تعرف على سمات القائد العالمي الفعال

5 دقائق
صفات القائد الفعال

حين بدأ سونيل ناياك مطلع العمل مع اللجنة التنفيذية ضمن شركة سوديكسو في منصب رئيس قسم قيادة التحوّل. كان التحول قد طرأ على ناياك نفسه وعلى نمطه في القيادة بسبب محاولته اكتساب صفات القائد الفعال. فقد كان هذا الدور الجديد يستلزم من هذا الرجل الذي كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لقسم الخدمات الميدانية في سوديكسو الهند أن يعمل مع فريق مكون من 15 من الرؤساء التنفيذيين من جنسيات وثقافات مختلفة، وهو الأمر الذي يتطلب أن يتحوّل إلى نمط من القيادة قادر على احتواء الجميع. يقول ناياك، والذي تمت ترقيته ليصبح الرئيس التنفيذي لقسم خدمات الشركات في سودكسو في منطقة آسيا والمحيط الهادي: "في عالم اليوم يتمثل نجاح أي قائد بأن يكون مؤثراً إيجابياً على الآخرين. أما إذا فرضت طريقتك على الآخرين فرضاً، ولم تمتلك الحساسية أو الوعي بأسلوب الطرف الآخر، فلن تتمكّن من الوصول إلى أي قرار أو حتى إلى تسوية".

كيف تكتسب صفات القائد الفعال؟

ويشير ناياك إلى مجموعة من المهارات التي يلزم على أي موظف إتقانها إن كان يرغب في أن يصبح قائداً على مستوى عالمي. ففي الوقت الذي تنمو فيه المؤسسات وتصبح أكثر عالمية فإنه يلزمها أن تهتم بتطوير هذه المهارات بين أصحاب الكفاءة من الموظفين، وذلك كي يتمكنوا من العمل بفعالية في بيئات العمل متعددة الثقافات. ووفقاً للأبحاث التي أجراها مركز المهارات الابتكارية سي تي آي (CTI)، تمكّنا من تحديد أربعة كفاءات يحتاج الشخص الريادي الصاعد إتقانها كي يصبح قائداً عالمياً.

أثبت مصداقيتك

وفق دراسة أجريت مؤخراً في مركز المهارات الابتكارية، فإنّ على القائد العالمي أن يتقن إثبات مصداقيته بحيث يظهر سلطته بالشكل المألوف لكبار المسؤولين التنفيذيين في الغرب (المحور الرأسي) مع الحفاظ على أولوية الذكاء العاطفي مع الأطراف المعنية في الأسواق المحلية العالمية (المحور الأفقي). وقد وجدت دراسة أجراها المركز ذاته على 11 سوقاً من الأسواق العالمية (البرازيل، الصين، هونغ كونغ، الهند، اليابان، روسيا، سنغافورة، جنوب إفريقيا، تركيا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة) أنّ 62 في المئة من كبار القادة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يرون أنّ إثبات السلطة يبرهن على المصداقية، بينما كانت نسبة من يرى ذلك في الأسواق الآسيوية 47 في المئة فقط. إنّ الذكاء العاطفي (بخلاف إثبات السلطة) أكثر أهمية في الأسواق النامية: فقد قال 57 في المئة من المشاركين في الدراسة في البرازيل والصين وهونغ كونغ والهند واليابان وروسيا وسنغافورة وجنوب إفريقيا وتركيا إنّ إظهار الذكاء العاطفي كفيل بالحصول على ثقة واحترام فرق العمل في الأسواق المحلية.

اقرأ أيضاً: كيف تصبح قائد بشكل فعلي؟

فالقادة الذي يثبتون أنفسهم أفقياً ويكسبون ثقة واحترام فرق عملهم لديهم فرصة أكبر لتحقيق الرضا بالتقدم الوظيفي الذي أحرزوه بنسبة 21 في المئة مقارنة بقادة فرق العمل الذين يخفقون في ذلك. وهذا التوجه ينطبق كذلك على القادة الذي يركزون على المحور الرأسي ويحوزون على اهتمام ودعم القيادة العليا، ففرصتهم أكبر في تحقيق الرضا بتقدمهم الوظيفي بنسبة 15 في المئة.

احرص على احتواء الجميع

لقد وجد ناياك أنّ تعزيز القيمة من خلال إطلاق العنان للأفكار والتحفيز على التعاون وحل المشاكل برغم البعد والاختلاف، يتطلب الانتقال بالإدارة من طريقة الأمر والمتابعة إلى أسلوب الإدارة القادر على احتواء الجميع. ويتحقق ذلك عن طريق طرح الأسئلة والإنصات للآخرين وتقديم التقييمات العملية والدعوة للنقاشات البناءة وقبول النصائح وتطبيق التقييم والحفاظ على التواصل المستمر مع أعضاء الفريق وجعلهم جزءاً من النجاح الذي يتحقق. إنّ العضو في فريق العمل العالمي الذي يلتزم قائده بهذا الأسلوب من الإدارة يميل إلى الشعور بأنّ أعضاء فريقه يتقبلون آراء زملائهم رغم اختلاف ثقافاتهم أو تجاربهم وذلك بنسبة تزيد أربعة أضعاف عن فرق العمل التي تكون قيادتها غير إقصائية.

اقرأ أيضاً: لكي تكون قائداً عظيماً عليك أن تتحلى بهذه العقلية

كما أنّ القادة القادرين على احتواء الجميع في أسلوبهم الإداري أكثر ميلاً للتشجيع على أخذ المخاطر والتفكير المزعزع، كما أنّ أعضاء الفريق يكونون أكثر ميلاً بمقدار ثلاث مرات من غيرهم على التصريح بأنهم لا يخشون الفشل وأكثر ميلاً بمقدار أربع مرات ونصف للإشارة إلى أنّ بقيّة أعضاء الفريق لا يخشون تحدّي الوضع القائم. وهذا أمر يعني الكثير بالنسبة للشركات التي يعتمد نموها في الأسواق الجديدة على الابتكار في المنتجات والخدمات، ولاسيما أنّ الكثير من الأبحاث تشير إلى أنّ القادة الذين يتقبلون تعرض أعضاء الفريق للإخفاق بل ويحتفون به، هم الأقدر على التوصل إلى الابتكارات الأهم في مجالات عملهم.

تواصل بشكل فعّال (حتى عبر وسائل التواصل الافتراضية)

يحتاج القادة العالميون إلى معرفة كيفية التواصل، ليس مع فرق عملهم وحسب بل ومع مكاتب الشركة العالميّة أيضاً. يقول بول أبوت نائب الرئيس التنفيذي في قسم الدفعات التجارية العالمية في شركة أميركان إكسبرس: "من الضروري الارتقاء بمهارات التواصل إلى مستوى أعلى من المهارة والحنكة، فإن لم تضبط طريقة التواصل الصحيحة على أعلى مستوى، فلا شيء بعدها يمكن أن يتحقق".

يحتاج القادة في جميع الأسواق التحدث بشكل جيد وإيصال رسالة قوية لضمان موقعهم وتعزيز مكانتهم. أما الذي يختلف من سوق لآخر هو كيفية استخدام القائد لهذه المهارات. ففي العديد من الأسواق يُفترض بالرجل تقديم رسالة قوية من خلال القفز إلى النتائج بشكل مباشر، أما المرأة فيتوقع منها أن تأخذ المستمعين خطوة بخطوة حتى الوصول إلى النتائج. وفي هونغ كونغ والصين والهند وسنغافورة يُفترض بالرجل أن يكون له حضور قوي الأسلوب، أما في اليابان والبرازيل وروسيا فحضور المرأة يتمثل بتنسيق الحوار بين الآخرين.

احصل على الرعاية

سيكون من المستحيل على القائد الصاعد الخوض في التعقيدات على المستوى العالمي دون أن يمتلك الدعم والتوجيه من شخص راع يكون نصيراً له من الإدارة العليا ويدعم سلطته ويمكنه من اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى جعل هذا القائد الجديد معروفاً في أروقة إدارة الشركة على مستوى المنطقة وفي مقراتها الرئيسية.

ويجب على القائد الصاعد من أجل تحصيل الرعاية عالية المستوى أن يبادر ليقوم بدور الراعي للآخرين. فمن خلال استيعاب الأفراد أصحاب الإمكانات العالية، وتحديد الموظفين الأفضل أداء لمساعدتهم في تحقيق المزيد من التطور وتوكيلهم بمهام أوسع وتأمين مستقبل لهم في الشركة بما يفوق توقعاتهم سيكون بمثابة رسالة لقادة الشركة في الإدارة الرئيسيّة بأنّك تفكر وتتصرف بعقلية قائد عالمي. ولا أحد في واقع الأمر في موقع أفضل لرعاية الكفاءات الصاعدة من الشخص الذي نجح من قبل في تجاوز العوائق حين كان في مثل موقفهم.

هذه المتطلبات الأربعة هي الأساس اللازم للقيادة على المستوى العالمي. فبينما تتوسّع الشركات متعددة الجنسيات في أسواق مختلفة، فإنّ عليها أن تتخذ الخطوات اللازمة من أجل ضمان أن تتقن الكفاءات الصاعدة لديها هذه المهارات. وبوسع برامج التدريب المعتمدة أن تعلّم القادة ذوي الإمكانات الكبيرة تلك المهارات التي يحتاجونها للتفكير بعقلية عالمية وإدارة بيئة العمل متعددة الثقافات. فقد قامت شركة أميركان إكسبرس مثلاً بإنشاء برنامج التطوير الحثيث للقيادة. وقد شارك في هذا البرنامج الذي يمتد ستة أشهر 25 مشاركاً من مكاتب أميركان إكسبرس حول العالم، حيث يُطلب منهم فيه التعامل مع تحديات حقيقية في العمل وذلك من أجل صقل مهاراتهم الاستراتيجية والانخراط في التعاون بين الأقسام المختلفة ومعرفة ما يلزمهم كي يكونوا مدراء قادرين على قيادة التحول في عالم الأعمال الذي صار التغيّر سمة أساسية من سماته.

اقرأ أيضاً: ما الذي يصنع القائد؟

أما شركة سوديكسو فقد وضعت برنامج المهارات العالمية (Global Agility) والذي يضم سلسلة من المبادرات والبرامج التدريبية المصممة لتعزيز القدرات في بيئات العمل متعددة الثقافات، والربط بين وحدات العمل والقادة في أكثر من 32,700 من مواقعها حول العالم. وتساعد هذه الجلسات التدريبية القادة المشاركين فيها على تحديد الثقافات التي يعملون فيها بشكل أفضل، وفهم كيفية تغيير منهجيتهم للتواصل بشكل أكثر فعالية مع الآخرين عند العمل في بيئات غير مألوفة كثيراً لديهم. وثمة برامج أخرى تركّز على قيادة فرق العمل الافتراضية وبناء الثقة عبر الثقافات وتقديم التقييم والتعبير عن التقدير للآخرين، وهذه جميعها مهارات بالغة الأهمية لبناء فرق العمل العالمية ذات الأداء المتميز.

ومع تنامي إدراك الشركات بأنّ التنوع أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق الابتكار والنمو في السوق إضافة إلى أهمية تواجده ضمن صفات القائد الفعال، فإنّ أهمية تطوير الكفاءات داخل المؤسسة وتعزيز المهارات التي تمكن الموظفين من تحقيق النجاح على الصعيد العالمي بات أمراً ملحاً ولا يمكن الاستغناء عنه.

اقرأ أيضاً: لكي تكون قائداً عظيماً عليك أن تتحلى بهذه العقلية

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي