دور الأزواج في الحياة المهنية لشركائهم

5 دقائق
الأزواج والحياة المهنية
وجهة نظر مسؤولة توظيف حول سبل موازنة الزوجين بين طموحاتهما المهنية وواقع الأزواج والحياة المهنية عموماً.

كي تقدم أداءً رفيع المستوى كشخص متخصص بالتعيينات في المناصب العالية، أنت بحاجة إلى فهم الدوافع التي تجعل المرشحين يتميزون عموماً وليس فقط في العمل. وهذا الأمر صحيح بشكل خاص إذا كنت أطلب منهم قبول وظيفة تتطلب الانتقال إلى مكان جديد. في العديد من الحالات، أكون أصلاً على دراية بالحياة العائلية للمرشح – بما في ذلك الوضعية المهنية للزوج/ الزوجة، وأعمار أطفالهما (إذا كان لديهما أطفال)، وما إذا كان لديهما أبوان طاعنان في السن يعيشان على مقربة منهما. أما في الحالات التي لا أعرف فيها الإجابة، فإنني أجد طريقة لطرح السؤال التالي: "هل هناك أي وضع عائلي يجب أن نراعيه ونوليه اهتماماً؟" إذا كان هناك أي وضع من هذا القبيل، من المهم أن نعرف باكراً، ولاسيما إذا كان من الممكن أن تتحول هذه الأمور إلى "موانع" للانتقال. فماذا عن الأزواج والحياة المهنية شديدة التعقيد؟

اقرأ أيضاً: خطط لتطورك المهني في هذا العام

خلال سنوات خبرتي الممتدة على مدار 34 عاماً، كان العامل الأصعب الذي يجب التغلب عليه عند تعيين مرشح معيّن مضطر إلى الانتقال للعيش في مكان آخر لشغل وظيفة جديدة هو الأطفال، ولاسيما من هم في المرحلة الثانوية أو لديهم احتياجات خاصة. (وهذا الأمر صحيح غالباً سواء أكان المرشح متزوجاً أو مطلّقاً، فالانتقال يمكن أن يكون صعباً بالتحديد بالنسبة للشخص الذي يتشارك الوصاية على الأطفال مع طليقته/ طليقها). والأزواج هم ثاني أكثر سبب يدفع المرشح إلى التردد في الانتقال إلى مكان آخر، ولاسيما إذا كان الشخص شريكاً في علاقة زوجية يسعى كلا طرفيها إلى السير في مسارين مهنيين طموحين.

عندما أحاول تعيين أحد زوجين لكل منهما مساره المهني المستقل، من المهم تكوين فهم كامل عن المسار المهني للشريك الآخر، وكذلك للمدينة التي آمل أن أنقلهما إليها. فبالنسبة للزوج الذي سيتبع زوجته أو العكس، أجد أن أكثر المهن تحدّياً هي مهنة الطبيب الذي لديه عيادته الخاصة أو المحامي الذي لديه مكتبه الخاص، أو حالة مالك الشركة التي لا يمكن نقلها. فالأشخاص في هذه الحالات يكونون غالباً قد أمضوا سنوات في بناء قاعدة من الزبائن وسمعة على المستوى المحلي، ومن الصعب إعادة تكرارهما في منطقة جديدة. كما أن حجم المدينة التي سينتقل إليها الزوجان هو عامل مهم أيضاً. فإذا ما كان شريك المرشح لشغل المنصب يعمل في وظيفة في شركة تقليدية، فسيكون من السهل عليه/ عليها العثور على منصب مشابه (أو أفضل) في سوق كبيرة مثل مدينة لوس أنجلوس أو نيويورك بالولايات المتحدة مثلاً، بالمقارنة مع مدينة أصغر حجماً. وإذا ما كانت الزوجة التي ستتبع زوجها أو العكس تسافر بصورة متكررة بسبب العمل، فإن القرب من أحد المطارات الرئيسة هو أمر حيوي أيضاً.

إذا لم يكن شريك المرشح يريد أن ينتقل أو لا يستطيع الانتقال، فإنني غالباً ما أطرح على الزوجين فكرة "زواج مع الترحال إلى العمل". فالشركات اليوم باتت وبصورة متزايدة مستعدة للسماح للقادة ذوي الأداء العالي بالترحال يومياً بين البيت والعمل أو العمل عن بعد. لكن هذه الشركات أكثر ميلاً إلى السماح لموظف حالي أن يفعل ذلك، لأنها تعلم السجل السابق لذلك الشخص، لكن الخطورة تبدو أعلى في حالة الموظف الجديد.

في بعض الأحيان، يجب أن نفكّر بطريقة خلاقة. فقبل بضع سنوات كنت أنا وأحد زملائي نعمل على تعيين مرشحة تعيش في أوروبا في منصب في آسيا. كان زوج هذه السيدة والتي مضى على زواجه منها فترة طويلة لديه وظيفة عظيمة ولم يكن مستعداً للانتقال إلى آسيا. لذلك درسنا المسار المهني المحتمل لهذه المرشحة (فيما لو قبلت الوظيفة الجديدة) وخلصنا إلى أنها إذا تمكّنت من تقديم أداء عظيم في آسيا، فإنها سترقّى على الأغلب إلى منصب في المقر الرئيس للشركة في الولايات المتحدة الأميركية، التي كان زوجها مستعداً للانتقال إليها. لذلك ظل الاثنان يتنقلان لمدة عامين لرؤية بعضهما، ثم حصلت السيدة التي عيّنتها على وظيفة عليا في المقر الرئيس للشركة، وانتقل زوجها إلى الولايات المتحدة الأميركية، ليلتئم شملهما من جديد.

الأزواج والحياة المهنية

يمنحني عملي ما يشبه النافذة الفريدة من نوعها التي تسمح لي بالاطلاع على الطريقة التي يدير بها الأزواج هذه الأوضاع، لكن آرائي مستندة أيضاً إلى مشروع بحثي قدته في شركة "كورن فيري" (Korn Ferry) حول المسارات المهنية للرئيسات التنفيذيات. أجرينا مقابلات مع 75 من الرئيسات التنفيذيات الحاليات أو السابقات حول المسارات التي أوصلتهن إلى القمة، وكانت أكثر خلاصة مذهلة استنتجناها هي أهمية الدعم القوي الذي يقدّمه الزوج للمرأة التي تطمح إلى شغل أعلى المناصب. وعندما ناقشنا العوامل التي قادت إلى نجاحهن، فإن معظم النساء تطرّقن بعفوية إلى دعم أزواجهن لهن. فنصف الرئيسات التنفيذيات تقريباً كان أزواجهن لديهم مسارات مهنية مهمّة، لذلك فإن إدارة مساريهما المهنيين شملت عمليات تفاوض معقدة على جدولهما الزمني المشترك، وتبادلاً للأدوار، ودراسة معمقة للقرارات الخاصة بالمسار المهني، والاستعداد للانتقال إلى مكان آخر، والحصول على مساعدة كبيرة من مدبري المنازل وجليسي الأطفال، وهكذا دواليك. ثلثهن تقريباً كان لديهن أزواج وصل بهم الأمر عند وصول السيدات إلى منصب الرئيسة التنفيذية إلى تولي المسؤولية الرئيسة عن المنزل والأطفال، وبعضهم اكتفى بدور رب المنزل فيما تقاعد آخرون، أو عملوا بدوام جزئي.

اقرأ أيضاً: بحث: عندما تخدم خسارة فرصة كبيرة حياتك المهنية

ليس لدى الواحد منا سوى قدر محدد من الطاقة ليستغلها، والتعامل مع شريك لا يدعمك مهنياً يمتص تلك الطاقة ويحد من قدراتك الكامنة. قالت قلة من الرئيسات التنفيذيات اللواتي قابلناهن أنه كان لديهن في السابق أزواج غير داعمين لكنهن تركنهن وارتبطن بأشخاص أكثر دعماً. لقد خمّنت هاته النسوة أنهن لم يكنّ ليحصلن على المنصب الأعلى لو لم يحظين بالدعم المطلوب. (معظم الرؤساء التنفيذيين الذكور الذين عملت معهم يقولون الشيء ذاته). أنا شخصياً لديّ ولدان يبلغان من العمر 24 و21 عاماً، وأقول لهما صراحة: اختيار شريك الحياة قد يكون أهم قرار على الإطلاق ستتخذانه في حياتكما المهنية، لأن ذلك الشخص إما أن يكون داعماً لطموحاتكما المهنية، أو أن يكون حجر عثرة في طريقها. لذلك اختارا بحكمة.

"اختيار شريك الحياة قد يكون أهم قرار على الإطلاق ستتخذه في حياتك المهنية، لأن ذلك الشخص إما أن يكون داعماً لطموحاتك المهنية أو أن يكون حجر عثرة في طريقها. لذلك اختر بحكمة".

أنا أتعاطف مع الأزواج الذين يعانون مع هذه القضايا لأنني واجهتها بنفسي. فزوجي هو طبيب مختص بالتشريح المرضي ونحن متزوجان منذ 37 عاماً. خلال العقدين الأولين تقريباً، كان مساره المهني يحظى بالأولوية. انتقلنا عدة مرات بحسب مقتضيات التدريب الذي كان يحصل عليه في كلية الطب، وإقامته، وزمالاته، والتدريب الذي حصل عليه في القوات الجوية الأميركية. أنا أؤمن أن الزهرة القوية يمكن أن تتفتّح في أي مكان، لذلك حاولت أن أنظر إلى كل هذه الانتقالات بوصفها فرصاً: عندما انتقلنا من كاليفورنيا إلى فيلادلفيا، قادني البحث عن وظيفة إلى مهنة تعيين التنفيذيين. وعندما انتقلنا إلى تكساس التي لم تكن شركتي تمتلك مكتباً فيها، افتتحت مكتباً جديداً، وكانت تلك تجربة عظيمة. مع تطور مساري المهني وارتقائه، أدخلنا بعض التعديلات. جدول سفرياتي يبعث على الجنون. في 2007، عندما كان أطفالنا أصغر سناً بكثير، غادر زوجي عمله في المستشفى وبدأ بالعمل كاستشاري ليتمتع بقدر أكبر من المرونة ولكي يكون قريباً من الأطفال أكثر. ومنذ ذلك الوقت، منحنا الأولوية لمساري المهني.

إعادة النظر في ترتيب أولويات الزوجين

بما أنني اختبرت حالات الشد والجذب هذه، فإنني أدرك أن اتصالاً هاتفياً من شخص مثلي عادة – متبوعاً بعرض عمل عظيم – هو ما يجعل الزوجين يعيدان النظر في ترتيباتهما المتكافئة. ففي غالب الأحيان، ستركّز المحادثة الناجمة عن ذلك على فرص الارتقاء. من الطبيعي بالنسبة لأي شريكين أن يقارنا الاحتمالات الممكنة لمساريهما المهنيين وأن يقررا إعطاء الأولوية للمسار الذي ينطوي على عائد أكبر على الاستثمار. في الماضي، كان المسار المهني للرجل هو الذي يفوز، أما اليوم فإن المسار المهني للمرأة هو الذي يربح عادة في هذا السباق.

اقرأ أيضاً: انشغالك عن أصدقائك لن يدعم مسيرتك المهنية

في مثل هذه الحالات المتعلقة بموضوع الأزواج والحياة المهنية عموماً، سيقرر العديد من الأزواج اللذين لدى كل واحد منهما مساره المهني الخاص به إعطاء الأولوية لأحد هذين المسارين المهنيين وتنحية الآخر جانباً، أو سيتفقان على أن الشريك الذي يحقق دخلاً أقل سيصلّي لله لكي يساعده في العثور على فرصة عمل عظيمة في مدينة جديدة أو خلقها. وعندما يواجه الزوجان هذا الاحتمال، أذكّرهما أن اختيار إعطاء الأولوية للمسار المهني لأحد الشريكين على حساب مسار الآخر لا يعني أن الأمر سيبقى على هذا الحال إلى الأبد. فالمسارات المهنية هي عبارة عن رحلات طويلة. والشريك الذي قد يتراجع خطوة إلى الوراء الآن قد يكون قادراً على أن يقفز خطوة إلى الأمام في المستقبل. وأنا أعتقد أن لدي مصداقية عندما أطرح هذه الرأي لأنني جرّبت هذا التحول بنفسي.

اقرأ أيضاً: الغيرة المهنية: كيفية التحكم بها وإظهار الجانب الإيجابي منها

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي