القيادة بعد الإخفاق: كيف تثبت أنك الشخص المناسب في أصعب الأوقات؟

5 دقيقة

يتطلب تحقيق النجاح في العمل بعد فشل سلفك تطبيق نهج قيادي مختلف تماماً. يجب أن تستعد للمفاجآت؛ إذ إنك ستواجه على الأرجح موقفاً أكثر تعقيداً مما كنت تظن. يجب أيضاً أن تفهم بسرعة المشكلات التي تواجه المؤسسة، وتتعمق فيها. على الرغم من أن الكثيرين ينصحون القادة بتفويض المهام…

لم تكن قيادة المؤسسة من طموحات ليلى (اسم مستعار). بما أنها موظفة مخضرمة في شركة إعلانات، فقد اكتسبت مهارات إدارية عالية وشعرت بالثقة في أدوارها المرموقة في مجال العمليات. لكن عندما فشل الموظف الخارجي الذي وظفه مجلس الإدارة لتولي المنصب الأعلى في التكيف مع ثقافة الشركة ووتيرة عملها الفريدتين، لجأ رئيس مجلس الإدارة إلى ليلى لتولي المنصب.

الحصول على ترقية لقيادة المؤسسة بعد فشل سلفك ليس حدثاً يستدعي الاحتفال. في الواقع، اكتشف القائمون على مشروع بحثي طولي دام 10 سنوات حول الانتقالات التنفيذية، أجرته شركة الاستشارات، نافالينت، أن أكثر من 50% من المدراء التنفيذيين الذين "يرثون الفوضى" يفشلون خلال أول 18 شهراً من توليهم المنصب.

بصفتنا مدربتين تنفيذيتين للقادة المخضرمين، عملنا مع العديد من القادة الذين انتقلوا بسرعة إلى مناصب عليا. يتطلب النجاح بعد فشل سلفك تطبيق نهج قيادي مختلف تماماً.

استعد للمفاجآت

لاحظنا مراراً وتكراراً أنه عندما يحصل قائد داخلي على ترقية تخوله ليحل محل سلف فاشل، فإنه يواجه دائماً الموقف الذي يتضح أنه أكثر تعقيداً مما كان يظن.

بعد أسبوع واحد فقط من تولي ليلى منصبها الجديد، فوجئت بوجود بيانات مالية لم تطلع عليها في منصبها السابق. فوجئت أيضاً عندما لاحظت أنها بدأت تفقد الثقة ببعض الزملاء وأن البنية التحتية الرئيسية لأعمال مؤسستها، التي كانت تعتقد أنها صلبة في السابق، غير مستقرة. قالت ليلى لدارسي (المؤلفة المشاركة لهذا المقال) إنها كانت تخشى أن ما يتطلبه المنصب يتجاوز قدراتها وأن الفشل في مهامها سيولد عواقب دائمة على مسيرتها المهنية.

حتى في غياب الأزمات، تتطلب قيادة المؤسسة في أحد المناصب العليا درجة من الثبات الذهني والجهد العاطفي. إذا حضرت نفسك لحقيقة أن حالة الشركة وثقافتها وعملياتها أسوأ على الأرجح مما تعتقد، فإن ذلك سيساعدك في الحفاظ على استقرارك عندما تكتشف هذه الحقيقة.

افهم الصورة الشاملة بسرعة

لاحظنا أن المؤسسات التي تواجه المشكلات لم تخصص ما يكفي من الوقت لإعادة النظر في الافتراضات والمعتقدات التي ولدت هذه المشكلات. التوصل إلى تصور شامل للمشكلات والاعتراف بها أمام الجميع يساعد على تبسيط خطط التنفيذ وتسريع الإجراءات الضرورية. يمكنك أن تطرح الأسئلة التالية على نفسك:

  • ما هي عيوب النظام التي لم يستطع سلفي معالجتها؟
  • هل سبب المشكلة هو انخفاض الكفاءة أم سوء التواصل أم سوء الرقابة؟
  • إذا أردنا التخلي عن الافتراضات السابقة ووضع افتراضات جديدة، ما هو النهج الأمثل؟
  • ما هي الأمور التي يجب أن أناقشها أكثر مع الأطراف المعنية؟
  • كم من الوقت لدي قبل أن تتحول مشكلة بسيطة إلى أزمة؟
  • ما هي سبل الدعم الداخلية والخارجية التي أحتاج إليها لأضمن تحقيق أهدافي مع الإسهام في تحقيق أهداف المؤسسة الأعم في الوقت نفسه؟

لا تفوض المهام، بل تعمق في العمل

عند مواجهة تحد ما في مجال الأعمال، ينصح الكثيرون القادة التنفيذيين بتفويض المهام. مع ذلك، تتطلب عمليات التحول تعمق القادة في العمل والاستفادة من خبراتهم وتقديراتهم الشخصية واستعادة الثقة بما يضمن أن التفويض متوافق مع توجه المؤسسة.

كان أسعد (اسم مستعار)، وهو الرئيس التنفيذي للعمليات في أحد البنوك الذي حصل على ترقية مؤخراً ودربته جوردان (المؤلفة المشاركة للمقال)، مدهوشاً من حجم العيوب في المؤسسة التي ورثها. بالنظر إلى ضرورة حل المشكلات الرئيسية بسرعة، كان من الواضح أن أسلوب القيادة الاستراتيجية البحتة الذي اعتاد اتباعه لن ينجح. بدلاً من ذلك، تولى أسعد زمام الأمور وأجرى مقابلات شخصية مع أشخاص في عمق المؤسسة لفهم المعوقات والمشكلات التشغيلية. بالنتيجة، سرح أسعد العديد من القادة وأدار عمليتي التوظيف والاستبقاء بصرامة حتى لاحظ أدلة تبين أنه تمكن من حل المشكلات الكبيرة. بعد ذلك، عاد لاتباع أسلوب القيادة الاستراتيجية وبنى فريقاً قادراً على إنجاز العمل ضمن أطر العمل الجديدة المحسنة.

وضح الآليات التي يجب تعديلها والتوجه العام للمؤسسة بشفافية

عندما يغادر قائد فاشل مؤسسته، يشعر الموظفون بالقلق بشأن ما سيحدث في المستقبل، وهذا قلق مبرر. يتساءل هؤلاء عما إذا كان مسار المؤسسة قابلاً للإصلاح، وعما إذا كان الوضع غير قابل للإصلاح.

يمكنك الاحتفاظ بأفضل موظفيك في حالة عدم اليقين هذه من خلال الاعتراف بشفافية بالوضع الحالي لأعمال المؤسسة ومشاركة رؤيتك لمستقبل طموح يبعث على الأمل وواقعي وقابل للتحقيق في الوقت نفسه.

  • لا تلق باللوم على سلفك. على الرغم من أنك قد ترغب في التعبير عن إحباطك بسبب القائد السابق، فإنك ستفقد بذلك مصداقيتك وتضر بثقة فريقك بك. احرص على التركيز على المستقبل وعبر عن إحباطك مع أشخاص مقربين من خارج المؤسسة أو مع الموجهين أو المدرب التنفيذي عند الحاجة.
  • استفد من تأثير جمع المتناقضات. يتيح لنا حرف الواو التوفيق بين الأفكار التي تبدو منفصلة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "الظروف صعبة ولكننا سننجح". قد تسرد قصة مثل: "انخفضت نتائج الأعمال خلال العام الماضي ولدينا الآن خطة ممتازة لتحسينها. أتطلع إلى الاحتفال معكم في نهاية العام".
  • لا تتردد في تكرار كلامك. خلال الأزمات، يحتاج الموظفون إلى سماع رسالتك الأساسية عدة مرات حتى يصدقوها. يولد التكرار الاتساق ويزيد ثقة الموظفين بالتوجه الجديد. قاوم شعورك بأنك مللت تكرار الكلمات نفسها من خلال تغيير هذه الكلمات. كتب أحد الرؤساء التنفيذيين الذين دربتهم جوردان رسائله الأساسية الثلاث على هاتفه ليتذكر تكرارها في كل موقف، بينما أعد أحد عملاء دارسي إشعارات تظهر عدة مرات خلال اليوم ليتذكر الرسالة الأساسية ولتعزيز إيمانه بأن المؤسسة ستحقق أهدافها.

تأكد من أن فريقك يجري المحادثات الصحيحة

كانت ليلى في فريق القيادة العليا قبل أن تتولى منصب الرئيس التنفيذي. ما هو سبب جهلها التام بالوضع المزري للشركة؟

أدركت ليلى بعد بضعة أشهر من التفكير أن ما كانت تظنه "فريق القيادة" لم يكن فريقاً على الإطلاق، بل مجموعة من القادة الأفراد المنعزلين. أصبحت "اجتماعات القيادة" مجرد جلسات لتلاوة قوائم بمهام كل شخص، بدلاً من أن تكون جلسات جماعية يتخذ من يحضرها إجراءات بشأن أهم أهداف الشركة والتهديدات التي تواجهها والفرص المتاحة أمامها.

لحل هذه المشكلة، أنشأت ليلى مجموعة من الاجتماعات الربع سنوية الميسرة خارج مكان العمل والمصممة خصوصاً لإطلاع القادة على مجموعة من التحديات الأوسع نطاقاً التي تواجه الشركة، ولتعزيز التواصل بينهم. من خلال توفير هذه المساحة المخصصة لمعالجة القضايا الاستراتيجية، بدأ أعضاء الفريق يعملون معاً ويسهمون على نحو فاعل في نجاحات الشركة ككل.

بالإضافة إلى تعزيز العمل التعاوني الوثيق، يجب ضمان أن يشارك القادة المناسبون في المحادثات الاستراتيجية. إذا تسامحت مع الأداء دون المستوى، حتى في جزء واحد فقط من الشركة، فلن يكون أداء المؤسسة مثالياً. إذا كانت هناك حاجة لإجراء تغييرات في القيادة، فاحرص على إجراء هذه التغييرات بسرعة.

امنح نفسك الوقت الكافي

عندما تولى أسعد منصب الرئيس التنفيذي للعمليات، قرر مقابلة الموظفين في كل جزء من الشركة خلال أول 90 يوماً من توليه المنصب. بدت هذه الخطة فعالة، لكن في غضون الشهر الأول، اضطر للتركيز أكثر على الأزمات الطارئة. بذل أسعد الحد الأقصى من الجهد بهدف الالتزام بجدول مواعيده، وعانى الإنهاك ولم يحصل على القدر الكافي من النوم بالنتيجة.

قد يرغب القائد في حل المشكلات التنظيمية دفعة واحدة لكن ذلك غير ممكن لأنها تراكمت بمرور الوقت. عملنا مع القادة الطموحين ذوي النوايا الحسنة الذي يضعون على أنفسهم حملاً أثقل من اللازم ويعتقدون أن قدرتهم على العمل أكبر مما هي في الواقع. إدارة مؤسسة بعد مغادرة قائد فاشل هي مهمة صعبة، ويجب عليك ألا تفشل أنت أيضاً مهما كلف الأمر. يجب أن يحرص القادة على ممارسة الرعاية الذاتية؛ إذ يجب عليهم تضمين هذه الممارسات في خططهم العامة بدلاً من التعامل معها على أنها مسألة لاحقة.

ليلى وأسعد هما مجرد مثالين على القادة الذين طبقوا هذه الاستراتيجيات بنجاح بعد تولي أدوار شغلها أسلافهم الفاشلون. لكن هناك العديد من القادة الذين يواجهون صعوبات كبيرة؛ إذ يعجز البعض عن إحراز التقدم، ما يطيل أمد المشكلات التي يواجهونها، بينما تتولى مجالس الإدارة المثبطة العزيمة مسؤوليات بعضهم الآخر. الأسوأ من ذلك هو أن بعض القادة يعانون الاحتراق الوظيفي بسرعة في الوظيفة التي كانت من المفترض أن تكون وظيفة أحلامهم.

يمكن تجنب هذه العواقب. من خلال تبني الممارسات المذكورة أعلاه، ويستطيع القادة التعامل مع حالات الانتقال بفعالية أكبر وإعادة مؤسساتهم إلى المسار الصحيح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي