحسين التوافقي المعقدة للغاية، وبعض مشكلات المحاكاة الأخرى، وكذلك مشكلات التشفير. لذلك يُعتبر مجال خطر للغاية، وهو مجال ذو حدين أيضاً لأنه في حال التلاعب ببعض هذه الحواسيب، سيتمكن الأفراد من بناء مفاتيح التشفير التي لا يمكننا اختراقها.

ديفيد يوفي: بالمناسبة، ينطوي قدر آخر من الخطورة على نجاح أجهزة الكمبيوتر الكمومية هذه، إذ ستتمكن على الأرجح من اختراق كل الشفرات الموجودة اليوم.

مايكل كوسومانو: وسرقة جميع الأصول المالية.

بريان كيني: إن هذا يماثل المقدمة التي قرأتها حول القصص عن التقنيات المثيرة. وأعتقد أننا سنشهد ذلك حقيقةً، فالأمر أشبه بحلقة متكاملة. شكراً لكما على انضمامكما معنا اليوم.

اقرأ أيضاً: دراسة لأكثر من 250 منصة تكشف لماذا فشل معظمها

ديفيد يوفي: شكراً لكم على استضافتنا.

مايكل كوسومانو: شكراً جزيلاً.

بريان كيني: سأذكر مجدداً عنوان كتاب ضيفينا ألا وهو أعمال المنصات: الإستراتيجية في عصر المنافسة الرقمية والابتكار والسلطة.(The Business of Platforms: Strategy in the Age of Digital Competition, Innovation, and Power). إذا استمتعتم بهذه الحلقة من برنامج كولد كول (Cold Call) ، فيجب عليكم الاستماع إلى البرامج الصوتية الاخرى المقدمة من كلية هارفارد للأعمال، بما في ذلك آفتر آورز (After Hours) و سكاي ديك (Skydeck) وماناجينغ ذا فيوتشر أوف وورك (Managing the Future of Work). يمكنكم العثور على هذه البرامج أو أي برامج صوتية أخرى في تطبيق “آبل بودكاستس”. شكراً لكما مرة أخرى على الانضمام إلينا. أنا مقدّم البرنامج، بريان كيني، وكنتم تستمعون إلى برنامج “كولد كول”، وهو برنامج صوتي رسمي صادر عن كلية هارفارد للأعمال، وهو جزء من شبكة إتش بي آر برزنتس (HBR Presents)، وتحدثنا اليوم عن موضوع مكانة آب وورك في الاقتصاد العالمي.

إتش بي آر برزنتس (HBR Presents) هي شبكة من البرامج الصوتية (البودكاست) التي يتولى تنظيمها محررو هارفارد بزنس ريفيو، ويقدمون لك من خلالها أفضل أفكار الأعمال من العباقرة في مجال الإدارة. إن الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي للكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن السياسة الرسمية لهارفارد بزنس ريفيو أو شركائها أو موقفهم تجاه أي من الأفكار المطروحة.

اقرأ أيضاً: أسرار تجارة التجزئة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .