كيف تساعد موظفاً جديداً للاندماج في العمل دون إغراقه بسيل من المهام؟

5 دقيقة
إعداد الموظفين الجدد
ألكسندر دوبينين/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من الضروري أن تقدم المؤسسات تجربة رائعة للموظفين الجدد عند إعدادهم لوظائفهم الجديدة، فذلك يحافظ على تفاعلهم والتزامهم ويُغني تعلمهم واستعدادهم. لكن بعض المؤسسات تُغرق الموظفين الجدد بسيل من المعلومات في محاولة منها لضمان شعورهم بالدعم والاستعداد المناسب، فيكلّف المدراء بحسن نية موظفيهم الجدد بحجم هائل من المهام، مثل قراءة كل صفحات دليل الموظف وإعداد حساباتهم على البريد الإلكتروني للشركة ومنصات سلاك (Slack) وبوكس (Box) والمنصات الأخرى جميعها في آن واحد، وذلك يؤدي إلى نتائج عكسية. ثمة 3 استراتيجيات تساعد المؤسسات على تخفيف هذا العبء الزائد وضمان حصول الموظفين على المساحة والوقت والموارد الذهنية المتاحة للتعلم والنجاح في وظائفهم الجديدة.

ندرك جميعاً الأهمية الكبيرة لإعداد الموظفين الجدد، لأن عملية الإعداد الجيدة التي تتضمن تقديم معلومات واضحة عن متطلبات الوظيفة والمعايير المؤسسية وتوقعات الأداء لا تعزز إنتاجية الموظفين فحسب، بل تسهم في تعزيز ولائهم وتفاعلهم وتقلل معدل دورانهم.

ومع ذلك تخفق المؤسسات باستمرار في هذه العملية. أظهرت دراسة استقصائية أجرتها شركة بيتشكس (Paychex) المتخصصة بخدمات الرواتب في عام 2022، أن قرابة نصف الموظفين الجدد فقط راضون عن تجربة إعدادهم. يمكن أن يحول هذا الإخفاق دون تكوين رابطة عاطفية بين الموظفين الجدد ومؤسستهم، ما يؤثر سلباً في تفاعلهم واستبقائهم، إذ تصل معدلات دوران الموظفين الجدد إلى 20% في أول 45 يوماً، وما يقرب من ثلث الموظفين يتركون وظائفهم الجديدة خلال أول 90 يوماً من العمل.

أحد الأخطاء الشائعة التي تقع فيها المؤسسات هو توفير تجربة شكلية تتكون من جولة تعريفية ليوم واحد وحزمة أوراق تشرح المزايا التي تقدمها المؤسسة. ما لا يعرفه الكثير من المؤسسات وهو منتشر وله تأثير هدّام بالقدر نفسه، هو أن بعض الشركات “تفرط” في إعداد موظفيها الجدد. من خلال عملي مستشارة في تصميم التعلم، أسمع قصصاً عن مدراء يراجعون مع موظفيهم الجدد في الأيام الأولى من تعيينهم كل صفحة من صفحات دليل الموظف ويتوقعون منهم أن يتعلموا بسرعة استخدام حساباتهم على منصات سلاك وبوكس والبريد الإلكتروني والمنصات الأخرى جميعها دفعة واحدة، وعن مدراء يصطحبون الموظفين في “جولة سريعة” في منشأة التصنيع ثم يشيرون إلى أقسامها المختلفة كافة بتتابع سريع.

قد يكون هؤلاء القادة ذوي نوايا حسنة وحريصين على مساعدة موظفيهم الجدد على التأقلم مع وظائفهم، ولكن إغراق الموظفين الجدد بسيل من المعلومات له نتائجه العكسية، إذ لا تستطيع أدمغتنا معالجة كميات كبيرة من المعلومات الجديدة في آن واحد، وتقل هذه الكمية عندما نكون مبتدئين. ونتيجة لذلك، يتأثر الموظفون الجدد بالعبء المعرفي المفرط (الجديد) في أثناء عملية الإعداد، ويؤدي ذلك إلى تراجع الأداء وقد يقرر الموظف الجديد أن الوظيفة ليست مناسبة له ويغادرها.

من خلال أبحاثي في الأوساط الأكاديمية والشركات، حددت 3 استراتيجيات يمكن للقادة تطبيقها للحد من إرهاق الموظفين وضمان إعداد الموظفين الجدد بفعالية وكفاءة.

قدّم المعلومات بتسلسل منطقي.

قد نرى أنه من المفيد تزويد الموظفين الجدد بكمية كبيرة من مواد التدريب على نحو سريع، لكن التعلم الفعال عملية تدريجية تتطلب جهداً، ولا تقتصر على جلسة واحدة أو أسبوع أو أسبوعين. وقد اتضح أنه (على عكس المتوقع إلى حد ما) كلما طالت عملية الإعداد، اكتسب الموظفون الكفاءة بسرعة أكبر، لأنهم يبنون بذلك على المعرفة السابقة التي استوعبوها.

ابدأ عملية الإعداد بالأساسيات الضرورية ووضح أهميتها، ثم تابع البناء على هذا الأساس بتسلسل منطقي بمرور الزمن، وبذلك ستحتفظ مؤسستك بعدد أكبر من الموظفين الجدد وتنشئ ثقافة يكون فيها التعلم المستمر أولوية مؤسسية واضحة.

على سبيل المثال، اعتمدت إحدى شركات الوجبات السريعة هذه الاستراتيجية عندما حولت نهجها إلى نموذج التعلم المستمر. إذ يخضع موظفوها الجدد في البداية لبرنامج تدريبي مركّز، تليه اختبارات حول الموضوعات الرئيسية عدة مرات في الشهر. وفي حال أخفقوا في الاختبارات يخضعون لعملية إعادة تدريب. وبالنتيجة بلغ معدل دوران العاملين في شركة الوجبات السريعة أقل من 29% للعاملين في الخطوط الأمامية، وهو أقل بكثير من المتوسط في القطاع البالغ نحو 86%.

كن واضحاً بشأن توقعاتك.

فهم الموظف الواضح لدوره هو أحد أقوى المؤشرات على تفاعله ورضاه الوظيفي. فإذا لم تكن مهامك واضحة، فلن تعرف إذا ما كنت تؤديها على أكمل وجه، ويؤثر الغموض هذا سلباً في قدراتك الذهنية.

إذا لم تقدم للموظفين الجدد التوجيه الكافي، فسيجدون أنفسهم في متاهة من الشكوك، ما يستهلك قدراتهم الذهنية بطرق غير منتجة وغير مجدية. تشمل أوجه القصور الشائعة عدم وضوح المسؤوليات الوظيفية، وترتيب أولويات المهام، والتسلسل الإداري، والمواعيد النهائية والأطر الزمنية، ومقاييس الأداء. يمكن أن تؤدي أوجه قصور التواصل هذه بالنسبة للموظف الجديد إلى الشعور بالقلق والتوتر وإضعاف الثقة بالنفس، خاصة إذا كان الموظفون يخشون طلب المساعدة أو ارتكاب الأخطاء.

لضمان وضوح الأدوار وتمكين الموظفين الجدد من تقديم إسهامات مفيدة، ضع في اعتبارك الاستراتيجيات الآتية:

  • قدّم وثيقة للموظفين تصف التوقعات والمسؤوليات الفعلية لأدوارهم (وتأكد من أنها تتوافق مع الوصف الوظيفي). فمثلاً، لتشجيع التعاون والعمل الجماعي المثمر، يجب أن تتضمن الوثيقة تفاصيل دور الموظف الجديد وكيف يتلاءم دوره مع أدوار أعضاء الفريق الآخرين والأهداف العامة للمؤسسة. اذكر المسؤوليات والمشاريع التي سيتولاها الموظف الجديد. ضع قائمة بأولويات المهام بالإضافة إلى توزيع تقريبي للوقت المخصص للمسؤوليات المختلفة.
  • ضع أهدافاً واقعية يمكن تحقيقها (قصيرة المدى وطويلة المدى). يجب أن تكون متأكداً من قدرة الموظف الجديد على تنفيذ الأهداف القصيرة المدى، مثل تحديد موعد الغداء مرة واحدة في الشهر مع موظف من فريق مختلف أو وضع جدول زمني لإدارة الوقت. ويمكنك رفع مستوى المسؤولية وتحديد أهداف الطويلة المدى مع مرور الوقت. يمكن أن تشمل هذه الأهداف مهام مثل الالتحاق بدورة في مخاطبة الجمهور لتعزيز مهارات التواصل، أو تولي قيادة أحد المشاريع لاكتساب خبرة قيادية، أو تحقيق نسبة معيّنة من المبيعات خلال السنة الأولى في الوظيفة.
  • اشرح أهداف المؤسسة وساعد الموظفين على فهم دورهم في تحقيق تلك الأهداف. على سبيل المثال، إذا عُيِّن أحد الموظفين لمهاراته في التصميم، فشدد على دور التصميم الجيد للمنتج في زيادة المبيعات والنمو.

تجنب استخدام “مصطلحات خاصة بالشركة” حتى لا يشعر الموظف بأنه غريب.

العنصر الثالث والحساس من تجربة الإعداد الجيد هو التأكد من شعور الموظفين الجدد بالترحيب والانتماء. ثمة خطر حقيقي يهدد قدرة الموظفين الجدد على تعلم وظيفتهم ومعرفة مؤسستهم، وذلك في حال تشتت تركيزهم بسبب القلق من عدم قدرتهم على التأقلم مع المكان، أو سعيهم للبحث عن موظفين ذوي تفكير مشابه والتواصل معهم، أو عدم معرفة دورهم في منظومة عمل المؤسسة.

إحدى الطرق الأكيدة لتقويض إحساس الموظف الجديد بالانتماء هي استخدام مصطلحات أو اختصارات خاصة بالمؤسسة دون تفسيرها له. من الخطأ افتراض أن الجميع يعرف مصطلحات العمل مثل (LOE) “مستوى الجهد”، أو (RCA) “تحليل السبب الجذري”، أو الكلمات الخاصة بالمؤسسة مثل “تقرير” (TPS) الذي يمكن أن يعني (أشياء مختلفة كثيرة)، أو حضور الموظفين الروتيني لمؤتمر (AERA) هذه (أمثلة حقيقية). قد لا يعرف الموظفون الجدد هذه المصطلحات، وذلك يبطئ فهمهم ويولد لديهم مشاعر الإقصاء والتوجس وعدم الكفاءة.

قد تشمل هذه المصطلحات “الخاصة بالشركة” أسماء الموظفين فيها. خذ على سبيل المثال تجربة الموظف الجديد إدموند الذي عانى الحيرة عندما كان زملاؤه في العمل يشيرون إلى موظفين آخرين في الشركة بأسمائهم الأولى. وفي كل مرة كان يتساءل إدموند من “سارة” هذه التي تبدو مهمة؟ أو من “خوان”؟ وماذا سيقولون عني إذا سألت عنهم؟

من الأفضل أن تفرط في شرح المصطلحات والاختصارات والعلاقات للموظفين الجدد لتتأكد من أنهم على علم بها كافة. اذكر الأسماء الكاملة والألقاب عند تقديم الأشخاص داخل المؤسسة. قدّم للموظفين الجدد قائمة شاملة بالمصطلحات الخاصة بالقطاع والمؤسسة، بالإضافة إلى دليل تفصيلي للمؤسسة. يمكن أن تساعد هذه المصادر في دعم الموظفين الجدد في عملية انتقالهم وضمان عملية إعداد أكثر شمولاً وإطلاعاً.

لا تقتصر تجربة إعداد الموظفين الجدد الجيدة على تعزيز تعلمهم واستعدادهم للتفوق في دورهم الجديد فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى تعزيز تفاعلهم وولائهم واستبقائهم. وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للإعداد الفعّال للموظفين الجدد، فإن مؤسسات عديدة (حتى التي تحاول جاهدةً تجنب التدريب الضعيف لموظفيها) تخفق في ذلك، إذ تتمادى بالأخطاء وتُغرق موظفيها الجدد بسيل من المعلومات. يمكن للمؤسسات ضمان حصول الموظفين على المساحة والوقت والموارد الذهنية اللازمة للتعلم والنجاح في وظائفهم الجديدة من خلال تنفيذ استراتيجيات تخفف من الحمل الزائد على قدراتهم المعرفية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .