ملخص: أصبحت فوائد أدوات المراسلة الفورية واضحة وضوح الشمس، مثل "سلاك" و"مايكروسوفت تيمز" و"زووم". لكن ثمة مشكلة واحدة، وهي أننا ما زلنا نتعرف على كيفية التواصل بشكل صحيح ومهني عبر تطبيقات المراسلة الفورية. لذلك، يجب أن تبدأ المؤسسات في تبني أفضل ممارسات التراسل الفوري، مثل الاختيار الدقيق للأنظمة التي يجب استخدامها، والأمثل هو اختيار الأنظمة التي يفضلها الموظفون؛ ووضع قواعد أساسية حول المراسلات الشخصية؛ واحترام التوازن بين العمل والحياة من خلال وضع معايير حول أوقات الاستجابة المناسبة؛ وتشجيع التواصل وجهاً لوجه أيضاً.
أصبحت أسماء أنظمة المراسلة الشهيرة عبر الإنترنت تُستخدم بصيغة الفعل في أماكن العمل حول العالم، تماماً كما نستخدم كلمة "جوجلها" عند رغبتنا في البحث عن معلومة، أو (I’ll Slack you)، بمعنى أنني سأرسل لك رسالة عبر "سلاك". في الواقع، دُمج برنامج "سلاك" بفاعلية في الأنشطة اليومية للشركات الكبرى القديمة والشركات الناشئة المزدهرة، وتزعم شركة "سلاك" أنها استضافت أكثر من 10 مليون مستخدم يومياً في عام 2019. ولدى الشركة منافسين أيضاً، بما في ذلك برنامج "مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams) و"زووم".
وسرعان ما أصبحت فوائد تلك الأدوات واضحة وضوح الشمس. فقد لاحظ الباحثون في العقد الأول من الألفية الثالثة أهمية الرسائل الفورية في تقليل المكالمات الهاتفية المتبادلة غير الضرورية وفي الحد من سوء التواصل. وفي الواقع، تتفوق الرسائل الفورية على البريد الإلكتروني بتقديمها حلاً فورياً وأكثر وضوحاً لقضايا العمل التي قد لا يدرك الموظفون استلامها في بريدهم الإلكتروني الوارد أحياناً.
لكن ثمة مشكلة واحدة، وهي أننا ما زلنا في صدد التعرف على كيفية التواصل بشكل صحيح ومهني عبر تطبيقات المراسلة الفورية. قد تخلق تلك الأنظمة صوامع تواصل تفشل فيها الفرق التي تستخدم إحدى المنصات في التعاون مع الإدارات التي تستخدم منصة أخرى. من جهة أخرى، قد تُسفر سهولة التواصل أيضاً عن تشتيت الانتباه وانعدام التفاعلات الرسمية في أماكن العمل، إذ قد تصبح المراسلة الفورية قناة طبيعية لمشاركة المعلومات غير المتعلقة بالعمل، بما في ذلك التفاصيل غير الملائمة أحياناً عن حياة العمال الشخصية. وليس من المستغرب أن تخلق أنظمة المراسلة الفورية مشكلات قانونية للمؤسسات؛ ومن المفارقات أيضاً استخدام المراسلات الفورية لمناقشة الدعاوى في المنازعات القضائية.
وعلى الرغم من صعوبة التخلي عن تلك الأنظمة اليوم، فإنها لا تزال تمثل مشكلة جديّة، وهو ما يشير إلى أن الشركات لم تكتشف تماماً كيفية تطوير السياسات التي توجه أنظمة المراسلة الفورية في أماكن العمل وتنظمها بشكل صحيح وكيفية تنفيذ تلك السياسات حتى.
أفضل ممارسات التراسل الفوري
يتمتع الموظفون في الواقع بحرية استخدام واختيار أنظمة المراسلة الفورية التي يفضلونها إذا كان قرار استخدامها عائداً إليهم أولاً؛ لكن بشكل عام، أصبحت منصتا "سلاك" و"تيمز" من المنصات الأساسية في معظم المؤسسات؛ ونورد في هذا المقال بعض أفضل الممارسات المقترحة.
1. تبنّى الأدوات التي يستخدمها الموظفون حالياً
يعود تاريخ المراسلة الفورية الشائعة إلى أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة، إذ كان برنامج "سلاك" على وجه الخصوص يُستخدم منذ سنوات بالفعل. لذلك، بدلاً من أن تبدأ الشركات من الصفر عند استخدامها أنظمة المراسلة الفورية في أماكن العمل، يجب عليها استخدام الأنظمة التي يعرفها الموظفون ويحبونها بالفعل. بمعنى آخر، يجب عليك تحديد البرمجيات التي يستخدمها الموظفون حالياً؛ واختيار برنامج شائع ومناسب لمؤسستك وتعديله ليتواءم مع احتياجاتك؛ ووضع سياسات حول الاستخدام المناسب وأرشفة البيانات وحفظها؛ وتثقيف المدراء حول كيفية الاستخدام وعوامل الخطر؛ وتدريب مندوبي الموارد البشرية؛ وإعادة معالجة العمليات والإجراءات بانتظام لتحسينها.
على سبيل المثال، قد يستخدم العديد من أعضاء فريق ما في شركة تكنولوجيا صغيرة ناشئة تطبيق "فيسبوك ماسنجر" كوسيلة للتواصل الاجتماعي داخل المكتب وخارجه، لكن ليس من الضروري أن تصبح تلك المنصة نفسها معياراً للمراسلة الفورية الرسمية ضمن الشركة، بل يمكن دمجها في نظام مراسلة أكبر.
2. تقبّل جميع برامج المراسلة الفورية، لكن ضع قواعد أساسية
قد يمثّل برنامجا "سلاك" و"تيمز" مصدر تشتيت للانتباه، لاسيما عند استخدامهما كمستودع عبر الإنترنت لحفظ الصور المتحركة ومشاركة النكات وإجراء المناقشات حول الألعاب الرياضية وقصص المسلسلات التلفزيونية. وقد تُمثّل تلك البرامج أيضاً منافذ غير مقصودة للتنمر والإساءة والمضايقة، كأن يجري مشاركة رسائل جماعية حول ملابس أحد زملاء العمل أو سلوكياته أو حياته الشخصية، على الرغم من أن هذا الزميل يجلس على بعد مكتبين فقط.
من جهة أخرى، يوجد فوائد للموظفين الذين يتبادلون الرسائل حول موضوعات غير متعلقة بالعمل أيضاً، إذ قد تخلق تلك التفاعلات الرقمية صداقات حميمة، وتقلل من احتمال ترك الموظفين العمل عند تكوينهم صداقات في المكتب، فقد أظهر الانسجام مع الزملاء زيادة المشاركة بنسبة 700%.
ولجني الفوائد الاجتماعية لتلك الأدوات وتقليل مخاطر تشتت الموظفين أو تراجع صحتهم العقلية، يجب على المؤسسات تحديد التوقعات من الرسائل الشخصية بوضوح. بمعنى آخر، يجب وضع تلك التوقعات ومشاركتها مع الموظفين الحاليين على الفور وتقديمها إلى الموظفين الجدد في أثناء فترة إعدادهم، والتأكيد على اتباعها كل حين. كما ينبغي تدريب فرق الموارد البشرية على بروتوكولات التعامل مع الشكاوى والمخاوف.
3. احترم حاجة الموظفين إلى تحقيق توازن بين عملهم وحياتهم الشخصية
تُتيح لنا أنظمة المراسلة الفورية التواصل مع الزملاء والمرؤوسين والمدراء في أي وقت، وبطريقة قد تبدو أكثر إلحاحاً من البريد الإلكتروني. لذلك، قاوم تلك الرغبة ما لم يكن التواصل مهماً، إذ يمكن أن تنتظر معظم الرسائل حتى يوم العمل التالي.
قد تبرّر سلوكك أحياناً بقولك إن المشكلة تحتل المرتبة الأولى في عقلك ولا تود أن تنساها على الرغم من إدراكك أن المستلم قد لا يرد على الفور. لكن الشخص الذي يتعرض للضغوط قد يفترض وجود إحساس بالاستعجال في الرسالة ويشعر بأنه ملزم بالرد عليك، حتى لو اقتطع من وقته الشخصي.
وتتمثّل إحدى الطرق التي يمكن للمؤسسة من خلالها التغلب على تلك المشكلة في تشجيع الموظفين على تسجيل الخروج من أدوات المراسلة الفورية واحترام رسائل الحالة التي يضعها زملاؤهم والتي تُفيد بأنهم خارج المكتب. ثم اشرح للجميع أن أي طلبات تُقدم للزملاء يجب أن ترافقها معلومات حول وقت الحاجة إلى الإجابات، وأن معظم المحادثات يجب أن تحدث خلال يوم العمل وأن تكون قصيرة وفي صلب الموضوع.
4. عزز التواصل وجهاً لوجه أيضاً
ليس من السهل دائماً تفسير الرسائل الرقمية، فالمدير الذي يقول: "يمكنك تقديم أداء أفضل" بشكل شخصي قد يكون كلامه محفزاً أو محبطاً، وذلك اعتماداً على ما إذا رافق تعليقه ذلك ابتسامة أو نظرة اعتراض، ويدان منبسطتان أو منقبضتان. لكن قد يكون من الصعب القراءة بين السطور إذا تلقيت نفس الرسالة على تطبيق "سلاك" ما لم تتفاعل مع مديرك بشكل شخصي ومنتظم.
وبالتالي، تأكد من حدوث نوع من التواصل وجهاً لوجه، حتى لو كان مكان عملك بعيداً، كحضور اجتماعات فردية واجتماعات الفرق والإدارات وحضور جلسات التعارف والندوات في الشركة، وقد تكون مكالمات المؤتمرات عبر الفيديو مفيدة أحياناً.
وتأكد عند تشجيعك على التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت من تحقيق التواصل وجهاً لوجه أيضاً؛ أي ضع في اعتبارك حضور رحلات الشركة وتناول وجبات الغداء مع الزملاء والمشاركة في أيام التطوع المجتمعي.
وإذا اتبعت ممارسات التراسل الفوري وطبقت هذه البروتوكولات، ستصبح أي منصة مراسلة فورية أداة مفيدة في مكان العمل بدلاً من مصدر إزعاج.