تستخدم شركات مثل "دروب بوكس" (Dropbox) و"زووم" (Zoom) و"لينكد إن" (LinkedIn) و"سلاك تكنولوجيز" (Slack Technologies) نموذج أعمال "فريميوم" (freemium)، حيث تقدم هذه الشركات إصداراً أساسياً مجانياً من منتجاتها وترتكز في تحقيق الأرباح على العملاء الذين يدفعون لترقية الإصدارات والحصول على خدمات مميزة. لاقت نماذج أعمال "فريميوم" إقبالاً سريعاً ومتنامياً في شركات التكنولوجيا، لكن ما هي متطلبات نموذج أعمال "فريميوم"؟ هل تحتاج الشركات القائمة على هذا النموذج إلى موظفي مبيعات؟
شركات نموذج أعمال "فريميوم" وموظفي المبيعات
تعتمد مثل هذه الشركات على المعلومات التي يتناقلها الناس عن المنتج أو الخدمة، واقتراحات المستخدمين لمستخدمين آخرين محتملين ومكافأتهم، إلى جانب الإعلانات المدفوعة لتنمية قاعدة المستخدمين وتحقيق الإيرادات. ولا يعتمد نموذج "فريميوم" في شكله المجرد على موظفي مبيعات، خذ على سبيل المثال برنامج مزود خدمة المراسلة من شركة "سلاك تكنولوجيز"، بحلول عام 2016، ساعد نموذج "فريميوم" في شكله الخالص برنامج "سلاك" على تحقيق نمو إلى 2.3 مليون مستخدم نشط شهرياً في غضون عامين فقط.
توقع ستيوارت بترفيلد الرئيس التنفيذي لشركة "سلاك" في البداية قائلاً: "أعتقد أنه يمكننا متابعة العمل إلى الأبد من دون وجود فريق مبيعات بأي شكل من الأشكال التقليدية"، لكن مع تطور أعمال الشركة، فإنها تمتلك اليوم فرق مبيعات سريعة النمو. لدى الشركات الأخرى التي تعتمد على نموذج "فريميوم"، بما فيها "دروب بوكس" و"زووم" والشركة الأكثر نضجاً "لينكد إن"، فرقاً من موظفي المبيعات الداخليين والميدانيين يبيعون منتجات شركاتهم.
ما الذي تغير إذاً؟
بينما كانت هذه الشركات تبحث عن المستخدمين الأفراد والعملاء من شريحة الشركات الصغيرة التي لديها احتياجات بسيطة نسبياً، نجح نموذج العمل هذا من دون الاعتماد على فرق المبيعات بصورة كبيرة، لكن عندما تحول جوهر سوق الخدمة المدفوعة إلى العملاء من شريحة الشركات الأكبر، بدأ تأثير موظفي المبيعات الداخليين والميدانيين يبدو ضرورياً لسببين:
- أصبحت احتياجات العملاء في مجال الأعمال، بالإضافة إلى المنتجات وعمليات الشراء، أكثر تعقيداً.
- برّرت القيمة الدائمة لمثل هؤلاء العملاء الدخول في هذا الاستثمار.
التعامل مع التعقيدات
في عمليات الشراء المعقدة، يريد العملاء الحصول على المعلومات التي لا يمكن العثور عليها عن طريق محرك البحث أو على موقع الشركة، إنهم يريدون المعلومات التي لم يكتشفوها من خلال تجربة استخدام المنتج المباشرة. تنطوي عملية بيع الخدمات للعملاء من الشركات الكبيرة على عدة أبعاد من تعقيدات عمليات الشراء.
- تعقيدات احتياجات العملاء في مجال الأعمال. تختلف احتياجات الشركة حسب القطاع والعملاء، ويريد العملاء حلولاً تتماشى مع أنظمة وعمليات العمل الحالية. لدى شركة "دروب بوكس" موظفو مبيعات مع خبرة في قطاع محدد، يعمل هؤلاء البائعون مع كبار العملاء المحتملين الذين لديهم بالفعل العديد من الموظفين الذين اعتمدوا أساساً خدمة "دروب بوكس"، ويسخّر موظفو المبيعات خبراتهم في العمل في مواقف مماثلة لفهم احتياجات العميل الأوسع نطاقاً وتصميم الحلول المخصصة.
- تعقيدات المنتج. تصبح العروض الرقمية البسيطة في نموذج "فريميوم" أكثر تعقيداً بطبيعة الحال، حيث تحول الشركات تركيزها نحو عملاء الشركة الأكبر حجماً. عرضت شركة "زووم" في البداية على عملائها من الشركات نظام اتصال للصوت والصورة، وبعد أن علمت الشركة أكثر حول احتياجات هؤلاء العملاء، توسعت عروضها لتشمل "غرف زووم" التي حولت غرف المؤتمرات الحالية إلى مساحات عمل تعاونية وأنظمة اتصالات سحابية خاصة بالشركات. سوف تتوسع قائمة العروض هذه في شركة "زووم" بمرور الوقت، وكذلك الحاجة إلى موظفي مبيعات.
- تعقيدات صنع القرار. يتخذ العملاء من شريحة الشركات غالباً قرارات بشأن الاستثمار التكنولوجي من خلال تعاون العديد من صنّاع القرار، ويكون لدى هؤلاء الأفراد وجهات نظر مختلفة، إذ تنظر إدارة الشؤون المالية بحرص إزاء العائد على الاستثمار، وتركز إدارة تكنولوجيا المعلومات على الأمان ومخاطر الأعمال، بينما تولي إدارات المستخدمين اهتماماً إزاء الميزات المقدمة وسهولة الاستخدام. يمكن لموظفي المبيعات المساعدة في التعامل مع أوجه تعقيدات عمليات الشراء التي تجريها الشركات، وإحلال التوافق بين صنّاع القرار المختلفين داخل مؤسسة العميل.
تحقيق الأرباح من خلال القيمة الدائمة للعميل
في نهاية المطاف، يعد قرار الاستعانة بموظفي المبيعات بدلاً من قنوات المبيعات الرقمية الأقل تكلفة، مسألة اقتصادية، والأسئلة التي تُطرح هنا هي التالي: ما قيمة المكاسب التي يحققها البائع عن طريق تقديم خدمة للعميل عبر قنوات الخدمة الذاتية الرقمية؟ ما الذي يمكن تحقيقه أكثر إذا انخرط موظفو المبيعات الداخليين والميدانيين؟ يكلف موظفو المبيعات المؤسسات الكثير من المال، لكنهم قد يكونون في المقابل فاعلين جداً في توليد الإيرادات.
تصنع فرق المبيعات الميدانية فرقاً في الحالات التالية: في حال وجد العملاء المحتملون قيمة كافية للنظر في إنفاق مبلغ كبير من المال على منتجك أو خدمتك على امتداد فترة علاقة العمل، وفي حال كانت القنوات الرقمية غير قادرة على تقديم هذه القيمة. لا تكون القيمة الدائمة للمستخدمين الأفراد والشركات الصغيرة كافية عادة لتبرير نفقات البيع الشخصي، لكن الأمر يختلف مع البيع للشركات الكبيرة.
على سبيل المثال، يبلغ معدل الإنفاق السنوي الحالي لشركة الاستشارات العالمية لدينا على منصات الشركات القائمة على نموذج "فريميوم" أكثر من 3 ملايين دولار، تذهب معظمها إلى "لينكد إن" و"مايكروسوفت ون درايف" و"زووم". كان لدى أكبر 405 عملاء من عملاء شركة "زووم"، أي أولئك الذين يساهمون بأكثر من 100 ألف دولار من الإيرادات خلال السنة الواحدة، متوسط معدل إنفاق سنوي يبلغ 350 ألف دولار، هذا وفقاً لتقرير الشركة الشامل عن أدائها بتاريخ 30 أبريل/نيسان 2019. نحن نقدر القيمة الدائمة للإيرادات المحققة من مثل هذه الشركات بما يزيد عن مليوني دولار، وليس مستغرباً أن توظف شركة "زووم" موظفي مبيعات لخدمة هذه الشريحة من العملاء.
حاجة متنامية إلى موظفي المبيعات في الشركات القائمة على نموذج أعمال "فريميوم"
على الرغم من أنّ القنوات والمنتجات الرقمية تحول عالم المبيعات، إلا أنّ تعقيدات عمليات الشراء لا تزال تشير إلى ضرورة وجود موظفي مبيعات، وتتمثل القيمة الأساسية لموظفي المبيعات في مساعدة العملاء على التعامل مع أوجه التعقيدات المختلفة، سواء كان هؤلاء العملاء يشترون منتجات أو خدمات من شركات تعتمد نموذج "فريميوم" أو غيره. بالنسبة إلى نموذج "فريميوم"، يمكن للعملاء من شريحة الشركات الكبيرة التعرف على المنتج أو الخدمة من خلال المعلومات التي يتناقلها الناس، أو من خلال اقتراحات المستخدمين، ويمكنهم البدء في تجربة المنتج باستخدام قنوات الخدمة الذاتية الرقمية. ولكن في نهاية المطاف، فإنّ التعقيدات التي تحيط باحتياجات الأعمال، والمنتجات والحلول المطروحة، وعمليات الشراء ستجبر العملاء من شريحة الشركات على طلب المساعدة من موظفي المبيعات.
لا تنتهي العملية بعد شراء الخدمة الأولية، فمع تضمين العملاء منتجات الشركات التي تعتمد على نموذج "فريميوم" في شركاتهم الخاصة، سوف تستمر احتياجاتهم في التطور، وقد يستخدمون قنوات الخدمة الذاتية أو يستعينون بموظفي المبيعات الداخليين لشراء ترقيات أو منتجات تكميلية، حتى في حال كان موظف مبيعات ميداني هو الذي نسق عملية الشراء الأولية. قد يتحولون إلى موظفي المبيعات الميدانيين مرة أخرى في حال تعقد الأمور، عندما تقدم الشركة منتجات جديدة على سبيل المثال، فإنها تخلق معها قيمة مضافة تنطوي على بعض التعقيدات الجديدة.
نظراً لسعي المزيد من الشركات التي تعتمد نموذج "فريميوم" إلى تسييل الفرصة الضخمة الآتية من عملائها من شريحة الشركات، فإننا نتوقع رؤية فرق أكبر من موظفي المبيعات الداخليين والميدانيين الذين يبيعون خدماتها، وبالتالي ستحتاج شركات نموذج الأعمال "فريميوم" إلى توظيف المزيد من مندوبي المبيعات.