خطوة نحو جعل شركتك مستدامة أكثر

6 دقائق
خطوة نحو جعل شركتك مستدامة أكثر

ملخص: الاقتصاد الدائري هو أحد النماذج التي تحمل وعوداً كبيرة بتحقيق الاستدامة، ويعتبر خطوة نحو جعل شركتك مستدامة أكثر. فبدلاً من استخراج المواد واستخدامها مرة واحدة ثم التخلص منها، تعمل الشركات التي تتبع نموذج الاقتصاد الدائري على استعادة الموارد هائلة الحجم إلى سلسلة القيمة من أجل استخدامها مرة بعد مرة. يبدو هذا النهج جيداً من الناحية النظرية، لكن كيف يمكن تطبيقه فعلياً؟ يقترح المؤلفان 4 خطوات، وهي: إغلاق الحلقة والذي يعتبر الخطوة الأساسية الأولى، حيث يجب على الشركة الانتقال من سلسلة القيمة الخطية المتمثلة في "جمع المواد الخام وتصنيعها واستخدامها، ثم التخلص من النفايات"، إلى سلسلة القيمة الدائرية المتمثلة في "جمع المواد الخام وتصنيعها واستخدامها، ثم استعادتها". وفي الخطوة الثانية، يجب على الشركة البحث عن طرق لتحسين كفاءة الموارد ضمن سلسلة القيمة الدائرية. مثلاً، عن طريق فهم مكان تعرض منتجك للاهتراء وطريقة حدوث ذلك، بحيث تتمكن من التوصل إلى طرق لتحسين المنتج وجعله أكثر متانة. وفي الخطوة الثالثة، يجب على الشركة البحث عن نماذج عمل بديلة. خذ مثلاً شركة "سيغنيفاي" (Signify)، التي عرفت سابقاً باسم "فيليبس لايتنغ" (Philips Lighting)، إذ انتقلت من بيع مصابيح الإنارة إلى تقديم عروض الإنارة كخدمة. وأخيراً، يجب على الشركة تجاوز حدودها والسعي لإدماج شركائها وعملائها في المساعي الأشمل الرامية إلى الحفاظ على موارد الكوكب المحدودة.

من أجل مواجهة التحديات الملحة في كوكبنا، كاستنزاف الموارد والتغير المناخي، يجب علينا إعادة النظر بصورة جذرية في الطرق التي نتبعها للقيام بأعمالنا ضمن الأنظمة الصناعية. الاقتصاد الدائري هو أحد النماذج التي تحمل وعوداً كبيرة بتحقيق الاستدامة. فبدلاً من استخراج المواد واستخدامها مرة واحدة ثم التخلص منها، تعمل الشركات التي تتبع نموذج الاقتصاد الدائري على استرداد الموارد هائلة الحجم إلى سلسلة القيمة من أجل استخدامها مرة بعد مرة.

يبدو هذا النهج جيداً من الناحية النظرية، لكن كيف يمكن تطبيقه فعلياً؟

أمضينا عدة أعوام في دراسة الاقتصاد الدائري وضمن قطاعات مختلفة، وتوصلنا إلى 4 خطوات رئيسية يمكن للشركات اتباعها من أجل تطبيق نهج قائم على نموذج الاقتصاد الدائري. تجمع هذه الخطوات الأربع الجانب المادي من نموذج الاقتصاد الدائري إلى الجانب النقدي وجانب العملاء.

الخطوة الأولى: أغلق الحلقة

إغلاق الحلقة هو الخطوة الأساسية الأولى في تحقيق نموذج الاقتصاد الدائري. ببساطة، يستدعي نموذج الاقتصاد الدائري انتقال الشركة من سلسلة القيمة الخطية المتمثلة في جمع المواد الخام وتصنيعها واستخدامها، ثم التخلص من النفايات، إلى سلسلة القيمة الدائرية المتمثلة في جمع المواد الخام وتصنيعها واستخدامها، ثم استعادتها. يمكن إغلاق الحلقة عن طريق إعادة الاستخدام المباشر للمنتجات، أو عن طريق اتخاذ إجراءات إعادة الاستخدام الجزئي مثل التجديد أو إعادة التدوير التقليدية، أو عن طريق التحلل الحيوي. هذه الخطوة الأولى ليست سهلة، ويجب عليك فهم النقطتين التاليتين جيداً.

استخدم تصميماً ذكياً للمنتج

يعتبر كل من تبني النهج التجميعي وتقنيات الاتصال العكسي وتجنب المواد المختلطة قرارات مهمة في تصميم المنتج لضمان إغلاق الحلقة. وهذا يبسّط التجميع والتفكيك ويساعد على استعادة المنتج في نهاية عمره. مثلاً، تستخدم غالبية الشركات المنتجة للهواتف مواد لاصقة ومركبة ومختلطة، ما يصعب إعادة الاستخدام الجزئي أو التدوير. لكن الشركة الهولندية "فيرفون" (Fairphone) صممت هاتفاً ذكياً معيارياً يحتوي 7 وحدات أساسية يتم تثبيتها بواسطة الضغط ومن دون استخدام مواد لاصقة. وبالنتيجة، يمكن للمستخدمين استبدال أجزاء بسيطة بأنفسهم، مثل بطارية الهاتف، بينما يتم استبدال الأجزاء المعقدة مثل الاتصال الصوتي في ورشة الصيانة. يتطلب التصميم الدائري تعاوناً وثيقاً مع جميع الشركاء على طول سلسلة القيمة الدائرية، لأنه من غير المرجح أن تتمكن شركة واحدة من تنفيذ أنشطة الإنتاج والاسترجاع والتفكيك وغيرها بمفردها، وهو غير فعال في كثير من الأحيان.

احرص على التعاون الوثيق مع الشركاء

الهدف من التعاون هو إنشاء عرض قيمة مشترك وشامل. وهذا تحد صعب، لأن الشركات ليست معتادة على التفاعل مع جميع الشركات الموجودة في الحلقة، بل تركز على علاقاتها مع الموردين المباشرين أو العملاء. سرعان ما علمت شركة النسيج السويسرية "شولر" (Schoeller) أن فكرة العمل الجديدة الخاصة بتدوير ملابس العمل (يستأجر العملاء ملابس العمل لفترة معينة من الوقت ثم يعيدونها كي تُستخدم مجدداً)، ستكون مستحيلة بدون هذا النوع من التعاون، بسبب متطلبات التصميم التي تتوزع على عدة شركات وافتقار الشركة إلى المعارف المتخصصة اللازمة في جميع مراحل الحلقة. فلعبت شركة "شولر" دور المنسق وبنت نظام عمل دائري يضم 7 شركاء، وأسمته نظام "وير تو وير" (wear2wear). كان المبدأ الأساسي بالنسبة لشركة "شولر" هو أن يسعى جميع الشركاء لتحقيق الغاية نفسها، وإلا فيتم استبدالهم بشركاء أكثر ملاءمة لتعزيز تماسك نظام العمل هذا.

الخطوة الثانية: احرص على تحسين الحلقة

تضمن هذه الخطوة أن يسهم العرض الدائري في حل المشكلات البيئية، وبالتالي فهو يقلل كمية الموارد ويخفف سرعة تدفقها في الحلقة. وهذا يشمل أنماطاً مثل قابلية الإصلاح والإنتاج المحلي واستخدام أنواع الطاقة المتجددة.

ولتحسين الحلقة، يجب أن تتعمق في عمليات الإنتاج لديك ولدى شركائك، وفي أنشطة عملائك أيضاً من أجل فهم الأثر البيئي على طول الحلقة بأكملها. تؤدي هذه النظرة الشاملة إلى اتخاذ قرارات المقايضة، التي يصعب اتخاذها غالباً. ففي حين أن اختيار مادة معينة قد يقلل من الأثر البيئي الذي تخلفه شركتك، إلا أنه قد يزيد التعقيد التقني والتكاليف لدى شركة أخرى في نظام العمل. يجب عليك التركيز على مثل هذه المفاضلات بشكل استباقي، وتعلّم طريقة إدارتها، والعثور على حلول أفضل للبيئة، مع التفكير باحتياجات كل شركة على حدة في نفس الوقت.

يمكن أن تساعدك التقنية في ذلك. فقد قامت شركة "شولر" مع شركائها بدمج أصولها الذكية، مثل رموز تحديد الهوية بموجات الراديو، في ألبسة العمل التي تنتجها، ما أتاح لها جمع بيانات حول طريقة استخدام العملاء لهذه الألبسة. وبذلك، يصبح بإمكان الشركة العمل وفقاً لهذه البيانات ومنع الاهتراء والتمزق في المستقبل، إضافة إلى إعادة ألبسة العمل المناسبة إلى العميل المناسب. شركة الغزل الألمانية "كارل فايزكيه" (Carl Weiske) هي أحد شركاء شركة "شولر"، وهي تستخدم قوارير البولي - إيثيلين المستعملة كمادة خام، أي أنها تستخدم النفايات كمواد أولية، وقد حققت بذلك تراجعاً كبيراً في استخدام مادة الأنتيمون المسرطنة في إنتاجها.

الخطوة الثالثة: احرص على تحويل الحلقة إلى نقدية

بعد إغلاق الحلقة وتحسينها، يكمن السؤال الملح التالي الذي يجب أن تطرحه على نفسك في طريقة الحصول على قيمة المنتج الدائري. أحد نماذج الإيرادات هذه هو التعاقد القائم على الأداء، وهو يعني في أساسه أن العملاء يدفعون المال مقابل أداء المنتج وليس مقابل المنتج نفسه. وتعد شركة "سيغنيفاي"، التي كانت تعرف سابقاً باسم "فيليبس لايتنغ" مثالاً رائعاً، فقد انتقلت من بيع مصابيح الإنارة إلى تقديم عروض الإنارة كخدمة. وبذلك يمكن للعملاء توفير المال عن طريق الدفع مقابل الإضاءة التي يستخدمونها مع التخلص من متاعب استبدال المصابيح المحترقة والتخلص منها، إلى جانب إمكانية استكشاف الأماكن التي تحتاج إلى تحديث من النظام. والأهم من ذلك هو أن شركة "سيغنيفاي" تنفرد بالسيطرة على منتجاتها، ما يسهل استعادة المواد ذات القيمة مع الحفاظ على علاقة مستمرة مع العملاء. وبذلك تكون جميع الأطراف رابحة، وذلك يشمل الكوكب.

كما طبقت شركة "فيرفون" نموذج إيرادات مبتكر آخر مع نظامها لاسترداد النقود، حيث يتقاضى العملاء ما بين 20 إلى 40 دولاراً عند إعادة هواتفهم. كما تقوم الشركة حالياً باختبار نموذج إيرادات يسمى "الهاتف كخدمة"، حيث لا يملك المستخدم الهاتف نفسه، بل يملك حق استخدامه لفترة محدودة.

من أجل تحويل نموذج الاقتصاد الدائري إلى نقدية، يجب أن تفكر في عدة خيارات تتمثل في مجموعة من نماذج الإيرادات الابتكارية للحل الدائري الذي تطبقه. السوق وحدها قادرة على أن تدلك في نهاية المطاف على نموذج العمل الأنسب للحل الدائري الذي تطبقه، لذا لا تركز على خيار واحد في مرحلة مبكرة جداً من العملية. ستواجه تحديات أساسية تشمل ما يلي: أولاً، يجب أن تخرج عن المنطق السائد في قطاعك وتطور نموذجاً جديداً كلياً للإيرادات. وحتى القادة الذين يتمتعون بعقليات شديدة الانفتاح يعانون من صعوبة في ذلك. ثانياً، يجب أن تستثمر ما يكفي من الوقت في إنشاء نموذج الإيرادات. بذلت شركات كثيرة ممن عملنا معها جهداً كبيراً في تطوير تقنيات ومنتجات وعمليات من الدرجة الأولى، لكنها نسيت غالباً تطوير نموذج الإيرادات المناسب لها. تذكر أنه حتى أفضل منتج دائري يفقد قيمته إذا كان نموذج الإيرادات غير قادر على جذب العملاء.

الخطوة الرابعة: احرص على تحفيز الحلقة

الهدف من هذه الخطوة هو إنشاء عروض قيمة جذابة تتعدى حقيقة أن المنتج دائري. خذ بيع التجربة على سبيل المثال، وهو يصف كيف يمكن للشركة إنشاء قيمة إضافية لعملائها عن طريق عرض المنتج مرفقاً بتجربة كاملة، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة طلب العملاء. ومثال على ذلك شركة "باتاغونيا"، التي يقع مقرها في مدينة كاليفورنيا، والتي اكتسبت شهرة عالمية بأنماط بيع التجربة لديها، وبنت لعلامتها التجارية سمعة تجعل من شراء ألبستها الخارجية التزاماً وإعلانا منها بالحفاظ على البيئية. وكجزء من وعد علامتها التجارية، يقدم برنامج "ورن وير" (Worn Wear) خدمة إصلاح للملابس المعيبة وتنسيق إعادة بيعها كملابس مستعملة. غالباً ما تتجاوز الشركة دورها كشركة بيع تجزئة تقليدية، لتمارس الضغط على نحو نشط نيابة عن عملائها من أجل سن التشريعات البيئية وحماية الأراضي العامة. ونتيجة لذلك، تجد أن عملاء شركة "باتاغونيا" مستعدون لدفع سعر أعلى لمنتجاتها كي يظهروا أنهم يشكلون جزءاً من الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الشركة.

لن يحل نموذج الاقتصاد الدائري بمفرده التحديات التي نواجهها الآن في كوكبنا، لكنه يعدّ خطوة نحو جعل شركتك مستدامة أكثر وخطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح. لذا، نقترح على المسؤولين التنفيذيين الذين يبدؤون رحلتهم للانتقال إلى نموذج الاقتصاد الدائري أن يطرحوا على أنفسهم سؤالاً واحداً قوياً: ما الذي ستفعله على نحو مختلف اليوم إذا كنت مسؤولاً عن استعادة جميع المنتجات التي بعتها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي