الاتصال كقوة ناعمة عبر تجربة مجموعة فوج

5 دقيقة
مجموعة فوج
مصمم الصورة: (هارفارد بزنس ريفيو، أسامة حرح)

ملخص: مجموعة فوج حُلم تحوّل إلى واقع جميل، رسالتها هي أن تكون حلاً سعودياً يعبّر عن المملكة ويعكس صورتها الحقيقية داخل الوطن وخارجه، وأهم ما ركزت عليه مجموعة فوج لتحقيق رؤية 2030 في السعودية:

  • جذب الكفاءات المتخصصة لمواكبة الزخم الذي خلقته هذه التحوّلات الكبرى.
  • العمل على إنشاء شركات ناشئة تعتمد على رواد أعمال طموحين في شتى المجالات، مثل التسويق والتواصل والإعلام والدعاية والإعلان.
  • بناء نسيج من الشركات الناشئة في مختلف تخصصات التسويق والتواصل.
  • استقطاب العديد من العقول والخبرات الأجنبية المتخصصة لنقل المعرفة وتوسيع دائرة الشراكات والتركيز على التدريب وبناء المهارات ومواكبة التطورات.
  • تشكّلت مجموعة فوج خلال مجموعة من عمليات الاندماج التي تضم حالياً أكثر من 10 شركات.

لطالما آمنتُ بأن الأحلام العظيمة لا تموت بموت صاحبها، فهي تولد بهدف حل مشكلة مستعصية أو خلق حاجة واعدة، ثم تكبر وتزدهر لتصبح قادرة على تلبية الاحتياجات حتى قبل أن يعبّر عنها البشر، وخلال هذه الرحلة، لا بد من مشاركة الحلم مع مَن يؤمن به حتى يستمر في التألق، ومن أقدرُ على ذلك من شباب طموح مستعد لتسلم الشعلة وتحمّل المسؤولية، ولا سيما في بلد أكثر من نصف سكانه تحت سن الثلاثين وجُلهم يتقد بالحماس والرغبة في فعل الخير للوطن.

مجموعة فوج هي ببساطة حُلم تحوّل إلى واقع جميل، رسالتها هي أن تكون حلاً سعودياً يعبّر عن المملكة ويعكس صورتها الحقيقية داخل الوطن وخارجه، ففي النهاية أنا مؤمن بأننا نحن السعوديين أفضل من نعبّر عن أنفسنا مقارنة بأي طرف خارجي مهما كانت قدراته وكفاءاته.

صعوبات البداية

مع الإعلان عن إطلاق رؤية السعودية 2030 بمحاورها الرئيسية الثلاثة، اتضح أن التسويق والتواصل ستكون له حصة الأسد في تسليط الضوء على الجهود المبذولة في سبيل الوصول إلى "وطن طموح"، لذلك حرصنا في فوج على جذب الكفاءات المتخصصة لمواكبة الزخم الذي خلقته هذه التحوّلات الكبرى، لكن قطاع التسويق والتواصل لم يكن مكتمل النضج آنذاك (Semi-mature)، إذ كان يتّسم بالتقليدية والفردية (نشاط كل جهة بصفة منعزلة عن الجهات الأخرى)، لذلك لم نركّز على التعامل مع هذه المشكلة عن طريق الحل الشائع، ألا وهو بناء وكالة تسويقية متكاملة تقدم تشكيلة واسعة من الخدمات المجتمعية والمتعددة، تجنباً للمنافسة المباشرة مع الشركات العالمية التي تُقدم مثل هذه الخدمات، لكن ذهبنا في اتجاه إنشاء شركات ناشئة تعتمد على رواد أعمال طموحين في شتى المجالات، مثل التسويق والتواصل والإعلام والدعاية والإعلان، ما أعطانا فرصة للعمل مع العديد من الجهات الحكومية والشركات الخاصة الكبرى، وأدى ذلك بدوره للتعرف إلينا ولقدراتنا وأكسبنا سمعة طيبة في القطاع وعزز الثقة في الكفاءات السعودية.

المشكلة الثانية التي واجهتنا خلال البداية هي ضعف انتشار عقلية ريادة الأعمال بين شبابنا، فعلى الرغم من حماسهم وطموحهم وإيمانهم بوطنهم، فإن الكثير منهم كان يفضل الأمان الذي تضمنه الوظيفة التقليدية، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب والترسبات الثقافية القديمة التي لا تتوافق مع طموح "المجتمع الحيوي" الذي تهدف إليه رؤية السعودية 2030. أتذكر أنني ذهبت شخصياً إلى منازل بعض الشباب لإقناع أوليائهم بالسماح لأبنائهم بالخوض في غمار ريادة الأعمال، وأنها (على سبيل الفكاهة) ستضمن لهم الزواج أيضاً بقدر ما تضمنه الوظيفة التقليدية بدوام كامل، بل إني أحياناً ذهبتُ لأبعد من ذلك، إذ كنتُ أعدُهم أنه في حال عدم نجاح شركات أبنائهم معنا، فسنوظفهم في مكان آخر وفي وظائف واعدة.

نجحنا في تشكيل اللبنة الأساسية لمجموعة فوج، وبناء نسيج من الشركات الناشئة في مختلف تخصصات التسويق والتواصل، إذ بدأت الشركات تتنافس فيما بينها وبرز الكثير منها في هذا التخصص، واستقطبنا العديد من العقول والخبرات الأجنبية المتخصصة لنقل المعرفة وتوسيع دائرة شراكاتنا والتركيز على التدريب وبناء المهارات ومواكبة التطورات في هذا القطاع، فكان لا بد من خلق كيان تندمج فيه هذه الشركات لمواكبة التطلعات والتحولات المستقبلية ويكون قادراً على خدمة المشاريع السعودية الكبرى، والرؤية واضحة: أن نكون أضخم اتحاد لشركات التواصل والتسويق السعودية التي تنضم إلى نادي الخمسة الكبار في مجال التسويق والاتصالات العالمية (Big 5).

شارِك من ترتضي أن يُربي أبناءك

تشكّلت مجموعة فوج خلال مجموعة من عمليات الاندماج التي تضم حالياً أكثر من 10 شركات، ومن أبرز التحديات التي تهدد مثل هذه الاندماجات هو ما يسمّيه الخبراء "الصدمات الثقافية" التي تحصل عقب عملية الاندماج أو الاستحواذ؛ أي عدم التوافق الثقافي بين موظفي الشركات المتعاونة واختلاف بيئات العمل، ما يؤدي إلى عدم الثقة في الطرف الآخر والفشل في نهاية المطاف. لذلك كنت دائماً أقول: "شارك مَن ترتضي أن يُربي أبناءك"، في إشارة إلى ضرورة توافر عامل الثقة حتى قبل إبرام اتفاق الشراكة، فالتوافق في القيَم يسهّل خطوات التعاون اللاحقة جميعها، سواء كانت تشغيلية أو على مستوى استراتيجي أعلى.

بالإضافة إلى هدف الحجم الذي حققه هذا التحالف، سعينا أيضاً إلى جذب الشركاء الأجانب خاصة ممن يتمتعون بالخبرة والتكنولوجيا الحديثة، ضمن منهج يسمّيه الخبراء "التعلّم التنظيمي"؛ أي كان الهدف هو التعلّم منهم ونقل خبراتهم عبر طرق وأدوات مختلفة أهمها العمل المشترك.

الثروة الحقيقية لتحقيق رؤية السعودية 2030 هي الشباب وليس النفط 

تتقلب المشاريع بين الربح والخسارة، والاستثمار الحقيقي يجب أن يكون في الأشخاص، فكان لا بد من تغيير عقلية الشباب وتشجيعهم على التحول إلى قطاع ريادة الأعمال وإيجاد قدوات لهم وتوجيه اهتماماتهم وإكسابهم المهارات التي تساعدهم على تحقيق النجاح. وتعكس مجموعة فوج فكرة الترويج للمملكة كقوة ناعمة، إذ استطاع 600 شاب سعودي بناء هذه الشركات وقيادتها للوصول بها إلى ما هي عليه الآن. وخلال 10 أعوام تقريباً تمكن هؤلاء الشباب من إنشاء مجموعة تسويقية اتصالية ضخمة تصدّر صورة مختلفة عن المملكة العربية السعودية للعالم.

لقد نظر البعض إلى المملكة على أنها مجتمع يحركه البترول والمال ولا يمتلك رؤية أو طموح التغيير والتطوير، وهذه نظرة لا تعكس الواقع، فإذا نظرنا إلى التاريخ نجد أن الكثير من رواد الأعمال الأوائل، -على سبيل المثال سليمان العليان أو سليمان الراجحي- بدؤوا رحلتهم من الصفر وواجهوا تحديات عديدة ليصنعوا من الصحراء واقعاً أفضل، على عكس غيرهم من رواد الأعمال في المجتمعات الأخرى الذين كانوا يقفون على أرض صلبة وبيئة مُهيأة دعمتهم في تحقيق أحلامهم. وبما أن "أهل مكة أدرى بشعابها" كان دور مجموعة فوج هو الإسهام في نقل الصورة الصحيحة عن المملكة من خلال جيل الشباب السعودي نفسه، خصوصاً بين الأجيال الصاعدة.

رسالتي إلى رواد الأعمال السعوديين وآفاق مجموعة فوج

سعادة العطاء والمشاركة لا تقدّر بثمن وثقافة الوفرة لا الندرة هي ما تجعل منك صانعاً للمال لا طالباً له وخالقاً للوظائف لا باحثاً عنها. وهذا بالضبط ما عكسته رؤية السعودية 2030 التي نظرت إلى المورد البشري على أنه استثمار حقيقي وهيّأت البيئة الخصبة لإطلاق المشاريع بمختلف أصنافها في سبيل تحقيق المحور الثالث "اقتصاد مزدهر"، وهذا ما نعتمده أيضاً في مجموعة فوج، إذ نسعى لتمكين شركائنا الشباب الذين يبلغ متوسط أعمارهم 25 عاماً، وهم الأكثر قدرة على التكيّف والتميّز وابتكار وسائل تسويقية جديدة تمكّن المجموعة من الوصول والتأثير في شرائح المجتمع كافة، والنتائج الحمد لله حاضرة، فعلى سبيل المثال الشركة الأكثر إسهاماً في إعلانات اليوم الوطني هي فوج وشركاتها، كما أننا نمثل الجهة الأولى التي تقصدها أي شركة غربية حكومية كانت أو خاصة تريد التعرف على القطاع. أما الأهداف المسطرة فهي أكثر طموحاً بكثير، إذ نطمح على المدى القصير للوصول إلى 25 شركة متحالفة تحت مظلتنا و1,500 موظف، بالإضافة إلى الإدراج في سوق الأسهم المالية مع نهاية سنة 2025.

إن وجود فريق قادر على استشراف المستقبل واكتشاف الجديد في كل قطاع هو ما يصنع النجاح ويؤسس له، عبر الاستفادة من "الهِبة الديمغرافية" التي تمتلكها المملكة، وبوجود فئات شابة لديها استشعار مبكّر بالمسؤولية ستتمكن من تحقيق حلمها ورؤيتها لعام 2030.

واليوم تبذل الحكومة الغالي والنفيس للوصول بالمملكة وشعبها إلى أعلى المراتب في المحافل والأصعدة كلها. واستطاعت، بفضل الله، استقطاب الفعاليات العالمية الكبرى، ورسم مختلف المشاريع العملاقة وإنجازها لاستدامة التطور والتقدم والازدهار لهذا الوطن الغالي، فلا بد أن نكون على قدر عالٍ من المسؤولية لمواكبة هذه الرؤية الطموحة وبناء كيانات عظيمة في شتى القطاعات يتشارك فيها رجال المال ورواد الأعمال؛ لخدمة تلك المكتسبات وإبرازها والنهوض بمستقبل مملكتنا الغالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي