لم يعد تزويد الزبائن بمنتج ما أو خدمة مناسبة أمراً كافياً من أجل بناء قيمة العلامة التجارية من خلال فريق المبيعات، فالمنافسة في أوجها، وأضحى الأفراد اليوم يفكرون ملياً قبل اتخاذ أي قرار بشأن الشركات التي يودون التعامل معها، بدءاً من مرحلة الدراسة إلى مرحلة الشراء. وأظهرت البحوث الحديثة أن التفاعلات مع موظفي الخطوط الأمامية لها تأثير قوي على الانطباع الذي تتركه العلامة التجارية على الزبائن، لدرجة أن 64% من الزبائن تجنبوا التعامل مع بعض العلامات التجارية بعد أن واجهوا تجربة سيئة. وعلى الرغم من حقيقة أن توقعات الزبائن أصبحت أعلى من أي وقت مضى، لا تزال الجودة العامة لتجربة العميل التي تقدمها الشركات مستقرة.
لماذا يحدث ذلك؟
للإجابة عن هذا السؤال، عقدت شركتي "إنر فيو" (InnerView) شراكة مع شركة "فوكس فيجين" (FocusVision) مؤخراً لإجراء بحوث حول آثار تخفيف العلامة التجارية. وأجرينا استبياناً مدته 10 دقائق عبر الإنترنت مع 250 مهنياً من الشركات متوسطة الحجم إلى الشركات كبيرة الحجم التي حققت إيرادات قدرها 250 مليون دولار أو أكثر. وعمل جميع المشاركين في الاستبيان في التسويق أو تطوير المنتجات أو تجربة العملاء. وطلبنا منهم مشاركة الأساليب التي يتبعونها فيما يخص بحوث الزبائن، ومبادرات السوق الجديدة ورسالة العلامات التجارية من خلال أسئلة مثل: "هل حاولت شركتك إعداد قصة علامة تجارية تصف عرض قيمتها؟" و"ما مدى ثقتك في قدرة الموظفين في مؤسستك على سرد قصة علامتك التجارية بدقة ودون تعارض؟".
وأردنا أن نحدد مدى استخدام الشركات بيانات الزبائن بهدف خلق قصص علاماتها التجارية وتدريب فرقها العاملة في الخطوط الأمامية، مثل سلوك الشراء والتفضيلات وآراء المجموعات المركزة وبحوث السوق.
اقرأ أيضاً: موظف المبيعات العظيم يفعل كما العلامات التجارية العظيمة
واكتشفنا من خلال عملنا انعدام الترابط بين فرق التسويق الداخلية وموظفي الخطوط الأمامية الذين يشاركون رسائل هذه الشركات، وتمكّنا أيضاً من تحديد سبب وجود عدم الترابط هذا في العديد من المؤسسات.
فقد تبيّن لنا أن قلّة من الشركات تدرّس موظفي المبيعات الجدد ما يحتاجون إلى معرفته بالفعل. وتوصلت بحوثنا إلى أنه على الرغم من استخدام الشركات أساليب التدريب الأكثر شيوعاً، مثل التدريب الخاص بالمنتجات الذي يُستخدم بنسبة 85% والبريد الإلكتروني المستخدم بنسبة 91%، غالباً ما يفشل موظفو المبيعات في مشاركة رسائل متسقة حول المنتج. ويعود سبب هذا الفشل إلى اعتماد ما نسبته 69% من الشركات على مصادر المعلومات الضخمة لتدريب موظفي الخطوط الأمامية، مثل مكتبات الوثائق والمجلدات المشتركة التي تحتوي على معلومات قديمة.
ويخلق هذا النهج في التدريب تدفقات من المعلومات تنتقل في اتجاه واحد فقط، وهو ما يُثقل كاهل العاملين في الخطوط الأمامية بنصائح غير ملائمة تفشل في توجيه أعمالهم وسلوكياتهم بنجاح بمجرد بدئهم العمل وتفاعلهم مع الزبائن في الوقت الآني. ونتيجة لذلك، يُسيئ هؤلاء الموظفين عرض تفاصيل المنتجات ورسائل العلامات التجارية أمام العملاء المحتملين، وهو ما يؤدي إلى إلحاق الضرر في الشركة في النهاية.
بناء قيمة العلامة التجارية من خلال فريق المبيعات
إلا أن وقت التغيير قد حان، إذ يجب على فرق موظفي الخطوط الأمامية التفكير والتصرف برشاقة. وبدلاً من تدريب أعضاء فرق المبيعات على ما يجب عليهم قوله، يجدر على الشركات إطلاعهم بماهية التجربة التي يحاولون تقديمها إلى الزبائن وتدريبهم على كيفية التفكير من منظور تلك التجربة. ومن المحتمل أن تساعد أساليب التدريب التي تعلّم العمال كيفية التفكير من هذا المنظور في إنشاء موظفين واثقين بقدراتهم على خلق نتائج أفضل للزبائن. واستناداً إلى نتائج بحوثنا وتجاربنا في استشارة عشرات الآلاف من فرق المبيعات والتسويق على مستوى العالم، توصّلنا إلى بعض الأساليب التي يجب على الشركات التي تسعى إلى مواءمة رسائل علاماتها التجارية اتباعها:
1. اطرح أسئلة لمساعدتك في تحديد الفجوات المعرفية
أفاد 52% من المشاركين في الاستبيان أنه طُلب منهم تقديم منتجات جديدة على أساس ربع سنوي، ومن الطبيعي وجود فجوات في المواءمة في ظل هذه الوتيرة المتسارعة من نهج تقديم المنتجات. ونظراً إلى أن فرق الخطوط الأمامية تتلقى مجموعة كبيرة من المعلومات في أثناء التدريبات، غالباً ما يواجه أعضاء هذه الفرق مشكلة في صياغة كافة التفاصيل التي تلقوها في قصة مقنعة، وهو ما يُسفر عن مواجهة مؤسساتهم مشكلات في مواءمة رسائل علاماتها التجارية لدى فرق المبيعات والتسويق والفرق المختلفة داخل قسم خدمة الزبائن على حد سواء.
لسوء الحظ، تستجيب معظم المؤسسات لهذه المشكلة عن طريق إجراء مزيد من التدريبات. إلا أن موظفي هذه المؤسسات ليسوا بحاجة إلى تلقي مزيد من المعلومات المتشابهة، وإنما هم بحاجة إلى قادة لتزويدهم بالأدوات والأهداف التي تساعدهم في سد الفجوات المعرفية فقط.
اقرأ أيضاً: ما تجهله عن المبيعات قد يضر باستراتيجية شركتك
وتقدّم إحدى المؤسسات التي استشرناها مثالاً على ذلك، فعندما بدأنا العمل مع الشركة، طُلب من جميع فرق المبيعات وفرق خدمة الزبائن حضور جلسة تدريب دامت مدة ساعتين ونصف الساعة غطت التفاصيل الفنية حول الأجهزة التقنية التي قد تستخدمها الشركة لبيع المنتجات، لكن دون أن تحدد عرض قيمة واضح، وحققت الشركة بعد شهرين من إطلاق منتجاتها 11% فقط من هدفها. توجهنا إلى فرق المبيعات شخصياً لمعرفة السبب، وحصلنا على الإجابة نفسها من كل موظف: "لم نفهم رسالة الشركة التي من المفترض أن نعرضها بشأن المنتج".
وللتعمق في المشكلة أكثر، سألنا هؤلاء الموظفين عما يعرفونه عن المنتج وقيمته وأفضل طريقة لمشاركة هذه المعلومات مع الزبائن. ومكّنتنا هذه المعلومات من تخطي الموضوعات التي أجادوا التعامل معها وإنشاء أساليب تدريب تركز على المجالات التي واجهوا صعوبة في التعامل معها.
وأعددنا مجموعة مواد تدريبية مبسطة لسد الفجوات المعرفية، ورسوماً بيانية مؤلفة من صفحة واحدة تضم المعلومات التي جهلوا بها أو واجهوا مشكلات في مشاركتها. وتولى ممثلون عن موظفي الخطوط الأمامية تقييم هذه المعلومات التي وُصفت أنها سهلة الفهم بالنسبة إلى مندوبي المبيعات وأصبحت وسيلة فاعلة للتعلم السريع. بالإضافة إلى ذلك، كان الموظفون قادرين على مراجعة المواد في أوقات فراغهم والتعمق فيها أكثر من خلال جلسات التدريب المقررة.
وتعتبر عملية التقييم الأولى هذه والمتابعة مع فرق الخطوط الأمامية وتصميم البرامج التدريبية المتكررة وسيلة فاعلة وسهلة لمعظم المؤسسات لسد الفجوات المعرفية. وقد أسفرت في الحالة أعلاه عن نتائج أعلى بكثير من أساليب التدريب التقليدية.
2. تخصيص تجربة التدريب على أساس آراء الفريق
إن إدراك ما يحدث على أرض الواقع يُتيح للشركات إعداد برامج مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الحقيقية لفرق المبيعات والزبائن، لكن كثيراً ما تعامل المؤسسات موظفيها بوصفهم مجموعة متجانسة لمجرد أنهم يعملون في المكان نفسه، إلا أن اتباع هذا النهج يجعل فرق المبيعات تواجه صعوبات عدة. لذلك، يتعين على الشركات تبنّي النهج الذي يتّبعه خبراء التسويق في إجراء البحوث بهدف تصميم رسائل للزبائن المستهدفين وأن تجمع ملاحظات من موظفيها بهدف تحسين استراتيجيات التدريب الخاصة بها وصقلها. ومن المهم تجنب جمع هذه الملاحظات من خلال إجراء استبيانات رضا الموظفين.
إذ عادة ما يُسفر الاستفسار عن شعور الموظفين حيال ما تعلموه عن نتائج غير دقيقة، حيث تميل فرق الخطوط الأمامية إلى إخبار الإدارة بما يودون سماعه عند طرح أسئلة تتقصى آراءهم خوفاً من رد فعل الإدارة السلبي. وللحصول على رؤى ثاقبة أكثر دقة، نقترح إنشاء منتدى منظم لفرق الخطوط الأمامية يهدف إلى تبادل الخبرات، وقد شهدنا نجاح هذا النهج مراراً وتكراراً مع عملائنا.
على سبيل المثال، أنشأنا خلال أحد مشاريعنا الاستشارية منتدى للأشخاص في الشركة بهدف تبادل الآراء، حيث عملنا مع فريق القيادة لإنشاء لجان توجيه لمختلف المناصب في أقسام خدمة الزبائن والمبيعات، وأجرينا مكالمات منتظمة مع كل مجموعة تحدوا خلالها افتراضاتنا المتعلقة برسالة العلامة التجارية وقدموا لنا إرشادات حول المواد الأكثر فائدة للتقدّم. وتعلمنا أن الأشخاص الذين فشلوا في التعامل مع عميل مرتقب احتاجوا إلى معلومات مختلفة عن الأشخاص الذين نجحوا في التعامل مع هؤلاء العملاء المرتقبين. وتمكّنا بعد جمع هذه الملاحظات من إنشاء مواد مصممة خصيصاً لكل فرد داخل فريق المبيعات. وفي النهاية، تجاوزت كلا مجموعتي الموظفين توقعات أهداف المبيعات.
اقرأ أيضاً: ما هي أنجح السبل لتحفيز مندوبي المبيعات؟
ولم تقتصر المشكلة على المواد في بعض الأحيان، وإنما على كيفية تقديم هذه المعلومات. وقد أخبرنا عميل آخر قمنا بجمع الآراء منه أن الحلقات الدراسية التي أجرتها الشركة عبر الإنترنت كانت غير فاعلة لأن موظفي المبيعات وجدوا صعوبة في التركيز نتيجة احتجازهم في مكاتبهم أثناء فترة التدريب. وما أرادوه حقاً هو الحصول على معلومات جديدة ترتبط بجداول أعمالهم. وتمكّنا بعد تعلم ذلك من تحويل معلومات الحلقات الدراسية عبر الإنترنت إلى حلقات بودكاست سمحت للموظفين بالتدرب في وقتهم الخاص وبالطرق التي تناسبهم.
وحازت حلقات البودكاست قيمة كبيرة أيضاً لأنها وفّرت لقسم التسويق منصة تَمكّن من خلالها مشاركة رسالة واحدة متسقة مع فرق المبيعات والتماس آرائهم بصراحة، وهو ما سمح للإدارتين بالتواؤم بشكل أفضل في إعداد رسالة المنتج وتحديد الأساليب التي يجب على موظفي الخطوط الأمامية اتباعها.
كما أن التماس الشركة المدخلات من الموظفين وإظهار عزمها على تنفيذها أتاح لها بناء بيئة قائمة على الثقة واكتساب ولاء العمال. في النهاية، تُوفر بنية الشركة والتناسق والمتابعة طرقاً موثوقة لجمع الآراء من فرق الخطوط الأمامية.
3. التركيز على بناء الثقة
تحدد الثقة في سرد قصة العلامة التجارية مدى نجاح المحادثات من جانب موظفي الخطوط الأمامية. وعادة ما يتفوق مندوبو المبيعات ومسؤولي علاقات الزبائن الذين يشعرون أنهم على استعداد لإجراء محادثات متعمقة مع العملاء على أولئك الذين لا يبدون أي درجة من الاستعداد.
ووجدنا في دراستنا مع شركة "فوكس فيجين" أن موظفي الخطوط الأمامية الأكثر ثقة عملوا لصالح شركات تحمل رسالة علامة تجارية متسقة ضمن فرق التسويق والمبيعات. والأهم من ذلك، كانت الشركات التي امتلكت رسائل علامات تجارية متسقة أكثر عرضة لاستخدام أساليب التسويق التجريبية بنسبة 33% إلى 37%، لتدريب فرق الخطوط الأمامية، مقارنة بأساليب فرق المبيعات، وشملت هذه الأساليب التعلم من الأقران، والمجموعات المركزة وإطلاق الفعاليات لخلق المشاركة والإثارة حول المبادرات الجديدة. بمعنى آخر، حفزت الاستراتيجيات التي يستخدمها خبراء التسويق لتغيير سلوك المستهلك سلوكاً متسقاً بين الموظفين، بما في ذلك كيفية مشاركة قصة العلامة التجارية.
ويعود سبب نجاح هذا النهج إلى أن تمكين الموظفين ليكونوا جزءاً من هذه القصة وجعلهم يختبرون العلامة التجارية التي يمثلونها بطرقهم الخاصة قد أسفر عن بناء الثقة والكفاءة بطريقة لا يمكن للمعلومات وحدها تحقيقها.
ومع ذلك، عندما نقارن أساليب التسويق الأكثر شيوعاً والمستخدمة في أثناء تفاعلات المبيعات، مثل الفيديو والبودكاست والواقع الافتراضي، والتفاعلات الفردية بشكل خاص، مع أساليب التدريب المستخدمة لتعليم موظفي الخطوط الأمامية نلاحظ وجود فجوة هائلة يعود سببها إلى الإهمال من جانب العديد من فرق القيادة.
وتُعتبر شركة "روجرز كوميونيكيشنز" (Rogers Communications) مثالاً على شركة ناجحة للغاية لاتباعها النهج المعاكس، حيث أنها تركز على التسويق لموظفيها قبل التسويق لزبائنها، وتجمع القيادة آراء من فرق الخطوط الأمامية بشكل أسبوعي وتستخدم اقتراحاتها لتطوير برامج تجريبية لتعليمهم والاحتفاء بنجاحهم. وكثيراً ما تعقد الشركة فعاليات بارزة للتعرف على الابتكارات الجديدة في خدمة العميل. في حين يجري التعامل مع فرق المبيعات باعتبارها مسعى مشترك، حيث يجري مشاركة الأساليب بين زملاء العمل على أساس منتظم، واختيار الأسلوب الأفضل وتبنّيه من قبل فرق الخطوط الأمامية. وتمكّنت شركة "روجرز" من جعل موظفيها يمتلكون إحساساً بالملكية والثقة من خلال اعتناق أفضل الأفكار التي تأتي من الداخل، وهو ما حسّن من تجربة العميل في نهاية المطاف.
من الآمن القول أن النهج القديم للتدريب قد أصبح فاشلاً، فتقديم معلومات إضافية وإرسال رسائل إلكترونية تحتوي على أوصاف المنتج الجديد لم تعد كافية لإشراك الموظفين بعد الآن. وعندما تحاول المؤسسات إخبار الموظفين بما يجب عليهم فعله أو قوله بالضبط، فإنها تنشئ نظاماً صارماً غالباً ما يجعل هؤلاء الموظفين يشعرون بالإحباط. في حين عندما تضع المؤسسات إرشادات حول تأثير العلامة التجارية على الزبائن وتمنح الموظفين القدرة على إضفاء بصمتهم الشخصية عند التفاعل ضمن هذه الإرشادات، سيصبح موظفوها أكثر ذكاء وأكثر تركيزاً على الزبائن وأفضل أداء.
وتتمتع أقوى المؤسسات وأفضلها بالفعل بمواءمة داخلية عالية وموظفين يؤمنون بالعلامة التجارية لأنهم أصبحوا جزءاً منها. وقد تساعد الأساليب المذكورة أعلاه مؤسستك في بناء قيمة العلامة التجارية من خلال فريق المبيعات.
اقرأ أيضاً: إثبات عدم فاعلية ماكينة المبيعات