نوشك على الاقتراب من نهاية العام الدراسي، وهذا يعني عادة احتفال الخريجين بإنجازاتهم والتطلع إلى مستقبلهم، إلا أن جائحة "كوفيد-19" أفسدت كل شيء، فأُلغيت مراسم التخرج، وعجز الطلاب عن قضاء بعض الوقت معاً وإقامة حفلات التخرج المعتادة بصحبة أصدقائهم بالجامعة، هذا بالطبع إلى جانب الانكماش الاقتصادي الحاد. ما أسوأ الانضمام إلى سوق العمل في هذا التوقيت! فما الذي يجب عليك فعله الآن إذا كنت بصدد الشروع في البحث عن وظيفتك الأولى؟ نعطي في هذا المقال نصائح للخريجين ضمن هذه الظروف الصعبة.
عليك بالصبر، فستجد الكثير من المرشحين الذين يتقدمون لفرص العمل المعلن عنها ولن يكون الحصول على وظيفة أمراً هيناً، ولكن لا يزال أمامك العديد من الأمور التي يمكنك القيام بها في هذه الأثناء لإبراز شخصيتك ولكي تكون مرشحاً أكثر جاذبية.
اصقل مهاراتك
عند التحاقك بوظيفة ستجد نفسك مضطراً لأداء العديد من الأمور المهمة التي لم يسبق لك تعلمها في المدارس والجامعات، وربما يتطلب ذلك اكتساب مهارات إضافية ليست لازمة للحصول على وظيفة في مجالك، ولكنها بالتأكيد ستجعلك مرشحاً أكثر جاذبية، قد تتمثل هذه المهارة في لغة برمجة أو حزمة برمجيات شائعة الاستخدام في مجال العمل، وربما تكون أسلوب مبيعات تفضله الشركات في قطاع محدد، لذا احرص على السؤال والاستفسار للتعرف على هذه المهارات الفريدة، أو تصفح موقع "لينكد إن" لمطالعة الملفات التعريفية للعاملين في الشركات المماثلة للشركات التي تريد العمل بها.
وفي أثناء سعيك لإتمام متطلبات طلب الالتحاق بالعمل، ابحث عن طرق لمواصلة تطوير هذه القدرات، فيمكنك على سبيل المثال الالتحاق بدورة عبر الإنترنت وقراءة الكتب والمشاركة في المنتديات المتاحة على الإنترنت مع محترفين في المجال الذي تهتم به.
ولصقل مهاراتك فائدتان، أولاهما وأهمهما أنها تسهم في توسيع نطاق الوظائف التي تلائم مؤهِلاتك، ولكن للأمر فائدة أخرى أقل وضوحاً وهي أنه يثبت تحليك بأخلاقيات العمل، حيث يقول الكثيرون في مقابلات العمل أشياءً على غرار: "أنا شخص مبادر"، ولكنهم قليلاً ما يستطيعون إظهار جميع ما تعلموه في أثناء انتظارهم لمعرفة حالة طلبات العمل التي تقدموا بها.
احرص على التواصل المستمر
يُعد تكوين دائرة معارف عنصراً أساسياً في عملية البحث عن فرصة عمل، وهو أمر صعب خاصة في ظروف التباعد الاجتماعي التي نمر بها حالياً.
وما عليك سوى العثور على شخص يعمل فعلياً في المجال الذي تهتم به ويصلح لأن يكون موجهاً لك في هذا المجال، وابدأ بالتنقيب في دائرة معارفك الشخصية للعثور على الشخص المناسب. هل يعمل أحد أفراد عائلتك الممتدة بالمجال الذي تريد اقتحامه؟ هل كان لديك أستاذ مقرّب بالجامعة ويمتلك دائرة معارف واسعة؟ إذا وجدت أحدهم، توجّه إليه بطلب المساعدة، ومن الممكن أيضاً أن يرشح لك مكتب الخدمات المهنية بالجامعة خيارات جيدة للموجهين المحتملين، ففي كثير من الأحيان يكون هناك الكثير من الخريجين الذين يحبون مد يد العون للخريجين الجدد.
وبمجرد عثورك على موجه، اطلب منه مراجعة محتويات طلب التحاقك بالعمل لتنقيح أسلوبك في صياغة خبراتك واهتماماتك، واعتمد عليه للتعرف على نقاط ضعفك كمرشح لوظيفة معينة، ومن المفترض أن ينجح هذا الموجه في تحديد بعض أوجه القصور في التدريبات التي حصلت عليها وسيرتك الذاتية التي أعددتها، حتى لو لم يكن على معرفة جيدة بك، كما يمكنه أن يقدم لك نصائح عامة حول الصعوبات الشائعة التي يواجهها الأشخاص الجدد في مجال بعينه، وما إن تعرف أوجه القصور التي قد يراها مدير التوظيف في ملفك، يمكنك الاستفادة من وقتك لسد تلك الفجوات وصقل المهارات اللازمة (كما أوضحنا أعلاه)، وهناك ميزة أخرى للاستعانة بموجه وتتمثل في احتمالية علمه بفرص العمل من خلال شبكات معارفه قبل نشرها رسمياً.
هذا بالإضافة إلى امتلاك العديد من المهن لجمعيات مهنية تضم العاملين في هذا المجال، وعليك اكتشاف الأبرز من بينها والانضمام إليه، وستوفر لك هذه الجمعيات الكثير من الموارد الرائعة بما في ذلك الحلقات الدراسية عبر الإنترنت والبرامج التعليمية التي تستهدف الأشخاص الذين يسعون إلى إحراز تقدم، حيث يحتفظ الكثير منها بقوائم الوظائف المتاحة.
كما تتولى هذه الجمعيات استضافة المؤتمرات، وبانضمامك إليها ستُتاح لك فرصة حضور هذه المؤتمرات (التي انتقل العديد منها للبث عبر الإنترنت) ومعرفة آخر المستجدات في هذا المجال، وهكذا ستتاح لك معلومات يمكنك تضمينها في الخطاب التعريفي أو لإعادة صياغة طلب الالتحاق بالعمل بطريقة أخرى ليدرك مدراء التوظيف أنك الشخص الملائم للعمل في قطاعهم، وستصبح مرشحاً أكثر جاذبية إذا أظهرت معرفتك بأحدث الاتجاهات في هذا المجال في أثناء إجراء مقابلة العمل.
احرص على خدمة الآخرين
أحد أصعب الأشياء في رحلة البحث عن وظيفة أنها قد تكون محبطة، إذ تقضي وقتاً طويلاً وتبذل جهداً هائلاً للحصول على شهادة آملاً أن يساعدك كل ذلك على الانطلاق وصولاً لمهنة أحلامك، ولكن في ظل الجائحة الحالية قد يتسلل إليك الشعور باليأس.
ولكن الأسوأ من ذلك أنك لن تستطيع المداومة في الغالب على روتين يومي ثابت، فأحد الأمور الممتعة في الجامعة هو أن جدول المحاضرات يتغير يومياً، والكثير مما تفعله للنجاح في الدراسة يحدث خارج قاعة الدرس، لذا ستجد أنك تمتلك الحرية لتنظيم جدولك وفقاً للأنشطة التي تطرأ يومياً.
إلا أنك تضيع الكثير من الوقت في أثناء البحث عن وظيفة، حيث تقضي بعض الوقت في البحث عن إعلانات الوظائف الشاغرة أو التواصل مع الآخرين أو إرسال طلبات الالتحاق بالعمل، ولكنك في المقابل ستضطر إلى الانتظار طويلاً، وقد يكون غياب جدول ثابت أمراً مربكاً، لذا عليك إيجاد شيء تفعله.
فلا تجعل عدم حصولك على أي راتب عائقاً يحول بينك وبين العمل، فما زال بإمكانك التواصل مع الجمعيات الخيرية المحلية أو بنوك الطعام أو المؤسسات الدينية أو المكاتب الحكومية، واسألهم عما يمكنك القيام به للمساعدة، وانطلق لإنجازه.
سيتيح لك هذا الحفاظ على روتين يومي جيد، كما سيساعدك على تعزيز حالتك المزاجية، وسيتولد لديك الكثير من المشاعر الإيجابية عند مساعدة الآخرين ممن يحتاجون إليها، وربما تستطيع التواصل مع أشخاص على علم بوظائف قد تكون مؤهلاً لها، وأخيراً، ستساعدك القصص التي ترويها عن الأمور التي استثمرت وقتك بها في أثناء تقدمك للحصول على وظيفة على إثبات تميزك في مقابلات العمل، والأهم من ذلك أنك ستمد يد العون للآخرين وهناك الكثير ممن يحتاجون إليها الآن دون الاكتفاء بمساعدة نفسك.
اقرأ أيضاً: كيفية قراءة الكتب.