كيف تعاود النهوض مجدّداً بعد تسريحك من عملك

10 دقائق
فقدت عملي ماذا أفعل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا شكّ في أن فقدانك لوظيفتك هو أمر صعب جدّاً. فهو يؤثر على تقديرك لذاتك؛ ويشكّل ضغطاً على حسابك المصرفي، وإذا لم تعرف كي تتّخذ خطواتك التالية بذكاء، فإنه قد يخرجك عن مسارك الوظيفي السليم. وبمعزل عن وقوفك على قدميك مرّة ثانية وبحثك عن وظيفة جديدة، ما هي الأشياء الأخرى التي يجب أن تقوم بها لكي تعود إلى مسارك مجدّداً؟ وكيف تحافظ على ثقتك بنفسك؟ ومن هم الأشخاص الذين يجب أن تناقش معهم هذا الوضع؟ وكيف يجب عليك أن تشرح لمدرائك الذين قد تعمل معهم مستقبلاً طبيعة هذا التسريح من الوظيفة؟ وما هي إجابة سؤال “لقد فقدت عملي ماذا أفعل الآن”؟

ما الذي يقوله الخبراء حول موضوع ” لقد فقدت عملي ماذا أفعل الآن؟”

يُعتبرُ تسريحك من وظيفتك ربّما أكثر تجربة مهنية صادمة على الإطلاق يمكن أن تتعرّض إليها. “القول المأثور بأن التسريح من الوظيفة لا يستهدفك أنت شخصياً هو هراء”. هذا ما يقوله جون ليز، الاختصاصي في استراتيجيات المسار الوظيفي، الذي يعمل انطلاقاً من المملكة المتّحدة، ومؤلف كتاب “كيف تحصل على الوظيفة التي تحبّها”. “نحن هنا أمام حالة من الرفض. فالشركة تقول لك “نحن لا نريدك بيننا، وبوسعنا تدبّر أمورنا من دونك”. والإنسان سيشعر بأنه مستهدف”. صحيح أن هذا الشعور طبيعي، إلا أنك لا يجب أن تضيع البوصلة. يقول ليز: “التسريح من الوظيفة هو نكسة يمكن للمرء استيعابها إذا ما قورنت بمختلف التجارب الإنسانية الأخرى”. بل ويمكن أن تقود إلى شيء إيجابي حتّى. “حاول أن تنظر إلى هذه التجربة بوصفها فرصة ستكون لصالحك نوعاً ما في نهاية المطاف”، كما تقول بريسيلا كلامان، رئيسة شركة كارير استراتيجيز، وهي شركة استشارية متخصصة باستراتيجيات المسار المهني تعمل انطلاقاً من بوسطن، كما أنها من المساهمين في تأليف “دليل هارفارد بزنس ريفيو للحصول على الوظيفة الصحيحة”. “الكثير من الناس يبقون في وظائفهم لفترة طويلة جدّاً من الزمن؛ فهم يشعرون بأنهم عالقون وبأنهم غير قادرين على الانتقال إلى وظيفة أخرى.” وبالتالي، فإنّ التسريح من الوظيفة يمنحك الفرصة لتنطلق من جديد. وفيما يلي طرق أخرى قد تساعدك في النهوض من جديد بعد مواجهة هذا الوضع الصعب الذي غالباً ما يكون تجربة مليئة بالتوتّر.

عليك بأخذ استراحة

في أعقاب خسارتك لوظيفتك مباشرة، امنح نفسك بعض الوقت لكي تتخلّص من الضغط المعتمل في نفسك من خلال “أخذ إجازة مهما كان نوعها،” كما تقترح عليك كلامان. “لست مضطراً إلى الذهاب إلى مكان بعيد أو إلى بلد آخر، وإنما خذ إجازة للاستراحة،” حتى ولو لمجرّد يومين خلال عطلة نهاية الأسبوع أو لبضعة أيام، كما تقول. فهدفك هو أن تبعد الأفكار التي تدور في رأسك وأن تستمتّع بوقتك وتنشّط ذهنك. اذهب لتسلّق الجبال، أو لممارسة رياضة التجذيف. “تتمثّل المرحلة الأولى في التعافي،” يقول ليز. لا تتّخذ أي قرارات كبيرة في تلك الأيام الأولى، ولا تتعجّل بالبحث عن وظيفة جديدة في اليوم التالي الذي تتلقّى فيه خبر تسريحك. فأنت بحاجة إلى بعض الوقت لاستيعاب ما حصل و”لاستيعاب شعورك تجاه الأمر”.

حاول إجراء تقويم لوضعك المالي

تُعتبرُ العملية الرامية إلى تحديد وضعك المالي بدقّة بعد تسريحك من العمل في غاية الضرورة من أجل السيطرة على توتّرك وقلقك. وتوصي كلامان بإجراء تقويم تفصيلي لموازنة الأسرة يأخذ بعين الاعتبار تعويض نهاية الخدمة الذي تحصل عليه أو أي تعويض بطالة آخر قد تتقاضاه. “حاول أن تعرف ما هي المدّة التي سيستغرقها عثورك على وظيفة جديدة – وامنح نفسك أكبر وقت ممكن لفعل ذلك”، تقول كلامان. “راجع الأشياء التي تنفق أموالك عليها، وادرس الطرق التي تسمح لك بخفض هذه المصاريف”. ووفقاً لكلامان، لا يجب عليك أن تنجز هذه المهمّة لوحدك، بل هي تنصحك بأن “تشرك أفراد عائلتك المباشرين وأي شخص آخر يعتمد عليك مالياً. فأنتم جميعاً بحاجة إلى تفهّم الواقع”.

حاول أن تفضفض وأن تروي قصّتك لأشخاص مقرّبين

في بادئ الأمر، وعندما تكون عواطفك لا تزال جيّاشة، ستشعر بالكثير من “الغضب والاستياء”، يقول ليز. فهذا أمر طبيعي. ومن المهم أيضاً الحديث عن هذه المشاعر والأحاسيس. لكن لا تخبر هذه القصّة إلا إلى أصدقاء موثوقين و”أناس ليس لديهم مآرب، ولا تحتاج إلى انتقاء كلماتك معهم، أو إلى التحدّث إليهم بطريقة محضّرة سلفاً”، يقول ليز. واصل رواية القصّة مراراً وتكراراً حتّى تشعر بأنك قد “ارتحت وتخلّصت من الهموم الجاثمة على صدرك” وضع القصة وراء ظهرك قبل أن تذهب لإجراء أي مقابلة عمل لتسلّم وظيفة جديدة. لأنّ من يجرون هذه المقابلة معك سيشعرون بالمرارة الموجودة لديك، ولن يكون انعكاس ذلك عليك جيداً، يقول ليز. “سيقولون لأنفسهم بأنك شخص قد تلقّى ضربة قوية من شركته السابقة”. وثمّة خطر آخر يمكن أن يحصل إذا حاولت التواصل مع مؤسسات جديدة قبل أن تكون جاهزاً نفسياً لهذه الخطوة. ويتمثّل هذا الخطر في أنّك ستكون أقل قدرة على الأرجح على مواجهة النكسات الصغيرة مثل عدم رد هذه الشركات التي يُحتمل أن تعمل فيها على اتصالاتك أو رسائلك الإلكترونية. لذلك قبل أن تُجري هذا الاتصال، يوصيك ليز بأن تطلب من الأشخاص الموثوقين المحيطين بك بأن يعطوك رأيهم بموضوعية بخصوص جاهزيتك للبحث عن عمل جديد. “اطرح عليهم السؤال التالي: “هل تعتقدون بأنني قد استوعبت الوضع؟ هل أنا جاهز لإجراء مقابلة عمل جديدة؟”

حدّد القصّة التي سترويها للآخرين عن تسريحك

بعد أن تكون قد تجاوزت قصّة تسريحك المبدئية، حاول العمل على صياغة تفسير بسيط لتسريحك، يمكنك تقديمه إلى معارفك في الأوساط المهنية وإلى المدراء الذين يحتمل أن يوظفوك، كما يقترح ليز. حاول صياغة “رسالة موضوعية وقصيرة ومتفائلة” تظهر بأنك “لست ضحية ولست شخصاً عديم الخيارات.” ويقترح عليك ليز قول شيء من قبيل: “لقد خضعت شركتي السابقة إلى عملية إعادة هيكلة شاملة. وقد منحني ذلك الفرصة لإعادة التفكير في مساري الوظيفي، وما أبحث عنه الآن هو كذا وكذا وكذا”. يقول ليز: “هذه تقنية قوية تنقلك من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل من خلال قول جملتين فقط.” وتذكّر بأن عمليات تسريح الموظفين أو تقليص أعداد العمّال هي “عمليات تتكرّر كثيراً” في سوق العمل هذه الأيام، كما تقول كلامان. “الجميع يعلمون بأن ذلك يحصل وهو أمر مقبول.”

حاول إحاطة نفسك بجوٍّ من الإيجابية

عندما تبدأ بالتفكير بما سيحمله لك المستقبل، من الشائع بأن تشعر “بشيء من الإحباط والاكتئاب بخصوص مستقبلك الوظيفي،” يقول ليز. والعلاج الأفضل لهذه الحالة هو أن تحيط نفسك “بأشخاص من ذوي التفكير الإيجابي، الذين سيشجّعونك ويساعدونك على المضي قدماً.” فهذه المجموعة المؤلفة من المرشدين والموجهين وزملاء العمل السابقين وغير ذلك من المعارف المهنيين، ستساعدك في تحديد نقاط قوّتك، وستذكّرك بإنجازاتك ومآثرك السابقة، وستعطيك فكرة جيّدة حول ما يجب عليك فعله تالياً. كما أن الأسرة والأصدقاء يؤدّون دوراً هامّاً هنا، أيضاً، كما تضيف كلامان التي تقول: “اشرح لهؤلاء الناس بأنهم يجب أن يتساهلوا معك وأن يسمحوا لك بالتصرّف بطريقة استثنائية.” قل هم مثلاً: “أنا سأحتاج إلى مساعدتكم، وإلى تشجيعكم، لكي تشدّوا من أزري وتمدّوني بالدعم”.

استكشف الفرص

قبل أن تتواصل مع أي شخص بهدف التعارف، وقبل الاتصال بأي شركة نشرت إعلاناً بحثاً عن موظفين جدد في مواقع الإنترنت مثل مونستر (Monster) أو إنديد (Indeed)، أو في الصحف، فإنك بحاجة إلى استجماع قواك، كما تقول كلامان التي تضيف: “تأكّد من أن ملفّك الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي محدّث ويتضمّن آخر المستجدات. وإذا كنت تعمل في بعض القطاعات المعيّنة، حاول أن تضع نماذج من عملك، إذا كان ذلك ممكناً”. ثمّ حاول أن تجري عملية بحث وظيفي على أوسع نطاق ممكن. تواصل مع زملائك السابقين، وأصدقائك الذين يعملون في مؤسسات تثير اهتمامك. “تحدّث إلى هؤلاء الناس، وحاول الاطلاع على آخر القضايا الهامّة، وأحدث الأفكار والمفاهيم الجديدة المطروحة قيد التداول. حاول أن تتذكّر الشركات والأشخاص الذين تعرفهم والمتخصصين في البحث عن الموظفين الموهوبين، وابحث أيضاً في إمكانية الانضمام إلى نقابة مهنية، إذا وجدت بأن ذلك قد يكون مفيداً،” تقول كلامان. أمّا ليز فيوصيك بأن تلجأ إلى التعارف “بعقلية منفتحة واستكشافية”. فهدفك يتمثّل في التعرّف على ما هو حاصل في قطاع معيّن أو مؤسسة ما و”معرفة شكل النجاح” في هذا القطاع أو هذه المؤسسة، كما يقول. حاول الاستفادة من الأفكار والمعلومات التي تستخلصها من هذه المحادثات لكي تعيد كتابة سيرتك الذاتية. كما أن “اللغة التي يستعملها الناس لوصف النجاح” يجب أن تنعكس في “ملفّك الشخصي على موقع لينكد إن”، يضيف ليز.

حافظ على استدامة الزخم

يحتاج البحث عن عمل إلى التزام كبير وإلى قدر هائل من التفاني. تقول كلامان: “البحث عن وظيفة هو مسألة تحتاج إلى مثابرة دائمة، وإلى القيام بالكثير من النشاطات لكي تتمكّن من المضي قدماً، فإذا تلقيتَ اتصالاً واحداً مقابل كل 20 سيرة ذاتية ترسلها، فإن ذلك يعني بأن أمورك تسير على خير ما يُرام”. لكنّ كلامان تحذّرك من التراخي وفقدان التركيز، حيث تقول: “عندما تجري مقابلة أو تتلقّى اتصالاً من شركة ما قد تشعر بإغراء يدفعك إلى وقف جميع الأنشطة الأخرى.” “ولكن إذا لم تحصل على تلك الوظيفة، سيتعيّن عليك عندها العودة إلى نقطة الصفر” وهذا الأمر قد يقضي على أي ثقة موجودة لديك. بعبارة أخرى، حتى لو شعرت بأنك تقترب أكثر من وظيفة معيّنة، تأكّد من وضع البيض في أكثر من سلّة واحدة. وإحدى الطرق التي تساعدك في المحافظة على استدامة الزخم هي أن تملأ جدول أعمالك بالكثير من الاجتماعات المهنية والمناسبات الخاصّة بالتعارف. “يجب أن ترتدي بزّتك الرسمية مرّة واحدة على الأقل أسبوعياً وأن تدعو شخصاً إلى غداء عمل،” يقول ليز. فتلك ستكون “تجربة إيجابية بالنسبة لك، وستعزّز ثقتك بنفسك.”

اعتنِ بصحّتك وسلامتك

يُعتبر القول المأثور الذي يشير إلى أنّ البحث عن عمل هو بمثابة وظيفة بدوام كامل تحتاج إلى تفرّغ قولاً صحيحاً نوعاً ما، “لكن حاول ألا تسمح لهذا الأمر بأن يتحوّل إلى هاجس، وألا تقضي كلّ وقتك في التحديق بجهاز الكمبيوتر،” يقول ليز. فهذا أمر غير صحّي ولن يعطي النتائج المرجوّة غالباً. “اعتنِ بنفسك”. حاول أن تأكل جيّداً، وأن تمارس التمارين الرياضية، وأن تنال قسطاً وافراً من النوم. “ينبغي أن تحافظ على ارتفاع معنوياتك وطاقتك”، تقول كلامان. راقب موازنتك المالية، بطبيعة الحال، لكن لا تحرم نفسك من المتعة. والأهم من ذلك، “احنو على نفسك. ولا تكن بمثابة مدير سيء لذاتك،” كما تقول. “لا تقسو على نفسك ولا تكثر من لومها. وحاول أن تتحدّث عن نفسك بفخر”.

مبادئ يجب أن تتذكّرها دائماً عند الإجابة عن سؤال فقدت عملي ماذا أفعل الآن؟

أشياء يجب أن تفعلها

حاول أن تحدّد وضعك المالي الدقيق من خلال تقويم موازنة أسرتك آخذاً بعين الاعتبار تعويض نهاية الخدمة الذي ستحصل عليه أو أي تعويض بطالة آخر قد تتقاضاه.

قم بصياغة تفسير بسيط ومتفائل لتسريحك من العمل لتقدّمه إلى أصحاب العمل المحتملين أو معارفك الذين سيساعدونك في العثور على عمل جديد.

حاول أن تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين ليساعدوك على المضي قدماً.

أشياء لا يجب أن تفعلها

لا تحاول مقابلة جهات التوظيف أو أصحاب العمل المحتملين وأنت لا تزال في حالة عاطفية جيّاشة، فإذا لم تكن واثقاً من الشكل الذي ستظهر به أمام الناس، حاول الاستعانة بصديق موثوق لتستشيره في هذا الأمر.

لا تتعجّل بالذهاب إلى سوق العمل بحثاً عن وظيفة جديدة – عوضاً عن ذلك، حاول أن تشبّك مع الآخرين بذهنية منفتحة لكي تستكشف فرصك القادمة.

لا تهمل صحّتك وسلامتك – حاول أن تأكل جيّداً، وأن تمارس التمارين الرياضية، وأن تنال قسطاً وافراً من النوم.

الحالة الدراسية الأولى: قرّر كيف ستروي قصّة تسريحك من العمل بطريقة إيجابية

في اليوم التالي لفقدان جون دينينغ (وهذا اسم مستعار) لوظيفته في شركة تكنولوجية متخصّصة بالهواتف الخلوية خارج بوسطن، ذهب في إجازة عطلة نهاية أسبوع طويلة إلى ولاية ماين لممارسة رياضة ركوب الدرّاجة الهوائية في المناطق الجبلية ولعب الغولف وتسلّق الجبال. “كان مفيداً جدّاً بالنسبة لي التواجد في منطقة مختلفة، والابتعاد عن روتين الحياة اليومية،” كما يقول جون. وأثناء وجوده في هذه الإجازة البعيدة، بدأ يفكّر “في الخطوات التالية وفي كيفية تحويل عملية التسريح هذه إلى شيء مفيد بالنسبة له”.

يعترف جون بأنه عندما غادر بوسطن كان يشعر بغضب شديد تجاه عملية تسريحه، لكنّه لم يُخبر العديد من الناس بحالة الإحباط هذه التي انتابته. فهو لم يكن يرغب في أن ينظر هؤلاء الناس إليه على أنه ضحية. “لقد فضفضت بشكل رئيسي إلى زوجتي،” كما يقول. “وسرعان ما صغت قصّتي الخاصّة لما حصل بطريقة إيجابية”. وقد اتّخذت قصّته الشكل التالي: “لقد استحوذت شركة استثمار (أو أسهم) خاصة (private equity firm) على مؤسستي، وكان لديها أولوياتها المختلفة. وقد منحتني عملية الاستحواذ هذه الفرصة لكي أفكّر في الخطوة التالية التي أريد الإقدام عليها”.

اتّصل جون بأصدقائه وزملائه السابقين، طالباً منهم تقديم النصح إليه، وتعريفه على بعض الناس الذين يمكن أن يساعدوه، وهو يستذكر تلك الخطوات الأولى في مجال التعارف بوصفها “سهلة وممتعة”. لكنه يعترف بأن “المحافظة على زخم هذا التحرّك كان صعباً،” كما يقول. “بعد هذه المرحلة الأولى من التعارف الشخصي الهادف إلى استكشاف الفرص، انتقلت إلى مرحلة ذات طابع أقل تفاعلية حيث بدأت أجري أبحاثي عن الشركات وبدأت أبحث عن إعلانات فرص العمل المتوفّرة والمنشورة على الإنترنت. ومع ذلك حافظت على اهتمامي بطعامي وشرابي وبقيت في حالة تواصل مع أصدقائي لكي أحافظ على الانتعاش في حياتي”.

بعد ثلاثة أشهر، قبل جون عرض عمل قدّم له. وكان قد وجد هذا الشاغر الوظيفي في إعلان على الإنترنت، وتمكّن عبر شبكة معارفه في المهنة، من التعرّف شخصياً على المدير المسؤول عن التوظيف. “عندما أستذكر اليوم ما حصل وقتها، يمكنني القول بأن التجربة برمّتها كانت شيئاً إيجابياً بالنسبة لي.” كما يضيف قائلاً: “لقد كانت المرّة الأولى في حياتي التي خسرت فيها وظيفتي، وهذا الأمر جعلني شخصاً أفهم وأذكى. لقد أدركت وقتها بأنني لست شخصاً محصّناً من غدر الزمان. وبتّ أكثر اطلاعاً على ما يجري في الشركات”.

“كما كانت تجربة مفعمة بالمكافآت،” كما يقول. “لقد ذكّرتني بأن لديّ الكثير من الناس الكرماء والداعمين الذين بوسعي التعويل عليهم.”

الحالة الدراسية الثانية: حاول التعارف مع الأصدقاء القدامى من أجل تحديد الفرص المستقبلية

كان الشعور الأول الذي انتاب باول بويد (اسم مستعار) بعد أن فقد وظيفته في مؤسسة غير حكومية في العاصمة الأميركية واشنطن هو الارتياح. “لم يكن شعوراً جميلاً ذاك الشعور الذي تحسّ به بعد تسريحك من عملك، ولكن في الوقت ذاته، أحسست بالحرّية جرّاء ترك عمل كنت على وشك الانتقال منه إلى موقع آخر،” كما يقول.

الشعور الثاني الذي انتابه هو القلق. فزوجته سوزان كانت حاملاً في شهرها السادس، وإن كانت تشغل وظيفة تؤمّن لها راتباً مرتفعاً. ومع ذلك فإن باول شعر بشيء من عدم الراحة. “لقد فتحت ملفّاً في برنامج إكسل وضعت فيه كل دخلنا وكل مدّخراتنا إضافة إلى كلّ مصاريفنا الشهرية،” كما يقول. “مجرّد معرفتي لوضعنا المالي، وإدراكي بأن لدينا ما يكفي من المال في المصرف، جعلني أشعر بقدر أقل من التوتّر تجاه فكرة تخصيص ما يكفي من الوقت للعثور على الفرصة الصحيحة. كما أن ذلك ساعدني على تحديد المبالغ التي بوسعنا إنفاقها لطلب وجبات الطعام من الخارج، وارتياد السينما بين الفينة والأخرى.”

لكي يحدّد باول الخطوة التالية التي يتعيّن عليه اتخاذها، بعث برسالة إلكترونية إلى زملائه ومدرائه في العمل، وزملاء الدراسة السابقين في المدرسة الثانوية، ودعاهم لاحتساء القهوة أو تناول طعام الغداء. “لقد كنت كمن حصل على ميزتين في منتج واحد،” يقول باول الذي يضيف: “لقد أعدت وصل ما انقطع مع أصدقائي وزملاء عملي القدامى، واطلعت منهم على طبيعة عملهم في مؤسساتهم.” كما شكّلت هذه التجربة نوعاً من الدفعة المعنوية القوية لتقدير باول لذاته. “في وقت كانت ثقتي بنفسي قد تلقّت ضربة قوية، ذكّرني أصدقائي وزملائي بالأشياء التي كنت أجيدها وأتقنها، وساعدوني في التفكير بالمجالات الأفضل لاستثمار مهاراتي”.

خلال أحد هذه الاجتماعات، تعرّف باول على مدير إحدى المؤسسات غير الحكومية. “لم يكن لدى هذا المدير وظيفة بدوام كامل تناسبني تماماً، لكنّه عرض عليّ مشروعاً استشارياً تضمّن إجراء مقابلات مع رؤساء المؤسسات غير الحكومية الأخرى في المنطقة،” يقول باول. “لقد كان الأمر مثالياً. فقد سمح لي هذا المشروع بأن أقوم بأعمال ملفتة؛ كما ساعدني على التعارف مع جهات يمكن أن توظّفني مستقبلاً؛ ومكّنني من كسب بعض المال”.

وفي نهاية الحديث عن موضوع “لقد فقدت عملي ماذا أفعل الآن؟” بعد مضيّ أربعة أشهر، حصل باول على وظيفة مع أحد المدراء الذين أجرى مقابلة معهم لصالح المشروع. يقول باول: “أنا شخص أسعد الآن في منصبي هذا، كما أنّ الوظيفة أكثر تناسباً مع اهتماماتي”.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .