علامات تدل على أن المدير قريب من الفشل وكيفية معالجتها

6 دقيقة
المدراء
توم آند ستيف/غيتي إميدجيز

ملخص: كشف بحث أجرته شركة غارتنر أن المدراء اليوم يتحملون مسؤوليات أكثر مما يمكنهم إدارته بفعالية بنسبة 51%، وقد بدؤوا ينهارون تحت الضغط: يعاني 54% من المدراء التوتر والإعياء الناجمين عن العمل، ويجد 44% منهم صعوبة في تقديم الدعم الشخصي لمرؤوسيهم المباشرين. في نهاية المطاف، أعرب مدير من أصل خمسة مدراء عن تفضيله ألا يكون مديراً للأشخاص إذا ما أتيح له الخيار. كشف تحليل أعمق عن أن 48% من المدراء معرضون لخطر الفشل بناءً على معيارين: 1) عدم اتساق الأداء الحالي؛ 2) عدم الثقة في قدرة المدير على قيادة الفريق إلى النجاح في المستقبل. يعرض هذا المقال 4 مؤشرات تدل على احتمال فشل المدراء ويقدم اقتراحات للمؤسسات لمعالجتها.

لقد أصبحت وظيفة المدير صعبة للغاية؛ فمع توجه المؤسسات لتسطيح هياكلها أكثر فأكثر كل عام، أصبح المدير العادي يشرف على عدد من المرؤوسين المباشرين أكثر بـ 2.8 مرة خلال السنوات الست الماضية، وفقاً لبحوث مؤسسة غارتنر. خلال السنوات القليلة الماضية فقط، اضطر العديد من المدراء إلى إجراء تغييرات جذرية، تراوحت من التحول للعمل عن بُعد وإدارة الفِرق الهجينة إلى تنفيذ سياسات العودة إلى المكتب.

كشف بحث غارتنر أن المدراء اليوم يتحملون مسؤوليات أكثر مما يمكنهم إدارته بفعالية بنسبة 51%، ومع ذلك، يظلون الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها نجاح المؤسسة، إذ يحملون عبء تلبية توقعات القادة في القمة وفي الوقت نفسه يتعاملون مع توقعات الموظفين في المستويات الأدنى.

وقد بدأ هذا الضغط يلقي بظلاله على المدراء. إذ يعاني 54% من المدراء التوتر والإعياء الناجمين عن العمل، ويجد 44% منهم صعوبة في تقديم الدعم الشخصي لمرؤوسيهم المباشرين. في نهاية المطاف، أعرب مدير من أصل خمسة مدراء عن تفضيله ألا يكون مديراً للأشخاص إذا ما أتيح له الخيار.

بالتعمق في المسألة، كشف تحليل البيانات التي جمعناها من أكثر من 9 آلاف موظف ومدير أن نحو نصف المدراء (48%) معرضون للفشل بناءً على معيارين:

  1. عدم اتساق الأداء الحالي: هل كانت قدرة فريق المدير على تحقيق أهداف العمل خلال العام الماضي متسقة؟
  2. ضعف التوقعات المستقبلية: هل يشعر المدير بثقة في قدراته؟ وهل يثق أعضاء الفريق في قدرة مديرهم على قيادتهم نحو النجاح في المستقبل؟

الخطر جسيم: الموظفون الذين يتبعون مدراء معرضين للفشل تقل احتمالات أن يكونوا من أصحاب الأداء العالي بنسبة 91%، وتزداد احتمالات أن يتركوا مؤسساتهم 3 أضعاف، وتزداد احتمالات أن يقدموا أداءً ضعيفاً فيما يتعلق برضا العملاء وأهداف الابتكار 4 أضعاف.

ما المؤشرات على خطر فشل المدراء؟

كشف تحليلنا عن أكثر من 100 مؤشر محتمل للفشل، وعلى عكس الفكر السائد، فالتحديات مثل عدم القدرة على تحديد الأولويات أو الافتقار إلى المهارات الفنية أو التغييرات غير المسبوقة أو عدم فعالية التدريب ليست أهم مؤشرات فشل المدير. إليكم أهم 4 مؤشرات لاحتمال فشل المدراء:

1. افتقار المدراء إلى الوعي الذاتي

عموماً، لا يواجه المدراء صعوبات بسبب نقص المهارات اللازمة، إذ أفاد 82% من المدراء بأنهم يتمتعون بالمهارات المطلوبة في وظائفهم الحالية. لكن استقصاءً أجرته غارتنر في مارس/آذار 2023 شمل نحو 100 من قادة الموارد البشرية كشف أن واحداً فقط من كل خمسة قادة قال إن المدراء في مؤسسته يدركون مواطن قوتهم ومجالات تطويرهم. المدراء الذين يفتقرون إلى هذا الوعي الذاتي تزداد احتمالات فشلهم 3 أضعاف تقريباً مقارنة بالمدراء الذين يتمتعون بهذا الوعي الذاتي.

تشمل العلامات التحذيرية التي تدل على أن المدير يفتقر إلى الوعي الذاتي ما يلي:

  • الميل إلى اتخاذ موقف دفاعي عند تلقي ملاحظات بنّاءة.
  • تفضيل عدم تفويض المهام، حتى لو لم يتمتع بالمهارات اللازمة للتعامل معها.
  • السعي للحصول على موافقة أصحاب المصلحة الكبار على قرارات من المفترض أن يتحمل مسؤولية اتخاذها بنفسه.

يمكن للقادة أن يساعدوا على تعزيز الوعي الذاتي للمدراء من خلال اتخاذ إجراءات استباقية، قبل ترقية الموظف إلى منصب مديرٍ للأشخاص. على سبيل المثال، طوّرت إحدى شركات التأمين الصحي في الولايات المتحدة برنامج محاكاة لتعريف الطامحين لشغل منصب إداري بالصعوبات الرئيسية في هذا الدور قبل أن يتولوه فعلياً، يتضمن البرنامج عدة وحدات حول القدرات الأساسية مثل إظهار الضعف الإنساني، وإجراء المحادثات الصعبة، والتعامل مع عدم اليقين، والقدرة على التحمل، والمصداقية. وتتضمن كل وحدة تمارين تفاعلية متعلقة بالعمل أو غير متعلقة به تسمح للموظفين بالتفكير في تجاربهم الحياتية ذات الصلة لتعزيز ثقتهم في التعامل مع أصعب جوانب دور المدير.

2. التعاطف في اتجاه واحد

لا يمكن المبالغة في أهمية التعاطف الذي يمارسه المدير تجاه فريقه، وقد أصبح هذا التعاطف أهم في السنوات الأخيرة، فوفقاً لغارتنر، أفاد 69% من قادة الموارد البشرية بأنهم يتوقعون من المدراء في مؤسساتهم أن يكونوا أكثر تعاطفاً مع احتياجات الموظفين الفردية مما كانت عليه الحال قبل الجائحة.

في حين يتحمل المدراء المسؤولية الأساسية عن تعزيز بيئة عمل قائمة على التعاطف، يجب أن يكون التعاطف متبادلاً؛ يشير بحث غارتنر إلى أن نقص التعاطف في الفريق يزيد مخاطر فشل المدير بمقدار 3.7 أضعاف. عندما حللنا العوامل التي تسهم في نقص التعاطف في الفريق، وجدنا أن 35% منها ناتجة عن قلة التعاطف الذي يُظهره الموظفون تجاه مدرائهم. تشمل العلامات التي تدل على افتقار الموظفين إلى التعاطف مع مدرائهم ما يلي:

  • الاعتقاد أنهم يمتلكون المهارات اللازمة لأداء وظيفة مديرهم.
  • عدم الرغبة أو القدرة على التأقلم مع أسلوب عمل مديرهم.
  • الاعتقاد أن مدراءهم هم المسؤولون الوحيدون عن تحقيق أهداف الفريق.

يطبّق العديد من المؤسسات برامج تطوير لمساعدة المدراء على تعلم التعاطف مع الموظفين، ولكن 9% فقط من المؤسسات تطبق برامج لتعليم الموظفين التعاطف مع مدرائهم. تعمل المؤسسات المتطورة على تعزيز تعاطف الموظفين مع المدراء من خلال إشراك فرق العمل في تمارين تسمح للموظفين بفهم أساليبهم في التواصل وكذلك أساليب مدرائهم. كما تهيئ هذه الجلسات الموظفين للتعرف على الأساليب التي يمكنهم اعتمادها عند التفاعل مع المدراء الذين يتبعون أسلوب تواصل مختلف.

3. علاقات غير بنّاءة بين المدير والموظفين

فرض النمو السريع في مشهد العمل الهجين على المدراء تغيير طرق تفاعلهم مع الموظفين، وقد نجحوا إلى حد كبير في هذا الصدد، إذ أفاد 71% من الموظفين لباحثي غارتنر بأن المدير غيّر أسلوب تفاعله في بيئة العمل ما بعد الجائحة.

مع ذلك، ثمة فجوة بين الجهود التي يبذلها المدراء لتعديل أساليب تفاعلهم وفعالية هذه التعديلات، إذ يقول 47% فقط من الموظفين إنهم يحصلون على نتائج ذات قيمة من التفاعلات مع مدرائهم؛ والمدراء الذين لا يستطيع مرؤوسوهم المباشرون تحقيق قيمة من تفاعلاتهم معهم تزداد احتمالات فشلهم 2.7 ضعفاً.

كشف بحثنا أن أكثر التفاعلات قيمة بين الموظفين والمدراء تحدث عندما يجري المدراء بعض التغييرات الرئيسية في هذه الجوانب الأربعة:

  • الإيقاع المتناغم: الانتقال من التفاعلات الظرفية أو غير المخطط لها إلى اجتماعات مجدولة بانتظام.
  • السيطرة: نقل زمام السيطرة من يد المدير الذي يضع جدول الأعمال أو يهيمن على المحادثات إلى الموظفين الذين يديرون التفاعلات.
  • الهدف: الانتقال من محادثات تركز على الناتج (العمل الذي ينجزه الموظفون) إلى محادثات تركز على السلوك (كيف ينجزون العمل).
  • التوجه: الانتقال من المحادثات الثنائية المنتظمة بين المدير والموظف إلى تفاعلات أكثر تكراراً بين المدير وأفراد الفريق كله. لا يتعلق هذا الجانب بتعزيز المشاركة الاجتماعية؛ بل بخلق فرص ليناقش أفراد الفريق المبادرات الاستراتيجية أو توليد الأفكار معاً.

4. عمل الموظفين لا يتوافق مع الأهداف

يواجه الموظفون اليوم سيلاً من التغييرات، إذ كشفت أبحاث غارتنر عن أن الموظفين شهدوا في عام 2022 تغييرات أكبر بخمسة أضعاف مما شهدوه في عام 2016.

عندما يواجه المدراء اضطرابات مزعزعة يزداد احتمال إعطائهم الأولوية لتوفير الدعم الفوري للعمل على حساب مواءمة العمل مع الأهداف المؤسسية أو أهداف التطوير الوظيفي الفردية الأوسع نطاقاً بنسبة 42%، ولكن عندما يفشل المدراء في مواءمة عمل موظفيهم مع هذين النوعين من الأهداف يزداد احتمال فشلهم 2.4 ضعفاً.

يمكن أن يبدو عدم التوافق هذا كما يلي:

  • أهداف الموظفين التي تفتقر إلى الطموح أو غير المناسبة لمستواهم.
  • اضطرار الموظفين إلى تخصيص وقت كبير لأهداف غير موثقة.
  • تحديث الأهداف بصورة متكررة دون توضيحها أو تقديم تفسير مناسب.

نفذت إحدى شركات الأدوية العالمية نهجاً مبتكراً للمساعدة على مواءمة العمل مع الأهداف المؤسسية وأهداف الموظفين، إذ صممت سلسلة فعاليات تركز على الأهداف تقيّمها الفرق وتمنح الموظفين دوراً أكثر فاعلية في عملية تحديد الأهداف، وهي تشمل فعاليات تحديد أهداف العمل، وفترات مخصصة للتأمل الذاتي الفردي للتفكير بالأهداف الفردية، بالإضافة إلى فعاليات العمل التعاوني والمواءمة. تسمح هذه العملية للفرق بتحمل المسؤولية عن أهدافها المشتركة وأهداف أعضائها الفردية، كما تساعد الموظفين على فهم ما يربط هذه الأهداف بالاستراتيجية العامة للمؤسسة.

معالجة أهم مؤشرات فشل المدراء

نظراً للآثار الواسعة النطاق التي تقع على أصحاب المواهب والشركة، يجدر بالمؤسسات عدم انتظار فشل مدرائها لاتخاذ إجراءات تصحيحية لاحقاً؛ يُظهر بحث غارتنر أن خطر فشل المدراء ينخفض من 48% إلى 5% فقط إذا تمكنت المؤسسات من معالجة المؤشرات الأربعة الأهم بفعالية، وهذا ممكن حين تعطي المؤسسات الأولوية للإجراءات الآتية:

  • إدراج خطر فشل المدير في خطة إدارة المخاطر الخاصة بالمؤسسة: يجب قياس مخاطر فشل المدير وتتبعها وتقليلها بالطريقة نفسها التي تتعامل بها المؤسسات مع المخاطر الأخرى التي تؤثر في استمرارية الشركة، مثل المخاطر التشغيلية والمخاطر المالية ومخاطر السمعة ومخاطر الامتثال ومخاطر الأمن السيبراني.
  • أخذ العوامل التي تتجاوز المدير نفسه عند معالجة مخاطر فشله: ينتج جزء كبير من مخاطر الفشل بسبب فريق المدير أو بسبب العمليات المؤسسية التي يتعين على المدراء العمل في إطارها.
  • الاستفادة من الاستقصاءات المتعلقة باندماج الموظفين أو مناقشات مجموعات التركيز لتحرّي العلامات التحذيرية المبكرة للفشل لدى المدراء: حدد المدراء المعرضين للخطر واتخذ خطوات استباقية لتجنيبهم الفشل.
  • تنفيذ استراتيجيات تخفيف المخاطر: مثل الاستثمار في برامج تعزز الوعي الذاتي لدى المدراء المحتملين، وتعليم الموظفين تعزيز التعاطف مع مدرائهم، وتوجيه المدراء للتفاعل مع مرؤوسيهم المباشرين بطريقة تحقق أكبر قدر من القيمة، وتحديث عملية تحديد أهداف الموظفين لضمان التوافق بين العمل وأهداف المؤسسة وأهداف التطوير الوظيفي للموظفين.

مع ازدياد تعقيد المؤسسات والعمل وتنوع احتياجات الموظفين، من المتوقع أن تزداد صعوبة دور المدير. ولكن الاستراتيجيات الاستباقية المناسبة تخفف مخاطر فشل المدراء وتعزز احتمالية تحقيق نتائج إيجابية للشركة ولأصحاب المواهب على حد سواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي