ملخص: تخفق 11 عملية من أصل كل 12 عملية تحوّل مؤسسي تصدر من قمة الهرم القيادي في تحقيق أهدافها، حيث لا يؤثر سوى جزء بسيط من التحسينات "المنفذة" أو "المحققة" في هذه العمليات في السجلات المالية للشركة. في هذا المقال، يلخص الشريك في شركة باين آند كو، مايكل مانكينز، نتائج أبحاث الشركة التي تُظهر الإجراءات التي تؤدي إلى النجاح في تحديد أهداف التحول وتحقيقها. تتمثل الممارسات الرئيسية في عمليات التحول المؤسسي في تغيير طريقة القيادة في تحديد الأهداف وتحديد الأهداف بناءً على قيم مطلقة لا على تقديرات نسبية؛ واستخدام ميزانية الشركة أو خطة التشغيل لرصد النجاح؛ وتحديد أهداف تتجاوز الأهداف القائمة على التكلفة.
يخفق معظم برامج التحول القائمة على الأهداف وتصدر من قمة الهرم القيادي إلى القاعدة في تحقيق نتائج دائمة. كشفت الأبحاث التي أجرتها شركة باين آند كو (Bain & Co) على أكثر من 350 شركة في أنحاء العالم أن واحدة فقط من كل 12 عملية تحول قائمة على الأهداف تنجح في تحقيق تحسن مستدام في الأداء، حيث تضع الشركات أهدافاً طموحة لعمليات التحول، لكنها لا تحققها في كثير من الأحيان. والأسوأ من ذلك أن بعض المؤسسات تحقق أهدافها على الورق فقط وتكتشف أن جزءاً بسيطاً من التحسينات "المنفذة" أو "المحققة" نظرياً قد أثر فعلياً في السجلات المالية للشركة.
من الممكن تحقيق الأهداف بفعالية في عمليات التحول، لكن الأمر يتطلب عقلية وأسلوباً مختلفين. كشفت مراجعتنا لعمليات التحول الناجحة عن اختلافات رئيسية بين الشركات التي نجحت في عمليات التحول القائمة على الأهداف وتلك التي لم تنجح في ذلك. ثمة 4 إجراءات ساعدت الشركات الناجحة على تجاوز الصعوبات، وهي:
1. تغيير طريقة القيادة في تحديد الأهداف
يتطلب التحديد الناجح للأهداف أن تفكر القيادة في الأهداف بطريقة مختلفة. فبدلاً من أن تكون الأهداف هي النتائج التي ينبغي تحقيقها، يجب أن يعتبرها المسؤولون التنفيذيون الحد الأدنى لما ينبغي تحقيقه، وهو ما يحافظ على فوائد عملية تحديد الأهداف التقليدية مع الحد من أوجه القصور فيها.
للتوضيح أكثر، يسعى معظم كبار المسؤولين التنفيذيين إلى تحقيق الأهداف بنجاح تام. لكن بمجرد أن يحدد المدراء الإجراءات المطلوبة لتحقيق أهدافهم، يتوقفون عند هذا الحد ولا يرون حاجة لتحديد خطوات إضافية أو السعي لتحسين الأداء أكثر من ذلك. والأسوأ من ذلك أن بعض الشركات التي تحدد مجموعات متعددة من الأهداف على مدى فترة زمنية قصيرة، يحرص مسؤولوها التنفيذيون على تجنب تحقيق نتائج أكبر من الأهداف خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى رفع سقف الأهداف الأساسية، لأن ذلك يزيد صعوبة تحقيق الأهداف اللاحقة.
تعتبر الشركات الناجحة الأهداف بمثابة الحد الأدنى من متطلبات الأداء، وتشير إليها غالباً على هذا النحو لتجنب وصمة العار المرتبطة بمصطلح "الأهداف" في هذه الآونة. في هذه الحالة، تكون القيادة صريحة بشأن الحد الأدنى من الإنجازات التي يجب على الشركة تحقيقها وتشجع المسؤولين التنفيذيين على تحقيق المزيد منها، وتعزز ذلك عادةً من خلال الحوافز. هذه العقلية الجديدة توحد المؤسسة وتدفع الجميع إلى تحديد فرص جديدة لتحقيق مستويات أعلى من الأداء.
2. تحديد الأهداف بناءً على قيم مطلقة لا على تقديرات نسبية
من أجل ضمان فعالية الأهداف، يجب تحديدها بناءً على قيم مطلقة، على سبيل المثال، "سنحقق حداً أدنى من الأرباح قبل الفوائد والضرائب بقيمة 4.5 مليارات دولار أميركي في عام 2025" وليس نسبة إلى الأهداف الأساسية، على سبيل المثال، "سنحقق 400 مليون دولار من وفورات التكاليف في عام 2025". يؤدي تحديد الأهداف بناءً على قيم مطلقة إلى تجنب التلاعب غير الضروري ويزيد من احتمال تأثير تحقيق الحد الأدنى من الأداء المطلوب في البيانات المالية للشركة.
على الرغم من شيوع أسلوب تحديد الأهداف بناءً على تقديرات نسبية، فإنه يخفق غالباً في تحقيق تحسن حقيقي في الأداء، فهو أولاً يشجع السلوكيات غير البناءة بين المدراء. ثمة سلوكان هما الأكثر شيوعاً:
- الجدال حول الأهداف الأساسية. إن الخطط المستندة إلى أهداف أساسية نادراً ما تكون مستقرة، كما إن الإجراءات التي تتضمنها غير محددة بوضوح. يدرك المسؤولون التنفيذيون الأذكياء هذا الأمر، ويزعمون تحقيق إنجازات إضافية جديدة في سعيهم لتحقيق الأهداف بينما هي في الواقع مدرجة في الأهداف الأساسية، مثل دمج مواقع المبيعات والدعم لتوفير التكاليف العامة، لكنها لم تكن موضحة جيداً في الخطة. ونتيجة لذلك، لا تتحقق التحسينات المستهدفة في الأداء أبداً على الرغم من أن المسؤولين التنفيذيين قد ينالون الثناء على تحقيق الإنجازات الجديدة المزعومة.
- خفض سقف التوقعات في التفاوض على الأهداف. عندما تكون الأهداف الأساسية غير قابلة للنقاش، قد يتعمد القادة خفض سقف توقعات تحسين الأداء من أجل تخفيض مستوى الأهداف. وتتجلى هذه الاستراتيجية في كثير من الأحيان في التشكيك بملاءمة مقاييس الأداء المعيارية لواقع الشركة، أو في التصريحات المتعلقة بالقيود والتحديات التي تواجهها الشركة بسبب استراتيجيتها، فتصبح المساومة على الأهداف أهم من العثور على طرق لتحسين الأداء.
باختصار، تؤدي الأهداف النسبية في كثير من الأحيان إلى هدر وقت ثمين على المناقشات حول الأهداف نفسها، بدلاً من تركيز وقت القيادة على تحديد خيارات جديدة أفضل لتحسين الأداء.
تواجه الأهداف النسبية عائقاً عملياً بالإضافة إلى تشجيع السلوكيات غير البنّاءة، وهو ربطها بالسجلات المالية للشركة. تصمم الشركات الأنظمة المالية لقياس الأداء بناءً على قيم مطلقة مثل الإيرادات وإجمالي الربح والأرباح قبل الفوائد والضرائب. وبالتالي، فإن تقديم الأهداف النسبية يخلق شرخاً بين تتبع أداء عملية التحول وسجلات الشركة المالية. على الرغم من توافر أدوات قوية لتتبع مبادرات التحول مثل أداة أيه آر سي (ARC) الخاصة بشركة باين، فإن وفورات التكاليف أو أهداف تحسين الأرباح لا تتحقق بالكامل غالباً. في الواقع، نجد عادةً أن أقل من 60% من الوفورات التي يُفترض أنها تحققت والإنجازات التي يُفترض أنها وصلت إلى مراحل متقدمة من التنفيذ تظهر فعلاً في حسابات الشركة المالية.
إن تحديد المتطلبات الدنيا للأداء بناءً على قيم مطلقة يسمح للقيادة بتحديد إذا ما كان التحول يحقق نتائج (أم لا). تقلل الأهداف بالقيم المطلقة من المشاحنات حول الأهداف الأساسية وتحافظ على تركيز المدراء على الإجراءات اللازمة لتحويل الشركة.
3. استخدام ميزانية الشركة أو خطتها التشغيلية لمراقبة النجاح
تدمج جهود التحول الناجحة الأهداف في موازنة الشركة أو خطة تشغيلية، وبدلاً من تحديد الأهداف باعتبارها وفورات تحدد نسبةً إلى أهداف أساسية معينة، يجري تحديدها من حيث الحد الأقصى للميزانية التي يمكن إنفاقها على نشاط تجاري أو مجال عمل معين في السنوات المقبلة. وهذا يسمح لعملية مراقبة الأداء الحالية في الشركة وللقيادة بتحقيق تقدم في عملية التحول بدلاً من الاعتماد على عملية غير رسمية لتتبع النتائج.
ولضمان نجاح هذا الأسلوب، يجب أن يكون لدى الإدارة (أو أن تقوم بوضع) ميزانية أو خطة تشغيلية فعالة على مدى عدة سنوات مرتبطة بعوامل الطلب والتكلفة. بالنسبة لبعض الشركات، يمثل ذلك تطويراً كبيراً لعملياتها الحالية، والتي قد تفتقر إلى الدقة اللازمة لتتبع الإنفاق وتوليد الإيرادات على المستوى المطلوب لتحقيق تقدم في عملية التحول. بالنسبة لهذه الشركات، فإن الاستثمار الذي تُجريه لتحسين عمليات إعداد الموازنة والتخطيط سيعود بفوائد تتجاوز التحسينات التي تهدف عملية التحول إلى تحقيقها على المدى المنظور. أما بالنسبة للشركات التي تطبق عملية تخطيط دقيقة فعلاً، فهذا الأسلوب يستفيد من نظام التشغيل الحالي للشركة واجتماعات القيادة للتقدم في عملية التحول.
إضافة إلى أن استخدام موازنة الشركة أو خطتها التشغيلية لرصد النجاح يساعدها على تجنب تكرار احتساب النتائج. ولأن الأهداف الأساسية خاضعة بطبيعتها للتفسير بطرق مختلفة، ولأنها منفصلة عن موازنة الشركة أو خطتها التشغيلية، يمكن احتساب المبلغ نفسه من الوفورات مرات عدة في مبادرات مختلفة. تؤدي الإجراءات المتخذة في أحد المجالات إلى تحقيق وفورات في مجالات أخرى، ما يجعل تحديد مكان احتساب الوفورات أمراً مثيراً للجدل. وبدلاً من تسوية هذه الخلافات، تُحسب الوفورات غالباً مرات متعددة، ما يجعل مراقبة الأداء مهمة شبه مستحيلة وعدم تحقيق الأهداف أمراً حتمياً.
4. وضع أهداف تتجاوز الأهداف القائمة على التكلفة
لا يقتصر التحول على مجرد خفض التكاليف. يتطلب تحقيق عوائد مرتفعة للمساهمين نمواً مستداماً مربحاً، ولا يمكن تحقيق هذا النمو من خلال خفض التكاليف وحدها. لذلك، يجب على القيادة وضع أهداف متعددة الأبعاد لمنع المدراء من اتخاذ قرارات قصيرة الأجل بشأن التكاليف تُعرّض نجاح الشركة على المدى الطويل للخطر، والأهم من ذلك، منع المؤسسة من اعتبار أن التحول هو خفض التكاليف فحسب.
ورأينا أو سمعنا كثيراً عن شركات خفضت التكاليف لكنها أخفقت في تحقيق زيادة في القيمة السوقية. في السنوات الماضية، وضعت شركتا إيستمان كوداك (Eastman Kodak) وياهو (Yahoo) ومؤخراً شركة زيروكس (Xerox) أهدافاً جريئة لخفض التكاليف وحققتها، لكنها شهدت تدهوراً في أدائها التنافسي وانخفاضاً في قيمتها السوقية. ويرجع ذلك عادةً إلى أن الأهداف القائمة على التكلفة تدفع الشركات في كثير من الأحيان إلى اتخاذ إجراءات تُولّد وفورات قصيرة الأجل لكنها تقوّض القدرة التنافسية. على سبيل المثال، نصح الخبراء شركة ديل تكنولوجيز (Dell Technologies) في عام 2012، قبل عملية تحويلها إلى شركة خاصة مباشرة، بتخفيض عدد مندوبي المبيعات المباشرة بأكثر من 2000 مندوب لتتناسب مع "معايير الإنتاجية" وزيادة الأرباح على المدى القصير. وبعد مرور عام، تراجع المركز التنافسي لشركة ديل في مجال أجهزة الكمبيوتر الشخصي. مع انخفاض عدد مندوبي المبيعات، فقدت الشركة زخم المبيعات والحصة السوقية. استغرقت شركة ديل 3 سنوات لتوظيف 2,000 مندوب مبيعات وإعادة بناء قوة المبيعات المستقرة، ما أخر جهود التحول في الشركة ثلاث سنوات.
قد تؤدي الأهداف المستندة إلى التكلفة وحدها إلى التشكيك في التحول ضمن المؤسسة، بالإضافة إلى تشجيع قصر النظر والإجراءات التي تؤدي إلى نتائج عكسية؛ فعندما يسمع المدراء والموظفون كلمة "تحول"، يبدؤون تلقائياً بربطها بالتقليص وخفض عدد الموظفين وتخفيض النفقات وفقدان المزايا وما إلى ذلك، ومع مرور الوقت تولد الأهداف القائمة على التكلفة الاستياء والمقاومة، وبدلاً من توليد الطاقة والحماس، تصبح كلمة "تحول" كلمة مشينة.
تضع الشركات الناجحة العديد من المتطلبات أو الأهداف التي تحدّد الحد الأدنى للأداء. في العادة، تضع الشركة هدفاً محدداً بقيمة مطلقة للإيرادات بالإضافة إلى هدف للأرباح قبل الفوائد والضرائب. يدفع هذا الأسلوب المسؤولين التنفيذيين إلى العثور على طرق لزيادة هوامش الربح دون التضحية بالنمو. كما تضع الشركات على نحو متزايد أهدافاً غير مالية، مثل هدف النمو في الحصة السوقية النسبية، أو تحسينات في صافي نقاط الترويج، أو الحد الأدنى من التقييمات على موقع غلاس دور (Glassdoor)، أو البصمة الكربونية المستقبلية للشركة. إن الجمع بين الأهداف المتعددة والأهداف المبنية على القيمة المطلقة يضع قيوداً على المساومات التي يلجأ إليها المسؤولون التنفيذيون لتحقيق أداء أفضل، الأمر الذي يقلل من احتمالية الإجراءات السلبية.
على الرغم من إخفاق معظم عمليات التحول القائمة على الأهداف، فإن من الممكن استخدام الأهداف بنجاح لتسريع تحسين الأداء. لتحقيق ذلك، يجب على القادة أن ينظروا إلى الأهداف على أنها حواجز يجب تجاوزها وليست مجرد أهداف يجب تحقيقها بدقة، وأن يحددوا أهدافاً متعددة بناءً على قيم مطلقة لتوفير إطار عمل ملموس لأعضاء الفريق الذين يسعون لتحقيق أداء متميز. لا يمكن أن يكون لدى القيادة أمل في تجاوز الصعاب وتحقيق نتائج دائمة من جهود التحول إلا من خلال تبني أسلوب مختلف لتحديد الأهداف.