كيف تكون قائداً مُلهِماً للآخرين؟

4 دقائق
كيف تكون قائداً ملهماً

عندما يشعر الموظفون في الشركة بقدر كبير من الإلهام في أثناء العمل، فإن هذا يدفع بالشركة إلى تحقيق إنجازات أكثر إنتاجية، كما يُلهمون الناس من حولهم للارتقاء أكثر في حياتهم العملية. فكيف تكون قائداً ملهماً؟

في استطلاع أجريناه على أصحاب العمل ضمن "وحدة الاستقصاءات في الإيكونيميست" (Economist Intelligence Unit)، وجدنا أن نصف المشاركين أكدوا أن قادتهم ملهمون، أو يساعدون الموظفين على تفجير طاقتهم الكامنة. بل كان هناك مشاركون يؤمنون بأن قادتهم عزّزوا حالة التفاعل والالتزام وشكّلوا نموذجاً يحتذى لثقافة التعاون وقيمها.

لمساعدة شركتي "باين آند كومباني" (Bain & Company)، في فهم ما يجعل القائد ملهماً، أطلقتُ برنامجاً بحثياً جديداً بدأته باستطلاع للآراء، شمل ألفي شخص. وبيّنت نتائج البحث أن الإلهام وحده ليس كافياً. فالقادة الذين يركزون على الأداء فقط يفعلون ذلك بثمن لا تستطيع الشركة تحمله. بالمقابل القادة الذين يكتفون بالتركيز على الإلهام يكتشفون بأنهم يحفزون الفريق لكنهم يحصلون على نتائج متواضعة تقوض عملهم. ونتيجة لذلك، فإن القادة الملهمين بحق هم من يستعملون مزيجاً من نقاط قوتهم لتحفيز الأفراد والفرق على إنجاز مهام جريئة، ويحاسبونهم على النتائج. كما أنهم يدفعون هؤلاء الناس إلى تحقيق أداء أفضل من خلال تمكينهم، وليس عن طريق فرض الأوامر والسيطرة.

كيف تكون قائداً ملهماً؟

فيما يلي بعض النتائج الإضافية التي توصّلنا إليها فيما يتعلق بالطريقة التي يلهم بها القادة الموظفين لتقديم أداء عظيم ينجحون من خلاله في تحقيق المهمة الموكلة إليهم:

لست بحاجة إلا إلى خصلة واحدة ملهمة بحق

من خلال بحثنا، توصلنا إلى قائمة تضم 33 خصلة ملهمة تساعد القادة في مجالات تطوير الموارد الداخلية الذاتية، والتفاعل مع الآخرين، وتحديد الإيقاع، وقيادة الفريق. إن تحمّل التوتر والشدة واعتبار الذات والتفاؤل يساعد القادة في تطوير مواردهم الداخلية الذاتية. في حين أن الحيوية والتواضع والتعاطف يساعد القادة في التفاعل مع الآخرين. بينما الانفتاح والإيثار والمسؤولية فيمكن أن يساعدهم في تحديد الإيقاع. أما الرؤية والتركيز وخدمة الآخرين، والرعاية فتساعدهم في القيادة. كما وجدنا أن الناس الملهمين يتمتعون بقدر هائل من التنوع، وهو ما يبرز الحاجة إلى العثور على قادة مُلهِمين يجيدون تحفيز المؤسسة لأنه ليس هناك من نموذج شامل لهذا النوع من القادة. وبناءً على ذلك، يستطيع أي شخص أن يتحول إلى قائد من خلال التركيز فقط على نقاط قوته.

وعلى الرغم من اكتشافنا العديد من الخصال المختلفة، التي يمكن أن تساعد القادة في إلهام الموظفين، فأنت تحتاج إلى واحدة منها فقط، لتضاعف فرصك في أن تصبح قائداً ملهماً. وعلى وجه التحديد، يضاعف حلولك بين أعلى 10% ضمن مجموعة أقرانك في خصلة واحدة فرصتك في النظر إليك بوصفك شخصاً ملهماً. في حين وبحسب الآراء، توصلنا إلى أن خصلة التركيز الشديد تُعتبر من أهم الخصل على الإطلاق، وهي حالة الوعي التي تمكن القادة من المحافظة على هدوئهم في حالات التوتر، والتعاطف مع الآخرين، والإصغاء لهم بتمعن، والبقاء حاضرين.

عليك مواءمة قوتك الرئيسية مع الطريقة التي تخلق بها مؤسستك القيمة

تحتاج جميع الشركات إلى قادة يمثلون سياقها المميز واستراتيجيتها الفريدة، ونموذجها التجاري، وثقافتها المهمة، إذ لا يوجد وصفة محددة للقيادة الفعالة، وهذا يحتم على كل شركة التشديد على قدراتها الخاصة التي تجعلها أفضل من غيرها.

الأمر نفسه ينطبق على القادة، حيث يتعين عليهم أن يكونوا متعدّدي المواهب والقدرات بالطريقة التي تتبعها الشركة لخلق القيمة. على سبيل المثال، الشركة التي تحقق أرباحها من التفوق في التسويق على منافسيها، لن تجد في قائدها الذي أفضل مواهبه حسن إدارة التكاليف ذلك القائد الملهم. وعليه، لا يحقق القادة أصحاب المواهب المتعددة الأداء العظيم إلا من خلال التركيز على قدرات محددة تشكل أساس الميزة التنافسية لشركاتهم، إذ يخصصون كميات هائلة من الموارد لهذه القدرات، ويمنحون الموظفين الأساسيين الحرية التي يحتاجونها للاستمرار في التميّز.

انتهج سلوكاً مختلفاً إذا كنت تريد لموظفيك أن يحذوا حذوك

لا يكفي وجود فكرة واضحة لسمات شركتك السلوكية، فالقادة بحاجة إلى تطوير طرق جديدة في العمل، حيث توصلنا إلى أن القادة الذين يلهمون الناس، ويحققون نتائج طيبة دائماً يعثرون على تلك السبل، التي تمكنهم من كسر السلوكيات الراسخة، لمساعدة الموظفين على كسر حلقة الروتين التي تضعف ثقافة العمل في المؤسسة.

ويدرك القادة الملهمون الحاجة إلى اختيار لحظات الإلهام والإبداع بدقة، من أجل تعزيز ثقافة الأداء بطريقة يمكن أن تكون هي أيضاً ملهمة. إذ تعتبر لحظات فعلية بين القيادة والحقيقة. وهنا مجموعة من الأمثلة الكلاسيكية لقادة استغلوا إلهامهم في النجاح ضمن شركاتهم:

  • عندما تسلم بول أونيل، منصب الرئيس التنفيذي لشركة "ألكوا" (Alcoa)، عام 1987، كان يعلم بحاجته إلى تركيز جهد الشركة على ضمان الأمان في مكان العمل. ولإظهار التزامه بتحقيق هذا الهدف، اشترط إبلاغه بجميع الحوادث التي تمسّ السلامة في أثناء آخر 24 ساعة. وأسهم هذا الأمر في حصول تحسّن هائل في درجة الأمان للشركة، لدرجة أن معدل إصابة عمال "ألكوا" انخفض إلى 5% من المعدل الوسطي المسجّل في الولايات المتحدة.
  • أما هوارد شولتز، فعندما عاد إلى منصب الرئيس التنفيذي في شركة "ستاربكس" بعد انقطاع طويل، أدرك بأن تجربة القهوة الفريدة من نوعها التي يشعر بها الزبائن في مقاهي "ستاربكس"، والتي تُعتبر العنصر المميز للشركة لم تعد تحظى بالأولوية، إذ كانت الأولوية تمنح للأتمتة والتنويع، سعياً وراء تحقيق النمو وزيادة الإنتاجية. عندها اتخذ شولتز إجراءات سريعة لتغيير اتجاه سير الشركة، حتى لجأ إلى إغلاق 7,100 مقهى في أميركا لمدة ثلاث ساعات يوم 26 فبراير/شباط 2008، بهدف إعادة تدريب الموظفين المعنيين بصنع القهوة للزبائن على فن صنع الإسبريسو. ومن خلال هذه الحركة ذات الرمزية الشديدة، لم يدع مجالاً للشك بخصوص نواياه، بجعل مقاهي "ستاربكس" عظيمة مجدداً.
  • وعندما جاء آلان مولالي، إلى شركة "فورد" عام 2006، بهدف المساعدة في تحقيق انقلاب إيجابي في أعمال الشركة، اتخذ إجراءات شجاعة لتغيير طريقة عملها. وفي لحظة بارزة للغاية، أثنى على مارك فيلدز، الذي خلفه بعدها في منصبه، لأنه اعترف بارتكابه خطأ خلال أحد الاجتماعات. وكانت هذه الخطوة غير مطروقة في شركة "فورد". الأمر الذي أسهم في تحديد الإيقاع، ومهد الطريق للتواصل بطريقة منفتحة وصادقة وهو أمر كان مطلوباً بشدة لإرساء ثقافة جديدة في المؤسسة.

وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات لا تتجاوز إجراءات فردية اتخذها قادة شهيرون بقدرتهم على تحفيز الأداء، وإلهام الآخرين على حدّ سواء، قإنها تشكل نافذة تسمح لنا بالتعرف على نموذج القيادة الملهمة.

"إذا كنت ترغب في أن تكون شخصاً مختلفاً، فيجب أن تغيّر طريقة إنجازك للأمور". فلسفة شرقية عميقة تطابقت جداً مع نتائج بحثنا، فالقادة لا يستطيعون التغيير إلا إذا أنجزوا الأمور بطريقة مختلفة. وكلما ازدادت وتيرة اتّباعهم لأسلوب جديد، أصبحوا نوعاً جديداً من القادة في وقت أسرع وخاصة باعتبارهم قادة ملهمين. ونعلم بأن الإلهام الفردي هو البوابة التي تسمح للموظف إظهار طاقته العظمى، وهذا بدوره أمر أساسي لتحقيق الاستفادة القصوى من أندر مواردك ألا وهو رأسمالك البشري، وبهذا ستتمكن من معرفة كيف ستكون قائداً ملهماً.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي