5 خطوات لصياغة أسلوب قيادتك من اليوم الأول

6 دقيقة
أسلوب القيادة
مايور كاكادي/غيتي إميدجيز

عندما تتولى منصباً قيادياً جديداً، فإنك تجد نفسك أمام لحظة مفصلية تحدد غالباً مسار عملك وأسلوب قيادتك طوال المدة التي ستشغل فيها هذا المنصب. كيف ستتعامل مع الفريق الذي توليت الإشراف عليه؟

عملت مؤخراً مع عميلة، لنسمها مايا، انضمت إلى شركة جديدة وفي غضون شهرين فقط أدخلت فريقها القيادي السابق متجاهلة قادة الشركة القدامى المخضرمين الذين يتمتعون بثقة كبيرة ويمتلكون علاقات اجتماعية قوية. كانت مايا تسعى إلى رفع مستوى المواهب والكفاءات في الفريق، ولكن هذه الخطوة سببت أضراراً طويلة الأمد. بدأنا العمل معاً بعد مرور 6 أشهر من التغييرات عندما أظهر استقصاء تفاعل الموظفين الذي أجرته أن تداعيات القرار لا تزال قائمة؛ إذ لم تستطع تهدئة مشاعر الخوف والقلق وانعدام الثقة التي سببتها هذه التغييرات، ما أدى إلى زعزعة ثقافة العمل وأثار شكوك الموظفين حول مستقبل وظائفهم.

على الرغم من أن الخطوات الجريئة قد توحي بفعالية القيادة والتقدم السريع الذي تحققه، فمن الممكن أن تقابل برفض من الموظفين وتضعف الثقة وتزعزع ثقافة المؤسسة. يدرك القادة الناجحون أن التغييرات السريعة والمفاجئة لا تؤدي غالباً إلى نتائج مستدامة، وبدلاً منها يتبعون نهجاً مدروساً واستراتيجياً يحقق التوازن بين الرؤية الجديدة والاحترام العميق لأصحاب الكفاءات والمواهب الحاليين في المؤسسة. فيما يلي دليل إرشادي للتعامل مع هذه المرحلة المفصلية، بما يضمن تحديد الأسلوب الصحيح والاستفادة من نقاط القوة والإمكانات الموجودة وإحداث تغيير مدروس نحو تحقيق هدف واضح.

1. احرص على قيادة الفريق بروح الفضول وحب الاستطلاع وتجنب الاعتماد على الاستنتاجات والافتراضات.

في ظل الضغوط من أجل تحقيق أداء متميز ونتائج سريعة في المنصب الجديد، يمكن أن يصدر القادة ذوو الخبرة أحكاماً متسرعة حول الفريق الذي تولوا مسؤولية الإشراف عليه، ولكن التقييمات السريعة والرغبة في استبدال الفريق تكون غالباً نتيجة تحيزات غير واعية ولا تعتمد على بيانات موضوعية ومعلومات دقيقة. يمكن أن يؤدي انحياز التقارب إلى تفضيل الأفراد الذين تشعر بأنهم يشبهونك من حيث الخلفية أو الاهتمامات أو الخبرات والتجارب، ويمكن أن يدفعك تحيز التوافرإلى إصدار أحكام متسرعة استناداً إلى المعلومات الواضحة والمتاحة بدلاً من البحث والتحليل العميق، كما يمكن أن يؤدي تأثير الهالة (أو تأثير القرن) إلى إصدار أحكام شاملة وعامة بناءً على الانطباعات الأولية الإيجابية أو السلبية.

بدلاً من اللجوء إلى استبدال أعضاء الفريق، حاول أن تتبنى نهجاً قائماً على الفضول وحب الاستطلاع، اطرح الأسئلة وراقب التفاعلات واستمع أكثر مما تتحدث، فقد تكتشف مواهب غير متوقعة عندما يشعر الموظفون بالأمان الكافي لإظهار قدراتهم الحقيقية. امنح نفسك الوقت اللازم لاكتشاف جوانب القصور والفجوات في المهارات والكفاءات، بالإضافة إلى نقاط القوة الخفية والإمكانات غير المستثمرة.

2. احرص على إجراء تقييم موضوعي للكفاءات والمواهب.

خصص وقتاً كافياً لإجراء تقييم منصف للمواهب والكفاءات للتغلب على التحيز والأحكام المتسرعة. بدلاً من الاعتماد على حدسك فقط، اتبع عملية منظمة لإجراء هذا التقييم. كون رؤية شاملة وواضحة عن فريقك من خلال جمع البيانات وإجراء جلسات استماع للآراء:

  • راجع تقييمات أداء أعضاء الفريق على مدى العام أو العامين الماضيين لفهم تصورات القادة السابقين وأصحاب المصلحة حول أدائهم.
  • حلل نتائج بيانات تفاعل الموظفين أو استطلاعات جس النبض في الشركة خلال العام الماضي لفهم انطباعات أعضاء الفريق ومشاعرهم تجاه قادتهم وتحديد نقاط الضعف واكتشاف الأنماط التي قد لا تظهر في مراجعات الأداء وحدها.
  • احرص على إجراء مقابلات داخل قسمك وفي الأقسام الأخرى لجمع مزيد من التفاصيل حول الأداء السابق والتصور الحالي والإمكانات والفرص غير المستثمرة.
  • من المفيد أن تطلب من كل قائد المشاركة في تقييم الأداء بطريقة 360 درجة، أو مشاركة آخر تقييم حصل عليه لاكتساب رؤى دقيقة حول سلوكياتهم القيادية ومدى تأثيرهم في ثقافة الشركة.

يسهم هذا النهج في تجنب الأخطاء أو إغفال الجوانب المهمة ويضمن اعتماد قرارات التغيير التي تتخذها على دلائل وبيانات واقعية، ما يعزز مصداقيتك أمام فريقك ويظهر الإنصاف ويدعم ثقافة الأداء وتحمل المسؤولية. لا يضمن الإنصاف بقاء كل فرد في منصبه أو ضمن الفريق، ولكنه يكفل حصول كل شخص على تقييم عادل ومراجعة منصفة لأدائه وإمكاناته.

3. ركز على تعزيز الثقة، حتى لو كنت تخطط لإجراء تغييرات.

يمكن أن يمنحك ضم زملائك السابقين إلى فريقك شعوراً بالأمان النفسي، فهم يفهمون أسلوب قيادتك ويشاركونك الأفكار والمفاهيم نفسها، كما أنهم مستعدون لدعم رؤيتك وأهدافك. ولكن إذا كنت تسعى إلى إحداث تغيير تحويلي دون إثارة اضطرابات أو زعزعة غير ضرورية على المستويين العاطفي والتشغيلي، فمن الضروري التركيز على بناء الثقة مع الفريق الحالي الذي توليت مسؤولية الإشراف عليه.

تحل بالشفافية عندما تبدأ مهامك القيادية وعبر عن توقعاتك بوضوح واشرح طريقة تقييمك لقدرات الفريق والقيم والمبادئ التي ستعتمد عليها في اتخاذ القرار. عندما تبدأ بتحديد التغييرات المطلوبة، شجع الحوار المفتوح وقدم ملاحظات بناءة ووضح الهدف من التطوير، وامنح أعضاء فريقك فرصة حقيقية لإظهار إمكاناتهم تحت إشرافك. يسهم هذا النوع من الفرص القائمة على تقييم الأداء الفعلي في تعزيز مصداقيتك، كما أنه يزود أعضاء فريقك بالرؤية الواضحة والشعور بقيمتهم واحترامهم ويمنحهم فرصة حقيقية ومنصفة لتقديم المساهمة الفعالة.

قد يبدو هذا النهج غير منطقي إذا كانت تقييماتك الأولية تشير إلى أن بعض أعضاء الفريق الحاليين لن يكونوا جزءاً من خططك المستقبلية على المدى البعيد، ولكن في حال معاملة هؤلاء الأشخاص، الذين قد لا يستمرون طويلاً، باحترام وشفافية، فمن الممكن أن يتحولوا إلى مؤيدين وداعمين مؤثرين لأسلوب قيادتك والثقافة التي تعمل على تشكيلها؛ إذ يمكن أن يؤدي دعمهم دوراً أساسياً في تعزيز الروح المعنوية والحفاظ على استمرارية العمل خلال فترات التحول التي يسودها الاضطراب وعدم الاستقرار.

لا تقلل من أهمية الثقة التي يتمتع بها أفراد الفريق القيادي الذين توليت الإشراف عليهم، فعلاقاتهم وتأثيرهم ومعرفتهم المؤسساتية يمكن أن تكون جسراً يربط بين الماضي والمستقبل. حتى لو قررت في المستقبل إعادة هيكلة الفريق أو إنهاء التعاون والعلاقة مع بعض أفراده، فالاعتراف بالثقة التي يتمتعون بها واحترامها يسهل عملية الانتقال ويعكس الاحترام الذي يعزز علامتك التجارية القيادية على المدى البعيد.

4. احرص على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الوضع الحالي وإجراء التغيير.

حتى لو كنت تعرف تماماً الإجراءات اللازمة لتعديل حجم قسمك وضمان نجاحه، فإن تغيير القادة ذوي الخبرة الطويلة أو الموظفين ذوي المساهمات القيمة فجأة قد يسبب مشكلات كبيرة في عدة جوانب:

  • الأمان النفسي: تشير الباحثة إيمي إدموندسن في كتابها "المؤسسة التي لا تعرف الخوف" (The Fearless Organization)، إلى أن التغييرات المفاجئة يمكن أن تؤدي إلى إضعاف الثقة بين أعضاء الفريق وتحد من قدرتهم على التعبير عن آرائهم، في الوقت الذي تكون فيه بأمس الحاجة إلى الملاحظات الصريحة والأفكار المبتكرة.
  • إلحاق الضرر بالعلامة التجارية للشركة أو المؤسسة: عند إنهاء خدمات قادة داخليين يحظون بالاحترام والثقة دون تفسير منطقي وواضح، ينتشر الخبر داخل الشركة وخارجها، ولا سيما إذا كان هؤلاء القادة يتمتعون بعلاقات قوية مع العملاء وأصحاب المصلحة الخارجيين.
  • فقدان المعرفة المؤسساتية: يمتلك الموظفون القدامى غالباً معلومات مهمة ورؤى غنية بالتفاصيل الدقيقة والظروف المحيطة التي لا يمكن توثيقها ونقلها عبر عمليات التسليم أو جداول البيانات. لذلك، من الممكن أن تؤدي إقالتهم إلى إبطاء عمليات إعداد الموظفين الجدد وتكرار الأخطاء وعرقلة عمليات صناعة القرار.

قد تكون بعض التغييرات ضرورية في كثير من الأحيان، ولكن يجب عدم الخلط بين الحاجة إلى التصرف بسرعة والاندفاع غير المدروس، فالتغيير الذكي والفعال يحترم نقاط القوة والإيجابيات الموجودة ويعمل في الوقت نفسه على معالجة الثغرات الحقيقية في القدرات، فالمطلوب هو تحقيق التوازن، وليس الاختيار الحصري بين الحفاظ على الوضع الراهن أو إجراء التغيير.

5. احرص على الموازنة بين الرؤية الجديدة واستمرارية العمل.

يقدم القادة الجدد رؤى جديدة ونظرة مختلفة، فمن الممكن أن تكتشف فجوات في المواهب أو نقصاً في الكفاءة أو أنماطاً ثقافية لم يلاحظها القادة السابقون. تمثل هذه الرؤية الجديدة مكسباً حقيقياً وقيمة إضافية، ولكن يمكن أن تشير الرغبة في تعيين أشخاص أثبتوا ولاءهم في أماكن عمل سابقة بدلاً من القادة الحاليين إلى عدم الأمان وضعف الثقة بدلاً من أن تعكس الوضوح الاستراتيجي. يمكن أن تؤدي إقالة الموظفين المخضرمين بسرعة دون إعطائهم فرصة لتبني الرؤى والأفكار جديدة والمساهمة في إيجاد الحلول والتطوير إلى فقدان الأشخاص الذين يضمنون الحفاظ على استمرارية الثقافة المؤسسية ويتمتعون بعلاقات قوية مبنية على الثقة وينخرطون في إدارة شؤون المؤسسة بفعالية ويحرصون على مصلحتها.

لا يتطلب التغيير المستدام والناجح إعادة هيكلة كاملة وجذرية، بل يحتاج إلى نظرة قيادية فاحصة وتحليل دقيق. اطرح على نفسك الأسئلة التالية: من هم الأشخاص الذين يمتلكون الرغبة والقدرة على التطور؟ من هم الأشخاص الذين يعرقلون التقدم؟ من هم الأشخاص الذين يحافظون على الثقافة المؤسسية ويجسدون قيمها فعلياً؟ من هم الأشخاص الذين يمكنهم النمو والازدهار إذا حصلوا على دعم مختلف أو واجهوا تحدياً جديداً؟

ليس من الضروري أن تؤسس فريقاً يتمتع بثقة عالية وأداء متميز من الصفر، بل يمكنك تشكيله من الموظفين الحاليين إذا منحت نفسك الوقت الكافي لفهمهم.

لا يمكن قياس نجاح القائد بسرعة تصرفه، بل بمدى حكمته في اتخاذ القرارات. عندما تتسلم قيادة فريق قائم، لا تنحصر مسؤوليتك في إدارة الموظفين فحسب، بل تمتد لتشمل صياغة ثقافة العمل أو تعديلها. يحدد أسلوبك وطريقة ظهورك في بداية عملك ملامح علامتك التجارية القيادية. هل يتميز أسلوب قيادتك بالتعاطف والفهم العميق والرؤية الثاقبة، أم بالغرور والتهور؟ يجمع القادة المتميزون بين سرعة الإنجاز والصبر في أسلوب قيادتهم ويتخذون خطوات حاسمة، لكنهم يفعلون ذلك فقط بعد جمع البيانات الدقيقة والمعلومات المناسبة. إنهم يقدمون رؤية جديدة، ولكنهم يحترمون في الوقت نفسه إنجازات القادة والموظفين السابقين وجهودهم. ويدركون أن الأداء والثقة والثقافة هي عناصر مترابطة؛ إذ يؤثر كل منها في الآخر. احرص على قيادة فريقك برؤية ثاقبة وبالمستوى نفسه من الوعي والتفكير العميق الذي تتطلع إلى زرعه في نفوس أعضاء فريقك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي