هل تسعى لتحقيق رؤيتك للنجاح المهني أم رؤية الآخرين؟

4 دقائق
كيف أنجح في حياتي المهنية

لقد أنجزت الأهداف الأساسية كلها. فتخرجت من الكلية المناسبة، وحصلت على التدريب المناسب، وتميزت في برنامج الدراسات العليا المناسب، ووصلت إلى الوظيفة المناسبة في الشركة المناسبة. واتبعت المسار الذي أخبرك الآخرون به أنه سيكون المسار الذي يقودك للنجاح، لوظيفة أحلامك، فتجد في نهاية المطاف أن وظيفة أحلامك هذه ليست الوظيفة التي كنت تحلم بها، فما هي إجابة سؤال كيف أنجح في حياتي المهنية بشكل مدروس؟

الخبر السار هو أنك لست الوحيد في ذلك. عبر الأجيال المتلاحقة، كان إدراك أن النجاح لم يجلب معه السعادة المتوقعة يخلق لحظة روحية تسودها حوارات حول الهدف والإنجاز والرضا. في الواقع، أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة غالوب (Gallup) عام 2015 أن ثلث القوة العاملة الأميركية فقط يشعرون أنهم يشاركون بشكل فاعل في عملهم.

اقرأ أيضاً: طريقة بسيطة لرسم خريطة طموحاتك المهنية

يواجه كل جيل أزمة هوية العمل الخاصة به، ويحاول تحديد السبب الكامن وراء أن العمل الذي يمارسونه لا يحقق طموحاتهم. لا يبحث جيل الألفية، أبناء وسائل التواصل الاجتماعي الذين لم يفصلوا مطلقاً بين العمل والمنزل في حياتهم المعيشية، عن التوازن بين العمل والحياة، بل يبحثون عن التوافق بين العمل والحياة، حيث يمكن أن يعيش الشخص نفسه في ظل القيم ذاتها في المنزل والمكتب. يصل جيل الطفرة السكانية (المولودون بعد الحرب العالمية الثانية) سن التقاعد القياسي البالغ 65 عاماً بمعدل يبلغ 10,000 شخص يومياً في الولايات المتحدة، لكنهم غير مستعدين لوضع أدوات عملهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس على الرف وتركها حتى يعلوها الغبار. صرح ثلث الأميركيين الذين تزيد أعماره عن خمسين سنة، 34 مليون شخصاً تقريباً، أنهم كانوا يسعون لشغل أوقاتهم بممارسة بعض الأعمال المهنية (مدفوعة الأجر أم غير مدفوعة) متجاوزين المنفعة الشخصية. يجد أبناء جيل ما قبل الألفية (الذين وُلِدوا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي) أنفسهم واقعين بين سندان تربية أطفالهم ومطرقة رعاية آبائهم المسنين، وهم يبحثون عن عمل يساهم في إدارة هذه المسؤوليات بدلاً من إهمالها.

في حين أن هذه الأجيال قد تختلف في تقدير ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لهم، حيث تبين عبر الأجيال أن لهذا التقييم أهمية قصوى.

كيف أنجح في حياتي المهنية بشكل صحيح؟ وما الذي يجعل الوظيفة الجيدة جيدة؟ 

عادة ما تظهر مقالات في الصحف القومية الأولى حول ما يجعل الوظائف الجيدة جيدة فعلاً. يركز الكثيرون على نفس الأفكار القديمة التي قدمها إلينا المستشارين في المدارس والوظائف، ومنها أفكار حول الرسالة والقيادة والنطاق والتأثير والهيبة والمال. تهدف "بطاقات قياس الأداء" هذه إلى تحديد قيمة الوظيفة، لكنها تتجاهل الجزء الأكثر أهمية من المعادلة، وهو قيمة الوظيفة بالنسبة لك.

إذا كنت قد قررت أن وظيفة أحلامك غير حالمة بالفعل، فربما تكون قد فعلت كل الأشياء الصحيحة بما يتماشى مع مسار الآخرين وبحسب تعريف الآخرين للنجاح، فقط لكي تدرك عندما انتقلت إلى عمر جديد أو مرحلة جديدة من حياتك أن تلك الحياة الرائعة التي أنشأتها قُصد بها شخص آخر غيرك. فأنت لا تتمتع بالانسجام، حيث لا تشعر أنك تنتمي لهذه الوظيفة، ولا تعتبرها خطوة جبارة، وليست ذات أهمية جوهرية. يعتبر الانسجام قوة إرشادية تكشف كيف يساهم عملك في خطة حياتك الشاملة. فهو يربط بين أنشطتك اليومية ونجاح مَن مِن حولك، ويمنحك رؤية واضحةً حول سبب اهتمامك أنت تحديداً في هذا المقعد، وفي ذلك المكتب، وفي ذلك المربع على المخطط التنظيمي. الانسجام ليس مجرد هدف واضح (ونبيل). بل هو هدفك أنت، وأنت من يحدده بحرية وبشكل واضح، ويُنفّذ من خلال وعيك لهذا الهدف ومواءمته مع خطة حياتك.

اقرأ أيضاً: دور الأزواج في الحياة المهنية لشركائهم

يبحث أصحاب العمل دائماً عن الشخص اللامع والمتألق التالي لضمه إلى فريق الموظفين للعمل في بيئة تنافسية. التنظيف الجاف المجاني، وطاولات كرة الطاولة، والمشروبات؛ كل ذلك يبدو جميلاً في نشرة التوظيف، لكنها لا تفعل شيئاً للمساعدة في الحفاظ على مشاركة هؤلاء الموظفين وانخراطهم في العمل. تحقيق السعادة هو الدافع لحصولك على عمل، ولكن توفر الانسجام يجعلك تحتفظ بهذا العمل.

يتحقق الانسجام عندما يتطابق ما تفعله مع ذاتك (أو مع من تريد أن تكون). يمكنك تحقيق الانسجام عندما يكون لعملك مغزى ومعنى بالنسبة لك. على مدار عقدين من الزمن من إجراء الدراسات والمقابلات، واستضافة قادة من القطاع الخاص غير الربحي والقطاع العام خلال فترة التغيير الوظيفي الكبير، رأيت مراراً وتكراراً الضرر الناجم عن الافتقار إلى الانسجام من خلال عدم الربط بين الهدف والعمل، وهذه النظرة الخارجية للنجاح. ورأيت أن النجاح الحقيقي يأتي من مزيج من أربعة عناصر محددة تسمح للأفراد برسم مساراتهم الخاصة، والقيام بأفضل الأعمال والعيش بالشكل الأمثل. عناصر الانسجام هي الدعوة والارتباط والمساهمة والتحكم:

اقرأ أيضاً: خطط لتطورك المهني في هذا العام

الدعوة:

عبارة عن قوة جذب تسحبك نحو هدف أكبر منك، كشركة تريد تأسيسها، أو قائد يلهمك، أو مريض يعاني من مرض اجتماعي ترغب في علاجه، أو قضية ترغب في التصدي لها.

الارتباط:

يمنحك الخطوط العريضة للكيفية التي يقوم عملك اليومي بخدمة هذه الدعوة من خلال حل المشكلة التي بين يديك، أو زيادة صافي مبيعات الشركة، أو الوصول إلى هذا الهدف.

المساهمة:

تعني أنك تفهم كيف تسهم هذه الوظيفة أو هذه العلامة التجارية أو شيك الراتب في المجتمع الذي تريد أن تنتمي إليه، أو الشخص الذي تريد أن تكون، أو نمط الحياة الذي تريد أن تعيش فيه.

التحكم:

يعكس مدى قدرتك على التأثير في ارتباطك بتلك الدعوة من أجل أن يكون لك رأي في تكليف المشاريع، والمواعيد النهائية، والزملاء والعملاء، وتقديم ملاحظاتك على الأهداف المشتركة، والقيام بالعمل الذي يسهم في مسار حياتك المهنية والأرباح التي تجنيها.

وفي نهاية الإجابة عن سؤال كيف أنجح في حياتي المهنية بشكل صحيح، كل فرد ينظر إلى الانسجام من زاويته الخاصة. فالانسجام دائم التغير، ويتطور مع تقدمنا في العمر ويمر عبر مراحل حياتنا المختلفة ويضبط أولوياتنا. سيمثل الانسجام الذي تحققه حالة فريدة من نوعها بالنسبة لك. ومع ذلك، فالعناصر الأربعة التي تشكل الانسجام بالنسبة لك تبقى ثابتة.  قبل أن تتخلى عن وظيفتك التي هي أقل مما تحلم به، فكر في كيف يمكن لهذه العناصر أن تغني مهاراتك بطريقتها الفريدة، ما يساعدك حقاً في العثور على الوظيفة التالية المناسبة التي تمثل قيمة بالنسبة لك.

اقرأ أيضاً: الإجابة عن سؤال تحدث عن نفسك

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي