كيف تقلل من مهامك وتحسّن من قيادتك

2 دقائق

ترتبط أولى إنجازاتنا المهنية عادة بقدرتنا الفردية على العطاء. في معظم المجالات، نحقق القيمة المضافة للمؤسسات التي نعمل فيها في المراحل المبكرة من حياتنا المهنية من خلال إنجاز ما هو مطلوب منا. إذ إننا نكون سريعين وأكفاء ونؤدي أعمالاً ذات سوية رفيعة. باختصار، نحن من يحول الأقوال إلى أفعال. لكن احتفاظنا بهذه العقلية إلى المراحل اللاحقة عندما نتولى مناصبنا القيادية الأولى، يجعلنا نخلط ما بين الإنجاز والقيادة. إذ نعتقد أنه من خلال العمل لفترات أطول، وبقدر أكبر من الجد والذكاء مقارنة مع الفرق التي نقودها، فإننا بذلك نشكل مصدر إلهام يُحتذى للآخرين. في بعض الأحيان، قد يفضي هذا الأمر إلى النتائج المرجوة – كما كتب دانيال غولمان في مقالة له في "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "القيادة التي تثمر النتائج" (في مارس/ آذار عام 2000)، "هذا الأسلوب في القيادة والقائم على رسم مسار الأمور بالنسبة للآخرين يكون مفيداً جداً عندما يعمل كل الموظفين بهدي من حافزهم الذاتي، ويتمتعون بـ "الكفاءة" العالية، ولا يحتاجون إلا إلى قدر صغير من التوجيه والتنسيق". ولكن على حد رأي غولمان، قد ينطوي هذا الأسلوب على ثمن باهظ يتمثل في "تدمير مناخ العمل، وجعل العديد من الموظفين يشعرون بالإنهاك جراء تطلب هؤلاء القادة المثاليين لسويات متميزة في العمل".

فعوضاً عن مجرد أداء عدد أكبر من المهام، تتطلب محافظتنا على النجاح منا كقادة أن نعيد تعريف ما نعنيه بإضافة القيمة. فاستمرارنا في الاعتماد على قدراتنا الفردية كأشخاص مُنجزين يحد كثيراً من قدرتنا الفعلية على الإنجاز، ويجعلنا في مكانة أدنى بالمقارنة مع أقراننا القادرين بصورة أفضل على تحفيز الآخرين واستقطابهم. بعبارة أخرى، نحن بحاجة إلى تقليل مهامنا وتحسين قيادتنا. في بعض الأحيان، قد يكون هذا الانتقال واضحاً ومفاجئاً، كما يحصل عندما نُرقى ويصبح لدينا مرؤوسين للمرة الأولى أو نقوم بتعيين أولى موظفينا. إذ إننا نحتاج فجأة إلى توسيع قدراتنا السلوكية لنتبنّى أساليب قيادية جديدة كسبل للتأثير في الآخرين بفعالية. (المقال الذي أشرت إليه أعلاه، "القيادة التي تثمر النتائج"، يقدم خريطة طريق في هذا المجال، إذ إنه يسلط الضوء على الأساليب التي لها أعظم الآثار الإيجابية أو التي قلما يلجأ إليها المدراء).

أما التحولات اللاحقة، فقد تكون أكثر دقة وتنطوي على تنويعات عديدة، كأن ننتقل من قيادة موظفين يعملون على تماس مباشر مع الزبائن إلى قيادة المدراء، الذين يتعين عليهم هم أنفسهم التعامل مع هذا الانتقال نفسه. فأحد زبائني ممن أقدم لهم النصح أدرك أنه يقود شركته كما لو أنه "المُنجز والرئيس في آن معاً"، وهذا النموذج في القيادة عمّ المؤسسة وحد من قدرة الجميع على المضي قدماً. غير أنه عمل على إصلاح دوره، من خلال التنازل عن معظم مهامه المنوطة به إلى كبار المدراء لديه، وطلب منهم فعل الشيء ذاته مع مرؤوسيهم المباشرين. وعوضاً عن مجرد تكليف صغار الموظفين بالمزيد من الأعمال، أدى هذا التركيز على القيادة أكثر من التركيز على أداء المهام إلى زيادة الكفاءة في جميع أنحاء الشركة. وعلى حد رأي هذا الزبون: "انتقلنا من كوننا إطفائيين إلى خبراء في منع اندلاع الحرائق" مع تبنينا لمقاربة أكثر استراتيجية في العمل، وإعادة تصميم أنظمتنا التي تفتقر إلى الكفاءة، وحل المشاكل قبل أن تتحول إلى أزمات".

هذا التركيز على القيادة وليس مجرد أداء المهام ترك أثراً عميقاً على التعليم في مجال الإدارة. ففي العام 2010، قال غاريث سالونير عميد كلية الأعمال للدراسات العليا في "جامعة ستانفورد" (Stanford University)، (التي أعمل مدرساً فيها) لـ "ماكنزي" بأن: "المهارات الأصعب المرتبطة بالمالية وإدارة سلسلة التوريد، والمحاسبة.... أصبحت تحصيل حاصل، ويجب على الجميع معرفة ذلك. أما ما يمكن تسميته بمجموعة المهارات الأنعم، أي القيادة الحقيقية، والقدرة على العمل مع الآخرين وعبر الآخرين، والتنفيذ، فهي الآن عملة نادرة جداً." فنحن نتوقع من طلابنا أن يتمتعوا بالمهارات التقنية والتحليلية القوية، أي أن يؤدوا ما هو مطلوب منهم بفعالية. ولكن نتوقع من هؤلاء الطلاب وبعد بضع سنوات من التخرج أن يقودوا أشخاصاً يتمتعون بقدرات تحليلية وتقنية تفوق ما هو موجود لديهم، وهذا يتطلب منهم أن يكونوا قادة فعّالين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي