ملخص: يعمل كثير من الموظفين وفي تصورهم أن يوم العمل لا يحتمل ترف استقطاع فترات راحة قصيرة، ولكنهم لا يعلمون أن في فترات الراحة الفعالة وقاية من الاحتراق الوظيفي. تحدد المؤلفة في هذا المقال 8 استراتيجيات لاستقطاع المزيد من فترات الراحة الإيجابية خلال يوم عملك.
عندما نفكر في تحسين قدرتنا على العمل لتحقيق النتائج المنتظرة منا، فالأمر لا يتعلق بالوقت المتاح فحسب، بل بالطاقة المتاحة أيضاً. وحين تتمكن أخيراً من توفير وقت للتركيز على تنفيذ مشروع أو إنجاز مهمة، يتبين لك أنك أنهكت للغاية أو تبددت طاقتك إلى حدٍ يمنعك من النهوض بمهامك فعلياً.
يمثل استقطاع فترات راحة منتظمة جزءاً أساسياً من إدارة الطاقة للحفاظ على قدرة كافية على العمل؛ ليس بغية أن نكون منتجين فحسب، بل للوقاية من الاحتراق الوظيفي أيضاً، فضلاً عن امتلاك القدرة على التنظيم الذاتي الصحي لمشاعرنا وسلوكياتنا باستمرار حتى يتسنى لنا الحفاظ على تواصل إيجابي مع الآخرين. ومع استنزاف طاقتنا بالكامل، أو إلى حدٍ شبه كامل، سنبدي سلوكاً فظاً أو سرعة الانفعال ونفرغ إحباطنا على من حولنا، وهو سلوك يزعجهم ويمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية. تكتسب فترات الراحة أهمية خاصة عندما نمارس عملاً إبداعياً.
يساعدنا تخصيص عدة فترات استراحة قصيرة للغاية على مدار يوم العمل على إدارة طاقتنا والحفاظ على قدراتنا المعرفية والعاطفية والبدنية. وقد تكون فترات الراحة القصيرة في حدود دقيقة أو 5 إلى 10 دقائق، وكما أن الإجهاد المتناهي الصغر يتراكم في أثناء العمل، ففترات الاستراحة القصيرة جداً على مدار اليوم تساعد في مواجهة آثاره.
كيف نتمكن إذاً من تخصيص دقائق للاستراحة خلال يوم عمل مشحون؟
عليك ألا تدع أمر الاستراحة بضع دقائق للصدفة، ويجب أن تتعمد تخصيص تلك الدقائق لراحتك وتلتزم بالتوقف عن العمل في أثنائها، ويمكنك تجربة الاستراتيجيات الآتية:
1. امنح نفسك الإذن بأخذ قسط من الراحة
يعمل كثير من الموظفين وفي تصورهم أن يوم العمل مشحون بالمهام ولا يحتمل ترف استقطاع فترات راحة قصيرة، فلا تستسلم لهذا التصور، سواء فرضته على نفسك أو فرضه عليك آخرون في شركتك (أو كلاهما معاً)، وتذكّر أنك بشر ولست آلة. من الضروري تنمية شعورك بالقدرة على التصرف ومهارتك في توجيه الذات فيما يتعلق بطريقة قضاء وقتك خلال يوم العمل، فهما من ركائز التطور والنضج لدى القائد ولدى أي شخص؛ ومن دونهما سترى أنه ليس بوسعك أخذ فترات راحة في أوقات مختلفة من يوم العمل، حتى لو كانت مجرد دقائق قليلة. كما أنك حين تخصص فترات منتظمة للتوقف المؤقت عن العمل ستمثل نموذجاً يحتذي به زملاؤك وستمنحهم إذناً ضمنياً لفعل الأمر نفسه.
2. خصص أوقاتاً محددة للرد على رسائل العمل الإلكترونية
ربما يغريك استغلال بضع دقائق من الفراغ للرد بسرعة على الرسائل الإلكترونية أو محادثات تطبيقات التواصل الأخرى مع الزملاء، حتى تقلل عدد المراسلات المتراكمة أو كي تكون سريع الاستجابة قدر الإمكان. ولكن، توصل أحد الأبحاث إلى أن الوقت المطلوب لإتمام العمل يطول بنسبة 50% عندما نتنقل بين المهام باستمرار، كما يُظهر أن الموظف عادةً ما يحاول تعويض هذا الفاقد في الإنتاجية بالعمل بوتيرة أسرع، لكن ذلك سيولد المزيد من التوتر وضغط الوقت والإحباط. لذلك، يسمح تخصيص أوقات محددة للرد على الرسائل الإلكترونية بالاستفادة من فترات زمنية أقصر بكثير لتنعم باستراحة حقيقية.
3. غيّر مدة الاجتماع الأساسية
اعتدنا أن تكون مدة الاجتماعات في الظروف الطبيعية 30 دقيقة أو ساعة كاملة، لكن عليك تغيير هذه المدة المعتادة إلى 15-25 دقيقة للاجتماعات القصيرة أو 45-50 دقيقة للاجتماعات الطويلة؛ فحين تمنح الموظفين المزيد من الوقت سيجدون ما يشغلون أنفسهم به في أثنائه، لذلك سيؤدي تحديد زمن أقصر للاجتماع إلى حرص الحاضرين على إدارته بكفاءة أكبر في حدود الزمن المتاح. وما يزال بمقدورك السماح باستثناءات عند اللزوم.
استفد من الفاصل بين اجتماع وآخر، قد تكون مدته 5-15 دقيقة مثلاً، للنهوض عن المكتب وأداء تمرين بسيط أو شرب فنجان من القهوة أو تناول وجبة خفيفة. كما يمكنك إرسال رسالة إلكترونية أو نصية قصيرة إلى صديق بخصوص الاتفاق على خطط قضاء عطلة نهاية الأسبوع، حتى تمنح نفسك أملاً تتطلع إليه، وتظهر أبحاث أن ترقب المرء لأمر إيجابي يحسّن مزاجه ويقلل توتره.
4. تواصل مع الآخرين وافرض توقفاً إجبارياً
لا تتجاوز فترات الاجتماع التي حددتها ما أمكنك، واعلم أن ذلك سيكون أسهل إذا كنت مدير الاجتماع. ومع ذلك، فإبلاغ الحاضرين مسبّقاً بأنك ستنهي الاجتماع في موعده تماماً (خاصة عندما تتفاوت مستويات السلطة بينهم) سيحدد التوقعات منذ البداية بأنك ستغادر المكان في الوقت الذي حددته. وبذلك سيلتزم جميع الحاضرين بإنهاء الاجتماع في التوقيت المحدد، وسوف يثمّن أغلبهم هذا الالتزام خاصة أنه يعود بالفائدة على الجميع. كما أنك تثبت تحملك المسؤولية عن وقتك، فعندما تتداخل مواعيد الاجتماعات وتتأخر في الانضمام إلى الاجتماع التالي، يتداعى الأثر ويزداد الضغط عليك في يوم العمل. وحين تتأخر عن اجتماعك التالي، فاقتناص 15 ثانية فقط لأخذ نفس عميق 3 مرات يساعدك على التركيز كي تحضر الاجتماع بفعالية.
5. استند إلى "استراحة الحمّام"
الاستراحة القصيرة التي يحتاج إليها الجميع هي "استراحة الحمّام"؛ إن "إضافة" عادة جديدة إلى عادة قائمة أو سلوك حالي هي من أساليب ربط ما تود فعله بما تحتاج إلى فعله (مثل أخذ استراحة في الحمّام). فيمكنك مثلاً أن تؤسس عادة صغيرة جديدة بتخصيص 5-10 دقائق بعد الذهاب إلى الحمّام لممارسة اليقظة الذهنية الكاملة أو التأمل أو صعود الدرج أو المشي حول مبنى الشركة تنشيطاً لجسدك.
6. حدد مواعيد الاستراحات واضبط التذكيرات
حدد فترات راحة قصيرة في يوم عملك في الأوقات التي تعلم أن طاقتك تكون خلالها في أدنى مستوياتها؛ ربما خلال ساعات ما بعد الظهر حتى وقت متأخر من الظهيرة. تظهر الأبحاث أن طاقتنا تكون في أدنى مستوياتها عادةً قرب الساعة الثالثة بعد الظهر، وقد اعتدت أن أنهض في هذا الوقت عن مكتبي وأطعم كلبي (وهذه من مزايا العمل من المنزل) وأعد فنجان قهوة ثم أستمتع باحتسائه مع قطعة شوكولاتة صغيرة؛ أصبحت هذه الفترة مكافأة أتوق إليها وأغتنمها للابتعاد ولو بضع دقائق عن الكمبيوتر. أنصحك بالاستعانة بمنبه يذكّرك بوقت استراحتك القصيرة على الكمبيوتر أو الهاتف، وتتوافر عدة تطبيقات ذكية مصممة لهذا الغرض.
7. استخدم إشارة بصرية
يمكنك كذلك أن تستعين بإشارات بصرية تضعها على مكتبك أو قرب الكمبيوتر أو في مساحة العمل لتذكّرك بفترات الاستراحة القصيرة، يمكن أن تتمثل في فنجان قهوة أو قارورة ماء على مكتبك، أو صورة تذكرك بممارسة تمرين يوغا، أو ملصق عليه كلمة معبّرة مثل "تنفس". تساعدك وسائل التذكير البسيطة هذه بالتوقف عن العمل قليلاً والاستراحة بين الحين والآخر.
8. حدد روتين طوارئ الاستراحات غير المتوقعة
ما يزال بمقدورك اغتنام أي فرصة استراحة غير متوقعة، مثل الدقائق التي تتاح عند انتهاء اجتماع ما مبكراً؛ قد يكون روتينك هو الاستماع إلى الموسيقى، أو التواصل مع صديق برسالة نصية، أو أن تعرّج على مكتب زميل لدردشة سريعة، ولكن المهم هو أن تعرف مسبّقاً كيف تخطط لاغتنام أي فترة راحة غير متوقعة كي تحقق أقصى استفادة منها. وبالمثل، إذا تأخر موظف عن الاجتماع معك، فاستفد من فترة انتظارك له ومارس تمرين التنفس وأنت جالس في كرسيك لتقلل توترك وتجدد طاقتك.
هذه استراتيجيات تساعدك على تخصيص دقائق للتوقف عن العمل والاستراحة في أوقات مختلفة من يوم عملك. وبتطبيقها تكتسب فوائد تراكمية تتمثل في قدرتك على إدارة طاقتك والعمل بفعالية أكبر، ما يمنحك المرونة والقدرة على التحمل.