مجالس الإدارة تغفل عن النساء المؤهلات، وفيما يلي طريقة إصلاح ذلك

6 دقائق
مجالس الإدارة والنساء المؤهلات

هناك سببان أساسيان لوجود الفجوة بين الطلب والعرض فيما يخص مجالس الإدارة والنساء اليوم. وهما: أن مجالس الإدارة تغفل عن مجموعة كبيرة من المواهب النسائية رغم أنها تحت أعينهم مباشرة. وأن الرؤساء التنفيذيين يُفوّتون الطريقة المثلى الوحيدة لتهيئة النساء للعمل في مجالس الإدارة.
خذ بعين الاعتبار أن غالبية النساء التنفيذيات قد قضين مسيراتهنّ المهنية بينما يتحركن صعوداً ضمن مسار وظيفي واحد فقط، وهو الموارد البشرية. كانت هذه النقطة محط تركيز أحد مؤلفي هذه المقالة، وهو رام، منذ عدة أعوام مضت، أثناء خطاب ألقاه أمام 400 امرأة في واشنطن العاصمة. إذ سأل حينها عن اللائي يعملن في الموارد البشرية منهنّ، فرفعت جميع الحاضرات تقريباً أيديهنّ. يُمكن للمسار المهني ضمن وظيفة واحدة أن يُعمق خبرة المرء فيها، ولكنه تاريخياً لم يُفد كثيراً في توسيع وجهات النظر، ولا في بناء حنكة المرء في الأعمال. ولهذا السبب كانت لجان ترشيح أعضاء مجالس الإدارة قديماً تعتبر قائد الموارد البشرية زعيماً إدارياً، لا قائد شركة ومفكراً استراتيجياً.

إلا أن الأمور تغيرت، ويجب أن تتغير المفاهيم بدورها. اليوم، أصبحت مشاركة رؤساء أقسام الموارد البشرية في الشركات الكبيرة أساسية في تخطيط مستقبل الشركة. فهم يفهمون المشاكل عالية المستوى في الشركة، وهم يحضرون بعض اجتماعات مجلس الإدارة، إن لم تكن جميعها، ويعرفون كيفية العمل مع المجلس. وفي الوقت ذاته، هناك قيمة متزايدة لما يتمتعون به من خبرات في المسائل الهامة المتعلقة بالموظفين، كالأجور والثقافة والتوظيف وغيرها، خصوصاً أن المجالس والإدارات أصبحت اليوم تضع المواهب ضمن أولوياتها.

قلة عدد النساء في مجالس الإدارة

ومع هذا، ورغم أن هناك 58 امرأة تشغل منصب رئيس قسم الموارد البشرية في شركات "فورتشن 100" (Fortune 100)، إلا أن 5 نساء فقط يعملن ضمن مجالس إدارة شركات عامة. يُعتبر هذا الأمر فرصة ضائعة، ويجب على المجالس البحث في قسم الموارد البشرية عن هذا الجيل الجديد من القادة، الذي تشكل النساء القسم الأكبر منه. كما أن ثمة عدد أقل من النساء في مناصب رؤساء الأقسام المالية، إذ هناك 15 منهن فقط في شركات "فورتشن 100"، تعمل 8 منهن فقط في مجالس الإدارة. ويعتبر هذا القسم أيضاً مصدراً يجب استكشافه، إلا أن ذلك لن يتمكن من تلبية الحاجة المتنامية.

اقرأ أيضاً: كيف تعين عدداً أكبر من النساء في شركتك؟

ومن أجل معالجة هذه الفجوة، يمكِن أن يساعد الرؤساء التنفيذيون في تطوير هذه المجموعة المهمة من المواهب، وتحسين جودة القرارات الاستراتيجية وتسريعها في الوقت نفسه. إحدى أفضل الإجراءات التي شهدناها حتى الآن، هي إنشاء ما نسميه (مجموعة الثلاث) (G3). وهي شراكة ثلاثية وثيقة بين الرئيس التنفيذي، ورئيس قسم الموارد البشرية، ورئيس القسم المالي. كان أحد الأمثلة التي شهدناها على استخدام مجموعة الثلاث (G3) في شركة "مارش" (Marsh). إذ تكونت المجموعة من الرئيس التنفيذي بيتر زافينو، ورئيسة القسم المالي كورتني ليمكولر، ورئيسة قسم الموارد البشرية ماري آن إيليوت. واشترك القادة الثلاثة معاً في تحديد الأولويات ومراجعة عمليات الشركة كل ثلاثة أشهر. وهم يتواصلون كثيراً فيما بينهم، تربط علاقة العمل الوثيقة هذه بين تخصيص الموارد البشرية والمالية في المؤسسة، كما تُحسّن الاستراتيجية والتنفيذ بشكل كبير.

والأهم من هذا هو أن مجموعة الثلاث (G3) تمنح رئيس قسم الموارد البشرية فهماً أعمق للقضايا المالية في الشركة، كما توسع منظوره عن الشركة، وكذلك منظور رئيس القسم المالي. لهذا السبب كانت رئيسة قسم الموارد البشرية السابقة في شركة "تايكو الدولية" (Tyco International)، لوري سيغل، مهيأة للعمل في مجلس الإدارة عندما عينها دينيس، عام 2009، كمديرة لشركة "إمبارك" (Embarq) التي اشترتها شركة "سنشري لينك" (CenturyLink) لاحقاً. وتعمل لوري اليوم في مجالس إدارة شركات "فاكتست" (Factset) لنُظم البحوث، و"فولت لعلوم المعلومات" (Volt Information Sciences)، و"كاليفورنيا ريسورسيز" (California Resources Corporation). وكذلك الأمر نسبة لبيث أماتو، بعد أن عملت كشريك مع الرئيس التنفيذي، ورئيس القسم المالي عندما كانت تشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الموارد البشرية في شركة "يونايتد تكنولوجيز" (UTC)، فقد كانت على استعداد لاستخدام حنكتها في الأعمال عندما قدمها دينيس إلى مجلس إدارة شركة "أكوا أميركا" (Aqua America).

وتنطبق الفكرة ذاتها على المستويات التنظيمية الأدنى. إذ يمكن لقادة قسم الموارد البشرية غرس مهارات أوسع من خلال العمل على نحو وثيق مع قادة الشركة. وهناك عدة فوائد لوضع أعمالهم ضمن هذه الهيكلية، مثل تحسين عمليات تحديد المستوى، والتوظيف، والتعلم، والتطوير، كما أنه يساعد أيضاً في العثور على قادة الموارد البشرية الذين يتمتعون بالإمكانات أو القدرة، أو كليهما معاً، للعمل في مجالس الإدارة.

وقد بدأت بعض الشركات بنقل قادة الموارد البشرية ضمن وظائف الموارد البشرية وخارجها. وفي شركة مثل "هيومانا" (Humana)، والشركة الهندية "تاتا للاتصالات" (Tata Telecommunications)، يحظى المدراء في الموارد البشرية بخبرات أداء حقيقية في وظيفة أخرى واحدة على الأقل، كالبيع أو التسويق أو التحليل المالي. قضت قائدة في قسم التوظيف في تقنية المعلومات في شركة "هيومانا" عاماً ونصف العام في المجموعة التي تُدير العلاقات مع الأطباء، من أجل تحقيق نتائج نوعية للأعضاء. تقول إنها أصبحت أكثر ألفة مع التوجهات الكبيرة، بسبب قضاء فترة خارج قسم الموارد البشرية، كما أصبح تفكيرها استراتيجياً أكثر. وبات من السهل عليها معرفة الأمور ذات القيمة الأكبر للشركة بأكملها، وليس فقط لقسم تقنية المعلومات. وبهذا تحقق توسيع المنظور الذي تحدثنا عنه، في وقت قصير نسبياً.

أما في شركة "تاتا للاتصالات"، كانت رئيستا القسم المالي وقسم الموارد البشرية على خلاف ذات مرة، ولكن عندما دفعهما الرئيس التنفيذي للعمل معاً عن قرب في بعض القضايا الهامة في الشركة، نمت مهارات تحليل الأعمال لدى رئيسة قسم الموارد البشرية بدرجة كبيرة، لدرجة أن الرئيس التنفيذي أوكل إليها إدارة إحدى الشركات الفرعية ذات نسبة النمو الأعلى. وبالمثل، عندما غادرت أنجلا أهريندتس منصبها في شركة "آبل"، أصبحت خليفتها ديدري أوبراين نائب الرئيس الأول لتجارة التجزئة والموظفين.

كيف يمكن للشركات زيادة عدد النساء في مجالس الإدارة؟

إن مجموعات الثلاث (G3) هي أفضل طريقة لإعداد رئيسات الموارد البشرية للعمل في مجالس الإدارة، وإضافة إلى ذلك، نوصي الشركات بالقيام بما يلي:

أجر بحثاً أعمق وعلى نطاق أوسع

 إن العثور على أشخاص يتمتعون بالخبرة في إدارة حساب كبير للأرباح والخسائر أمر صعب حتى قبل أن يؤخذ عامل الاختلاف بين الجنسين في الحسبان. ولكن ما أن تنظر إلى المستويات الأدنى من الرئيس التنفيذي بمرتبتين أو ثلاث، ستتفاجأ بالحجم الكبير لمجموعة النساء اللاتي يتمتعن بالخبرة في الأعمال ذات الصلة، بما فيها مسؤوليات الأرباح والخسائر. ستجد أسماء هؤلاء الموظفات مخفية، وسيرهن الذاتية قصيرة نسبياً، إلا أن بعضهن يتمتعن بالنضج الكافي لاستلام مناصب إدارية. والمقصود بالنضج هو الاتزان اللازم للتعبير عن وجهة النظر، إلى جانب التفكير المنطقي في الأمور مع الآخر، والقدرة على النظر إلى الشركة بشكل شامل غير عاطفي، ومن الخارج نحو الداخل.

ليست الشركات هي المصدر الوحيد للمواهب، إذ يمكن أن تأتي المواهب من الوكالات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والشركات الصغيرة، أو حتى من العسكريين السابقين. كانت بوني هيل تشغل منصب عميد كلية "ماكنتاير" (McIntire) للتجارة في جامعة "فرجينيا"، عندما انضمت إلى مجلس إدارة شركة "هيرشي" (Hershey)، وكانت تلك هي المرة الأولى لها، إذ تلاها انضمامها إلى مجالس إدارة العديد من الشركات، من ضمنها شركات "ألبرتسونز ويام" (Albertsons, Yum)! و"براندز" (Brands)، و"هوم ديبوت" (Home Depot)، إذ كانت المدير الرئيس.

وظّفت شركة "كورن فيري" (Korn Ferry) مؤخراً امرأة برتبة ضابط في سلاح الجو، تدعى جانيت وولفنبارغر، في مجلس إدارة شركة "كيه بي إم جي" ( KPMG)، وهي شركة محاسبة عالمية ضخمة. كما طبقت شركة "فانغارد" (Vanguard) ما تنصح به عندما أضافت عدة نساء إلى مجلس إدارتها، بمن فيهن إيمي غوتمان، وهي أكاديمية تشغل منصب رئيس جامعة "بنسلفانيا"، وسارة بلوم روسكن، التي شغلت سابقاً منصب نائب وزير الخزانة الأمريكية.

ستجلب النساء في الشركات الناشئة مهارات وأفكاراً كثيرة إلى جدول أعمال مجلس الإدارة، وهن راغبات بتحصيل الخبرة من العمل في مجلس إدارة شركة أكبر.

جازف

غالباً ما تتردد مجالس الإدارة في تعيين المدراء الجدد الذين يشغلون منصباً إدارياً للمرة الأولى. ولكن يجب على المجالس التغلب على هذا التردد، وأن يمنح الفرصة لشخص أصغر عمراً وأقل خبرة ممن تنطبق عليهم معاييرها، من أجل الحصول على الموهبة المناسبة.

عندما التقى رام بأدريان براون للمرة الأولى في شركة "كورننغ غلاس" (Corning Glass)، لم تكن قد عملت في مجلس للإدارة من قبل، ولكن ذهنها التجاري كان ملفتاً للانتباه. فقد بدأت العمل مشرفة على الورديات، ثم شقت طريقها صعوداً نحو منصب نائب الرئيس والمدير العام لقسم المنتجات البيئية. ومن هناك انتقلت إلى شركة "آلايد سيغنال" (Allied Signal)، ثم شغلت منصب الرئيس التنفيذي لشركة "هانيويل لأنظمة النقل" (Honeywell Transportation Systems)، ثم أصبحت لاحقاً رئيسة لشركة "إنتلكتشوال فينتشرز" (Intellectual Ventures). وعندما قدمها رام للمرة الأولى كمرشحة لمنصب مدير، لم تقتنع الشركات بها. وبعد محاولتين، عينتها شركة "هارمان الدولية للصناعات" (Harman International Industries) في مجلس إدارتها، إذ قدمت مساهمات مفيدة. وأدى النجاح الأول إلى نجاحات أخرى. وهي الآن تعمل في مجالس إدارة شركات "رايثيون" (Raytheon)، و"إيباي" (eBay)، و"أليرغان" (Allergan).

اقرأ أيضاً: لماذا يتفاعل المستثمرون سلباً مع الشركات التي تعين النساء في مجالس إداراتها؟

قبل ثمانية أعوام، أوصى دينيس بكلارا شيه إلى عميل يتمتع بخبرة في التقنية. إذ أبرزت شيه نفسها بأنها رائدة رائعة في مجال التقنيات الرقمية. فقد تخرجت بالمرتبة الأولى 1 في علوم الكمبيوتر في جامعة "ستانفورد"، وحصلت على شهادة ماجستير من جامعتي "ستانفورد" و"أوكسفورد". وبعد أن عملت لدى "جوجل" و"مايكروسوفت" و"سيلز فورس" ( Salesforce)، شاركت في تأسيس شركة "سوشال هيرساي" (Social Hearsay)، وهي شركة لمنصات الإعلام الاجتماعي للشركات. وكانت تبلغ من العمر 29 عاماً آنذاك، وهو سبب كاف دفع العميل لصرف النظر عنها على اعتبارها أصغر مما ينبغي، ولا تمتلك الخبرة الكافية. أما شركة "ستاربكس" فقد كانت نظرتها للأمور مختلفة. إذ طلبت من شيه الانضمام إلى مجلس إدارتها اعترافاً بقيمة وجهة نظرها، ثم فجأة أخذت مجالس إدارة عدة شركات أخرى تسعى لتعيينها لديها.

يقال إن الولايات المتحدة لن تحقق التوازن بين الجنسين في مجالس الإدارة حتى عام 2055، بحسب المعدل الذي نسير عليه الآن. ولذلك، فلنلتزم جميعنا بالسعي لتحقيقه في وقت أقرب من ذلك. وبما أننا نعلم أن هناك نساء مؤهلات، فلنعثر عليهن لإعادة التوازن بين مجالس الإدارة والنساء المؤهلات.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي