طريقة بسيطة لرسم خريطة طموحاتك المهنية

6 دقائق
رسم خريطة مسار الحياة المهنية

من السهل أن تصيبك الحيرة حيال كيفية تطور مسارك المهني. وخبرتي مع أنجح الشركات العالمية تفيد بأنّ قدراتها تتراوح ما بين العادية والفاشلة في تطوير المواهب المستقبلية. وهذه الشركات لا تتحرى الشفافية على الأغلب بشأن احتياجاتك الحقيقية، ويعيبها الغموض حيال أكثر خيارات التطوير فعالية. فكيف يمكن رسم خريطة مسار الحياة المهنية بطريقة صحيحة؟

ويكمن التحدي في هذا السياق، أنك تنافس كل فرد في مجال عملك وهو يود أن يبلغ مبلغ الموظف عالي الأداء. وإذا اكتسبت قدرات أكثر بشكل سريع أكثر منهم، فستؤدي أداء أفضل الآن، وستغتنم فرصاً تعينك على تحقيق أداء أفضل في المستقبل، وستترسخ حلقة محمودة جراء ذلك. إنّ التطور مهم. وعليه، كيف يمكنك رسم أقصر الطرق إلى النجاح وأضمنها وصولاً إلى المبتغى؟

كيفية رسم خريطة مسار الحياة المهنية

طور نفسك بوتيرة أسرع

إنّ الأبحاث واضحة حيال الطريقة التي ننمو بها بأنجح ما يمكن: فالأمر يتعلق بمزيج من التعلم أثناء العمل والتعلم الاجتماعي والرسمي الذي يُعرف أيضاً باسم "نموذج 70-20-10". وينص هذا الشعار المستخلص من الأبحاث على أنّ 70% تقريباً من نموّك المهني ينبع من الخبرات العملية التي تملكها، وأنّ 20% منه ينشأ من تفاعلاتك مع الآخرين، و10% هو من تعليمك النظامي.

اقرأ أيضاً: دور الأزواج في الحياة المهنية لشركائهم

فكر في النمو باعتباره دورة متكاملة - أدّي عملك بنجاح واستقبل تعقيبات الآخرين على عملك، ثم طور أدائك بقدر أكبر. إذ ستدفع التجارب عجلة دورة النمو هذه، وبالتالي ستود أن تعي أي التجارب تهم أكثر من غيرها، لكي تكتسب أكبر عدد منها بأسرع ما يمكن. ولكي تبدأ، عليك أن تكون واضحاً بخصوص نقطة انطلاقك ووجهتك المنشودة في رحلة التطور تلك، ويعتبر هذا الوضوح هو العنصر الذي يغيب عادة عن خطة التطوير.

ثمة خطوتان أساسيتان للنمو بوتيرة أسرع، ألا وهما:

  1. حدد منطلقك ووجهتك.
  2. اكتسب الخبرات واصنع خارطة للخبرة الشخصية.

حدد منطلقك ووجهتك

إذا أردت الحصول على إرشادات اتجاهات السيارات من خرائط جوجل، فإنّ التطبيق يسألك عن معلومتين أساسيتين هما: موقعك الحالي ووجهتك المنشودة. وكلما تحريت الدقة في إدراج إحداثيات الموقعين، سوف تصل على الأرجح إلى وجهتك المنشودة استناداً إلى أسرع الطرق الممكنة. وعملية نموك ينبغي أن تتبع الدرب نفسه بالضبط، حيث عليك تحديد موقعك الآن بوضوح ووجهتك المفضلة.

ويكمن التحدي بالنسبة لكثير منا في أننا مشوشون فيما يتعلق بمنطلقنا الفعلي ووجهتنا. وكثيراً ما يغلب علينا الظن بأننا ننطلق من موقع أبعد بكثير من مكاننا الأصلي بشكل موضوعي، وأننا بلغنا وجهتنا في الوقت الذي ما زلنا فيه بعيدين عن غايتنا بمئات الأميال. يمكنك التوصل إلى تقييم أدق باستخدام إطار عمل يطلق عليه زميلي جيم شانلي "من/إلى". وهذا الإطار قوامه بيانان موجزان؛ أحدهما يصف مكانك الآن، والآخر يصف وجهتك التالية الكبيرة (لا وجهتك النهائية).

تتضمن أمثلة بيانات "من/إلى" العظيمة ما يلي:

  • من مساهم فردي يضيف قيمة عبر خبرته الفنية، ويتابع عن كثب اتجاهات الآخرين إلى قائد للآخرين يضع استراتيجية واضحة ويحقق النتائج المنشودة عن طريق فريق عمل صغير.
  • من استراتيجي في مجال تسيير الأعمال يمكن أن يكون متحفظاً ونابذاً لمن هم دونه قوة فكرية إلى مدير عام ينسق أعمال منطقته ويلهم العاملين فيها عبر علاقاته الشخصية، ويظهر اهتماماً حقيقياً لأمر الآخرين.

قد تباغتك استقامة هذه البيانات. إنّ بيانات "من/إلى" هذه أمثلة حقيقية من تنفيذيين ناجحين أحرزا تطوراً هائلاً بمجرد أن تجلت احتياجاتهما على هذا النحو. وهذان القائدان الآن رئيسان تنفيذيان؛ أحدهما لسلسلة مبيعات بالتجزئة قيمتها 10 مليارات دولار والآخر الرئيس التنفيذي لإحدى شركات النظارات المتخصصة.

ولاستخلاص بيان "من/إلى" بشكل دقيق، ستحتاج إلى أن تنزع عنك غرورك، وأن تطلب من بعض الموظفين والزملاء رفيعي المستوى رأيهم الواضح جداً في موقعك الحالي ووجهتك. اشرح لهم مفهوم "من/إلى"، وأرسل إليهم أمثلة "من/إلى" التي ضربتها في السابق. وقل لهم أن يتحروا الصراحة المطلقة لأن شفافيتهم ستسمح لك بالنمو بوتيرة أسرع.

اقرأ أيضاً: خطط لتطورك المهني في هذا العام

استغل تعقيباتهم في صنع بيان "من/إلى" الخاص بك. أي من بياناتهم تبدو الأكثر مباشرة بالنسبة لك وتجعلك منزعجاً أكثر من غيرها؟ هل "موقعك الحالي" بعيد بما يكفي بحيث يصبح تحدياً هادفاً عليك تحقيقه؟ مَن هو الشخص الذي تثق برأيه أكثر من غيره؟ في ظل بيان "من/إلى" واضح، يمكنك الآن التركيز على تسريع نموك.

اصنع خارطة تجربتك الشخصية

بما إنّ (نسبة 70-20-10) تنص على أنّ التجارب هي أفضل ما يسرع تطورك، ستود أن تستوعب أي التجارب تلك التي ستبني مشوارك المهني، والأهم من ذلك أن تعي التجارب القليلة الأقوى على الإطلاق التي بوسعها سد الفجوة بين موقعك الحالي ووجهتك المنشودة. وستساعدك خارطة الخبرة الشخصية المحدثَة بانتظام على رسم طريقك.

تُظهر خارطة الخبرات الشخصية (أي التجارب التي تريد اكتسابها خلال الفترة التي تتراوح بين عامين وخمسة أعوام المقبلة لتنمية مسارك المهني) أنها وثيقة تخطيط عملية تصف كيف ستصنع النسخة الأعلى أداء من ذاتك.

هناك نوعان من الخبرات التي ستسرع تطورك وهي: الخبرات الوظيفية والخبرات الإدارية. تساعد الخبرات الوظيفية على جعلك بارعاً في شيء ما، أي في ميدان التسويق أو سلسلة الإمداد أو في البحث والتطوير. وتسمح لك بإثبات امتلاكك للكفاءة العالية فيما تضطلع به من عمل. وستساعدك الخبرات الإدارية في إثبات قدرتك على الأداء أو الإدارة في مجموعة متنوعة من المواقف التي تنطوي على التحدي. لقد أثبت أنك لم تكن مسوقاً بارعاً فقط في منطقة واحدة، بل أثبتّ قدرتك على قيادة جهود التسويق متى كان لديك فريق عمل جديد في حالة تحول وفي منطقة جغرافية مختلفة.

عندما تكتسب هذه الخبرات التي تنطوي على تحديات بنجاح، ستتمكن من رسم خريطة مسار الحياة المهنية وستثبت لشركتك أنك قائد متنوع المهارات يستحق فرصة لشغل مناصب أعلى وأهم. وبوسعك رسم خارطة خبرتك الشخصية بعدما يلي:

إجراء مقابلات شخصية للخبراء في مجال عملك. يستطيع الأبرع والألمع في مجال عملك مساعدتك على فهم أي الخبرات ستقودك إلى الـ 10% الأبرز على الإطلاق، وأيها ستعينك على أن تصبح خبيراً. قم بإجراء مقابلة شخصية مع هؤلاء القادة كي تعرف أي الخبرات ستبني تميزك الوظيفي. وستمدك المقابلات الشخصية بالمادة الخام لصنع خارطة خبرتك الشخصية.

حدد الخبراء داخل شركتك وخارجها. قم بإجراء مقابلة شخصية مع الأفضل في مجال عملك، لا الأفضل في شركتك. إذا أردت أن تكون مديراً مالياً، فحدد خمسة مدراء ماليين يروقون لك أو يحظون باحترام شديد في مجال عملك. إذا كان هدفك أن تكون بارعاً في ميدان البحث والتطوير المبكر في صناعة المستحضرات الدوائية، فاتبع نفس العملية. ابحث عن القادة المدرجين على قوائم "الأفضل" في الصناعة ذات الصلة (أفضل رئيس لقسم التسويق، وأفضل رئيس لقسم تقنية المعلومات، إلخ)، من مقالاتهم المنشورة في المجلات التجارية، وعلى قوائم المتحدثين في المؤتمرات ذات الصلة، أو من إحالات القادة في شركتك.

اطلب إجراء مقابلة شخصية. أرسل بريداً إلكترونياً إلى كل قائد مطالباً بحوار غير رسمي يمكنهم فيه مد يد العون لشخص في مجال عملهم كي يتطور.

اقرأ أيضاً: بحث: عندما تخدم خسارة فرصة كبيرة حياتك المهنية

التمس الرؤى الثاقبة. خلال مكالمتك معهم، اسألهم "ما الخبرات الوظيفية الأساسية (ليست بالضرورة المهام) التي تعتقد أنها ستصنع المدير العام أو مهندس تكنولوجيا المعلومات أو المدير المالي الأعلى أداء؟" أو "صف ما تراه في السيرة الذاتية لشخص بارع في مجال معين". إذا لم تستطع الحصول على معلومات ثمينة، فاسألهم عن الخبرات الأعظم قيمة التي اكتسبوها خلال مسيراتهم المهنية الخاصة.

والآن دور رسم خريطة مسار الحياة المهنية

راجع ملاحظاتك المستخلصة من المقابلات الشخصية، ودون الخبرات التي وصفها ضيوف المقابلات. لن يكون كل ما سمعته مفيداً: فبعض المعلومات ستتقاطع أو تتضارب مع ما صرح به ضيف آخر. هدفك أن تفرز هذه المعلومات بحثاً عن الخبرات القليلة التي ستسرع مسيرتك المهنية أكثر من غيرها.

ينبغي أن تصف الخبرة نتيجة مجدية من نتائج الأعمال؛ كافتتاح منشأة إنتاج جديدة أو قيادة فريق ضخم خلال فترة تحول الأعمال أو إقفال دفاتر إحدى وحدات العمل. وينبغي أن تكون تلك الخبرة لبنة أساسية مهمة لقدرتك الوظيفية أو القيادية. وينبغي أن يعني إنجازك لها شيئاً للآخرين في ميدان عملك.

ستكون الخبرات الوظيفية التي تحتاج إليها كي تصبح صاحب أداء عال مميزة لمهنتك، غير أن الخبرات الإدارية ستكون شبيهة جداً عبر المهن المختلف. وتُنمي الخبرات الإدارية قدرات عامة ذات قيمة عالية لجميع المدراء، بغض النظر عن طبيعة عملهم. ولأغراض التبسيط، يمكنك استغلال هذه الخبرات عندما تبادر برسم خارطتك:

خبرات دورة الحياة: قيادة في مختلف أقسام شركتك أو في تطوير المنتج: موقف تحولي أو شركة ناشئة أو بيئة مستقرة أو سوق نامية أو سوق ناضجة تماماً.

خبرات إدارية: تطوير فريق متدني الأداء، أو قيادة فريق ضخم أو إدارة فريق لك عليه أثر ولكن ليس لك عليه سلطة أو قيادة في بيئة مترابطة شبكياً أو قيادة في بيئة سياسية جداً.

خبرات جغرافية: لديك خبرات خارج النطاق الجغرافي لموطنك، حيث اللغة المحلية تختلف عن لغتك الأم.

اختر أربع إلى سبع خبرات وظيفية وثلاث إلى أربع خبرات إدارية تعتقد أنها ستفيدك أكثر من غيرها، ودونها على خارطة خبرتك الشخصية. إذ ينبغي أن تكون الخارطة مركّزة وواقعية، فتتخذ هيئة الوثيقة المرجعية التي ستستخدمها بانتظام لتخطيط نموك وتقييم تطورك.

اقرأ أيضاً: انشغالك عن أصدقائك لن يدعم مسيرتك المهنية

تعتبر خارطة الخبرة الشخصية الآن هي دليلك لتنمية ذاتك العالية الأداء باستمرار. ورسمها سيكون أحد أفضل استثماراتك للوقت. راجع محتوى خارطتك كلما غيرت وظيفتك أو تنقلت بين الشركات، وبحد أدنى كل ستة أشهر لضمان بقائها دليلاً راهناً ومفيداً.

ليس من السهل أن تنمي ذاتك بوتيرة أسرع، غير أن الأمر سيصبح أبسط بكثير عندما تستجلي منشأك ووجهتك والدرب الأسرع المدفوع بالخبرات بين الاثنين من أجل معرفة كيفية رسم خريطة مسار الحياة المهنية بطريقة صحيحة.

اقرأ أيضاً: الغيرة المهنية: كيفية التحكم بها وإظهار الجانب الإيجابي منها

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي