هل يجب أن تنطق اللغة الإنجليزية نطقاً صحيحاً في مكان العمل؟

5 دقائق
اللغة الإنجليزية
shutterstock.com/Rawpixel.com
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إن تحدَّث أوروبي أو أميركي لغة عربية بلكنة مكسّرة، فإننا غالباً ما نعجب بذكائه وقدرته على تعلم اللغات، في حين إن تحدث عربي أو آسيوي أو إفريقي لغة إنجليزية بلكنة غريبة بعض الشيء، حتى لو كان كلامه مفهوماً، فإن الكثيرين يستهجنون لغته الإنجليزية ويستصعبون فهمها.

يؤثّر هذا التحيّز القائم على اللكنة (Accent Bias)، أو ما يُسمى بالعنصرية اللغوية (Linguistic Racism)، سلباً في العديد من مجالات الحياة ومنها مجال الأعمال والتوظيف؛ فتقييم الموظفين والمرشحين للعمل بناءً على كيفية تحدثهم للغة الإنجليزية حقيقي، وينطوي على الكثير من المواقف السلبية والأحكام المتسرعة؛ إذ يُنظر غالباً إلى صاحب اللكنة الغريبة على أنه شخص أقل ذكاءً وكفاءة وجدارة بالثقة.

الأمر الذي قد يدفع العديد من الموظفين إلى الشعور بالإحباط وقلة الثقة بالنفس، وتجنب التحدث في الاجتماعات أو النقاشات المهنية، واستخدام الرسائل النصية والدردشة عوضاً عنه. فهل يجب على الموظفين نطق اللغة الإنجليزية نطقاً صحيحاً بما أن مجال العمل أصبح أكثر ترابطاً عالمياً واللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في الأعمال؟

هل يُعامل ناطقو اللغة الإنجليزية كلهم بالطريقة نفسها؟

30 ميللي ثانية من النطق يكفي لتصنيف المتحدِّث لغوياً وإطلاق أحكام سريعة تتعلق بأصله العِرقي وطبقته الاجتماعية والاقتصادية وخلفيته الثقافية. قُل جملة واحدة فقط، ليصنّفك المستمِع ويطيح بمصداقيتك بمهب الرياح، هذا إن كنت تتحدث بلكنة موجودة في قاعدة الهرم؛ فالبشر غالباً ما يصنّفون لكنات اللغة الواحدة هرمياً بناءً على القبول المجتمعي والثقافي، ويربطون مستويات هذا التسلسل اللغوي الهرمي ببعض القيَم، مثل اللباقة والمكانة والذكاء، لكن ليس كل نوع من أنواع التمييز اللغوي مقصوداً؛ فنحن نميل بشكل لا واعٍ إلى تصنيف الأشخاص في طبقات اجتماعية محددة والتحيّز ضدهم بناءً على لكناتهم. وغالباً ما يُعزى هذا التحيّز إلى الهوية الاجتماعية التي نكوّنها ذاتياً، والموقف العرقي المتعالي، وهذا وفقاً لدراسة منشورة في مجلة التطورات في اللغة والدراسات الأدبية (Advances in Language and Literary Studies). يُذكر أن الأشخاص الذين يمتلكون موقفاً عرقياً، هم أشخاص يؤمنون بأن أفكارهم ومعتقداتهم وقيَمهم وممارساتهم صحيحة، في حين أن الثقافات الأخرى ومعتقداتها وأفكارها وقيمها وممارساتها خاطئة أو غريبة.

لكن وعلى الرغم من أن التحيّز القائم على اللكنة يحدث طوال الوقت وفي جميع أنحاء العالم، فإنه قد يصبح أكثر ضرراً عندما يؤثر في الفرص التعليمية والمهنية والسكنية. ففي مجال العمل، قد يُضايَق الأشخاص الذين يتحدثون لكنة إنجليزية أجنبية (غير أصلية)، أو يُستبعدون من فرص معينة، وقد تؤثر اللكنة في توقعات المدراء عن إمكانات الموظفين وأدائهم وتقدمهم الوظيفي وفرص قبولهم في العمل أساساً، بالإضافة إلى تأثيره في المتحدثين أنفسهم ودفعهم إلى الشعور بالإقصاء وقلة القيمة.

لكن وللتخفيف من وطأة الموضوع، عليك أن تعلم أن التحيّز القائم على اللكنة لا يقتصر على متحدثيّ اللغة الإنجليزية غير الأصليين فقط، بل يشمل المتحدثين الأصليين أنفسهم وفي عقر دارهم أيضاً؛ إذ وجد تقرير نفّذته مجموعة من الباحثين بقيادة أستاذة علم اللغة الاجتماعي، ديفياني شارما من جامعة كوين ماري بلندن عام 2022، أن 25% من كبار المدراء في المملكة المتحدة تعرضوا للانتقاد أو التمييز أو السخرية بسبب لكناتهم في البيئات الاجتماعية، في حين أن 46% من الموظفين تعرضوا لمستويات أعلى من السخرية في العمل بسبب لكناتهم الإنجليزية غير “الفاخرة”، وأبلغ 19% من الموظفين عن مخاوفهم من أن لكناتهم قد تؤثر في تقدمهم الوظيفي مستقبلاً. بالإضافة إلى ذلك، اعترف 80% من أصحاب المؤسسات في المملكة المتحدة باتخاذ قرارات تمييزية بناءً على لكنات الموظفين الإقليمية.

هل التحدث بلكنة إنجليزية صحيحة مهم فعلاً في ميدان العمل؟

هل يوجد ما يُسمى بلكنة إنجليزية صحيحة وأُخرى خاطئة؟ في الواقع، لا؛ إذ وعلى الرغم من أن اللكنات الأميركية والبريطانية والأسترالية هي اللكنات الإنجليزية الأكثر احتراماً على الصعيد العالمي، وفقاً لعالم اللغويات الاجتماعية في جامعة كيرتن الأسترالية، سيندر دوفشين، فإن هذه اللكنات لديها آلاف اللكنات الثانوية المختلفة، وما نقصده باللكنة هنا هو إيقاع الكلمات وليس الاختلاف في المفردات والقواعد وكيفية استخدام اللغة. في الأحوال جميعها، لا يوجد لكنة “أفضل” بطبيعتها من لكنة أُخرى؛ لكن ما يحدث هو أن لكنة ما قد تهيمن على نحو أكبر لأن استخدامها يسود في منطقة أو مدينة قوية سياسياً.

الشيء الجيد هنا هو أن غالبية هذه اللكنات تكون مفهومة لمعظم متحدثيّ اللغة الإنجليزية، فإذا ما سافر شخص ما من شمال شرق إنجلترا إلى إحدى الولايات الأميركية الجنوبية، فإن لغته تُفهم، ولا يحتاج إلى تبنّي لكنة أميركية جنوبية. والأمر سيّان بالنسبة لك أيضاً، طالما أن لغتك الإنجليزية واضحة ومفهومة، فليس من الضروري أن تتحدث بلكنة أصلية معينة. ثم دعونا لا ننسَ أن عدد متحدثيّ اللغة الإنجليزية كلغة ثانية (الذين لا يمتلكون لكنة “أصلية”) يفوق عدد المتحدثين الأصليين بنسبة 3 إلى 1. لذلك، ارتدِ لكنتك الأجنبية وسام شرف اعتزازاً بالجهد الذي بذلته في تعلم لغة ثانية.

وفي أغلب ميادين العمل، فإن معلوماتك وخبراتك وطريقتك في التواصل الفعال مع الزملاء، وقدرتك على فهم اللغة أهم بكثير من لحن كلماتك وتجوديها. بالإضافة إلى أن امتلاك الثقة والمعرفة التقنية الكافية يغيّران وقع كلماتك؛ فقد تبيّن أن تفاعُل فريق التوظيف يكون أكثر سلبية مع المرشح الذي يُبدي ضعف الثقة في النفس مقارنة بتفاعله مع لكنته.

اللكنة ليست مهمة، لكن ماذا عن النطق السليم؟

قد لا يكون التخلص التام من اللكنة “الأجنبية” ممكناً، لكنه ليس ضرورياً في الأحوال جميعها، إلا إذا أردت أن تعمل في أميركا أو المملكة المتحدة في مجال التمثيل أو المخابرات على سبيل المثال. لكن ومع ذلك، نطق الكلمات بشكل صحيح بالغ الأهمية. لماذا؟ لأن نطق الكلمات نطقاً خاطئاً يصعِّب على المستمِع فهم ما تقوله، ويخلق حاجزاً يمنع التفاهم بينكما. على سبيل المثال، إذا كنت تلفظ كلمة (look) مثلما تلفظ (lock)، فقد لا يستطيع المستمع فهم ما تريد قوله بالضبط.

فالنطق السليم يعني أن تلفظ أصوات الأحرف والمقاطع الموجودة في الكلمة لفظاً دقيقاً، ليصبح حديثك واضحاً وسهل الفهم. على سبيل المثال، إذا سمعت جملة إنجليزية ولتكن (The boy is playing) من فم أميركي وآخر هندي، فغالباً أنك ستفهم ما يُقال، لأن اللفظ عادة ما يكون قياسياً، لكنك وفي الوقت نفسه، ستسطيع تحديد أصول المتحدث بسبب اختلاف لكناتهما.

يمكنك معرفة إذا كان نطقك يؤثر في عملك وعلاقاتك المهنية من خلال ملاحظة استجابة زملائك لطريقة كلامك؛ فهل يبدون مرتبكين أو يطلبون منك تكرار كلامك كثيراً، أو يستصعبون الرد على أسئلتك أو يجيبون على نحو غريب، أو تشعر أنهم يفضلون التواصل معك عبر البريد الإلكتروني بدلاً من التواصل شخصياً أو عبر الهاتف. إذا كان الأمر كذلك، فعليك العمل على تحسين نطقك للغة الإنجليزية وإليك كيفية ذلك.

كيف تحسِّن نطق اللغة الإنجليزية وتقلّل من أثر لكنتك؟

اتبع هذه النصائح في حال أردت تحسين نطق اللغة الإنجليزية والتقليل من أثر لكنتك على نحو يساعدك على التواصل الفعال في ميدان العمل:

  • تعلَّم أن تقسِّم الكلمات الكبيرة في أثناء قراءتها إلى مقاطع لفظية، والمقطع هو وحدة أو جزء من الكلمة يحتوي على حرف صوتي وقد يحتوي على أحرف ساكنة. يتكون معظم الكلمات الإنجليزية من 2-3 مقاطع، على سبيل المثال، كلمة (English) تحتوي على المقطعين “Eng” و”lish”. تدرَّب على لفظ المقاطع بدلاً من نطق الكلمة دفعة واحدة، واستمر في تكرار المقاطع حتى تلفظ الكلمة لفظاً صحيحاً.
  • تعلم متى تشدِّد على الأصوات والكلمات، والتشديد هو أن تجعل صوت مقطع محدد في كلمة ما أو بضع كلمات في جملة ما أكثر ارتفاعاً وحدّة، وهو أمر مهم في النطق السليم لأن التشديد على المقطع الخطأ يصعِّب فهمك.
  • استمِع؛ فكلما استمعت إلى اللغة الأصلية تحسّن نطقك. يمكنك أن تستمِع إلى الكتب الصوتية باللغة الإنجليزية بالتزامن مع قراءة الكتب المطبوعة، وأن تتدرب على نطق الكلمة في الوقت نفسه التي تهجئها. كما يمكنك أن تستمِع إلى المدونات الصوتية أو الأغاني أو الراديو.
  • شاهِد الأفلام التعليمية أو السينمائية وكرر الجمل والعبارات القصيرة التي تسمعها مقلداً الأصوات والتنغيم والتشديد.
  • اقرأ بصوت عالٍ وببطء من أجل تدريب عضلات فمك على النطق الصحيح.
  • تحدَّث مع نفسك باللغة الإنجليزية وسجِّل صوتك ثم اسمعه حتى تسمع طريقة لفظك ومدى وضوح كلماتك.
  • امنح الإذن لأحد أصدقائك أو زملائك بتصحيح نطق الكلمات في حال لفظتها لفظاً غير صحيح.
  • استعن بمدرِّس متخصص في النطق والتنغيم والإيقاع لتحسين نطقك.
  • تحدث مع الناطقين الأصليين للغة، الذين يمكنك أن تجدهم عبر العديد من تطبيقات الدردشة وتبادل اللغات.
  • كُن صبوراً ومثابراً، فمع التدريب يأتي الإتقان، ولا تكن قاسياً في الحكم على مهاراتك اللغوية.
  • خُذ وقتك وتحدث ببطء وانطق كل كلمة على النحو الصحيح، فالوضوح أهم من السرعة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .