لا تبالغ في تقدير نقاط قوتك

9 دقائق
التركيز على نقاط القوة

كيف يمكنك التركيز على نقاط القوة تحديداً؟ الفكرة العامة السائدة في أوساط تطوير القدرات القيادية هي أنه ينبغي عليك اكتشاف نقاط قوتك واستغلالها، على فرض أنها تتسق مع حاجة مؤسسية ما. والمنطق يفيد بأنك مهما انكببت على نقاط ضعفك المحددة، فالأرجح أنك لن تحقق سوى تقدماً هامشياً. لا تهدر وقتاً طويلاً في التغلب على العيوب؛ فمن الأفضل أن تركز على ما تبرع فيه أكثر من غيره وتحيط نفسك بمن يمتلكون نقاط قوة مُتممة لك.

إنه لنهجٌ معقول نشأ استجابة لهوس غير صحي بنقاط الضعف متى تعلق الأمر بمراجعات الأداء. والواقع أنه منذ سبعة أعوام، استشهد أحدنا (كابلان) في مقالة موجزة في هارفارد بزنس ريفيو بقيمة فهم مكامن القوة، لا لأنه من الصعب التغلب على مكامن الضعف. ولكن، اتضح أيضاً أنه يجوز لك المغالاة في التعاطي مع نقاط قوتك. وأشارت المقالة مرجعياً إلى مسؤول تنفيذي إعلامي لامع عَدّ نفسه عادياً. وعلى الرغم من أنه استوعب مفاهيم مُعقدة أسرع من غيره من الناس، لم يدرك هذه الحقيقة، ومن ثم كان صبره ينفد من زملائه الذين لم يستطيعوا مواكبته في رأيه الشخصي. ولم يدرك أنه يتجاهل زملائه إلا بعد أن تلقى ملاحظات ثاقبة بهذا الصدد. وبعبارة أخرى، فقد أفسد دون أن يدري سرعة بديهته بالمغالاة فيها.

وهذه مشكلة شائعة. فغالبية المدراء يمكنهم تمييز القائد غريب الأطوار؛ ومثال على ذلك رب العمل الداعم الذي يتساهل مع الناس أكثر من اللازم نوعاً ما، أو مدير العمليات الموهوب الذي يؤدي تركيزه المتواصل على النتائج إلى الإفراط في السيطرة. ولكن، من الصعب جداً أن تلمس هذا الإفراط في ذاتك.

وفي هذا الصدد تصيبنا أدوات تطوير القدرات القيادية بخيبة. فتقسيم السمات إلى "نقاط قوة" و"نقاط ضعف" يتجاهل ضمناً نقاط القوة المبالغ فيها. وبالنظر إلى هذا النموذج العقلي المنقوص، ليس من المستغرب أن غالبية تقييمات القيادة بطريقة 360 درجة توظِّف مقاييس تقييم تمثل فيها الدرجات العالية الوضع الأمثل. وتتجاهل هذه الأدوات درساً جوهرياً مُستفاداً من عقود من الأبحاث يتعلق بالانحراف عن المسار السليم: ألا وهو أن الزيادة ليست أفضل دائماً، وأن التنفيذيين يخسرون وظائفهم عندما تصبح نقاط قوتهم مكامن ضعف بسبب الإفراط في استخدامها.

استناداً إلى 25 عاماً من الاستشارات في مجال القيادة وتحليلنا لتقويم الأداء بطريقة 360 درجة لحوالي 1,200 مدير بالإدارتين المتوسطة والإدارة العليا (أنجزه حوالي 15 ألف زميل بالعمل على مدار عقد كامل)، ابتكرنا استراتيجية وأدوات لمساعدة المدراء على إدراك متى يغالون في نقطة القوة، ومن ثم تصحيح هذه النزعة العقيمة.

تبعات الإفراط في التركيز على نقاط القوة

في بحثنا، اختبرنا آثار نقاط القوة المبالغ في استغلالها على جانبين من جوانب أداء فريق العمل: الحيوية (وتعرف بالروح المعنوية والمشاركة والانسجام) والإنتاجية (كم الناتج وجودته). واكتشفنا أن المبالغة في نقطة القوة دائماً ما تلحق ضرراً جسيماً بالأداء، ولكن حتى الميل الطفيف إلى المغالاة في نقطة القوة يمكن أن يكون مضراً. فإذا بالغت ولو مبالغة بسيطة في فرض إرادتك مثلاً، فربما تَحسّن ناتج فريقك بعض الشيء، غير أن حيويته ستتلقى ضربة قاصمة، وستقوّض الروح المعنوية الضعيفة الإنتاجية في نهاية المطاف. وإذا بالغت في التمكين ولو بقدر بسيط، فربما ارتقيت بالحيوية، غير أن الإنتاجية ستعاني بمرور الوقت، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تقويض الروح المعنوية. عموماً، المبالغة تضر بفعاليتك بقدر ما يضر بها التقصير (يعرض لنا القسم المعنون "عاقبة المبالغة" نتيجة القيادة العنيفة هذه).

عاقبة المغالاة

إن المغالاة في استغلال مكمن قوة قيادي لا يقل ضرراً عن التقصير في استغلاله. ويوضح الشكل البياني أدناه العلاقة بين القيادة الحازمة والكفاءة الكلية. فهو يرسم مخططاً للتقييمات التي يضعها زملاء العمل لكفاءة المديرين (وفقاً لمقياس من عشر درجات) في مقابل تقييمات الحزم.

التركيز على نقاط القوة

 

يُنظر إلى المدراء الأعلى كفاءة عموماً على أنهم يمارسون "القدر المناسب" من القيادة الحازمة؛ فلا هي قاصرة أكثر من اللازم ولا هي حازمة بشكل مبالغ فيه. وعند الطرفين، نجد تراجعاً ملحوظاً في الكفاءة. وتظهر أبحاثنا أنماطاً مثيلة للقيادة التمكينية والاستراتيجية والتشغيلية.

ثمة مسؤول تنفيذي سنطلق عليه اسم تامر كان قد انضم حديثاً إلى لجنة إدارة شركته عندما التقينا به. (توخياً لحماية خصوصية عملائنا، فإن تامر والمدراء الآخرين الذين نصفهم في هذه المقالة هم مجموعة مركبَّة). كان لدى أقران تامر ورئيسه التنفيذي مصدر قلق وحيد لا أكثر: ألا وهو أنه كان يندفع أكثر من اللازم في اجتماعات اللجنة. وتجلى هذا الاندفاع مثلاً في شكوكه الصريحة جداً بخصوص التحول المقترح نحو مركزية أكبر. لقد كانت شركته المتخصصة في صناعة معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية تتحرك نحو نموذج الخدمات المشتركة لخفض التكاليف التي كانت أعلى من متوسط الصناعة. واحتج تامر بقوة بأن الشركة ينبغي أن تقلص من مستوى الخطر بتطبيق المركزية على مراحل. وكان السبب الذي أعرب عنه أن العمل الذي يديره يحقق أداء جيداً؛ وعلى الشركة أولاً أن تضمن المركزية لوظائف الأعمال التي هي بحاجة إلى تحسين هوامشها. وكان السبب غير المعلن والكامن في لاوعيه غالباً أنه اعتبر التغييرات المقترحة عدم تقدير لسجل إنجازاته. وبمغالاته في الاندفاع (لاحظوا دفاعه المستميت عن موقفه)، فقد قلل من شأنه وقوضه. وهذه تبعة من تبعات المغالاة في نقطة قوة.

إذا غاليت في اندفاعك، فقد يتحسن الناتج، غير أن الحيوية ستتلقى ضربة قاصمة.

وثمة تبعة أخرى تتمثل في القيادة المختلة. فما أن تبالغ في مكمن قوة ما، تكون عرضة لخطر تضاؤل القدرات من ناحية أخرى. على سبيل المثال، القائد البارع في إشراك الآخرين في صناعة القرار، والذي يجد التشجيع على تعزيز نقطة القوة هذه، قد لا يدرك أنه بإشراك عدد أكبر من اللازم فإنه يستغرق وقتاً طويلاً جداً وصولاً إلى مرحلة الفعل. ومن بين كبار المدراء الذين درسنا حالاتهم، وجدنا أن 97% ممن يغالون في القيادة المتشددة في جانب ما يتهاونون أيضاً في القيادة التمكينية، بحسب زملائهم في العمل. ووُجد أن 94% ممن يغالون في القيادة التشغيلية بطريقة ما يتهاونون أيضاً في القيادة الاستراتيجية. إن اختلال التوازن الملحوظ يمكن أن يقيد بصمتك الشخصية وفرص تطورك المهني. (راجع القسم المعنون "فضائل القيادة المُتقابلة" لمزيد من التفاصيل حول ثنائيتيْن جوهريتيْن في القيادة؛ القيادة المتشددة في مقابل القيادة التمكينية، والقيادة الاستراتيجية في مقابل القيادة التشغيلية). ومن سوء الحظ أن قليلاً من القادة يعلمون متى يقصرون في إتيان النقيض التام لمكمن قوتهم.

فضائل القيادة المُتقابلة

تُفهم القيادة عادة في سياق الموازنة بين ثنائيتين أساسيتين. وتحدد القيادة الاستراتيجية في مقابل القيادة التشغيلية "ماهية" عمل القائد: هل تبادر بتعديل وضع شركتك بحيث تصبح منافسة مستقبلاً وتقودها إلى تحقيق النتائج المرجوة الآن؟ وتتعلق الإدارة الحازمة في مقابل القيادة التمكينية بـ "الكيفية": هل يمكنك احتلال الصدارة وإفساح المجال للآخرين للتقدم بإسهاماتهم؟

ومن الممكن تقسيم هذه الثنائيات تقسيماً أدق إلى أزواج ثانوية. وفقاً للذكاء الجمعي للقادة والأدبيات المتاحة واكتشافاتنا الخاصة، حددنا ثلاثة أزواج ثانوية تحت كل ثنائية.

الوصول إلى التوازن

ليس من الصعب أن ترى كيف يمكن أن توقعك مبالغتك في نقطة قوة ما في المتاعب، ولكن الاستيعاب الفكري لهذا المفهوم وحتى الاستعداد لتغييره لن ينجيك من نفسك. لكي تصل إلى شيء من التوازن، يتعين عليك أيضاً أن تتصالح مع جذور سلوكك. لقد نظر تامر مثلاً إلى سلوكه نظرة إيجابية؛ فقد كان يجعل نفسه مسموعاً ويتحرى المباشرة. ما الذي لا يعجبه؟ تحرياً للإنصاف، هذه السمات نقاط قوة، إلى حد ما. صُدم تامر إذ اكتشف أن الناس اعتبروه عدائياً بشكل مبالغ فيه.

كان التغيير في العقلية سهل بشكل مدهش لتامر. ويرجع ذلك نوعاً ما إلى أنه عندما بلغته الأنباء السيئة، علم أيضاً أنه يحظى باحترام أقرانه ومرؤوسيه ورئيسه في العمل. وكان الاحترام قضية محورية بالنسبة له؛ فما أن أحس أنه لم يعد مضطراً إلى الترويج لنفسه، استطاع أن يسترخي وينصت إلى الآراء الأخرى. في استقصاء للقيادة أُجري قبل جلسة تقويم الأداء هذه، صنفه أقرانه بأنه يغالي في الدفاع عن مواقفه. وبعدها بأشهر قلائل، أظهر استقصاء آخر تراجعاً ملحوظاً في هذا التصنيف. فقد أمسى باستطاعة الفريق الآن الاستفادة أكثر بكثير من حكم تامر السديد جداً على الأعمال بشكل عام.

تامر هو الاستثناء. بالنسبة لغالبيتنا، هذا التحول شاق للغاية. إذا لم تستطع مثلاً أن تتخيل أن ثمة ظاهرة تسمى "المغالاة في التركيز على النتائج" (قد تؤدي بك إلى المبالغة في قيادة فريقك بعنف مبالغ فيه) أو "المغالاة في الانضباط" (وربما المبالغة في الوعظ أو الحكم على الآخرين أو التعصب)، فاعلم أنك غير مؤهل للتغيير. لكن تامر كان يتحلى بعقل منفتح. فقد اكتشف، بحسب ما جاء على لسانه، أنه كان باستطاعته أن يتعاطف مع الآخرين دون أن يخسر تعاطفهم، وأن يكون على حق دون أن يزكي نفسه ويستأثر بالحق لنفسه.

اعترف بنقاط قوتك المبالغ في استغلالها

كما لاحظنا في السابق، ليس من السهل التركيز على نقاط القوة التي تبالغ في استغلالها. في عينتنا البحثية، وجدنا أن زملاء العمل صنفوا 55% من المدراء على أنهم يستغلون سمة قيادية واحدة على الأقل بشكل مبالغ فيه، غير أن غالبية هؤلاء المدراء لم يصنفوا أنفسهم على أنهم يغالون في استغلال تلك السمة. وتعقدت المشكلة على أدوات الاستقصاء ذات سلم التقييم المكون من خمس نقاط. فقد أعطى أحد المدراء نفسه خمس نقاط في فئة "حاسم – يتخذ قرارات في الوقت المناسب". ولم تعكس ملاحظاته المكتوبة ذات الصلة أي وعي بالجوانب السلبية للحسم. وصنفه زملاؤه في العمل تصنيفاً عالياً بالقدر ذاته في فئة الحسم، ولكن في الحوارات التي دارت لاحقاً وصفوه بـ "الجامح"، واستشهدوا بميله إلى بتر النقاشات.

يخيب ميدان تطوير القدرات القيادية من آمال المدراء إذ يتجاهل سهواً تقييم مكامن قوتهم المبالغ في استغلالها. ويُغفر لمدراء مثل تامر اعتبارهم التصنيف الخامس – الذي يُعرف عادةً أنه "إلى حد بعيد جداً" – تصنيفاً ممتازاً. وتتمثل العقبة في أنه عندما يمنحك زملاؤك في العمل تصنيف "خمسة" في فئة السلوك القيادي، فربما كان تصنيفهم هذا مؤشراً على أنك تغالي في سلوكك القيادي، غير أن الدرجة وحدها لا تشير صراحةً إلى المبالغة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنني استخدام نقاط قوتي للتطوير.

ولذلك، أنت بحاجة إلى وسائل أخرى لتسليط الضوء على الأمر. بوسعك البدء بمراجعة أعلى التصنيفات في تقرير التقييم الأحدث بطريقة 360 درجة. اسأل نفسك: أهذه الصفة مبالغ فيها؟ واسأل زملائك في العمل عما تبالغ فيه، أو الأفضل حتى أن تجري استقصاء من ثلاثة أسئلة: ما الذي ينبغي أن أُكثر منه؟ وما الذي ينبغي أن أُقلل منه؟ وما الذي ينبغي أن أواصل فعله؟ وإذا لم تكن متيقناً بعد، فاسأل زوجتك أو صديقك المقرب الذي سيكون على دراية على الأرجح بتلك الأجوبة.

ثمة أسلوب آخر ينطوي على وضع قائمة بالخصال التي تود أن تتحلى بها أكثر من غيرها كقائد. وهل تبالغ في أي منها؟ هذا سؤال صعب، لكنه يجبرك على التفكير بطريقة جديدة وعلى الطعن في بعض فرضياتك حول القيادة وقدراتك. اسأل نفسك ما إذا كنت تتفاخر بتفوقك على غيرك من القادة بأي طريقة مهما كانت. هذه هي تحديداً السمة التي تخاطر بالمغالاة فيها.

إن التحقق من اختلال التوازن لا يتطلب أداة تقييم دقيقة. بإمكانك ببساطة التماس تقويم لأدائك من الآخرين بقائمة من الخصال؛ وأعني قائمة تضعها أنت شخصياً أو تجلبها جاهزة (مستفيدًا من القسم المعنون "فضائل القيادة المتقابلة" مثلاً، أو من تمييز جون كوتر بين القيادة والإدارة في مقالته الكلاسيكية في مجلة هارفارد بزنس ريفيو "ما يفعله القادة بحق").

والآن، لنتعاطى مع التحدي الأكبر: اقتف أثر المبالغة وصولاً إلى مصدرها، سواء كانت الفرضية غير المدروسة بأن الأكثر أفضل أو كانت مجموعة من التوقعات الطموحة أكثر من اللازم. (يمكن لزوجتك أو صديقك المقرب مجدداً أن يكون مصدراً موثوقاً للمعلومات في هذا السياق).

أعد توجيه التركيز على نقاط القوة

كلما كان تفضيلك لأسلوب من أساليب القيادة أقوى، زاد نفورك من نقيضه. فلا يطيق القادة الخدومون مثلاً الغرور، ويشتهرون بأنهم لا يعتنون بأنفسهم.

سيكون من غير الواقعي لو اقترحنا أنه بالإمكان تحقيق التوازن للجميع. فبحثنا يطلعنا على أن 5% فقط من المسؤولين التنفيذيين يحققون التوازن بالكاد بين القيادة المتشددة والقيادة التمكينية، وكذلك بين القيادة الاستراتيجية والقيادة التشغيلية. وغالبية المدراء يتحيزون بطريقة أو بأخرى، وانعدام التوازن سيضر بفعاليتك وبفعالية فريق عملك. إذا كنت مستعداً لتبني طريقة تفكير جديدة والبدء في تصحيح ميولك مختلة التوازن، فأنت بحاجة فقط إلى الكف عن المغالاة في سمة بعينها والإحجام عن التقصير في نقيضها. وهذا بالطبع أصعب بكثير مما يبدو في ظاهر الأمر.

النبأ السار هو أن المدراء بوسعهم أحياناً إعادة تطبيق نقاط قوتهم لاستعادة توازنهم. وهذا هو ما شهدناه مع تمر. فإرادته الفطرية انتقلت به من الفضيلة إلى النقيصة ومنها إلى الفضيلة مرة أخرى. وما أن تَقَبَّلَ نظرة الآخرين له باعتباره مشاكساً أكثر من اللازم، غيَّر سلوكه بإرادته الشخصية محضاً، وبدعم من معرفته بأن زملائه يكنون له كل الاحترام والتقدير.

لننظر إلى حالة ماريان أيضاً، المسؤولة التنفيذية التي تعاملنا معها، وتعمل مديرة عامة في إحدى شركات التأمين. فقد مهد تفضيلها الشديد لتحقيق التوافق بين الآراء الطريق أمام اجتماعات مُطولة بشكل مبالغ فيه امتحنت خلالها صبر فريق العمل معها. أراد الموظفون عند نقطة محددة أن تتدخل وتتخذ قرارها. وعندما أحجمت عن استهداف التوافق بين أعضاء فريقها بالكامل، حيث اكتفت بتوافق 8 من بين 10، أمست اجتماعاتها أجدى بكثير، والذين لم يوافقوها الرأي لم يمانعوا لأن آرائهم على الأقل كانت محل نظر (وكانت لديهم فسحة من الوقت في الماضي أيضاً).

ولمَّا كانت مارية تغالي في التمكين وتفتقر إلى الحزم، فقد كانت تميل إلى ثنائية الاستراتيجية التشغيلية. مارية نجمة متألقة متى تعلق الأمر بالاستراتيجية، غير أن استيعابها للصورة الأشمل كان مُقيداً بعجزها عن التنفيذ. ولمّا كانت متخصصة في القيادة الاستراتيجية التمكينية، كانت تعمل على مستوى عال بشكل مبالغ فيه، ولم تكن حازمة بما يكفي مع الموظفين متى غابت عنهم الأهداف العامة أو تباطأ تقدمهم أكثر من اللازم. ولتنفيذ خطتها طويلة الأجل، كانت بحاجة إلى تعزيز حزمها، وكذلك ركيزتها التشغيلية. وعلى الرغم من أن الأمر كان مزعجاً، فقد حملت نفسها على التشدد مع الذين يتراجع أداؤهم. وانخرطت بقدر أكبر نوعاً ما في التنفيذ اليومي للمهام، غير أنها في الوقت نفسه عينت نائباً للمدير العام من النوع المتخصص ميدانياً والذي يتحلى بنقاط القوة التي تفتقر هي إليها. وبقدر ما تحتل مواصلة التقدم أهمية كبيرة لدى كبار القادة، فإن قلة قليلة منهم قد يمثلون كل شيء لكل الموظفين.

دائماً ما يكون المدراء عرضة لخطر البعد الواحد، وغالباً ما يغفلون عما يضحون به نتيجة لذلك. وربما كانت شركتك قادرة على مساعدتك على التخفيف من وطأة تلك الأخطار بالإمساك بمرآة تريك نقاط قوتك المبالغ في استغلالها وميولك مختلة التوازن (ويمكن الزعم أنك تستحق هذه المعلومات)، لكن ليس بوسعك التعويل عليها. إن مهمتك الآن أكثر من أي وقت مضى، أن تُحْكِم سيطرتك على مسارك المهني، وبإمكانك إدارة نقاط قوتك بحيث لا تتحول إلى نقاط ضعف.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي