العودة إلى العمل بعد إنهاء حالة الإغلاق العام: دروس من مدينة ووهان

5 دقائق
طرق الاستعداد للعودة إلى العمل

ملخص: مع إنهاء حالة الإغلاق العام التي فُرضت على إثر جائحة "كوفيد-19"، وفتح أماكن العمل أبوابها من جديد، كيف يمكن للشركات تعزيز اندماج الموظفين وإنتاجيتهم وسلامتهم؟ أجرى المؤلفون دراسة استقصائية لاستطلاع آراء أكثر من 350 موظفاً في مدينة ووهان الصينية، بعد بضعة أسابيع من رفع حالة الإغلاق العام في المدينة، من أجل الاطلاع على طرق استعداد الموظفين والمدراء للعودة إلى العمل. وتوصل المؤلفون إلى أن الموظفين في معظم الفرق الناجحة قد أعدوا أنفسهم ذهنياً للعودة إلى وظائفهم، في حين عزز المدراء إجراءات الصحة والسلامة في مكان العمل بصورة استباقية ومستمرة. على الرغم من عدم وجود حلّ واحد يناسب الجميع، يقول المؤلفون إن هذه النتائج قد تكون مفيدة في معرفة كيفية استعداد الشركات في العالم لفتح أبوابها من جديد.

 

كُتبت مؤلفات كثيرة حول الإدارة في أثناء فترة الإغلاق العام التي فرضت على إثر الجائحة. ولكن ما الذي يمكن للمدراء فعله للاستعداد وإعداد فرقهم للنجاح بعد رفع حالة الإغلاق العام وتخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي؟

من أجل معرفة جواب هذا السؤال، أجرينا استقصاءً لاستطلاع آراء أكثر من 350 موظفاً في مدينة ووهان الصينية بعد ثلاثة أسابيع فقط من إنهاء حالة الإغلاق الصارمة التي فرضت على المدينة بأسرها في أوائل شهر أبريل/نيسان. أُجبر أغلب المشاركين في الاستقصاء على التوقف عن العمل عندما أغلقت الشركات أبوابها في فترة الإغلاق العام، وكانت هذه الشركات متحمسة لفتح أبوابها من جديد والعودة سريعاً إلى عملياتها الطبيعية، مع بذل كل ما بوسعها لمنع انتشار الفيروس من جديد.

أظهرنا اهتمامنا في استقصاءاتنا على وجه الخصوص بطريقة استعداد الموظفين وفرقهم للعودة إلى العمل. وبما أن بحثاً سابقاً أثبت أهمية الاستعداد الذهني للعمل، سألنا المشاركين في دراستنا عما فعلوه وما لم يفعلوه استعداداً للعودة إلى المكاتب. أيضاً، سألنا الموظفين عن مدى شعورهم بأن مدراءهم ملتزمون بتعزيز الصحة والسلامة في مكان العمل، من خلال الالتزام بارتداء الأقنعة الواقية وتوضيح أهمية قواعد السلامة للموظفين، وما إلى ذلك. ثم أجرينا استقصاء للمتابعة بعد قرابة 4 أسابيع لتقييم اندماج الموظفين وإنتاجيتهم في العمل، وتحديد السلوكيات المرتبطة بالاندماج لدى كل من الموظفين والمدراء.

فوجدنا أن الاندماج والأداء كانا في أعلى مستوياتهما لدى الموظفين الذين استعدوا ذهنياً لعودتهم إلى العمل والذين أبدى مدراؤهم التزاماً بتعزيز الصحة والسلامة في مكان العمل. والأهم من ذلك هو أن أياً من هذين العاملين كان كافياً وحده؛ إذ يمارس كل من الموظفين والمدراء دوراً مهماً فيما يتعلق بضمان اندماج الموظفين وإنتاجيتهم بعد عودتهم إلى العمل بعد الإغلاق العام. إذن، ما الذي تحتاج إليه كي تحافظ على اندماجك أنت وفريقك في هذه الأوقات الصعبة؟

بالنسبة للموظف: خذ بعض الوقت لتجديد اتصالك بالعمل

بداية، توقف لحظة للاعتراف بحقيقة أن حالة الإغلاق العام أوقعت آثاراً مزعزعة على أعمال كثير من الناس. لا تحاول القفز مباشرة إلى دوامة العمل اليومي من دون التوقف قليلاً للتفكير وتجديد اتصالك بالعمل. أظهرت أبحاث سابقة أن الموظفين الذين يعودون إلى العمل بعد أحداث صادمة ومزعزعة واسعة النطاق قد يعانون من صعوبة في التركيز ضمن بيئة العمل، وعلى الأغلب يكون السعي للتأقلم مع الوضع الجديد ضرورياً.

لتعزيز اندماجك في العمل بعد انتهاء الإغلاق العام، من المهم أن تحرص على الاستعداد ذهنياً للعودة إلى العمل، وليس جسدياً فقط. وجدنا في دراستنا الاستقصائية أن الموظفين استفادوا كثيراً من قضاء بعض الوقت في مراجعة التقدم السابق، وتحديد أولويات الأهداف القادمة، وإنشاء قوائم المهام على المدى القصير والطويل قبل العودة إلى العمل. تماماً كما يمكن لممارسة شيء من تمارين التمدد المساعدة في تهيئة الجسم لممارسة التمارين الرياضية، يمكن للاستعداد الذهني البسيط ضمان الحفاظ على اندماجك في العمل عند العودة إليه.

بالنسبة للمدير: عزز السلامة في مكان العمل بصورة استباقية

يعلم كثير من الموظفين أنه عند عودتهم إلى العمل، يبقى انتشار موجة ثانية أو ثالثة من الجائحة ممكناً، وأن التخفيف من إجراءات التباعد الاجتماعي لن يخلو من المخاطر. يمكن أن يكون قلق الموظف على صحته وسلامته عند عودته إلى العمل مصدراً كبيراً للتوتر، وهذا التوتر قادر على الحدّ من الاندماج في العمل بدرجة كبيرة. وعلى الرغم من عدم قدرة المدراء على الحدّ من هذه المخاطر الحقيقية، فإن بحثنا يشير إلى أنهم قادرون على تخفيف مخاوف الموظفين عن طريق اتباع طرق مبتكرة لدعم الصحة والسلامة في مكان العمل وتعزيزها بصورة استباقية.

أولاً، يجب على المدراء الحرص على أن يفهم جميع من في المؤسسة قواعد الصحة والسلامة وإجراءاتها بوضوح ويلتزموا بها بصورة تامة. وهذا يشمل التحدث بوضوح عن مبادئ المؤسسة التوجيهية فيما يخص قواعد الصحة والسلامة في مكان العمل، كارتداء القناع الواقي والفحص اليومي للحالة العامة وتوجيه من لا يلتزمون بهذه القواعد المهمة بأسلوب متعاطف وصارم في آن.

ثانياً، يجب أن يحرص المدراء على أن تتمكن فرقهم من اتباع هذه القواعد فعلاً عن طريق بذل كل جهدهم من أجل توفير ما يكفي من معدات الحماية الشخصية ومواد التعقيم. وعلى الرغم من أن هذه الأمور قد تكون خارج نطاق سيطرة المدراء كأفراد، فمن المفيد القيام ببعض التخطيط الإضافي من أجل توضيح خطوط الإمداد وإجراءات التقنين وأي عامل آخر يمكن السيطرة عليه.

علاوة على ذلك، وبسبب تقلب الظروف المحيطة بالجائحة بدرجة كبيرة، يمكن للمؤسسات والمدراء الأفراد إثبات التزامهم بإجراءات السلامة عن طريق القيام بأكثر من الحد الأدنى لمعايير الصحة والسلامة التي تفرضها دوائر الصحة العامة المحلية. مثلاً، يمكن أن يقرر المدير سابقاً فرض ارتداء القناع الواقي ضمن مؤسسته قبل أن تفرضه السلطات المحلية بصورة إلزامية، أو قد يختار اعتماد عتبة أدنى من عتبة الإصابات المؤكدة التي تستدعي زيادة تدابير الصحة والسلامة كما تحددها الإرشادات التوجيهية الصادرة عن السلطات المحلية.

والأهم من ذلك هو ضرورة أن يترجم التزام المدراء بالحفاظ على صحة موظفيهم وسلامتهم بالأفعال. فالموظفون يستمعون إلى ما يقوله مدراؤهم ويراقبون ما يفعلونه عن قرب أيضاً، وهذا يعني أن إعلان دعمك لصحة الموظفين وسلامتهم هو بداية جيدة، لكنه بداية ليس إلا.

أبحاث السلامة في مكان العمل

بينت مجموعة غنية من أبحاث السلامة في مكان العمل أن السبب الأساسي لكثير من حوادث السلامة يرجع إلى انحراف الممارسات الإدارية عن الإجراءات المذكورة. وجدنا في دراستنا باستمرار أن المدراء الذين لا يطبقون التعليمات يرسلون رسالة إلى الموظفين مفادها أن مؤسستهم لا تهتم حقاً بصحتهم وسلامتهم.

مثلاً، عندما يواجه موظف في المقهى زبوناً يرفض الالتزام بتوجيهات السلامة، فإنه ينتظر دعم مديره في إلزام الزبون بتطبيق سياسات الشركة، (وقد يسبب ذلك خسارته لهذا الزبون). إذا لم يدعمه المدير وسمح للزبون بتجاوز القواعد، فسيستنتج الموظف أن مديره يمنح الأولوية للربح على حساب صحة الموظفين وسلامتهم.

عندما لا يبدي المدراء التزاماً صادقاً ومستمراً بتنفيذ القواعد التي يضعونها، فسيشعر موظفوهم على الأرجح بالقلق على سلامتهم الشخصية، ما يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر لديهم وتراجع اندماجهم في العمل. وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة متنامية من التوتر والمخاطر التي تهدد السلامة. كما توضح نتائج بحثنا، فإن عدم التزام الإدارة بقواعد الصحة والسلامة في مكان العمل يؤدي إلى تراجع اندماج الموظفين في العمل وتدني أدائهم، ويدفعهم إلى عدم الامتثال لهذه القواعد بدورهم، ما يزيد خطورة انتشار الفيروس الذي يهدد السلامة ويرفع مستويات التوتر.

***

بالطبع، من الضروري الانتباه إلى أن بحثنا ركز على حالة مدينة ووهان فقط، حيث ظهر الفيروس للمرة الأولى والتي خضعت للمراقبة الفعلية منذ عدة أشهر مضت من خلال فرض الإغلاق العام الصارم وإجراء الاختبارات وتتبع المخالطة على نطاق واسع. ونظراً للاختلاف في طرق انتشار الفيروس والتعامل معه بين المواقع المختلفة، من المحتمل ألا تنطبق نتائجنا تماماً على دول أو مناطق أخرى.

فعلى سبيل المثال، في الأماكن التي تكون خطورة انتقال الفيروس فيها أعلى، أو حيث تكون التوجيهات الإرشادية المحلية أو تطبيقها أقل اتساقاً، قد يكون الموظفون أكثر قلقاً بشأن التزام مدرائهم بإجراءات الصحة والسلامة. علاوة على ذلك، مع فرض حالة إغلاق عام ثانية في بعض الدول، يتنامى الشعور بالإرهاق الوبائي ليزيد من أهمية تجديد اتصال الموظفين بالعمل ذهنياً عند عودتهم إليه من أجل ضمان اندماجهم. لكن بغض النظر عن مكان إقامتك، يؤكد بحثنا على أهمية عمل المدراء والموظفين يداً بيد بعد رفع حالة الإغلاق العام من أجل تعزيز اندماجهم بالعمل وإنتاجيتهم بفاعلية، والأهم هو تعزيز سلامتهم.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: ما هو التسويق الفيروسي؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي