أعرف نائباً أول لرئيس شركة كان يعمل على صفقة اندماج وواجه إحدى العقبات، ولذلك اجتمع بفريق تنفيذ عملية الاندماج في غرفة وقال له: "لقد حللنا الأمر عدة مرات، ووجدنا أنه من المستحيل فعلاً إتمام هذا الاندماج في المدة الزمنية التي يريدها "والتر". إذاً، ماذا يجب علينا أن نفعل؟". هل هناك طريقة لإخبار "والتر" بالرأي المخالف لرأيه؟ هل هناك طرق للاختلاف مع الإدارة العليا؟
"والتر" هو الرئيس التنفيذي للشركة، وكان معروفاً بعدم استماعه إلى آراء من يختلف معه. لكن عدم الوفاء بالموعد النهائي لعملية الاندماج سيكون أمراً محرجاً للغاية وفشلاً كبيراً أمام الجمهور، وقد أصر "والتر" على إتمام هذه الصفقة الكبرى في ثلاثة أشهر. كان على أحد إقناعه أن هذا الاندماج لن يتم، لكن أحداً لم يتطوع للقيام بذلك، فالجميع يعلم أن "والتر" كان رجلاً ينفث غضبه في الشخص الماثل أمامه.
جرب الفريق عدة طرق لتوضيح المشكلة لـ "والتر". أعدوا في البداية عرضاً تقديمياً غنياً بالبيانات، إلا أن "والتر" ألقاه بعيداً. فعيّنوا استشارية مرموقة أكدت عدم إمكانية إتمام الصفقة في الوقت المحدد، لكن "والتر" رأى أنها شخص أبله أقنعها الفريق بذلك. وأثناء ذلك، كان الوقت يمرّ والفشل يقترب أكثر فأكثر.
أخيراً، توصل النائب الأول للرئيس إلى شيء أثبت نجاحه. كان يعرف واحداً من أصدقاء "والتر" على وشك التقاعد خلال بضعة أشهر، أي أن "والتر" لن يتمكن من فصله من العمل. وهكذا، باستخدام جميع البيانات التي أعدها الفريق، أقنع النائب صديق "والتر" بحمل هذه الرسالة لـ "والتر"، وتجنبوا الكارثة.
تنطوي هذه القصة الحقيقية على الكثير من الأفكار حول طرق الاختلاف بنجاح مع شخص يرأسك. ولحسن الحظ، لن تجد هذا النوع صعب المراس مثل "والتر" شائعاً بين أفراد الإدارة العليا، لكن يبقى الاختلاف مع رئيسك أمراً لن تودّ فعله يومياً. لا تختلف إلا على الأمور المهمة، حتى ولو كنت في مؤسسة تقول إنها تشجع أفرادها على التعبير عن آرائهم الخاصة. إذا كنت كثير الاختلاف، ستصبح معروفاً بسلبيتك.
طرق للاختلاف مع رئيسك بنجاح دون أن تؤذي نفسك
لا تصرح بوجهة نظرك فحسب، بل كن استراتيجياً حيال ذلك. فكر في الأمر بروية. لماذا تختلف معه؟ هل يمكن أن يترجم عدم اتفاقك على أنه "أمر مقصود"؟ أم أنك لا تفكر إلا في مصلحة المؤسسة؟ سيكون الآخرون أكثر قابلية لتصديقك إذا لم تكن لك مصلحة شخصية وراء وجهة نظرك.
تأكد من صحة رأيك، فأفراد الإدارة العليا يطلعون على معلومات أكثر من المعلومات المتاحة لمرؤوسيهم. أيمكن أن تكون قد أغفلت شيئاً؟
افعل مثلما فعل نائب الرئيس أعلاه، وانقل وجهة نظرك عبر أصدقاء يثق بهم رئيسك. وإذا لم تتمكن من إقناعهم، فإنك على الأرجح لن تتمكن من إقناع رئيسك. اطلب نصائحهم لتكون مقنعاً. لكن لا تطلب ذلك من رؤسائك المباشرين، فقد لا يرغبون في الاختلاف مع الرئيس!
أعد عرضاً تقديمياً لا يحوي الكثير من الكلمات والافتراضات، واستخدم البيانات والرسوم البيانية بدلاً من ذلك، وليكن عرضك عملياً. سيساعدك برنامج "باور بوينت" (PowerPoint) في الحفاظ على عرضك التقديمي موجزاً ومركزاً على هدفك.
اذهب إلى خبير موثوق به واطلب منه مراجعة استنتاجاتك. ولا يشترط أن يكون استشارياً من خارج المؤسسة، بل من الممكن أن يكون شخصاً معروفاً بخبرته يعمل مع رئيسك.
استراتيجية الصديق التي اتبعها نائب الرئيس الذي ذكرته أيضاً طريقة جيدة، فالأشخاص يثقون بأصدقائهم، خاصة إذا كانوا في المستوى نفسه في إحدى المؤسسات. اذهب إلى شخص تعرفه في مركز مماثل لرئيسك الذي تود إقناعه، واقنعه باستخدام البيانات التي جمعتها، واطلب منه مشاركة هذه المعلومات مع صديقه.
اقرأ أيضاً: كيف تطلب طلب من مديرك
يتطلب الاختلاف مع رئيسك شجاعة، لكنها مهارة مهنية تحتاج إلى تعلمها. عاجلاً أم آجلاً، مثلما حدث في قصة نائب الرئيس، ستواجه موقفاً عليك أن تختلف فيه. أيضاً إذا وافقت طيلة الوقت، سيظن رؤساؤك أنك ضعيف ولا تملك شيئاً تسهم به. لكسب احترام رؤسائك، عليك معرفة الوقت الذي يتعين عليك أن تختلف فيه وكيف تفعل ذلك باستراتيجية.
لمعرفة المزيد، اقرأ "كيف تختلف مع من هو أقوى منك" في "هارفارد بزنس ريفيو".