ملخص: لا بد من بعض الأيام السيئة في العمل، فالإحباط والملل موجودان في أي وظيفة تقريباً. تقدم المؤلفة في هذه المقالة نصائح من خبيرتين حول ما عليك فعله عندما تواجه مشكلة في تحديد إذا ما كانت وظيفتك دون المستوى المطلوب (ويمكن أن تتحسن) أو محبطة للروح (وتحتاج إلى تغيير). وتقدمان 7 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك لكي تصل إلى نتيجة: 1) هل مكان العمل سيئ؟ 2) هل تشعر بالإنهاك؟ 3) هل أنت بائس أم تشعر بالملل؟ 4) هل ثمة جانب ممتع في هذه الوظيفة؟ 5) هل تبذل قصارى جهدك فعلاً؟ 6) هل تحتاج إلى أصدقاء مختلفين؟ 7) هل جربت كل الحلول وما زلت تشعر بالسوء تجاه العمل؟
في بعض الأيام تكره وظيفتك إلى حد لا يطاق، وفي أيام أخرى تتساءل إذا ما كنت تعيساً فعلاً أو متقبّلاً لحقيقة أن أيام العمل شاقة وطويلة ومضجرة.
من الصعب عليك معرفة الفرق إذا كان أصدقاؤك وزملاؤك يتذمرون باستمرار من وظائفهم. بمجرد أن تبدأ جلسة التنفيس الجماعي، يتسلل شعور بالشك في النفس. تقول المديرة السابقة لبرنامج التطوير الوظيفي في شركة جوجل ومؤلفة 3 كتب منها "المحور" (Pivot) و"وقت فراغ" (Free Time) جيني بليك: "تتساءل: هل أنا متطلب وأرغب في المزيد أم أن الوضع سيئ فعلاً؟ صحيح أنها مشكلة من مشكلات العمل في الدول المتقدمة، لكن من الضروري أن تعرف الإجابة لأنك تقضي الغالبية العظمى من ساعات يومك في العمل".
تضيف كبيرة مستشاري العملاء في شركة مورغان ستانلي ومؤلفة كتاب "توقع الربح: 10 استراتيجيات مثبتة للنجاح في مكان العمل" (Expect to Win:10 Proven Strategies for Thriving in the Workplace) كارلا هاريس: "إن الوضوح مهم لسعادتك ونجاحك المهني، ومن دونه قد تتخذ قراراً انفعالياً بالاستقالة في وقت مبكر جداً وتفوّت عليك خبرات التعلم الثمينة، أو قد تبقى في وظيفتك مدة طويلة جداً وتصاب بحالة من الجمود".
من الطبيعي أن تشعر بالخوف وعدم الاستقرار عندما تواجه مشكلة في تحديد إذا ما كانت وظيفتك دون المستوى المطلوب (ويمكن أن تتحسن) أو محبطة للروح (وتحتاج إلى تغيير). لمساعدتك في حل هذه المشكلة، تقترح بليك وهاريس أن تسأل نفسك هذه الأسئلة السبعة.
1. هل مكان العمل سيئ؟
لنكن صريحين، بعض الوظائف والمؤسسات تعيق النمو. قد تجد نفسك تعمل في مكان تُعامل فيه على أنك شخص يمكن الاستغناء عنه، ولديك مدير سيئ يشكك في قدراتك أو يقلل من شأن جهودك أو يستخف بإنجازاتك. تقول هاريس إن الثقافة السائدة تكون "ثقافة الخوف والترهيب، حيث يشعر الموظفون بأنهم دائماً قليلو الشأن".
يكون العمل ساماً عندما تُجبر على التنازل عن قيمك الشخصية. (يقول الأطباء وعلماء النفس إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى "أذى معنوي")، ومن المحتمل جداً أن تعتاد على بيئة العمل السامة لدرجة أنك تعتبرها طبيعية. تقول بليك إن من المؤشرات التحذيرية على أن وظيفتك تضر برفاهتك هي تراجع صحتك البدنية، إذ تشعر بالتوتر الدائم والإرهاق وصعوبة النوم. تقول بليك: "عندما تكون غير مرتاح في العمل أو حتى [عندما] تفكر في العمل، فذلك جرس إنذار ينبهك على أن الطريقة التي تعمل بها ليست سليمة"، وعليك حينها أن تضع خطة للخروج.
2. هل تشعر بالإنهاك؟
قد لا تكون وظيفتك سامة لكنها تستنزف قواك، وعندما تسمع الآخرين يتحدثون عن الشعور بالإرهاق من العمل، فإنك تتساءل إذا كان إرهاقك دليلاً على الشقاء أم أنه جزء طبيعي من حياة البالغين. تقول بليك إن الفرق يعتمد على طبيعة الإرهاق وإذا ما كان نابعاً من تحديات يمكن السيطرة عليها أو كان شعوراً مستمراً لا نهاية له.
وتضيف أن ضغوط الحياة، مثل ترك طفل رضيع في المنزل أو التنقل المرهق في المواصلات العامة، يمكن أن تشوش التفكير. قبل اتخاذ أي قرارات متسرعة، فكر إذا ما كانت مشكلاتك مؤقتة -فالمشاريع الكبيرة ستنتهي بالتأكيد؛ وسينام طفلك يوماً ما طوال الليل- أو من المرجح أن تستمر على المدى الطويل. امنح وضعك بعض الوقت حتى يستقر ويتحسن، وتحدث إلى مديرك وفريقك حول تقليل الأعباء التي تثقل كاهلك في عملك. تقول بليك: "ابحث عن المهام التي يمكنك أتمتتها أو تفويضها لأحد غيرك أو إلغاؤها". ومع ذلك، إذا كنت تعمل في بيئة عمل ثقافتها "الاجتهاد حتى الإرهاق"، فقد يكون التغيير الدائم غير مرجح، كما تقول بليك.
3. هل أنت بائس أم تشعر بالملل؟
ثمة احتمال كبير أن تخلط بين الاثنين، خاصةً عندما يصبح الملل مشكلة مزمنة. تظهر الأبحاث أن الملل المستمر يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والقلق والتوتر. تقول بليك: "يكون العمل مرهقاً جداً عندما لا تتفاعل معه بطرق إبداعية؛ أو عندما لا تلقى مهامك صدى في نفسك، أو عندما تكون مسؤولياتك رتيبة وغير ممتعة"، وتضيف: "الملل من حين لآخر أمر طبيعي، ففي بعض الأيام لا تشعر بالملل، ولكن إذا أصبح الملل معاناة يومية ولا يوجد شيء يبهجك في عملك، فسيستنزف الملل رضاك الوظيفي".
قد يكون الملل أيضاً مؤشراً على أن مستوى مهاراتك بات أعلى من منصبك. تقترح هاريس التفكير في "المهارات التي ترغب في تطويرها، والخبرات المهنية التي ترغب في اكتسابها، وأنواع الأشخاص الذين ترغب في العمل معهم". تحقق لمعرفة إذا كان لدى شركتك فرص عمل تتوافق مع ما تبحث عنه، تحدث إلى مديرك وتواصل مع زملائك للتعرف على الوظائف الأخرى داخل المؤسسة، وابحث عن بدائل إذا كانت شركتك تفتقر إلى تلك الفرص.
4. هل ثمة جانب ممتع في هذه الوظيفة؟
يعتمد تحديد إذا ما كانت وظيفتك محطمة للروح المعنوية أو دون المستوى المطلوب وقابلة للتحسين على وجود ميزات تعويضية تجعلها تستحق العناء، وذلك وفقاً لبليك. ففي حال كنت بائساً، لن تجد جوانب إيجابية فيها. ولكن في حال كانت الوظيفة دون المستوى المطلوب ويمكن إصلاحها، قد تكون الجوانب الإيجابية غير بادية للعيان. توصي بليك بالتفكير في جوانب وظيفتك التي ترضيك وتساعدك على النمو، وتشمل فرص التعلم وتطوير مهارات جديدة أو العمل جنباً إلى جنب مع زملاء بارعين. ربما تعيش لحظات من الحماسة في بعض الأحيان أو "لديك مشروع ضخم يوسع آفاقك بطرق جديدة". إذا كان الأمر كذلك، فاعمل على تعزيز هذه الجوانب من خلال إعادة تصميم وظيفتك. إذا كان الجانب الإيجابي الوحيد هو الراتب، وهو أمر لا يستهان به، توصي هاريس بالبحث عن سبل لزيادة أجرك في المؤسسة التي تعمل بها. وتقول: "فكر بطريقة تجعل العمل يناسبك".
5. هل تبذل قصارى جهدك فعلاً؟
في بعض الأحيان لا تكمن المشكلة في الوظيفة نفسها بل في طريقة تعاملك معها. ترى هاريس أنه من المحتمل أن يكون لك دور في تعاستك، وتقول: "فكّر في طريقة حضورك إلى العمل، هل تأتي متبنياً موقفاً إيجابياً من العمل؟ هل تُعطي انطباعاً بأنك متحمس ونشيط؟ وهل تبذل قصارى جهدك بصدق؟". لست بحاجة إلى أن تكون مندفعاً في عملك وتعمل حتى الإنهاك، لكن كرهك لعملك مع بذل جهد فاتر سيدخلك في حلقة من الملاحظات حول عملك لن توصلك إلى نتيجة إيجابية. فكّر في تعاملك مع زملائك، إذ تُظهر الأبحاث أن المشاعر معدية، ففي حال كانت تنبعث منك مشاعر سلبية، فمن المرجح أن يلتقطها مَن حولك ويستجيبون لها بالمثل. ترى بليك أن الوعي الذاتي عامل مهم فتقول: "فكّر إذا ما كنت ستفخر بإسهاماتك عندما تنظر إلى ماضيك في هذه الوظيفة".
6. هل تحتاج إلى أصدقاء مختلفين؟
أتكلم بكل جديّة، ثمة احتمال كبير أن تكون مشكلات مكان العمل الرابط بينك وبين زملائك. وسبب ذلك أن أدمغتنا مصممة للتركيز على التجارب السلبية، وتُدعى هذه الظاهرة "بالتحيز للسلبية". وهذا يجعلنا أكثر عرضة للتفكير فيما يزعجنا وينقصنا ولا يجدي نفعاً. قد يكون التذمّر مريحاً ولكنه ليس مجدياً، تقول هاريس: "عندما تكون عالقاً في دوامة سلبية، يصبح منظورك إلى العمل مشوشاً، ليس من مصلحتك أن تتخذ قرارات تخصّ مسيرتك المهنية بناءً على ما يفكر فيه الآخرون". لذا، حاول تغيير أسلوب الحديث، وبدلاً من التنافس في ذم المدراء السيئين، تقترح بليك الحديث بطريقة "وردة، شوكة، برعم"، حيث يتحدث كل شخص عن نجاح حققه مؤخراً، وتحدٍ يواجهه حالياً، وهدف يتطلع إلى تحقيقه، وتنصحك بأن "تنتبه إلى الطريقة التي تتحدث بها عن العمل".
7. هل جربت كل الحلول وما زلت تشعر بالسوء تجاه العمل؟
قد يتحول عدم الرضا الوظيفي في كثير من الأحيان إلى ضباب ذي أشكال كثيرة يشوش رؤيتك. يمكن أن يتراوح بين شعور غامض ومزعج بعدم الارتياح إلى شعور بضيق شديد متواصل، ومن الصعب تحديده خاصةً عندما يكون لديك ظاهرياً ما يعتبره الكثير "وظيفة جيدة" تتضمن العمل على مشاريع رائعة، وزملاء جيدين، وراتب ثابت. تقول بليك: "تتساءل حينها: ما مشكلتي؟ نظرياً، تبدو وظيفتي رائعة، لماذا لست سعيداً؟ لا تتعجل، لكن لا تستمر في وظيفة تستنزفك، لا داعي إلى أن تقضي عمرك في بؤس، ومهما كان السبب، فهذه الوظيفة بالذات لا تلائم طبيعتك".
لا بد من بعض الأيام السيئة في العمل، فالإحباط والملل موجودان في أي وظيفة تقريباً. ولكن عليك أن تنتبه إلى درجة هذه المشاعر وتكرارها، وأن تنتبه بصفة خاصة عندما تشوش المؤثرات الخارجية مثل الأصدقاء المتذمرين أو زملاء العمل على حكمك على الأمور. تقول هاريس إنه من المهم أيضاً عدم الخلط بين الانزعاج الذي يصاحب تحديات العمل والبؤس الشديد، فغالباً يكون النمو الشخصي ثمرة مواجهة العقبات والتغلب عليها، وتضيف: "في بعض الأيام تتلقى ملاحظات سلبية؛ وأحياناً تكون النتائج مخيبة للآمال، وأحيانا تكون الدروس التي تتعلمها قاسية لكنها تسهم في نموك. لا تتسرع في الابتعاد عما يمكن أن يكون تجربة مفيدة".