مهمّتان لا بد من القيام بهما بعد كل اجتماع

4 دقيقة

كان ستيف جوبز يصرّ على أن كل بند مدرج في جدول الأعمال يجب أن يضم إلى جانبه اسم الشخص المسؤول عن تنفيذه، وعن متابعة أي عمل يجب إنجازه كجزء من ذلك البند. وكان يطلق على ذلك الشخص لقب "الفرد المسؤول مباشرة". فقد كان يعلم بأن إخضاع ذلك الشخص للمساءلة العلنية سيضمن إنجاز المشروع أو المهمة عملياً، كما أنه كان يريد إعطاء تعليمات واضحة ومنظمة لفريقه ليتّبعوها.

يبدو الأمر بسيطاً جداً للوهلة الأولى، ومع ذلك فإن غالبية المدراء والقادة يفشلون تماماً في الالتزام بهذا الأمر. سبق لنا جميعاً أن غادرنا اجتماعات حضرناها ونحن نشعر بالارتياح لما ناقشناه، ثم نتساءل لاحقاً لماذا لم ينجز الشيء الكثير بناء على هذا الاجتماع. فأين ذهب ذلك الزخم الذي كنا نحسّ به؟

هنالك عدد من الأسباب التي تفسر لماذا تذهب تلك الأحاديث البنّاءة التي تجري خلال الاجتماع أدراج الرياح بعد انتهائه. فما يحصل غالباً هو أن الحضور يهرعون فوراً إلى اجتماع آخر، حيث ينتقل انتباههم إلى مجموعة جديدة من المواضيع، أو أن الحضور يغادرون الاجتماع دون أن يكون واضحاً بالنسبة لهم ما تم الاتفاق عليه.

ولضمان عدم حدوث تباطؤ في الإنتاجية بعد خروجكم من غرفة الاجتماعات، هناك أمران يجب عليكم القيام بهما بعد الاجتماعات وفي الفاصل الزمني بين الاجتماعات: إرسال محضر واضح وموجز للاجتماع بسرعة ثم متابعة التنفيذ من الالتزامات التي تم الاتفاق عليها.

محضر الاجتماع

يقول المثل الصيني "مهما كان حبر القلم فاهي اللون، فإنه يظل أفضل من أفضل ذاكرة". فإذا لم تدوّنوا الحديث الذي دار خلال الاجتماع وتحوّلوه إلى شكل يمكن استرجاعه لاحقاً، فإن الأفكار والاتفاقات التي تم التوصل إليها أثناء الاجتماع يمكن أن تضيع.

لا تشكّل محاضر الاجتماعات عبئاً بالضرورة. بل هي تعتبر طريقة فعالة للتأثير في الآخرين. لأنها تساعد في إطلاع الناس الذين لم يحضروا الاجتماع على مجرياته. كما أنها تذكر الحاضرين بما اتفِق عليه خلال ذلك الاجتماع. وبوسعكم الاستفادة من هذه المحاضر لضمان توافق جميع الحاضرين في الآراء وضمان تركيزهم على ما يجب إنجازه قبل الاجتماع التالي.

وإذا كنتم تعملون على تخفيض عدد الناس الذين يحضرون اجتماعاتكم، فإن هذه المحاضر تكتسب أهمية أكبر لأن الناس بحاجة إلى معرفة ما يدور في هذه الاجتماعات. وبالتالي، فإن إرسال ملخص الاجتماع إلى المعنيين هو جزء مهم من العملية الهادفة إلى تفعيل انخراط الجميع.

وإليكم الأشياء الناجحة التي يمكنكم القيام بها: وزعوا محضراً موجزاً وواضحاً للاجتماع. ففي الفترات التاريخية السابقة، كانت محاضر الاجتماعات تشبه محاضر جلسات المحاكم، حيث كانت تتضمن كل ما قيل خلال الاجتماع. ولكن ليس هذا ما تريدونه. بل إن صفحة واحدة تكفي في معظم الاجتماعات. إذ ليست الغاية

تدوين النقاط الرئيسية والالتزامات المحددة المرتبطة بكل موضوع، وليس تدوين كامل تفاصيل النقاش بحذافيره، بحيث تتشكل لدى الذين لم يحضروا الاجتماع فكرة حول ما حصل، ويكون لدى الجميع سجل يتضمن الأشخاص المطلوب منهم اتخاذ خطوات إضافية.

ويجب أن تنصّ هذه المحاضر أيضاً على كل موضوع نوقش في الاجتماع، والخلاصات الأساسية، وقائمة بالإجراءات المحددة التي ستتخذ، ومن سيتخذها، وما هي المدة الزمنية لإنجاز ذلك.

دوّنوا ملخص المحضر ووزعوه في غضون 24 ساعة، أو خلال مدة أقصر حتى. فقدرتكم على تذكر جوهر كل حديث دار وكتابته تقل مع مرور كل ساعة. كما أن إرسال الملخص خلال ساعة أو قبل نهاية اليوم يظهر أيضاً إحساساً بالعجلة والإلحاح.

المتابعة اللاحقة للالتزامات

تعتبر المثابرة من المهارات الأساسية للتأثير في الآخرين. إذا أردت لشيء ما أن يُنجز، فعليك أن تتابع، وتتابع، وتتابع.

ذات مرة طلب مني رئيس إحدى الجامعات تدريب مجموعة من أعضاء هيئة التدريس والخريجين لأنه اعتقد أنهم يفتقرون إلى المهارات القيادية. وكان هو شخصياً من شكّل هذه المجموعة قبل عامين لمناقشة فكرة افتتاح كلية جديدة للصحافة. وكانت المجموعة قد عقدت اجتماعاً مثمراً، وكان الجميع سعيداً بالمشروع. كما أخبرهم رئيس الجامعة أنه مستعد وقادر على تقديم أي دعم يحتاجونه لترجمة هذه المبادرة على أرض الواقع. ولكن بعد مرور عامين، لم يكن شيء قد حصل، وكان هذا الرئيس مقتنعاً أن السبب في ذلك يعود إلى أن من حضروا الاجتماع بأن السبب هو أن أولئك الذين حضروا الاجتماع لم يكونوا مجهزين بالمهارات المناسبة.

ولكن في واقع الأمر، هو لم يحصل على كلية الصحافة التي أرادها لأنه لم يتابع الأمر لاحقاً بعد الاجتماع. فلو كان قد تفقد الموضوع مع المجموعة بعد أسبوعين من انعقاد الاجتماع، ومن ثم لو تابع كل بضعة أسابيع حتى يرى مشروعه قد تحول إلى حقيقة، فعلى الأرجح أن الأمور كانت ستسير بطريقة مختلفة. ربما كان سيعلم بأن الناس الذين حضروا الاجتماع لديهم نقص في المهارات، لكنه كان ساعتها سيمد يد العون إلى هؤلاء الأشخاص خلال سعيهم إلى دفع المشروع قدماً.

غالباً ما يعتقد المدراء، تماماً مثل رئيس الجامعة هذا، بأن الناس قادرون على الانطلاق بأنفسهم، أي أنهم يظنون بأن الناس هم عبارة عن قادة بالفطرة، وأن كل ما يحتاجون إليه هو فكرة وشيء من الاستقلال الذاتي للعمل على تطبيق تلك الفكرة على أرض الواقع. لكن الناس الموهوبين والملتزمين لا يفعلون دائماً الأشياء التي يقولون بأنهم سيفعلونها، ولا يجب أن نفاجئ عندما لا يفعلونها. فهؤلاء الناس تتجاذبهم القوى في اتجاهات مختلفة، وهم يشعرون بالإنهاك جرّاء ضغوط العمل الزائد عليهم. فإذا أردت لمشروع معيّن أن يُستكمل، فيجب عليك متابعة الأمور عن كثب وبطريقة متسقة. خلاف ذلك، فإن الأفكار الخصبة سوف تنهار بسهولة.

يخشى بعض القادة من أن الموظفين قد يفسرون المتابعة الدقيقة لهم من قبل مدرائهم على أنها ضرب من إدارة التفاصيل الصغيرة والدقيقة نيابة عنهم. فهؤلاء القادة لا يريدون أن يتهَموا بأنهم لا يثقون بموظفيهم وبأدائهم. ولكن في الواقع، المتابعة الدائمة هي أمر ضروري وجزء أساسي من قيادة أي مشروع.

وإليكم الأشياء الناجحة التي يمكنكم القيام بها:

- في نهاية كل موضوع يناقش خلال الاجتماع، توقفوا لبعض الوقت للاتفاق على الخطوات التالية بعد الاجتماع، ولتحديد الالتزامات المحددة التي يجب إنجازها خلال فترات زمنية واضحة

- دعوا الناس يعلمون أن بوسعهم التفاوض على تفاصيل الالتزامات التي يلتزمون بها، وخاصة فيما يتعلق بتواريخ استحقاق هذه الالتزامات.

- لا تستعملوا العبارة التلقائية التالية: "أريد إنجاز هذه المهمة المطلوبة بحلول الاجتماع التالي". بل يجب التفكير ملياً في الأمر واختيار التوقيت الأنسب والأكثر منطقية لكم.

- أوضحوا للناس بأنكم تتوقعون إنجاز كل التزام حسبما اتفق عليه، وإذا حصل أي طارئ جديد، فإنكم تتوقعون منهم أن يتواصلوا معكم لمناقشة التغييرات المحتملة.

- كلفوا شخصاً معيناً بمهمة التدقيق خلال فواصل زمنية مناسبة للتأكد من أن تنفيذ الالتزامات يسير حسب الوعود، على أن يُعاد تقييم المهام هذه إذا حصل أمر غير متوقع.

واحدة من أكبر الشكاوى التي أسمعها من القادة، هي أنهم يقضون الكثير من وقتهم في الاجتماعات. وبالتالي، فإن تصميم الاجتماعات وقيادتها بطريقة أفضل سيساعدان في تحسين استغلال وقت الجميع. لكن توثيق الالتزامات التي يتمخض الاجتماع عنها، وإدارة هذه العملية عقب انتهاء الاجتماع، سيساعدان أيضاً في جعل الاجتماعات المستقبلية أكثر إنتاجية وحتى غير ضرورية.

 اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي