دراسة تُظهر فعالية استخدام القنوات المتعددة في تجارة التجزئة

3 دقائق

يمكن لتجار التجزئة التقليديين أن يستشعروا بالخطر. إذ أنه حتى مع احتدام المنافسة، تتراجع زيارات المتسوقين إلى متاجر التجزئة كل عام، ما دعا أحد المخضرمين في الصناعة إلى أن يسأل زملاءه: "هل من أحد لا يرى تراجع أعداد الزوار إلى موقعنا؟".

من ناحية أخرى، يعيش تجار التجزئة على الإنترنت أيام ازدهار. فقد زادت مبيعات التجزئة عبر القنوات الرقمية (بما في ذلك الهاتف الجوال) بنسبة 23% في العام 2015. وهي مكاسب حصد معظمها تجار الإنترنت. وكانت أمازون من أكثر المستفيدين، وهي تشكل الآن 26% من كل مبيعات التجزئة على الإنترنت. يُضاف إلى هذا أنه مع استمرار توسعها الواسع نحو فئات جديدة مثل البقالة والأزياء، يزداد التهديد الوجودي الذي تشكله أمازون على تجار التجزئة على الإنترنت ليصبح أكبر من أي يوم مضى. فقط اسأل "أليكسا" (Alexa).

استراتيجية قنوات التسويق المتعددة هي دواء لبيئة صعبة

في ظل هذه البيئة العدوانية، علّق تجار التجزئة التقليديون مستقبلهم على التجزئة باستخدام قناة تسويقية متعددة، حيث تتمحور استراتيجية القناة التسويقية المتعددة على فكرة: أنّ توفير تجربة تسوق لسلسة في المتاجر التقليدية عبر مجموعة متنوعة من القنوات الرقمية لا يؤدي فقط لإكساب تجار التجزئة ميزة على نظرائهم، لكنه يمنحهم أيضاً ميزة تنافسية على تجار التجزئة على الإنترنت وذلك لقدرتهم من الاستفادة من أصول متاجرهم.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: أهمية الميزان التجاري

يفترض مثل هذا التفكير أنّ المتاجر التقليدية، على الرغم من تكاليفها، تقدم قيمة اقتصادية هامة يمكن اكتسابها بتوفير قنوات رقمية للمتسوقين، ويمكن صهر تجربة التسوق عبر مختلف القنوات. ويعتمد تجار التجزئة على استراتيجية القناة الجامعة كي تكون أشبه "بذلك التطبيق القاتل". لكن هل هذا صحيح؟ هل فعلاً يعود المتسوقون في قناة جامعة بقيمة أكبر على تجار التجزئة؟

انطلقنا نحو الإجابة عن هذا السؤال من خلال التعاون مع شركة أميركية كبرى لديها مئات متاجر التجزئة في مختلف أنحاء البلاد. ودرسنا السلوك التسويقي لأكثر من 46,000 زبون اشتروا خلال فترة 14 شهراً من يونيو/حزيران من العام 2015 إلى أغسطس/آب  من العام 2016. سُئل الزبائن عن كل جانب من رحلة التسوق في المتجر، مع التركيز على القنوات التي يستخدمونها وسبب استخدامهم لها. كما طُلب منهم أيضاً تقييم مجمل تجربتهم في التسوق. ومن بين المشاركين في الدراسة، كان 7% فقط منهم متسوقون على الإنترنت، وكان 20% يتسوقون من المتاجر فقط. أما الأغلبية العظمى المتبقية، أو 73%، فقد كانوا يستخدمون قنوات متعددة خلال رحلة تسوقهم. يمكننا أن نسمي هؤلاء بزبائن القناة الجامعة.

زبائن القناة التسويقية مستخدمون نهمون لنقاط التماس مع تاجر التجزئة

أظهرت اكتشافاتنا أنّ زبائن القناة التسويقية أحبوا استخدام نقاط التماس مع التاجر، في جميع أشكالها وأماكنها. فلم ينحصر استخدام الزبائن لتطبيقات الهواتف المحمولة بمجرد مقارنة الأسعار أو تحميل القسائم، لكنهم كانوا أيضاً مستخدمين نهمين للأدوات الرقمية في المتجر مثل المصنفات التفاعلية أو أجهزة التحقق من الأسعار أو الأجهزة اللوحية. وكانوا يشترون عبر الإنترنت، ثم يستلمون مشترياتهم من المتاجر، أو يشترون من المتاجر ويطلبون شحن مشترياتهم إليهم. نستعرض في ما يلي كل تطبيق وأداة رقمية وموقع تسوق يقدمه تاجر التجزئة كقناة منفصلة.

تزيد قيمة القنوات كلما زاد استخدام الزبائن لها

كان لنتائج دراستنا دلالات واضحة، حيث تُظهر أنّ زبائن القناة التسويقية أعلى قيمة من حيث اعتبارات كثيرة. فبعد إجراء ضبط لتجربة التسوق، تبيّن أنهم أنفقوا وسطياً 4% أكثر في كل مناسبة تسوق في المتجر، و10% أكثر على الإنترنت مقارنة بزبائن القناة الواحدة. والمثير في الأمر أكثر أنه مع كل قناة إضافية يستخدمونها، كان المتسوقون ينفقون مالاً أكثر في المتجر. مثلاً، أنفق الزبائن الذين استخدموا أربع قنوات وما فوق في المتجر أكثر بـ9% وسطياً مقارنة بمستخدمي القناة الواحدة.

المفاجئ في الأمر، أدى قيام الزبائن ببحث مسبق على الموقع الإلكتروني للتاجر أو على مواقع تجار آخرين إلى إنفاق أعلى في المتجر بمعدل 13% بين المتسوقين في القناة التسويقية. وهي نتائج تخالف الفكرة السائدة القائلة بأنّ التسوق وليد اللحظة، حيث يشكل التسوق الاندفاعي معظم مبيعات تجار التجزئة التقليديين. بدلاً من ذلك، تقترح نتائجنا أنّ البحث الواعي يقود العملاء إلى مشتريات أكثر في المتجر، كما تأتي نتائجنا مخالفة للتفكير التقليدي حول طريقة عرض المنتجات والقائل أنّ المتسوقين التقليديين يدرسون المتجر ومن ثم يشترون من الإنترنت، حيث وجدنا أنّ المتسوقين في القنوات التسويقية المتعددة لتاجر التجزئة يتفاعلون مع عرض المنتجات عبر موقع الإنترنت، وهو الأمر الذي أصبح شائعاً بشكل خاص بين المتسوقين من جيل الألفية.
وبالإضافة إلى تسوقهم أكثر، كان المتسوقون من القنوات المتعددة أكثر ولاء. وخلال 6 أشهر من تجربة التسوق في القناة التسويقية، سُجّل قيام المتسوقين برحلات تسوق متكررة إلى متاجر التجزئة أكثر بـ23%، وكانوا غالباً ينصحون عائلاتهم وأصدقاءهم بالعلامة المميزة أكثر مما فعل أولئك الذي استخدموا قناة واحدة.

هناك أمر وجب التحذير منه في دراستنا. يجب عدم الحكم الخاطئ على الروابط التي نخبر عنها هنا بأنها سببية. ما نحن واثقون منه في دراستنا هو أنّ المتسوقين من القنوات المتعددة كانوا أكثر قيمة بالنسبة لتاجر التجزئة. لكن يبقى التساؤل المفتوح ما إذا كان مثل هؤلاء الزبائن أكثر ولاء وتفاعلاً مع تاجر التجزئة من البداية أم أنّ تجربة التسوق الأغنى ونقاط التماس المتعددة في قنواته المتعددة هي ما أدت بهم إلى الإنفاق والعودة والدفاع أكثر عن المتجر. وبغض النظر عن ذلك، تتبنى دراستنا بشدة منطق تجار التجزئة التقليديين في تبني استراتيجية القناة التسويقية واستخدامها كعامل مميز لهم في حربهم مع تجار التجزئة على الإنترنت.

في بيئة غنية بقنوات البيع، تدفع مقدرات القناة التسويقية تفاعل المتسوقين الأساسيين مع العلامة المميزة, وبالتالي تجذبهم إلى متاجرها المادية. وسيكون أداء تجار التجزئة التقليديين أصحاب المتاجر المادية أفضل ليس فقط باستفادتهم من قوة عالم الإنترنت، لكن إن هم أيضاً زامنوا بين العوالم التقنية والمادية من أجل تقديم تجربة سلسة ومتعددة القنوات للزبائن لا يستطيع تجار الإنترنت مضاهاتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي