حوار أجرته سارة كليف مع خبيرة الحوكمة المؤسسية باربرا هاكمان فرانكلين.
عملت باربرا هاكمان فرانكلين، وزيرة التجارة الأميركية التاسعة والعشرون ورئيس مجلس إدارة الرابطة الوطنية لمديري الشركات، في مجالس إدارة 14 شركة عامة وأربع شركات خاصة. وقد أوردت جمعية الإدارة الأميركية اسمها ضمن 50 رئيس شركة هم الأكثر تأثيراً في أميركا. وهي الرئيس والمدير التنفيذي لشركة باربرا فرانكلين إنتربرايسز، وهي شركة استشارية تقدم المشورة للشركات الأميركية التي تمارس أعمالها في الأسواق الدولية.
هارفادر بزنس ريفيو: هل توافقين على الفكرة القائلة أن التركيز المفْرط على المساهمين بات يمثل مشكلة؟
فرانكلين: الجواب المختصر هو نعم. ولكن اسمحي لي أولاً أن أخبرك عن رأيي في حوكمة الشركات. كنت دائماً أنظر إليها كنظام ثلاثي الجوانب قائم على فصل السلطات. فالمساهمون يمتلكون الأسهم وينتخبون مجلس الإدارة. ومجلس الإدارة يضع السياسات ويعين ويسرح الرئيس التنفيذي. والرئيس التنفيذي والإدارة يديران الشركة. ومع مرور الوقت، يكون هنالك توازن القوى بين هؤلاء الأطراف الثلاثة في حالة من المد والجزر، ولكن هناك دائماً بعض التوازن بين القوى. عندما انضممت لأول مرة لمجالس إدارة شركات عامة كبيرة، منذ ثلاثة عقود، كانت السيطرة للرؤساء التنفيذيين. ثم بدأت تقوى شوكة مجالس الإدارة، وتحول ميزان القوى لصالحهم، خاصة بعد تمرير قانون سارباينز أوكسلي (Sarbanes–Oxley) في عام 2002. ثم تحول ميزان القوى مجدداً خلال السنوات الخمس أو الست الماضية لصالح المساهمين.
ولكن ثمة تعقيد إضافي، ألا وهو المساهمون الناشطون، وزيادة حضورهم التي تبدو بالنسبة لي مختلفة عن حالة المد والجزر الذي يحدث بين قوى الأطراف الثلاثة. إنها مختلفة وأكثر إثارة للقلق أيضاً. ولقد كان هذا شيئاً جديداً خلال السنوات القليلة الماضية. لذا، فإنني أوافق على أن ميزان القوى الآن يجب أن ينحسر مجدداً عن المساهمين ويتحوَّل على نحو أكبر لصالح مجالس الإدارة والإدارة.
وما التأثير الذي ترينه؟
لقد أثر مستثمرو صندوق التحوط الناشطون في سلوك المستثمرين الآخرين. وإنني أرى تزايداً في الضغط من مجتمع الاستثمار عموماً من أجل الأرباح الفصلية، وزيادة سعر السهم. ولعل هناك بعض التأثير على عملية وضع الاستراتيجية وكيفية تخصيص الموارد. كما تبزغ فكرة أننا يجب أن "نفكر بالطريقة التي يفكر بها المساهم الناشط"، من حين لآخر في محادثات مجلس الإدارة.
عندما أرسل جوزيف باور ولين باين مقالتهم "الخطأ الكامن في قيادة الشركات" لبعض الخبراء لمعرفة تعليقاتهم، قال أحد الأشخاص إن تمركز الشركات لن يكون ممكناً إلا إذا أجرت مجالس الإدارة بعض التغييرات الجوهرية في الطريقة التي تؤدي بها عملها. هل يبدو ذلك الرأي صائباً بالنسبة لكِ؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي التغييرات اللازمة؟
أعجبني شيء واحد في تلك المقالة: ألا وهو أنها تحدد بعض الأشياء التي كان ينبغي على مجالس الإدارة القيام بها طوال الوقت. إن بعض المجالس تقوم بها بالفعل، ولكن ربما ليس بالقدر الكافي. (إن من الصعب القيام بها إذا كنتِ تتعرضين لضغط لا هوادة فيه من أجل الأداء ذي المدى القصير). على سبيل المثال، تحتاج مجالس الإدارة على مدار العام إلى إجراء مناقشات حول استراتيجية الشركة مع الإدارة والرئيس التنفيذي. ولا يمكن أن يكون ذلك حدثاً "يحدث مرة واحدة وكفى" – فالاستراتيجية لا بد من مناقشتها، بالحرف الواحد، في كل اجتماع.
وإذا كانت الاستراتيجية مطروحة على الطاولة في كل مرة، إذَن يمكنك مناقشتها من جميع الجوانب، مثل القرارات ذات المدى القريب مقابل القرارات ذات المدى البعيد، وبطبيعة الحال، معرفة ما إذا كانت هناك حاجة لإعادة النظر في أي قرارات. كما أن تخصيص الموادر ودراسة المخاطر هي جزء من الجوانب التي يمكن مناقشتها. ويكمن وراء القدرة على تناول تلك الأسئلة مدى نجاح ثقافة العمل في قاعة مجلس الإدارة. هل هناك احترام لجميع الأصوات؟ هل الرئيس التنفيذي على استعداد للاستماع والتفاعل، والرد؟ وهل هناك جدول أعمال واحد لا غير: الرفاه المستقبلي للمؤسسة ولأصحاب المصالح، مع التركيز دوماً على مسألة كيف يخلق ذلك الجدول قيمة للمساهمين؟
لقد أفضى التركيز على منهج الأجل القصير ببعض مجالس الإدارة إلى إهمال مسؤوليات أساسية، مثل تخطيط التعاقب الوظيفي. وهذا التخطيط أيضاً لا بد أن يحدث بشكل مستمر. فأعضاء مجلس الإدارة بحاجة إلى التأكد من وجود مقعد للمرشحين لمنصب المدير التنفيذي يمكن الاعتماد على من سيشغَله، وهذا يعني التعرف على المرشحين بشكل جيد حقاً. وبهذه الطريقة، عندما تكونين بحاجة إلى اتخاذ قرار بشأن القائد المقبل، يمكنك مطابقة المرشح الصحيح مع التوجه الاستراتيجي للشركة.
ثمة جانب آخر يتعرض للإهمال - لكنه مهم جداً لهذا النقاش – ألا وهو حُسن التواصل. إن مجلس الإدارة والشركة لا بد أن يقدما للمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب. ويكتنف الغضب بعض المساهمين حين لا تتوافر لديهم معلومات كافية عما يجري حقاً أو عن الأفكار التي أدت إلى اتخاذ قرار جماعي. ويمر وقت طويل إلى أن تتضح الأمور، وذلك نتيجة لسوء التواصل.
إن التعويض جزء كبير آخر من وظيفة مجلس الإدارة، فكيف ينبغي التفكير في هذا التغيير، إذا كانت هناك حاجة لذلك؟
يتحدث الناس كثيراً عن "الأجر مقابل الأداء". ولكن ماذا يعني ذلك؟ أعتقد أن مجالس الإدارة بحاجة إلى تصميم بطاقة رصد درجات تتسم بالتوازن من أجل تقييم الأداء، والتي سوف تساعدهم بعد ذلك على تحديد مقدار التعويض. إذا كان لديك معايير لرصد الأداء تغطي مجموعة من القضايا، سواء على المدى البعيد وعلى المدى القريب، فإنها تمثل سياج أمان آخر من نزعة منهج الأجل القصير.
وبغض النظر عما إذا كان هناك تحول بعيداً عن التمركز حول المساهمين أم لا، أعتقد أن مجالس الإدارة سوف تضطر إلى اتخاذ خطوات جادة نظراً للتغيرات الجارية الآن في بيئة الأعمال، مثلما يحدث غالباً حين يكون لدينا إدارة جديدة ومجلس شيوخ جديد.
يعتقد باور وباين أن التركيز الزائد حول مصالح المساهمين يحول أعضاء مجلس الإدارة والمدراء التنفيذيين إلى مجرد متلقين للأوامر بدلاً من كونهم أصحاب قرار، وأن على أعضاء مجلس الإدارة والمدراء التنفيذيين أن يبقوا سلامة المؤسسة – وليس تعظيم الثروة – على قمة أولوياتهم واهتماماتهم. ما رأيك؟
أجل، أنا أتفق مع ذلك الرأي. لقد كنت أعتقد دائماً أن التزامي بمسؤوليتي كوصية يكون تجاه المؤسسة، وذلك يشمل مساهميها. إن المقال يسميهم أصحاب المصالح، لكننا نتحدث عن الشيء ذاته. إذ يجب أن تضعي في اعتبارك أصحاب المصالح وكذلك المساهمين.
ثمة اختلافات مثيرة للاهتمام بين القوانين الأميركية على مستوى الولاية. بادئ ذي بدء، إن معظم القوانين الحكومية الخاصة بالشركات لا تطالب المدراء بأن يضعوا المساهمين على رأس أولويات العمل؛ لكن مجموعة السوابق القضائية المتراكمة على مدى عدة عقود هي التي تسببت في التركيز على تعظيم قيمة المساهمين. وجدير بالإشارة أن هناك الآن 28 ولاية تسمح قوانينها لأعضاء مجلس الإدارة بالنظر في مصالح "أصحاب المصالح الآخرين غير المساهمين". وأعتقد أن هذا شيء جيد.
ما الذي تسمعينه من أفواه الرؤساء التنفيذيين عن كيفية موازنتهم للضغوط من مختلف أصحاب المصالح؟
أعتقد أن هناك قلقاً بشأن موازنة منهج الأجل الطويل ومنهج الأجل القصير. لقد أيد البعض منا تلك التصريحات التي تزعم أن هناك تأكيداً مبالغاً فيه على تبني منهج الأجل القصير، سواء تمثل ذلك في التركيز على سعر السهم أو على إجمالي عوائد المساهمين. إن التركيز المفرِط على أي منهج وحيد دون غيره يضر بأهداف الشركة الطويلة الأجل. والتوصل إلى التوازن الصحيح أمر يشغل بالنا جميعاً، مديرين تنفيذيين وأعضاء مجلس إدارة أيضاً.
لكن التفكير في بيئة الأعمال العالمية هو الشغل المستمر الذي يجعل النوم يجافينا.
لقد أمضيت وقتاً طويلاً في قاعات مجالس الإدارة – فهل كانت هناك أية قضية كبيرة تتمنين لو أن باور وباين تطرقاً لها؟
بالنسبة لي، أرى أن ما ينقصنا هو مناقشة قضية التوازن المناسب في السلطة بين الإدارة ومجلس الإدارة. هذا الأمر من السهل تحديده على الورق، لكنه صعب حقاً من الناحية العملية. إنه موضوع لم يحن أوانه بعد. ربما بعد أن نصل إلى حل لمشكلة المستثمرين الناشطين قد يتمكن الكتاب من تناول هذا الموضوع.