من المعروف أن الأفراد المنشغلين دائماً أو المنخرطين في المهام يميلون إلى تحقيق أكبر قدر من الإنجاز. سرّهم بسيط؛ فهم دائماً في حالة عمل.

يمكن أن يكون أخذ قسط من الراحة مفيداً أيضاً إذا كان بغرض تجديد النشاط أو التأمل أو التركيز على مهمة ما أو قضاء وقت ممتع مع العائلة، لكن الجلوس مكتوف اليدين يمكن أن يكون ضاراً إذا أدى إلى التسويف أو التردد في اتخاذ القرارات أو عدم المبادرة واتخاذ أي إجراء.

تتميز الشركات الآخذة في الانحدار بثقافات سلبية؛ تتراكم فيها القرارات التي يجب اتخاذها فتضيع الفرص، ويعوق الخوف من ارتكاب الأخطاء الموظفين عن المخاطرة ويصبح عدم المبادرة أسهل من المشاركة الفعالة واتخاذ القرارات. من الأمثلة المفضلة لدي البنك الراكد حيث يرسل الموظفون عملاءهم الذين يواجهون مشكلات معقدة إلى البنك المنافس في الجانب الآخر من الشارع بدلاً من فعل أي شيء لمحاولة معالجتها بأنفسهم.

بالمقابل، في الشركات التي تتمتع بمستويات عالية من الابتكار، يكون الموظفون استباقيين ويأخذون زمام المبادرة، وهم على استعداد لبدء مشاريع جديدة، ولا يحتاجون فيها إلى توجيه أو إشراف مستمر. ينجزون العمل الروتيني بكفاءة من أجل توفير الوقت الكافي للانخراط في مشاريع جديدة ومبتكرة. إليك بعض الأسباب التي تحفز هذه السلوكيات في الشركات المبتكرة.

الإنجازات الصغيرة مهمة

تمهد الإنجازات الصغيرة الطريق لإنجازات أكبر. يقول خبراء الاقتصاد السلوكي الجدد، مثل كاس سنستين، إن دفعة صغيرة أو تشجيعاً في الاتجاه الصحيح يمكن أن يؤدي إلى إنجازات كبيرة أو نقاط تحول، كما يسميها مالكولم غلادويل، بمجرد الوصول إلى عتبة معيّنة أو الحد الأدنى المطلوب. لاحظت من دراستي لتحولات الشركات والفرق الرياضية أن الثقة، التي أعرّفها على أنها توقع نتيجة إيجابية تحفز مستويات عالية من الجهد، تُعززها الإنجازات الصغيرة المتتالية.

تتضمن الإنجازات الكبيرة خطوات أصغر

تبدو رحلة الألف ميل شاقة، ولكن الخطوة الأولى التي تنطلق منها تكون سهلة عادة، يسهم كل إجراء أو خطوة صغيرة تتخذها باتجاه الهدف في التقدم والاقتراب من تحقيقه. يميل الأشخاص المشغولون في البيئات العالية الإنتاجية إلى اتخاذ إجراء إضافي واحد والرد على مكالمة هاتفية أخرى أو بذل جهد إضافي قبل إنهاء يوم عملهم. مع ذلك، ستظهر دائماً مهام ومسؤوليات جديدة. يمكن أن تساعد الخدع الذهنية، مثل تقسيم المهمة الكبيرة إلى عدة مهام أصغر، على تحديد الإجراءات الفورية للبدء بهذه المهمة والتقدم فيها.

تحقيق الكمال المطلق مستحيل

تخلّ عن السعي لتحقيق الكمال، نفّذ العمل فحسب. ارتكاب الأخطاء ليس النهاية، وهناك دائماً فرصة للتعلم والمحاولة من جديد. في عالم يتسم بعدم اليقين والتغير السريع، يجب أن تسمح استراتيجيات الأعمال بالمرونة واتخاذ القرارات الارتجالية. ضع في اعتبارك هذه الأمثال الخالدة: الكمال عدو الخير (لا تنتظر الظروف المثالية). من لا يغامر لا يكسب (يجب أن تكون على استعداد لتحمل بعض المخاطر لتحصل على المكاسب).

يولد اتخاذ الإجراءات الطاقة والزخم

من الأفضل أن تكون نشطاً وتبدأ العمل بدلاً من أن تكون خاملاً وغير منتج. يمكن أن يسبب العمل الإضافي التوتر، ولكن العديد من الدراسات تُظهر في الواقع أن الشعور بعدم السيطرة على العمل مسهم كبير في التوتر المرتبط بالعمل، ويساعد تحديد الإجراء الإيجابي على استعادة هذا الشعور بالسيطرة. وخلافاً للاعتقاد السائد، فالنشاط لا يستنفد الطاقة؛ بل يزيدها في الواقع. بالنسبة لمن يحاولون حل مشكلة السمنة المنتشرة على المستوى الوطني أو الذين يهدفون إلى خسارة بضعة كيلوغرامات، فممارسة الرياضة أكثر متعة من اتباع نظام غذائي صارم.

تتعدى المبادئ التي نُوقشت هنا النصائح الإدارية المعتادة، وهي تعكس عقلية القدرة على التنفيذ الضرورية لأي رائد أعمال وأي بيئة تسعى إلى تعزيز ريادة الأعمال. تشجيع العمل ودعم اتخاذ الإجراءات هو الطريقة الوحيدة لإطلاق العنان للإمكانات والاستفادة منها.

قد لا يبدو الأمر سهلاً في بعض الأحيان، لكن في الواقع، قد تعوق عوامل مختلفة الفرد عن اتخاذ إجراء أو المضي قُدماً، بما فيها ثقافة المؤسسة والمدراء المستبدون وزملاء العمل غير المتعاونين والخسارات المتلاحقة وعدم اليقين بشأن ظروف القطاع المتغيرة، فضلاً عن الأحداث العالمية المزعزعة مثل الكوارث الطبيعية والثورات. على الرغم من هذه التحديات، فالذين يحققون النجاح وأكبر قدر من الإنجاز هم الذين يفضلون اتخاذ الإجراءات، مهما كانت صغيرة، بدلاً من الانتظار والبقاء خاملين.