إليكم هذه القصة التي تتحدث عن سؤال كيف تفصل موظفاً بطريقة صحيحة؟ في مطلع عام 2007، كانت شركة "جيت بلو" (JetBlue) تعاني بعد أن شهدت عقداً من النمو. فقد ضربت عاصفة ثلجية مطار كينيدي الدولي في نيويورك في يوم الفالنتاين وخلفت مئات المسافرين العالقين في المطار لساعات وكشفت عن نقاط ضعف واضحة في أنظمة تشغيل "جيت بلو". وخلص مجلس الإدارة بعد مداولات مطولة إلى أن مؤسس "جيت بلو" الألمعي وأكبر المساهمين فيها، ديفيد نيليمان، لم يعد الشخص المناسب لقيادة الشركة، وأنهم بحاجة إلى رئيس تنفيذي جديد.
وبما أنني كنت عضو مجلس الإدارة المفوض من المجلس فقد كنت الشخص المعني بنقل الخبر إلى ديفيد. ذهبت مع عضو آخر من المجلس إلى مكتبه وأخبرته بوضوح وبطريقة مباشرة أننا قررنا استبداله وشرحت له السبب باقتضاب. ولكي نخفف من وقع الأمر عليه طلبنا منه البقاء في منصب رئيس مجلس الإدارة. شعر ديفيد بالانزعاج وقال إننا بذلك نرتكب خطأ. أصغينا إليه لكننا كنا حازمين. وعندما انتهى من كلامه، ناقشنا الخطوات التالية، بما في ذلك كيفية الإعلان عن التغيير الحاصل في القيادة على الملأ.
بعد مرور أكثر من عقد من الزمن، لا يزال ديفيد يعتقد أننا اتخذنا القرار الخاطئ. لكننا حافظنا على علاقتنا الودية والمهنية والممتدة منذ زمن بعيد. وما زلتُ أعتبره أعظم رائد أعمال عرفه الزمن على الإطلاق في مجال الطيران التجاري، وقد كنت مهتماً شخصياً بإطلاقه شركة "أزول" (Azul)، وهي شركة طيران اقتصادي في البرازيل البلد الذي وُلد فيه.
كيف تفصل موظفاً بطريقة صحيحة؟
كيف بوسعك أن تفصل شخصاً من وظيفته بطريقة منصفة ولائقة؟ بوصفي مسؤولاً تنفيذياً منخرطاً في الأنشطة التشغيلية، وعضو مجلس إدارة، ومستثمراً في مئات الشركات الناشئة منذ زمن بعيد، اضطررت إلى إنهاء عقود عشرات الموظفين على مدار السنين، وحاولت على الدوام إنجاز المهمة مع صون كرامتهم وتقديرهم لذاتهم، وفي غالب الأحيان، على صلتي بهم أيضاً. كما أنني أدرّس مادة في القيادة حول خوض الحوارات الصعبة في جامعة ستانفورد، وقد كان بعض الطلاب السابقين يمزحون قائلين إن هذه المادة تتمحور في الغالب حول الطريقة المناسبة لفصل الناس من وظائفهم. وأنا أعتمد في هذه الدروس بشكل أساسي على تجربتي الشخصية لأن الدراسات البحثية حول الموضوع قليلة ومتباعدة زمنياً.
بطبيعة الحال، ما زلت أشعر بالتوتر والقلق قبل أن أخبر أي شخص أنه سيسرّح من عمله. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت أكثر براعة في إنجاز هذه المهمة الإدارية الحيوية التي لا تحظى بالتقدير الكافي، وأريد من المدراء الآخرين أن يفعلوا الشيء ذاته. فأفضل القادة بارعون في عزل الناس من وظائفهم التي لا يعتبرون مناسبين لشغلها بمقدار براعتهم في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. من المستحيل عدم ارتكاب أخطاء في التعيين، وحتى لو حصل ذلك، تجرى تغييرات في المؤسسات، وانتقالات في المناصب، وقد تجد أن حتى الموظفين ذوي المهارات العالية غير قادرين على التأقلم. ورغم أن تسريح الموظف بسبب عملية إعادة تنظيم أو بسبب ركود الأعمال يختلف عن فصله بسبب سوء أدائه، فإن العديد من النصائح الواردة في هذه لا تزال منطبقة.
العنصر الأساسي في طرد الموظفين بطريقة فاعلة وإنسانية هو التركيز على الكيفية التي تُعامل بها هؤلاء الأشخاص أثناء العملية. فكل حالة تختلف عن الأخرى، وبغضّ النظر عن ما قد يقوله لك المسؤولون التنفيذيون في قسم الموارد البشرية أو محامو الشركة، فإنه ليس هناك طريقة واحدة ثابتة لفصل شخص من عمله. الكثير من "الممارسات الفضلى" في إنهاء العقود تستند إلى مخاوف من التعرض للمقاضاة. عوضاً عن ذلك، يجب علينا أن نعامل الناس بإنصاف وبتعاطف. وإليكم الطريقة المناسبة لفعل ذلك:
1- لا تنتظر حدوث "خطأ يستوجب الفصل"
المدراء الجيدون رحيمون بطبعهم وهذا يقود العديد منهم إلى المماطلة في اتخاذ القرار بغية إعطاء الأشخاص الذين لا يقدمون الأداء المطلوب "فرصة أخيرة". وبعض المدراء ينتظرون حصول أزمة كبيرة أو مخالفة أخلاقية لكي يبرروا قرار الفصل بوضوح. تجنبوا الوقوع في هذا الفخ. فبناء فريق رفيع المستوى يستدعي التقويم الدائم لأداء المؤسسة وأعضائها من أجل تحديد الأشخاص القادرين على التطور وشغل مناصب أعلى والأشخاص الذين لا تتطور مهاراتهم بالوتيرة المطلوبة. وثق أقصر وأهدأ فترات الأداء الضعيف وحدد شكل النمط السائد. وحاول استعمال الطرق القائمة على الإرشاد والتدريب وغير ذلك من الطرق لإصلاح المشكلة. لكن لا تتردد في تحديد اللحظة التي يتحول فيها الموظف إلى "مستنزِف" وذلك عندما يبدأ أداؤه وسلوكه في التأثير سلباً على بقية أعضاء الفريق. فعندما لا يكون بالإمكان إصلاح هذا الوضع بسرعة، يكون الوقت قد حان للتصرف.
في كتاب بعنوان "بمنتهى الصراحة" (Radical Candor)، تحدد كيم سكوت، عضو سابق في هيئة التدريس في جامعة آبل (Apple University) والمديرة السابقة في جوجل، قائمة بأربع أكاذيب يقولها المدراء لأنفسهم لتجنب فصل الموظفين هي: (1) أداء الموظف سيتحسن. (2) وجود موظف في المنصب أفضل من تركه شاغراً أثناء البحث عمّن يشغله. (3) من الأذكى نقل الموظف إلى قسم آخر عوضاً عن فصله. (4) فصل الموظف سيترك أثراً سلبياً على معنويات الموظفين الآخرين. تقول كيم في كتابها: "ينتظر معظم المدراء فترة زائدة عن اللزوم حتى يفصلوا الموظفين لأنهم خدعوا أنفسهم باعتقادهم أنها خطوة غير ضرورية". وأنا أوجه النصيحة ذاتها: لا تخدع نفسك ولا تنتظر.
2- كن مستعداً لفصل الموظفين من الأصدقاء أو أفراد العائلة
أحد الأسباب التي تجعل المؤسسات تتبنى سياسات ضد المحاباة للأقارب في التوظيف هي أنك عندما توظف صديقاً أو قريباً لك، سيكون من الصعب عليك فصله. كما أن الموظفين عادة يكوّنون صداقات حقيقية في مكان العمل، وهذه العلاقات يمكن أن تعقّد مهمة المدير في إدخال تغييرات على كادر الموظفين. إلا أن لا أحد مقدس. والقائد الجيد يفصل الجانب الشخصي عن الجانب المهني. وهو يبعث برسالة واضحة ومتكررة إلى أي صديق أو فرد في العائلة يعمل معه في الفريق مفادها أنه في حال كان هناك أي تقصير من جانب هذا الشخص، فإنه لن يكون قادراً على توفير الحماية له. وعندما يحين الوقت، فإنه سيتصرف معه بالحزم ذاته الذي يتصرف به مع أي موظف آخر.
3- لا تفاجئ الناس
هذا خطأ ارتكبناه مع ديفيد في "جيت بلو"، فمجلس الإدارة منحه سابقاً تقويمات أداء ممتازة ولم يكن قد حذره بما يكفي أننا كنا ندرس استبداله، لذلك عندما استبدلناه، جاء القرار صادماً بالنسبة إليه. لذا لا ترتكب الخطأ ذاته. فكل الموظفين، بداية من أعضاء الإدارة التنفيذية العليا إلى أصحاب المناصب الوظيفية الأدنى، يستحقون الحصول على آراء تقويمية على نحو متواتر. وينطبق هذا الأمر تحديداً في حالة الأشخاص الذين يقصرون في تحقيق الأهداف. فإذا ما فوجئ موظف معيّن عند فصله، فهذه ليست إشارة إلى أنك فشلت في خوض النقاش المتعلق بإنهاء العمل وإنما في عمليات التقويم والمراجعة التي تنفذها. وقلة من عمليات الفصل تحصل بسبب حدث وحيد، والغالبية العظمى لا تقع إلا بعد إجراء عدة نقاشات بين المدير والموظف وربما حتى بعد تنفيذ خطة لتحسين الأداء توثق فيها المشكلة بوضوح ويوضع فيها الشخص الذي لا يقدم الأداء المطلوب تحت المراقبة. وفي العديد من الحالات، يبدأ الموظفون الذين وضعوا تحت المراقبة بموجب خطة لتحسين الأداء بالبحث عن وظائف أخرى، ما يجعل الفصل أمراً غير ضروري. كما أن ضمان تقديمك لنقد مفصل من حين لآخر ووضع خطة لتحسين الأداء هي طريقة جيدة لتجنب أي دعوى قضائية. تشرح باتي ماكورد، الرئيسة العامة لإدارة المواهب سابقاً في "نتفليكس" (Netflix)، الأمر قائلة: "بحسب تجربتي، فإن الناس يقاضون أصحاب عملهم لأنهم يعتقدون أنهم قد عوملوا بطريقة غير منصفة لأنهم لم يُخبَروا بالحقيقة عندما كان يجب أن يُخبروا بها بخصوص أدائهم أو مدى ملاءمتهم للمطلوب منهم". وهي على حق تماماً.
4- حضّر وتمرن
قد يكون التدرب على خوض الحوارات الصعبة هو أفضل طريقة للاستعداد لها. وربما أيضاً من المفيد التدرب من خلال تمثيل الأدوار مع موظف من قسم الموارد البشرية أو مع شخص آخر قادر على إبداء عدد من ردود الأفعال لترى كيف بوسعك التعامل مع كل سيناريو. لكن لا تستهن أبداً بأهمية التحضير والاستعداد لهذا الأمر. قبل أن أخوض نقاشاً يتعلق بتسريح أحد الموظفين، أحاول التمرن على ذلك من خلال إجراء سلسلة من الحوارات الذاتية لتعزيز ضرورة هذا الإجراء وأهيئ نفسي ذهنياً بغية التفكير بشكل سليم. بعضها يؤكد على الحاجة إلى التصرف بلباقة ووقار. ("حيث إن تسريح هذا الموظف هو أحد أهم المهام الملقاة على عاتقي وسوف أنجز الأمر بأقصى قدر من الحساسية"). كما أذكر نفسي أنني بوصفي مديراً يقع عليّ بعض اللوم على فشل ذلك الموظف. ("فهذا الأمر ناجم عن أخطائي وأخطائه كذلك"). ولكي أتجنب اتخاذ موقف دفاعي، أركز على الخروج بأفضل ما يمكن من النتائج. ("أريد أن أساعد هذا الشخص في العثور على مكان يسمح له بتنمية قدراته، مكان أنسب لمهاراته وشخصيته وطموحه وأسلوبه في العمل").
5- لا توكل هذه المهمة البغيضة إلى أشخاص آخرين
لا أحد يحب فصل الموظفين، ولا أن يُفصَل أيضاً بالتأكيد. (أنا أعلم هذا من واقع تجربتي الشخصية، فقد حصل معي). لكن الشيء الوحيد الذي يفضله الموظفون أقل من أن يفصلهم مديرهم هو أن يفصلهم مدير من قسم الموارد البشرية أو جهة خارجية. هل تذكر شخصيتي جورج كلوني وآنا كيندريك في فيلم "فوق في الجو" (Up in the Air)؟ توكل شركات عديدة مسؤولية فصل الموظفين إلى جهات خارجية مثلهم عوضاً عن إيكال المهمة إلى مدراء الموظفين المفصولين. من رأيي، هذه ممارسة قاسية وتنم عن عدم اهتمام، وأنا لا ألجأ إلى استعمالها البتة.
هذا لا يعني أنك لا تستطيع إشراك موظف من قسم الموارد البشرية، لأن مراجعة الحوار الذي سيُخاض خلال عملية التسريح مع موظف من قسم الموارد البشرية مسبقاً يُعد خطوة ذكية، حيث إنهم يمتلكون خبرة أكبر في أداء هذه المهمة مقارنة بالمدراء الآخرين وسيسدون نصائح جيدة لك. في بعض الأحيان، قد ترغب في أن يرافقك موظف من قسم الموارد البشرية إلى الاجتماع المخصص لإبلاغ الموظف بفصله من العمل ليكون بمثابة شاهد وليجيب عن الأسئلة الفنية المتعلقة بتعويض نهاية الخدمة واستمرار تلقي المنافع، وهي أمور قد لا تكون لديك خبرة فيها. أنا أفضّل أن أبدأ الحوار مع الشخص المعني على انفراد، وبعد أن أنجز الجزء الصعب، أطلب من موظف الموارد البشرية الانضمام إلينا.
إذا لم تنجز عملية الفصل بنفسك فهذا دليل على فشلك في "تنظيف فوضاك". ففي نهاية المطاف، ستنتقدك المؤسسة بأكملها على عدم قدرتك على مواجهة المشكلات الصعبة.
6- بلّغ الرسالة فوراً وبوضوح
بعد أن تكون قد قررت تسريح موظف معيّن، حدد موعداً معه وأبلغه بالقرار بعد 30 ثانية من جلوسك: "قررنا تغيير منصبك/ إنهاء عقدك/ استبدالك". أما إطالة أمد العملية، وهو أمر يلجأ إليه العديد من المدراء نتيجة لعدم شعورهم بالارتياح تجاه فكرة توصيل الأخبار المؤلمة، فيؤدي إلى سوء تفاهم وإلى بعض الإحراج. كما أنها تقف عائقاً أمام الانتقال بسرعة إلى الخطوات التالية التي تتمثل في تنظيم عملية المغادرة بالطريقة الأنفع للموظف والأقل زعزعة للمؤسسة. طوال النقاش كن صريحاً ومباشراً، فمحاولات اللجوء إلى الدعابة أو الشفقة أو المواساة يمكن أن تشكل خطراً بالتسبب في توجيه إهانات أو في حدوث سوء فهم. وبالتالي كلما أوصلت الرسالة الأساسية في وقت أسرع وانتقلت بالحوار إلى مناقشة أمور مثل تعويض نهاية الخدمة والمنافع والخطة الانتقالية، كان ذلك أفضل.
7- لا تفرط في تبرير القرار
الاجتماع المخصص لإنهاء خدمة الموظف هو الذي تبلغه فيه بالقرار، وليس للجدل بشأنه أو الدفاع عنه أو التفاوض حوله. من الطبيعي أن يسعى المفصولون من وظيفتهم إلى الحصول على معلومات إضافية، من خلال طرح السؤال المعهود "لماذا" بأشكال مختلفة؟ لكنك لست بحاجة إلى تقديم إجابة مفصلة، بل قدّم تبريراً بسيطاً للقرار، سواء بذكر أنه ناتج عن مشكلات في الأداء أو تخفيض مطلوب في أعداد الموظفين أو إلغاء أدوار ووظائف معيّنة. وإذا كنت قد بذلت جهداً معقولاً في تقديم الآراء التقويمية والإرشاد وشرح السياق الخاص بالديناميكيات السائدة في مكان العمل لديكم قبل هذا الحديث، فبذلك سيكون لدى الموظف أصلاً معلومات كافية. لكن هذا الحوار لا يتعلق بشرح الأسباب والمبررات، وإنما يهدف إلى شرح الجوانب الإدارية بما في ذلك الإعلان عن القرار داخل المؤسسة وخارجها، وشرح ترتيبات نهاية الخدمة. فإذا ما أصر الشخص على الدفاع عن نفسه، تجنّب إغراء خوض غمار الحوار معه.
8- تعامل بطريقة إنسانية
المدراء الجيدون ليسوا روبوتات. ويجب عليهم أن يدركوا أن الموظفين الذين يُسرحون من وظائفهم سينتابهم مزيج من المشاعر غير اللطيفة. لذا عليهم تحمُّل ردود أفعال الموظفين بصبر وضبط استجاباتهم لها بعناية. من الطبيعي أن تشعر بالتعاطف مع الشخص المفصول أو أن تأسف لما سيحدث له، لكن التعبير عن هذه العواطف قد يشجع على محاولة الاستفادة من حالة التعاطف هذه ومناقشة القرار. لذلك يجب على المدراء الذين يحاولون التعامل مع عواطفهم أن يعوا الفرق بين التعاطف والرأفة (اللذين يعتبران مفيدين في هذا السياق) وبين الشفقة أو الحزن (الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية).
اعتماداً على علاقتكما السابقة والموقف نفسه، قد ترغبان في المتابعة بعد أن تكون مشاعر كلاكما قد هدأت. اعرض على الشخص المعني إمكانية الاجتماع به خارج المكتب وحدد له الزمان والمكان بهدف الحديث عن كيفية بحثه عن وظيفته التالية، وقائمة الشركات المحتملة التي قد يعمل لديها، ومعارفك الذين يمكن أن يساعدوا في هذه العملية، وما الذي ستقوله عندما يتواصلون معك للتدقيق في خلفيته، وربما بوسعك أن تسدي له نصائح بخصوص كيف يمكن أن ينجح في وظيفته التالية. ولكن انتبه إلى أن عقد هذا الاجتماع قد لا يكون ممكناً. فقد أظهرت البحوث أن الناس يميلون إلى الشعور بمشاعر سلبية تجاه مَن ينقلون إليهم أخباراً سيئة، حتى وإن تم ذلك بطريقة لطيفة مراعية للمشاعر. ومع ذلك، فإنني كنت أتمكن عادة من المحافظة على صداقات ودودة أو حيادية مع الأشخاص الذين فصلتهم.
يجب على المدراء أن يدركوا أنه على الرغم من وصول العلاقة الوظيفية الرسمية إلى نهايتها، فإن الموظف المغادر لمنصبه ربما لا يزال يمتلك العديد من العلاقات الشخصية مع زملائه في العمل. فإذا ما كان هؤلاء الأشخاص يعتقدون أنك لم تتعامل بإنصاف أو لباقة مع زميلهم الذي فصلته من عمله، فإن المعنويات ومستوى التفاعل سيتأثران سلباً على الأغلب. كما أن الفشل في معاملة موظف بطريقة محترمة يمكن أن يرتد سلباً على الشركة ويؤذيها، فبعض القطاعات تُعد صغيرة والشخص الذي تفصله اليوم قد يعمل لدى زبونك أو مورّدك غداً. وتحديداً في القطاعات القائمة على كثافة المعرفة، تعد العلاقات مع الموظفين السابقين قيّمة جداً، وهذا هو السبب الذي يدفع العديد من المؤسسات إلى تأسيس "جمعيات أو رابطات لقدامى الموظفين" لا تضم بين صفوفها الأشخاص الذين غادروا المؤسسة طوعاً فحسب، وإنما الأشخاص الذين لم تُمنح لهم الفرصة للبقاء فيها أيضاً.
الاجتماع المخصص لإنهاء خدمة الموظف هو الذي تبلغه فيه بالقرار، وليس للجدل بشأنه أو الدفاع عنه أو التفاوض حوله.
9- تجنب لوم الآخرين
ثمة خطأ شائع آخر يُرتكب عند فصل موظف من عمله ويتمثل في أن يشير المدير ضمناً إلى "أنه مجرد رسول ينقل الرسالة". في هذا السيناريو، ينحي المدير باللائمة في القرار على شخص آخر، مجلس الإدارة أو مسؤول تنفيذي من المستويات العليا، ويسعى إلى تجنب تحمل مسؤولية غضب الموظف المفصول. ولكن هذا الأمر يُعد تهرّباً من المسؤولية. ومعظم قرارات الفصل لا تتخذ إلا بوجود شيء من التعاون على الأقل، وفي حالة الرئيس التنفيذي يكون دائماً قراراً جماعياً من مجلس الإدارة. ولكن حتى في مثل هذه الحالات، فإن الشخص المعني بإبلاغ القرار يجب أن يشعر بالمسؤولية الشخصية عن هذا القرار وأن يعبّر عن ذلك، وألا يحاول توجيه أصابع اللوم إلى الآخرين.
10- كن كريماً
تقتضي الحكمة عادة أن تقدّم المؤسسة تعويضاً سخياً في نهاية الخدمة ويجب على المدراء أن يستعملوا نفوذهم للحصول على أفضل تعويضات ممكنة. فأنت بذلك تشتري السلام (لأن الشخص الذي يقبل تعويض نهاية الخدمة يتخلى عن خيار اللجوء إلى القضاء)، وهو ما قد يخفف من شعورك بالذنب، وأيضاً يمنح الموظف المفصول من عمله فرصة عادلة لكي يبدأ حياته من جديد. ورغم أن التفاصيل الدقيقة قد تتفاوت بحسب المنصب الذي يغادره الموظف، يجب أن تحتوي التعويضات الجيدة على (أ) تعويض مالي عن إنهاء الخدمات، و(ب) مساعدة مهنية في العثور على وظيفة أخرى، و(ج) معلومات محددة عن تعويضات الإجازات وغير ذلك من الاستحقاقات المكتسبة، و(د) معلومات محددة حول استمرارية التأمين الصحي، و(هـ) خطة لإعداد رسائل توصية، و(و) خطة تواصل داخلي وخارجي متفق عليها (وفي الحالة المثالية، يجب أن تسمح هذه الخطة بالاستقالة عوضاً عن الفصل الرسمي)، و(ز) التوقيع على نموذج إخلاء الطرف.
ثمة منافع كثيرة لتبنّي نهج يقوم على الكرم والسخاء، وهي لا تقتصر على توفير الرسوم القانونية المحتملة، وإنما تشمل أيضاً التقليل من النزاعات الداخلية، لأن الموظفين الآخرين المنزعجين من قرار الفصل سيشعرون بالاطمئنان عند علمهم أن زميلهم حصل على تعويض نهاية خدمة مناسب. وبشكل عام، يجب أن يتناسب تعويض نهاية الخدمة مع المدة التي أمضاها الموظف في الشركة. ولكن أثناء اتخاذك هذا القرار، يجب أن تدرك أنه عندما يخفق موظف جديد في أداء المطلوب منه، فإن جزءاً من اللوم يقع على المدير المسؤول عن التوظيف، وهذا الأمر يجب أن يجعل الشركة أكثر استعداداً لتغطية جزء من الخسائر المالية للموظف المفصول.
وفي نهاية الإجابة عن سؤال كيف تفصل موظفاً بطريقة صحيحة؟ إن فصل موظف من عمله ليس بالتجربة اللطيفة على الإطلاق. ولست بحاجة إلى أن تتعلم كيف تستمتع بها، فالساديون هم فقط من يستمتعون بشيء كهذا. حتى أنك لست بحاجة إلى الوصول إلى مرحلة عدم الشعور بالقلق عندما تضطر إلى فعل هذا. ولكن إذا أردت أن تكون قائداً مؤثراً على المدى البعيد، يجب أن تصبح قادراً على إنجاز هذه المهمة بالشكل الصحيح.
اقرأ أيضاً: