هل تفكر في العمل عن بعد؟ إليك ما يجب أن تعرفه أولاً

11 دقيقة
تحديات العمل عن بعد
كايلا جونسون/ ستوكسي

ملخص: قد يكون العمل عن بُعد نعمة ونقمة في الوقت نفسه بالنسبة إلى أولئك الذين بدؤوا حياتهم المهنية حديثاً. وفي حين يتميز العمل عن بعد بفوائد واضحة، مثل تحسين التوازن بين العمل والحياة، والمرونة من حيث الموقع الجغرافي، والاستغناء عن التنقلات اليومية، فإنه لا يخلو من السلبيات. فالشروع في بناء حياة مهنية في مجال العمل عن بعد ينطوي على تحديات فريدة، مثل العزلة والعوامل التي تشتت الانتباه والخلل في التواصل. لكن يمكنك التغلب على هذه العوائق، لحسن الحظ. وإليك فيما يلي الخطوات اللازمة. العزلة: يمكنك التخلص من العزلة أو تخفيفها من خلال زيارة مكان عام مخصص للعمل المشترك، أو مقهى، أو الانضمام إلى نادٍ أو أحد فرق الألعاب الرياضية الجماعية، أو العمل من منزل لأحد الأصدقاء أو لفرد من أفراد العائلة. العوامل المشتتة للانتباه: يمكن تفادي هذه العوامل من خلال الاتفاق على حدود واضحة مع الأشخاص المحيطين بك، والتكيف مع محيطك. يمكنك أيضاً تجربة استخدام مكان مخصص للعمل، بحيث تُخليه من الأنظمة الترفيهية. ثغرات التواصل: يحد العمل عن بعد من القدرة على التواصل، حيث يصبح مقتصراً على رسائل منصة سلاك (Slack) والاجتماعات عبر الفيديو والمكالمات الهاتفية. وللحد من الثغرات في التواصل، يمكنك تسجيل الملاحظات، والحصول على توجيهات واضحة، ومراجعة مشاريع سابقة مشابهة للرجوع إليها.

عندما دخلت أول مرة إلى الحرم الجامعي في مرحلة الدراسة الجامعة، كنت مصمماً على إنشاء أكبر عدد ممكن من علاقات الصداقة وغيرها من العلاقات الأخرى. أردت بناء ذكريات تدوم العمر كله، وفي نهاية المطاف، بناء علاقات مهنية يمكن أن تدعم حياتي المهنية. ولهذا، لم أترك ندوة تقريباً إلا وحضرتها، ولم أترك اجتماعاً مثيراً للاهتمام إلا وشاركت فيه، وحتى فعاليات بناء العلاقات في الحرم الجامعي، شاركت فيها كلها تقريباً (وحضرت ربما حتى بضع حفلات).

وخارج إطار الدراسة، أتممت عدداً من فترات التدريب الداخلي على العمل في مجال الأفلام والصحافة، إضافة إلى مسؤولياتي الاعتيادية في صحيفة الجامعة، ونادي الركبي، ونادي صانعي الأفلام. كنت شخصاً نشيطاً للغاية على الصعيد الاجتماعي، وتوقعت أن أحافظ على هذا المستوى من النشاط بعد دخولي سوق العمل.

بعد التخرج، بدأت حياتي المهنية بانطلاقة قوية. فقد عرضت شركة فوربس أدفايزور (Forbes Advisor) عليّ منصب محرر تحديثات فيها، على الرغم من أنه يترافق بتحدٍّ غير متوقع، فهو عمل بدوام كامل عن بعد عبر الإنترنت.

وعلى غراري، يعمل نحو 15% من الجيل زد على مستوى العالم حالياً في مناصب بدوام كامل عن بعد. قد يبدو العمل وفق هذا النظام خياراً جذاباً في بادئ الأمر بالنسبة إلى الكثير من المتخرجين حديثاً؛ فهو يتيح المرونة من حيث الموقع الجغرافي، وإمكانية الوصول إلى سوق العمل على مستوى العالم، وفي بعض الحالات، يمكنه تحسين مستوى الرفاهة والتوازن بين العمل والحياة. وفي حين لا يمكن إنكار هذه الفوائد على الإطلاق، فمن خلال تجربتي ثمة تحديات فريدة من نوعها ينطوي عليها بدء حياتك المهنية في العمل عن بعد أيضاً.

فإذا كنت قد تخرجت حديثاً في الجامعة، وتفكر في هذا النوع من العمل، فيجب أن تتعرف على العوائق التي يمكن أن تصادفك، إضافة إلى كيفية التغلب عليها. إليك فيما يلي بعض التحديات التي واجهتها شخصياً، والأساليب التي ساعدتني على النجاح في بيئة العمل عن بعد:

التحدي 1: العزلة

تمثل العزلة والوحدة الشديدتان خلال يوم العمل أبرز التحديات التي واجهتها في بداية عملي عن بعد. سرعان ما أصبحت الاجتماعات عبر الفيديو ورسائل سلاك العرف السائد في التفاعل مع زملائي. وفي حين تتميز تقنيات التواصل الرقمية ببعض الميزات الفريدة، مثل إمكانية الدردشة مع الأشخاص من أنحاء العالم كافة، فقد افتقدتُ العلاقة الوثيقة والألفة اللتين تتيحهما التفاعلات الشخصية المباشرة. وكنت أمضي معظم أيامي منعزلاً في غرفتي، محدقاً في الشاشة 8 ساعات متواصلة. وكدت أشعر بأن مهاراتي الاجتماعية تتراجع، ما أثر سلباً على صحتي النفسية.

الشعور بالوحدة شعور مألوف لدى الأشخاص الذين يعيشون وضعاً مشابهاً لما أنا فيه. ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد بيو ريسيرتش (Pew Research) في 2023، يعاني 53% من العاملين عن بعد صعوبة في التواصل مع الموظفين الآخرين. أدركت أن التعامل مع هذه الوحدة يتطلب مني إحداث تغيير ما. وهكذا، بدأت أتعمد إنشاء توازن صحي بين العمل والحياة.

كيف تغلبت على هذه المشكلة:

1) العمل من مكان جديد.

بدأت أتردد إلى مكان عام مخصص للعمل مرة واحدة على الأقل في الأسبوع كي أجعل البيئة التي أعمل فيها متنوعة وأتفاعل مع أشخاص جدد وجهاً لوجه. تتضمن نسبة كبيرة من الأماكن العامة المخصصة للعمل مكاتب مفتوحة مع كراسي وغرف مؤتمرات ومناطق جلوس مجانية للجميع، إضافة إلى خدمات أخرى (مثل القهوة المجانية) تجعل التجربة مريحة. ويمكن لأي موظف، سواء أكان يعمل عن بعد أم كان يعمل في مقر المؤسسة أم وفق نظام هجين يجمع بين الأسلوبين، أن يزور هذه الأماكن، ما يفتح المجال أمام التفاعل الاجتماعي.

كانت الأحاديث العابرة في الردهة وجلسات الغداء الجماعية أمراً شائعاً في الماضي. لكن بفضل زيارة مكان العمل العام، حيث أعمل محاطاً بأشخاص آخرين، عاد يوم العمل لديّ إلى طبيعته السابقة التي كنت معتاداً عليها. فقد كونت علاقات جديدة، وزادت إنتاجيتي. أما الأهم من ذلك، فهو أن مجرد ارتداء ملابسي ومغادرة المنزل والتوجه نحو مكان مختلف أدى إلى تعزيز ثقتي وجعلني أشعر بأنني جزء من القوى العاملة.

ثمة العديد من الأماكن العامة المخصصة للعمل في كل مدينة من المدن الكبرى تقريباً في البلاد. في الواقع، من المتوقع أن يصل عدد هذه الأماكن إلى 41,975 مكاناً على مستوى العالم بحلول نهاية هذا العام. باختصار، ثمة الكثير من الخيارات المتاحة. يمكنك في بعض هذه الأماكن أن تدفع رسوماً يومية لقاء استخدام منشآتها، أو قد تضطر إلى دفع رسوم شهرية (تتراوح بين 90 و250 دولاراً) لقاء الحصول على اشتراك نموذجي.

أما إذا كانت الرسوم مرتفعة بالنسبة لك، فقد يكون المقهى أفضل الخيارات المتاحة في معظم الأحيان.

2) العمل مع صديق.

إذا كان لديك أصدقاء أو أفراد عائلة ممن يعملون أيضاً عن بعد أو وفق نظام عمل هجين، فمن الأفضل لك التفكير في العمل معاً. الجلوس في مكان عامل مخصص للعمل قد لا يجعلك تشعر بالحماسة نفسها التي تشعر بها عند لقاء أشخاص جدد، لكن سيكون بوسعك أن تتواصل مع وجه مألوف.

تعمل أختي وفق جدول أعمال زمني هجين، ولهذا، بدأنا نعمل جنباً إلى جنب يومين في الأسبوع. وقد أتاح هذا الأسلوب تقليل الشعور بالعزلة كثيراً بالمقارنة مع الجلوس بمفردي في الغرفة. إضافة إلى ذلك، فإن العمل بجانب صديق أو أحد أفراد العائلة يلغي الحاجة إلى كسر الجمود، كما يمكن أن يعزز قدرتك على تحمل المسؤولية، ويجعل العمل أكثر متعة. تشير البيانات من شركة غالوب (Gallup) إلى أن الأشخاص الذين يعملون وهم محاطون بأصدقاء من حولهم من المرجح أن يظلوا في وظائفهم بالمقارنة مع الذين يعملون معظم الوقت بمفردهم.

3) الانضمام إلى نادٍ أو أحد فرق الألعاب الرياضية الجماعية.

لم يكن العمل قرب شخص آخر سوى شطر من المعادلة بالنسبة إلي. فقد كنت في حاجة إلى أن أكون أكثر تعمداً إزاء التواصل مع أشخاص آخرين خارج ساعات العمل.

عندما كنت في المدرسة، بذلت جهداً كبيراً في بناء مجموعات اجتماعية والمشاركة في النشاطات اللاصفية. فقد لعبت في نادي الركبي بالمدرسة، كما انضممت إلى الجمعية المحلية لصانعي الأفلام، وعملت كاتباً ومحرر رأي في صحيفة الكلية الإلكترونية. لكنني حالما تخرجت في الجامعة، وفي ظل انخراطي في العمل عن بعد، نسيت أهمية مواصلة هذه الجهود في حياتي اليومية.

إذا وجدت نفسك مهتماً بشيء جديد أو أردت العودة إلى شيء كنت تستمتع به من قبل، فعليك أن تتحلى بالعزيمة لفعل هذا. وقد تكون المسألة سهلة للغاية، ولا تتطلب أكثر من البحث عبر الإنترنت عن المجموعات المحلية المهتمة بالموضوع نفسه في منطقتك. يصبح كل من اللقاء بالآخرين وتكوين علاقات حقيقية أسهل بوجود شغف أو هدف مشترك، مع اللقاء بانتظام.

التحدي 2: العوامل المشتتة للانتباه

عندما بدأت أعمل عن بعد، شعرت كأنني أعمل من غرفة نومي حالما أستيقظ. وفي هذا الحيز المكاني المريح، بعيداً عن زملائي ومديري، كنت أجد في بعض الأحيان صعوبة في التعامل مع العوامل المشتتة للانتباه في أثناء تنفيذ العناصر المدرجة في قائمة المهام لدي. ففي أي ساعة من النهار، يمكن لوالديّ أو أشقائي أن ينادوني باسمي، أو يدخلوا إلى غرفتي لطرح سؤال ما، أو أن يطلبوا مساعدتي في إنجاز عمل ما داخل المنزل. إضافة إلى ما سبق كله، ثمة تلفاز يصدر صوتاً صاخباً في الغرفة المجاورة.

من حسن الحظ، تعلمت بسرعة أنه يمكن تجنب العوامل المشتتة للانتباه من خلال الاتفاق على وضع حدود معيّنة مع الأشخاص المحيطين بي، والتكيف مع وسطي المحيط.

كيف تغلبت على هذه المشكلة:

1) إعادة النظر في روتيني والحيز المكاني الذي يخصني في المنزل.

فرضت على نفسي روتيناً صباحياً يجعلني أستعد ليوم العمل، ويتضمن تناول الإفطار وتمارين الكتابة واللياقة البدنية. كما طبقت بعض التعديلات على غرفتي حتى تصبح أكثر راحة للعمل فيها. فقد استعضت عن مكتبي القديم بمكتب أصغر يستدعي الوقوف ومزود بمحركات لتعديل وضعيته آلياً، ووضعته مباشرة أمام نافذة غرفة نومي للحصول على أقصى قدر ممكن من ضوء الشمس. أما العنصر الآخر الذي أضفته إلى الغرفة فهو سبورة بيضاء وضعتها على الجدار بجانب النافذة. والآن، عندما أدخل إلى هذه الغرفة، أشعر بالجاهزية والتركيز، وهو ما يعزز ثقتي بنفسي وإحساسي بوجود غاية أسعى وراءها.

إذا كانت لديك مساحة خاصة في منزلك، سواء كانت زاوية في غرفة نومك أو غرفة الضيوف أو الطابق السفلي أو أي مكان آخر غير مشترك، فأنا أنصحك بتحويلها إلى "مكتب صغير". من المرجح أن يؤدي هذا إلى زيادة إنتاجيتك، كما يمكن أن يحاكي تجربة العمل في مكتب فعلي. وهو أمر مهم، لأنك ستصبح في حاجة إلى سبب يدعوك إلى العمل والإنجاز إذا لم يكن رئيسك في العمل مشرفاً عليك مباشرة. وإذا تمكنت من تحويل هذا الحيز المكاني إلى مكان مضيء ومريح جسدياً، مع إضافة نبتة أو اثنتين، فقد تستمتع حتى بالمكوث فيه.

2) إزالة الأنظمة الترفيهية من مكان العمل.

كانت أجهزة التلفاز وأجهزة الكمبيوتر الشخصية وأنظمة ألعاب الفيديو وأنظمة مكبرات الصوت من أكبر عوامل تشتيت الانتباه في الحيز المكاني الذي خصصته لي في المنزل. وقد أحدثت إزالة هذه الأشياء من البيئة المحيطة بي أثراً إيجابياً في سير العمل، وساعدتني على فصل "العمل" عن "اللعب".

وفي حين قد يبدو هذا الإجراء مبالغاً فيه، فأنا أنصح بإزالة التكنولوجيات المشتتة للانتباه جميعها من الحيز المكاني الذي تختار تخصيصه للعمل. أبقِ التلفاز في غرفة الجلوس، وأوقف عمل جهاز الآيباد الخاص بك (أو أياً كان الجهاز اللوحي الذي تمتلكه) حتى انتهاء يوم العمل، وضع نظام ألعاب الفيديو الخاص بك في العليّة أو الطابق السفلي، وأوقف عمل المساعد الرقمي أليكسا (أو أياً كان نوعه) أو استخدمه فقط من أجل تشغيل الموسيقى التي تساعدك على التركيز. وإذا كنت شخصاً يكثر من تصفح أخبار وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الممكن أن تفكر حتى في خطوة إضافية تتمثل بإزالة هذه التطبيقات من هاتفك أو تفعيل وضع الطيران فيه. (عمدت شخصياً إلى حذف تطبيق إنستغرام [Instagram] من هاتفي، وتسجيل الدخول إليه على كمبيوتري الشخصي المحمول بدلاً من ذلك).

وحتى أحفز نفسي، آخذ أقساطاً من الراحة خلال اليوم حتى أتفقد كمبيوتري الشخصي المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي. وبهذه الطريقة، حولت هذه التكنولوجيات التي تتسبب بتشتيت الانتباه إلى مكافآت أسمح لنفسي بالاستمتاع بها بعد إنجاز المهام الجوهرية، وتُظهر الأبحاث أن تلقي مكافأة فورية بعد إنجاز المهام في العمل يزيد التحفيز الداخلي.

3) الاتفاق على وضع حدود مع الآخرين.

يمثل إنشاء مساحة خاصة للعمل وإزالة التكنولوجيات منها نصف المعركة فقط. وإذا انتهى المطاف بك إلى العمل في مكان يعيش فيه أشخاص آخرون، كما حدث معي، فمن المرجح أن تحتاج إلى فرض حدود معينة أيضاً.

وفي حالتي، دعوت سكان المنزل جميعهم إلى غرفة الجلوس لعقد اجتماع عائلي. وفي هذا الاجتماع، عبّرت عما يثير قلقي بشأن الضوضاء في المنزل، وغير ذلك من العوامل التي تؤثر سلباً على إنتاجيتي. وبعد ذلك، وضحت ساعات العمل التي ألتزم بها، وطلبت من أفراد عائلتي تخفيف الضوضاء والامتناع عن دخول غرفتي خلال ذلك الوقت. ومنذ ذلك الحين، أصبحوا أكثر حرصاً على الحدود المتفق عليها، ما أتاح لي الحفاظ على تركيز أفضل خلال العمل.

في حالتك، يمكنك أن تجرب التحدث إلى أفراد العائلة أو زملاء السكن أو أي شخص يعيش في بيئة المنزل التي تعمل فيها، لوضع حدود واضحة وحماية إنتاجيتك. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب من الآخرين الانتظار حتى فترة غدائك أو فترة استراحتك للتفاعل معك.

وقد وجدت دراسة حديثة في جامعة بايلور أن الأشخاص الذين يعملون عن بعد ويحددون استراحات خاصة للمهام التي لا تتعلق بالعمل، مثل الأعمال المنزلية والعناية الشخصية والتفاعل مع أفراد العائلة، يتعرضون لمستويات أقل من التوتر بالمقارنة مع مَن يستثمرون هذه الاستراحات في إنجاز مهام أخرى. كما وجدت دراسة أخرى أن فرض حدود بين المساحات المخصصة للعمل والعائلة في حياتك يمكن أن يخفف النزاعات لدى الانتقال بينها.

التحدي 3: ثغرات التواصل

بوصفي متدرباً يتعين عليه الحضور في مكان العمل، كنت أستطيع أن أدخل في أي لحظة إلى مكتب مديري لطلب النصيحة حول أي مشروع، أو أن أزور أحد زملائي في العمل في مكتبه لأطلب منه الحصول على تلك التقارير التي تأخرت بضعة أسابيع.

غير أن العمل من المنزل يجعل التواصل مقتصراً على رسائل منصة سلاك والاجتماعات عبر الفيديو والمكالمات الهاتفية. في الأسابيع الأولى من العمل تلك، أدركت أن التأخيرات في التواصل تنبع في أغلب الأحيان من عاملين اثنين:

  • العمل غير المتزامن: من الممكن ألا يتمكن زملاء العمل من قراءة الرسائل على الفور، فقد يكونون مشغولين بمهام أخرى، أو يعملون في أوقات تختلف عن أوقات عملك.
  • ضعف التواصل: يمكن أن تؤدي تقلبات تكنولوجيات المؤتمرات عبر الفيديو، وضعف اتصالات الإنترنت، إلى مشاكل في التواصل. فلا مفر من التعرض إلى بعض الاضطرابات التكنولوجية بين الحين والآخر، مثل انخفاض جودة الصوت والفواصل الزمنية وغير ذلك.

فإذا كنت موظفاً جديداً تعمل عن بعد وتبحث عن الإرشاد والتوجيه، فسوف تتحول ثغرات التواصل التي تتسبب بها هذه العوامل إلى مشاكل تبعث على الإحباط. في الواقع، يتعرض 69% من العاملين عن بعد للاحتراق الوظيفي الناجم عن أدوات التواصل الرقمية. وبالنسبة لي، كان الشعور بالراحة في أثناء العمل بصورة مستقلة والاستفادة من مهارات التفكير النقدي التي أتمتع بها عوامل جوهرية في نجاحي.

كيف تغلبت على هذه المشكلة:

1) تسجيل الملاحظات، والحصول على توجيهات واضحة.

عندما باشرت العمل في شركتي الجديدة، كان التعلم على رأس سلم أولوياتي. وكانت اجتماعات الفريق أفضل فرص متاحة لطرح الأسئلة قبل التعامل مع المهام الواسعة النطاق. كان بإمكاني إرسال رسالة إلى أحد زملائي أو مديري بسهولة عندما أحتاج إلى توجيه إضافي بشأن مهمة معينة. لكن هذا الأسلوب في التواصل تغيّر عندما أعلن مديري أنه سيغيب في إجازة مدتها شهر.

وبدلاً من الإصابة بالذعر، اتخذت كل الخطوات اللازمة لضمان إنجاز العمل دون مشاكل في أثناء غيابه. في اجتماعنا الثنائي في وقت لاحق من ذلك الأسبوع، طلب الحصول على توجيهات واضحة ودقيقة بشأن مشاريعي المقبلة، ودوّنت ملاحظات مفصلة لضمان تقديم أداء جيد دون إشراف.

أما في حالتك الخاصة، عند تكليفك بمهمة جديدة في العمل، فيمكنك أن تعود إلى الأساسيات التي تعلمتها في المدرسة: دوّن الملاحظات، واطرح الكثير من الأسئلة. لا تتردد في طرح الأسئلة مهما كانت تافهة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالوقت والمال. خلال اجتماعات الفريق، اطرح أسئلة المتابعة حتى تتلقى أكبر قد ممكن من التوضيحات. من النادر تنفيذ نشاطات متزامنة في مجال العمل عن بعد، ولهذا يجب أن تستفيد من كل لحظة من لحظات العمل التعاوني الممكنة.

2) مراجعة مشاريع مشابهة للاسترشاد بها.

إذا كنت تعمل في شركة لها باع طويل في مجالها، فمن المرجح أن أحد أفراد فريقك كان يتولى عملك أو عملاً مشابهاً من قبل. عندما كنت موظفاً جديداً في فوربس أدفايزور، لاحظت أن بعض المحررين الآخرين نشروا من قبل محتوى مماثلاً لما كنت أكتبه. وعندما كان الإشراف الفوري غير متاح، كنت أراجع العمل السابق لهؤلاء الكتّاب والمحررين الذين سبقوني لأتعرف على الأسلوب والقوالب الفريدة التي كانت تتبعها فوربس أدفايزور. وعلى الرغم من أنني أضع لمساتي الخاصة على عملي لإضفاء مسحة من الأصالة عليه، فإنه ما زال متوافقاً مع المبادئ التوجيهية التحريرية للشركة.

قد تجد في شركتك مشاريع أو صيغاً مماثلة يمكنك أن تسترشد بها عند تولي مهمة جديدة. على سبيل المثال، إذا كنت كاتب نصوص إعلانية، فقد يكون هناك مبادئ توجيهية تنظيمية يمكن أن تساعدك على وضع الصياغة المناسبة عند تولي أي عمل. وإذا كنت موظف مبيعات وتعمل على إعداد عرض ترويجي، يمكنك أن تتفقد موقع الويب للشركة لمعرفة إن كانت هناك أمثلة عن عروض مماثلة أعدّها زملاؤك من قبل.

يمكنك من خلال مراجعة الأعمال السابقة وتدوين ملاحظات تفصيلية أن تجد، في أغلب الأحيان، المعلومات التي تحتاج إليها دون الاعتماد على نصائح شخص آخر.

قد يكون العمل عن بعد نعمة ونقمة في الوقت نفسه بالنسبة إلى أولئك الذين بدؤوا حياتهم المهنية حديثاً. أصبحت فوائد هذا الأسلوب في العمل واضحة بالنسبة لنا الآن، لكن إذا لم تكن مستعداً لمواجهة التحديات الفريدة التي يفرضها العمل عن بعد، فقد تواجه صعوبة في العثور على موطئ قدم لك، خصوصاً خلال الأسابيع القليلة الأولى في الوظيفة.

واقع الحال يقول إن هذا النوع من العمل يتطلب قدراً كبيراً من الاستقلالية والتحفيز الشخصي وشحذ الهمة. ومن حسن الحظ أنه إذا كنت مستعداً للاعتماد على هذه المزايا فسوف تتمكن من التغلب على العوائق مثل العزلة وتشتيت الانتباه وثغرات التواصل حتى تنجح في حياتك المهنية. يجب أن تتوقع أن تكون علاقتك مع العمل عن بعد علاقة قائمة على التنازلات المتبادلة: فإذا اتبعت النصائح المذكورة أعلاه، فقد تحقق التوازن الذي تحتاج إليه وتستمتع بالحريات التي يتيحها لك العمل عن بعد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي