5 دروس من تجربة سليمان العليان في الانضباط وتركيز الأهداف

9 دقائق
سليمان العليان
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“الانضباط ثم الانضباط ثم الانضباط”، هذه الكلمات الثلاث التي تحمل معنى واحداً هو المثابرة والاجتهاد، كانت سبباً في وصول سليمان العليان لمكانته المميّزة وتحقيق ما حققه من إنجازات، بحسب المفكر غازي القصيبي، وهو الذي ساهم بإقناع العليان بترجمة كتاب مايكل فيلد عن سيرة العليان: “من عنيزة إلى وول ستريت… سيرة حياة سليمان العليان” إلى اللغة العربية. كان العليان متردداً بنشر سيرته الذاتية لأنه يعلم أن الثقافة العربية والسعودية تحديداً قد تعتبر ذلك نوعاً من التفاخر، لكنه وافق أخيراً بعدما اقتنع لسببين؛ الأول أنه يريد للصحافة العالمية أن تعرف كيف حصل على استثماراته العالمية، وأنه كان مستثمراً حقيقياً بعيداً عن كل الشبهات المريبة غير القانونية. والثاني رغبته في إلهام الشباب السعودي وجعلهم يؤمنون بقدرتهم على تحقيق أحلامهم وتأسيس مشاريع ومؤسسات ناجحة ما داموا يعملون بجدّ وانضباط.

سنتعرف في المقتطفات الآتية من حياة سليمان العليان على دروس أراد إيصالها للشباب السعودي والعربي، عبر عرض أسلوبه المنضبط في الالتزام بهدف صارم لتحقيق النجاح، فقد كان من نوعية القادة الذين يتصلون بمدراء شركاتهم الموزعة على مختلف قارات العالم، من هونغ كونغ إلى نيويورك مروراً بالرياض، كلّ بحسب توقيته المحلي صباحاً ليسأله “ما الجديد”، إذ إنه كان حريصاً على تتبع أداء أعماله مهما توسّعت، وكان موجهاً بتحقيق الأهداف التي وضعها صوب عينه، بغض النظر عن مدى صعوبتها والجهد المبذول في سبيل تحقيقها.

نسير في رحلة سليمان صالح العليان، من عامل بسيط يتقاضى أقل من 12 دولاراً شهرياً لم يحظ بقسط عالِ من التعليم، إلى رجل أعمال تمتد استثماراته من أستراليا إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وهونغ كونغ، ويصل عدد شركاته إلى 80 شركة تحت مظلة مجموعته، رحلة كسرت المعادلات النمطية لقصص النجاح المألوفة، فما الدروس التي يمكن لرواد الأعمال الشباب استقاؤها من مسيرته الحافلة؟ وكيف دخل هذا الفتى الفقير من مدينة عنيزة السعودية مجال الاستثمار حتى صار رائد أعمال احتلت صوره أغلفة المجلات العالمية، وحملت اسمه كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، ونال أرفع الأوسمة من ملوك العالم مثل وسام الفارس القائد للإمبراطورية البريطانية (KBE)، ووسام الاستحقاق المدني من إسبانيا، وأسهم في بناء اقتصاد دولة بحجم المملكة العربية السعودية، من خلال إنشاء إمبراطورية أعمال ضخمة وفقاً لمبدأ مستدام ومتماسك.

نجيب عن هذا السؤال من خلال سرد 5 مبادئ قيّمة طبّقها في حياته المهنية والشخصية وظهر فيها مبدأ الانضباط جلياً:

1. ركّز على الأهداف الكبرى

كان سليمان العليان يعرف بالضبط ما يريد، وتجلى ذلك في استثماراته التي لطالما استهدفت المشاريع المستدامة التي يمكن أن تستفيد منها الأجيال القادمة، كما ركزّ على عنصر الشفافية والوضوح في خياراته الاستثمارية الدولية، فقد اختار الاستثمار في قطاع البنوك نظراً لأنها تتصف بالدقة والانضباط في تقاريرها وحوكمتها. وكان يستخدم أسلوباً متدرجاً في دخول القطاعات الأخرى، فكانت سياسته بعد اقتناعه بالجدوى الاقتصادية لمشروع محدد تبدأ بجس النبض أولاً، أي إنه يضع “موطيء قدم” من خلال استثمار مبلغ ضئيل نسبياً إلى حين اتضاح أداء القطاع ومدى استقراره ثم يرفع من قيمة استثماره، فقد كان عارفاً بخبايا الأسواق المالية وتقلباتها، كما كان مؤمناً بأهمية القليل المستدام في استثماراته.

على صعيد السمات الشخصية، كان سليمان لا يحب الحديث في العموميات والجوانب النظرية البحتة، فقد كان رجل ميدان يفضل الفعل على القول. في هذا الصدد يقول المدير المالي السابق لشركة العليان للاستثمارات أكرم حجازي: “إذا ما نجحت بجعل سليمان يتحدث عن الاستراتيجية، فإنه سيقول لك بسرعة: “وكيف سننفذها”؟، وبعد ساعات قليلة، سيتصل بك ليرى ما الإجراء الذي اتخذته لتنفيذها”.

لقد تعلّم هذا التركيز على الهدف منذ أن كان طفلاً صغيراً يوصل النهار بالليل في الاستذكار حتى عند انقطاع الكهرباء، ووصلت غيرة زملائه إلى إخفاء كتبه وسرقة واجباته. وحينما سأله أحدهم عن سر اجتهاده أخبره أن أسرته ليست ثرية، لذا تعين عليه بذل جهد مضاعف لينجز الكثير قبل أن يضطر لترك الدراسة للعمل. وبالفعل ترك دراسته مبكراً، وعمل لعدة أشهر في شركة نفط البحرين كمراقب لقياس كميات الزيت، إذ كُلف بمراقبة كمية الزيت الذي يأتي من كل بئر وقياس حرارته وكثافته ومقدار ما يحويه من رمل، قبل العودة إلى وطنه السعودية للعمل في شركة أرامكو ليصبح من بين أول 50 عاملاً في الشركة، ثم اجتهد وتعلّم اللغة الإنجليزية من زملائه في العمل، وتقدم بعد ذلك للفرصة التي سنحت له ليصبح صاحب عمل مستقل.

ويبدو أن مستوى النشأة عموماً له علاقة بالسمات القيادية للفرد، إذ تظهر دراسة منشورة في هارفارد بزنس ريفيو أن الأفراد القادمين من خلفيات أكثر تواضعاً قد ينجحون عادة لأنهم ليسوا عرضة للنزعات النرجسية التي قد تشوب تفكير بعض من ينشأون في بيئة أسرية مرفهة.

وقد كان سليمان يحدد هدفه من كل شيء دون أن يهتم بالمظاهر كما تقول ابنته حياة، أي إنه اهتم بالغاية أكثر من الوسيلة، فالسيارة مثلاً كانت تعني له وسيلة نقل لا أكثر، لذلك لم يهتم بمدى فخامتها، وكان يختار السيارات العادية، كما أنه كان يختار الدرجة الاقتصادية في دور السينما عندما كان يرتادها مع عائلته في بيروت، على الرغم من قدرته على اقتناء تذاكر الدرجة الأولى، فالفيلم الذي سيُعرض هو واحد كما كان يقول.

2. الانفتاح على التعلم

كانت شركة أرامكو التي أمضى فيها تسع سنوات هي الجامعة الأهم في حياته، والتي أكسبته خبرة كبيرة في مجال الجرد والتدقيق المالي، وأساليب التجارة الحديثة، خاصة أنه لم يترك نجاراً أو سباكاً أو عاملاً أو فنياً إلا واستفاد من خبرته عبر طرح الأسئلة. كما عمد إلى إتقان اللغة الإنجليزية عبر التواصل مع مدرائه ومن حوله في بيئة العمل التي توفرها أرامكو، إضافة لاجتهاده الشخصي، ما جعل رؤساءه في أرامكو يولوه رسمياً وظيفة مترجم، ووثقوا به لدرجة تنصيبه مترجماً خلال زيارة الملك عبد العزيز التاريخية لمنشآت النفط في الظهران عام 1947.

رافقه الفضول وحبّ التعلم طيلة حياته، ونقل هذا الأمر إلى عائلته وموظفيه، فنقلت عنه، ابنته الكبرى حياة العليان، نصيحته التي ترى أنها تمثل ملخصاً للكيفية التي أدار بها عمله: “ليس هناك أسئلة غبية، إن لم تسأل فلن تتعلم”.

كان منفتحاً على التعلم بطريقة كانت سابقة لأبناء جيله، فقد تعلم من التعامل مع الأميركيين الجدّية كما يقول كاتب سيرته الذاتية، وتعلم من العيش في بيروت وأثينا وإدارة شركاته المختلفة الانفتاح على العالم، فقد كان ذا رأي مستنير ومتقدم عن المرأة والقضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية، إذ كان يكتب في المجلات العالمية على غرار مجلة فورتشن، ليشرح قضايا المنطقة العربية ويقدم السعودية بأفضل صورة في العالم الغربي، حتى صار الشخص الموثوق الذي يلجأ إليه كل من يحاول التعرف على السعودية والمنطقة في الولايات المتحدة الأميركية.

3. كن مستعداً لاقتناص الفرص

بدأت رحلة تكوين الثروة بسؤال ردده سليمان العليان في عقله حينما ترقّى في وظيفته في أرامكو ليصبح مسؤولاً عن مستودع الشركة ويكلّف بمسؤولية توريد ما تحتاجه الشركة من الخارج: “ماذا لو كنت أنا من يملك هذا المستودع، كم سيبلغ دخلي اليومي؟”، وهكذا ألهمه المستودع بفكرة تأسيس شركة خاصة.

في العام نفسه، سمع سليمان عن طرح مشروع “التابلاين” لنقل النفط من شرق السعودية إلى لبنان، وأدرك أنها فرصة الانطلاق، وعرض على أرامكو فكرة أخذه لمقاولة المشروع، ورحبت شركته بالفكرة بشرط تأسيسه شركة للمقاولات، فما كان منه إلا رهن منزله، ليؤسس أولى شركاته عام 1947، شركة المقاولات العامة، وتصبح الخطوة الأولى في طريق إمبراطورية العليان.

كان حرصه على تعلم كل شيء حوله، وانضباطه واحترامه للعمل، طباعاً منحته الجاهزية لاقتناص الفرصة التاريخية التي ظهرت في المملكة العربية السعودية باكتشاف النفط في أواخر الأربعينيات، وهي لحظة من لحظات التحول التاريخي التي يسميها عالم الأنثروبولوجيا البلجيكي آرنولد جينيب “أزمنة العتبات“، والتي استطاع العليان الشعور بها واستباقها بسبب جاهزيته، في حين بقي الكثيرون متفرجين وغير متنبهين للفرص التي تمر من بين أيديهم.

ولّدت لحظة التحول التاريخية فرصاً لا حصر لها، حيث كانت المؤسسات الحكومية التي تولت التنقيب عن النفط بحاجة لشركات تمدها بالخدمات اللوجستية مثل قطع الغيار والنقل والإسمنت والحفر. ووفقاً لمقال بعنوان “استغلال الفرصة التاريخية للتميز والريادة في السعودية“، كان استغلال هذه الفرصة التاريخية هو العامل المشترك بين الشركات العائلية العملاقة والرائدة حتى اليوم في المملكة العربية السعودية.

توالى ظهور شركات العليان في السنوات التالية، فقد توسعت من تأسيس شركة المقاولات، ثم دخول قطاعات جديدة فقد شارك في تأسيس أول شركة لتوليد الكهرباء في السعودية، وتأسيس أول شركة سعودية لتسويق غاز البروبان، وشركة تسويق المواد الغذائية “شركة التجارة العمومية”، وشركة “النقليات العامة”، المتخصصة في النقليات، وشركة مختصة بأعمال التأمين، وغيرها من الشركات في مختلف الصناعات.

كما دخل العليان مجال التأمين بتأسيس أول شركة سعودية، وكانت قصة تأسيسها مثالاً واضحاً على عقلية المستثمر الجريء، لأنها كانت إحدى خطوات ما يسمى “ابتكار خلق الأسواق” والذي أشار إليه المفكر كلايتون كريستنسن، والذي يعني توجه المستثمر المبتكر إلى خلق خدمات جديدة في أسواق لم تألفها من قبل، فحينما توفي عاملان في حادث أثناء تمديد خطوط الأنابيب، وطالب مكتب العمال الحكومي بتعويض ضخم لم يمتلكه العليان نقداً حينها حيث دفعت شركة التابلاين عنه، قرر تولي مهمة التأمين على عماله بنفسه، وسافر إلى البحرين لمقابلة أحد مدراء شركة جراي ماكنزي للتأمين الذي رفض طلبه، بدعوى أنه لا يثق في أمانة العرب في تسجيل الرواتب.

دفع رد المدير البريطاني العليان ليخبره بأنه يفكر في تأسيس شركة تأمين، ليرد عليه المدير: “أنت لا تعرف عما تتحدث”. لكن العليان كان واثقاً من “نقطة الألم” أو المشكلة التي سيسهم في حلها عبر هذه الشركة، فقرر تأسيس شركة “المشاريع العربية التجارية المحدودة” والتي صارت خلال العشرين عاماً التالية أكبر وكالة تأمين في الشرق الأوسط.

4. تنويع الاستثمار والتوسع في أسواق عالمية

توجه سليمان العليان في عقد الستينيات نحو الاستثمار في الأسواق العالمية، بعدما حصلت شركات “المقاولات العامة” و”التجارة العمومية” على وكالات حصرية لمنتجات شركات عالمية مثل كوكاكولا وكرافت وكمبرلي كلارك وجنرال فودز. وشرع بعدها في الحصول على تراخيص من الشركات العالمية لإنشاء مصانع ومستودعات بالسعودية مثل مصنع إنتاج المناديل الورقية ومستودع تبريد اللحوم وتصنيعها. في نهاية العقد، أسس شركة العليان المالية المالكة لـ 40 شركة تنشط في مختلف القطاعات حول العالم مع امتلاكها حصصاً في مصارف عالمية مثل البنك السعودي البريطاني، وتشيس مانهاتن.

ولكن التحول الآخر في هذه المرحلة كان اقتحامه لسوق الأسهم في نيويورك، فقد كان يحلم منذ أوائل الخمسينيات أن يمتلك استثمارات في منطقة نيويورك، حتى تشعر البنوك الأميركية بالطمأنينة على أموالها حين تقرضه. فهم سوق الأسهم في نيويورك وأغرم به لدرجة عبّر فيها بأن “الأسهم كانت تتحدث إليه”، وبالفعل حقق بها نجاحاً لافتاً بسبب تحليلاته وتوقعاته الصائبة بشأنها.

يروي ديفيد روكفلر، الملياردير والمصرفي الأميركي، موقفاً جمعه بسليمان العليان يوضح كيف برع الأخير في إقناع أصحاب الشركات والبنوك الكبرى بقبول طلبات شرائه أسهماً فيها، ففي أثناء توليه منصب الرئيس التنفيذي لبنك تشيس مانهاتن، أخبره أحد الموظفين أن رجلاً سعودياً يريد مقابلته، وبعد عدة دقائق من المقابلة، يقول روكفلر إنه فوجئ أن ذلك الرجل يعرف عن البنك أكثر مما يعرفه عنه هو شخصياً، ما يعني اهتمامه بالدراسة الدقيقة الذكية للمنشأة قبل الاستثمار بها.

5. الاستماع والتعاطف مفتاح الإدارة الفعالة للموظفين

“القادة المؤثرون لا يتحدثون فحسب، إنما يستمعون”، وردت هذه المقولة في تقرير صادر عن جامعة نورث وسترن، مؤكدة على أهمية تحلي القادة بمهارة الاستماع إلى الآخرين سواء كانوا موظفيهم أو عملاءهم، لأن الشركات الناجحة هي التي تنشئ حلقة قوية من التواصل تضمن تفاعل الموظفين ما يؤثر إيجابياً على التأقلم مع التوقعات المتقلبة للعملاء.

آليات تعامل الإدارة مع الموظفين كانت من أهم العوامل التي مكّنت سليمان العليان من بناء أعماله، فقد ارتكزت سياسته على الاستماع إلى الآخرين بشكل واعِ ومنفتح، إذ كان يعمد إلى بحث الأفكار والاستراتيجيات مع جميع الأطراف المعنية داخل الشركة قبل اتخاذ أي قرار، وهو ما اعتبرته ابنته لبنى العليان أحد أهم عوامل النجاح التي توارثتها عن والدها. وتصرح لبنى العليان، خلال مقابلة تلفزيونية في برنامج “الليوان” أنها تعلمت من والدها فلسفة الاستماع، إذ كان يرشدهم دائماً أن واجب القائد هو الاستماع إلى فريقه، وأن كل قرار لابد أن يسبقه مشاورة ونقاش من الأشخاص المعنيين، لتصبح هذه الفلسفة هي آليتها أيضاً في إدارة أعمالها.

يتحدث سليمان عما أسماه بـ “بناء الناس” ومساعدتهم على الخروج بأفكارهم الخاصة من خلال إسناد المسؤولية إليهم، إذ كان يشجعهم باستمرار على التعبير عن آرائهم بحرية، فقد قال أحد مدراء شركته: “إذا تكلم سليمان ثم فتحت فمك فإنه سيتوقف لكي يستمع إلى ما تقوله”.

الأمر ليس مقتصراً على الاستماع، إذ وجدت الكاتبة آل بيتامبالي، خلال مقال لها منشور في هارفارد بزنس ريفيو، أن أمراً مهماً يشترك فيه أنجح قادة العالم، وهو الاستعداد للاقتناع بآراء الغير وأفكارهم. هكذا كان الأمر بالنسبة لرجل الأعمال سليمان العليان، الذي قادته العديد من النقاشات مع الآخرين إلى تغيير وجهة نظره بالفعل، مثل موافقته على الاستثمار في مجال المطاعم، والذي رفضه من قبل، بناءً على اقتراح ابنته لبنى العليان التي رأت أنه قطاع ناجح وعوائده مستقرة، خلافاً لأغلب القطاعات الأخرى التي تحقق عوائد على نحو غير مستقر وتتعرض للصدمات على فترات زمنية متباعدة. وبالفعل حققت المجموعة نجاحاً لافتاً في قطاع المطاعم، واعترف سليمان لابنته بنجاح فكرتها وأنه كان على خطأ حينما رفضها.

لم يكن العليان سهل الاقتناع في المسائل كلها، بل تميّز بقدرة إقناعية وسعة صدر للنقاش مع الآخرين، وهذا ما أقرت به سيدة الأعمال لبنى التي تخلت عن مجال التسويق الذي أحبته وحوّلت دراستها إلى مجال البنوك بسبب قدرة والدها الفائقة على إقناعها، لتصبح واحدة من أهم المحللات المالية في المنطقة.

زرع سليمان العليان شعور الوحدة والانتماء في شركاته، وهي معادلة عجز الكثيرون عن فهمها وفقاً لسيرته الذاتية، فيقول أحد مدرائه: “لم أكن لأترك العمل معه ولو أعطيت ضعف الراتب الذي كنت أتقاضاه في شركته. لقد أصبحنا كأننا ننتمي إلى أسرة واحدة”.

رسالة سليمان العليان للشباب والشركات السعودية

في مقدمة الكتاب الذي تناول سيرته الذاتية، قال سليمان: “كانت حياتي هي العمل، ولن يكون لأي نجاح حققته قيمة إن لم يكن ذا فائدة للأجيال القادمة من رجال وسيدات الأعمال السعوديين، وسوف يتوفر لهم من الفرص أكثر مما توفر لي”. واليوم تتوفر بالفعل للشباب السعودي فرص أكبر مع الانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة.

وفي سيرة العليان الكثير من الدروس القيّمة الأخرى التي يمكن استخلاصها، وقد ساعدت بحسب كاتب سيرته الذاتية على صمود شركته العائلية ووصلوها إلى العالمية، فعلى رغم حرصه على المشاركة في اتخاذ القرارات الرئيسية، فقد كان يحب تفويض الأعمال لمدراء هذه الشركات ومسؤوليها التنفيذيين، وقد كان سعيداً بانضمام أبنائه خالد ولبنى وحياة وحذام، لكنهم أدوا جميعاً أدوارهم كأعضاء في مجلس إدارة يعمل معاً لاتخاذ قرارات بالأغلبية أو الإجماع مع باقي التنفيذيين، وهذا ما حمى شركات العليان من التفتُت الذي تعانيه كثير من الشركات العائلية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .