كيف يؤثر حضورك في وسائل التواصل الاجتماعي على فُرص التوظيف؟

7 دقيقة
بصمتك الرقمية
ميراج سي/غيتي إميدجيز

ملخص: قد يكون لبصمتك الرقمية وأنشطتك على الإنترنت أثر كبير في مدى جاذبيتك وظهورك أمام شركات العمل المحتملة. فكيف يمكنك إخطار معارفك في شبكة علاقاتك بأنك تبحث عن وظيفة دون أن تبدو شخصاً يائساً أو محتاجاً إذاً؟ وإذا كنت تعمل حالياً بالفعل وتبحث عن وظيفة جديدة، فكيف يمكنك التواصل مع معارفك على وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب مهني دون إثارة شكوك شركتك؟ تحدثت مؤلفة هذا المقال إلى خبيرَين التماساً لنصحهما حول إدارة الحضور الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء البحث عن وظيفة جديدة.

قد يسهم حضورك الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي بنجاحك في البحث عن وظيفة أو فشلك فشلاً ذريعاً. وقد تمنحك الاستفادة من شبكة علاقاتك المهنية وأفكار أفرادها ميزة بالفعل، لكن من المهم أن تكون بارعاً وتحافظ على مهنيتك. فكيف تكتب منشوراً حول بحثك عن وظيفة دون أن تبدو يائساً؟ وما أفضل طريقة لتعرض مهاراتك وتضمن أن يتذكرك من يعرفونك عند ظهور الفرص؟ وإذا كنت تعمل حالياً بالفعل وتبحث عن وظيفة جديدة، فكيف يمكنك الإشارة بدلالة بسيطة إلى أنك مهتم بالفرص الجديدة دون إثارة أي شكوك في العمل؟ وإذا كنت خريجاً جديداً تدخل عالم الأعمال، فمن أين تبدأ؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

يتحوّل النموذج التقليدي للتوظيف اليوم إلى نهج موجه بدرجة أكبر. يقول الباحث المرشح للدكتوراة في جامعة يوفاسكولا (University of Jyväskylä) في فنلندا، ماتي لاوكارينين: "لم تعد المؤسسات تنتظر تقديم المرشحين طلبات التوظيف، بل أصبحت تتخذ إجراءات استباقية في البحث عن أصحاب المواهب عبر الإنترنت باستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي والتحليلات التنبؤية. لكن أثر هذه الإجراءات في الباحثين عن عمل بالغة. في الواقع، قد يكون لبصمتك الرقمية وأنشطتك على الإنترنت أثر كبير في مدى جاذبيتك وظهورك أمام شركات العمل المحتملة. وبحسب عالمة النفس، والمدربة التنفيذية، والمؤلفة المشاركة لكتاب "تملّك عظمتك" (Own Your Greatness)، ليزا أوربيه-أوستن، من المهم عندما تبحث عن وظيفة جديدة أن تعمل على إدارة حضورك على وسائل التواصل الاجتماعي بحكمة. يتمثّل الهدف في "تبنّي عقلية مدير وسائل التواصل الاجتماعي" وتنظيم محتوى ملف تعريفي مهني وجذاب ومُصمم خصيصاً بما يتوافق مع متطلبات شركات العمل المستهدفة. وفيما يلي بعض النصائح حول كيفية تحقيق ذلك.

راجع حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي

من المهم أن تحدّث ملفاتك التعريفية قبل أن تبدأ البحث عن وظيفة. يحذر لاوكارينين قائلاً: "يمكن لوكالات التوظيف استخراج البيانات من مصادر متعددة على الإنترنت باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي"، ما يعني أن عليك اتخاذ تدابير إضافية للتأكد من أن معلوماتك التي تحصل عليها شركات العمل المحتملة تعكس الصورة التي ترغب في عرضها بالفعل. راجع حساباتك العامة واحذف أي معلومات حساسة، مثل حالتك العاطفية أو الإعاقة، لتجنّبَ نفسك التحيّز والتمييز. اجعل حساباتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي خاصة، وفكّر ملياً في المحتوى الذي تنشره (سنتحدث عن ذلك لاحقاً)، تقول أوربيه-أوستن: "أنصح العملاء بحذف أي معلومات شخصية من ملفاتهم التعريفية على وسائل التواصل الاجتماعي. اسأل نفسك: هل أريد أن تعرف الشركة هذه المعلومة عني؟ لأنك إذا كنت تستخدم اسمك الحقيقي، فستعثر الشركة على ملفك التعريفي بسهولة". بعبارة أخرى، قد تؤثر المعلومات التي تشاركها عبر الإنترنت في مسارك المهني إما سلباً وإما إيجاباً، إذ "بات العالم قرية صغيرة اليوم".

حسّن ملفك التعريفي

ركز على زيادة فرص ظهورك أمام شركات العمل المحتملة من خلال تحسين ملفك التعريفي على لينكد إن ومواقع التعارف الأخرى، ومن المهم بحسب لاوكارينين أن تركز على تحقيق توازن يجذب كلاً من وكالات التوظيف والخوارزميات. بعبارة أخرى، يجب أن يسلّط ملفك التعريفي الضوء على خبرتك ومهاراتك بطريقة "سلسلة وبسيطة لتجذب انتباه البشر من جهة، ولتتيح للآلة تفسيرها ومعالجتها بسهولة من جهة أخرى". ولتحقيق ذلك، يوصي بتحليل إعلانات الوظائف من الشركات المستهدفة ودمج الكلمات المفتاحية المطابقة لها في ملفك التعريفي والملخص. وتوصي أوربيه-أوستن بضرورة تغيير طريقة تقديم نفسك في ملفك التعريفي عند تقدمك في مسارك المهني. وتقول: "قد تميل في بداية مسارك المهني إلى عرض تفاصيل حول وظائفك ومسؤولياتك؛ لكن مع تقدمك في مسارك المهني، يجب أن يصبح ملفك التعريفي أكثر تنظيماً وأن يتضمن مسميات وظيفية، وملخصاً قوياً يعرض إنجازاتك، والكلمات المفتاحية مناسبة".

وسّع شبكة علاقاتك

يُعد تطوير شبكة علاقاتك المهنية على وسائل التواصل الاجتماعي عملية مستمرة طوال مسارك المهني، وليس فقط في أثناء البحث النشط عن وظائف جديدة. ويسلّط بحث لاوكارينين الضوء على ضرورة الاهتمام بالكم والنوع: فالعدد الكبير من جهات التواصل يزيد فرص ظهورك أمام شركات العمل المحتملة من خلال أدوات البحث والتوصية، في حين تقدّم لك العلاقات الشخصية القوية الدعم المناسب عندما تتاح لك الفرصة. تنصح أوربيه-أوستن المبتدئين في سوق العمل بضرورة استخدام أدوات التعارف في لينكد إن في أثناء البحث عن وظيفة، وتقول: "تُتيح لك منصة لينكد التواصل مع أي شخص في العالم، حتى لو كانت علاقتك به غير مباشرة". كما أنها تمنحك فرصة التواصل بوالدَي صديقك مثلاً اللذين قد يمتلكان شبكة علاقات واسعة توفر لك معلومات مهمة وفرصاً محتملة، وهي ميزة يصعب تخيلها على تطبيقي إنستغرام أو تيك توك. تظهر الدراسات أن العلاقات العابرة والمؤقتة، واللقاءات الاجتماعية العرضية، أو أصدقاء الأصدقاء عوامل تُسهم في فتح أبواب الفرص المهنية.

ابتكر رواية مقنعة

يُعد إعلان البحث عن وظيفة على وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة شائعة وفعّالة لجعل شبكة علاقاتك تشارك في توجيهك نحو الفرص جديدة، وتوصي أوربيه-أوستن بتخصيص رسالتك استناداً إلى المرحلة التي بلغتها في مسارك المهني لتحقيق أقصى أثر. وتقول: "تبنّ عقلية التنظيم، وراع التفكير في سؤالين مهمين: من الجمهور الذي أحاول الوصول إليه؟ وما الرسالة التي أريد مشاركتها؟" وإليك بعض الاقتراحات استناداً إلى المرحلة التي بلغتها في مسارك المهني:

إذا كنت خريجاً جديداً: أدرج شهادتك العلمية، والمهارات الخاصة التي تتمتع بها، والإنجازات التي حققتها، وأنواع الوظائف المفضلة لديك. احرص على تحقيق توازن بين أهدافك وتطلعاتك المحددة والاستعداد لقبول الفرص المختلفة. تقول أوربيه-أوستن: "لا تجعل نطاق اهتمامك محدوداً جداً أو متخصصاً جداً". عبّر عن تواضعك واستعدادك للحصول على التوجيه باستخدام عبارات مثل: "أتقبّل النصيحة والاقتراحات، وأرجو منك مراسلتي في حال سمعت عن أي فرص شاغرة". وتضيف بأن المتقدمين الشباب يحظون بدعم غالباً عند بحثهم عن وظائفهم الأولى أو الثانية لأن الناس يتعاطفون مع الشباب في هذه المرحلة من الحياة.

إذا تعرضت للتسريح: حافظ على مهنيتك وركز على أهدافك المهنية بدلاً من حصر تفكيرك في الماضي، ويجب أن يكون المنشور خالياً من العواطف السلبية والحقد تجاه الشركة السابقة. سلّط الضوء على مهاراتك وإنجازاتك وأنواع الفرص التي تبحث عنها. توصي أوربيه-أوستن بالحذر عند استخدام ميزات مثل شارة "متاح للعمل" في لينكد إن لتجنب إيصال فكرة اليأس أو الحاجة دون قصد. "عضويتك على لينكد إن تعني أنت مستعد لفرص جديدة فعلاً، ما يجعل استخدام الشارة غير ضروري؛ لأن معناها الحرفي هو أنك عاطل عن العمل".

إذا كنت تبحث عن وظيفة جديدة فعلاً، لكنك لا ترغب في أن يعلم مديرك بذلك: فكن حذراً وتجنّب كتابة أي منشور عام عن بحثك. وتقترح أوربيه-أوستن الحفاظ على السرية عن طريق ضبط إعدادات حسابك على لينكد إن لإعلام وكالات التوظيف بأنك تبحث عن عمل دون أن تكون هذه المعلومة مرئية لشركتك الحالية، ما يتيح لوكالات التوظيف تصفية المرشحين استناداً إلى توافرهم عند إجرائها عمليات البحث، وتقول: "إنها طريقة سرية للإشارة بأنك متاح لأي فرصة". ويوصي لاوكارينين باتباع الطريقة التقليدية في التواصل مع شبكة العلاقات بعيداً عن الإنترنت لتجنب المخاطرة؛ ويقول: "لن تترك هذه الطريقة أي سجل موثّق".

إذا كنت في منتصف مسارك المهني: قد يكون المنشور مفيداً في بعض الحالات، لكن توصي أوربيه-أوستن بالتواصل المباشر مع جهات الاتصال الرئيسية أو إنشاء مجموعات صغيرة من الجمهور لنشر إعلانات مخصصة. على سبيل المثال، يمكّنك إنستغرام من تشكيل مجموعات فرعية مستهدفة ضمن شبكة علاقاتك تضم الذين تعتقد أنهم قادرون على مساعدتك في البحث عن وظيفة. قد يبدو التواصل مع الزملاء السابقين والمدراء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أمراً مربكاً، لكن أوربيه-أوستن تنصحك بعدم التردد. أرسل لهم رسالة صادقة تُثني على إنجازاتهم وتعبّر عن اهتمامك في التحدث إليهم عن رحلتك في البحث عن عمل. وتقول: "اجعل التواصل مبنياً على علاقة ودية دون أي حرج".

كن نشطاً اجتماعياً

على الرغم من أن كتابة منشور واحد حول بحثك عن وظيفة يمثّل بداية جيدة، فالهدف من وسائل التواصل الاجتماعي هو أن تكون نشطاً اجتماعياً. توصي أوربيه-أوستن بالنشر بانتظام، على الأقل مرة في الأسبوع، لإبقاء شبكة علاقاتك على علم بتطورات بحثك عن عمل، وإتاحة الفرصة لمعارفك لتقديم الدعم والمساعدة. يجب أن تثير منشوراتك اهتمام الآخرين وتشجع على بدء المحادثات والتفاعل. "كلما زاد التفاعل على منشورك، زاد انتشاره". اطرح أسئلة حول مجال عملك وقطاعك وشجع الناس على المشاركة والحوار، وشارك تحديثات حول أنشطتك وإنجازاتك ووجهات نظرك حول المواضيع ذات الصلة بمجال عملك، لا سيما إذا كنت عضواً في لجنة، أو تتابع دروساً عبر الإنترنت. وتقول: "يفضّل الناس رؤية محتوى شخصي يوفر نظرة حقيقية عن تجاربك ويتيح لهم تهنئتك على إنجازاتك". واحرص على التفاعل مع محتوى الآخرين أيضاً؛ وساهم في خلق جو تعاوني، فأنت تسعى لبناء منظومة.

راعِ اللغة التي تستخدمها

قد ترغب في مشاركة خيبات أملك علناً على وسائل التواصل الاجتماعي عندما تقرأ منشورات الآخرين الذين يعبرون بوضوح عن تجاربهم الصعبة في البحث عن وظائف أو تفاصيل عمليات المقابلات مع الشركات، لكن لا تستسلم لهذه الرغبة. تقول أوربيه-أوستن: "يجب أن تكون حذراً بشأن اللهجة التي تستخدمها وأن تراعي تصورات الشركات المحتملة تجاه المنشورات التي تكتبها. لا بأس في أن تكون صادقاً وتتحدث عن التحديات التي تواجهك، لكن يجب أن تضعها في سياق يُبرز ما تعلمته من تلك التجارب وأثرها في نموك المهني". حاول أن تظهر بمظهر متفائل ومفعم بالإيجابية، وأبرز قدرتك على التحمّل في مواجهة العقبات. وتجنّب الإعراب عن غضبك أو انفعالك. وتقول: "التصرف بتهور ينطوي على عواقب جسيمة طويلة الأمد". ويتفق لاوكارينين مع هذا الرأي، مشيراً إلى البحوث التي توصلت إلى أن وكالات التوظيف تتفاعل سلباً مع المحتوى الضار المحتمل. ويقول: "عندما تستخدم وكالات التوظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتقييم المرشحين، فقد يكون لأي علامة تحذيرية بسيطة من المرشح عواقب وخيمة".

حافظ على حضورك الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي

تشير أوربيه-أوستن إلى أن المرشحين يُهملون حضورهم على وسائل التواصل الاجتماعي بمجرد حصولهم على وظيفة. ومع ذلك، قد يُسهم نشاطك على منصات مثل لينكد إن في إبراز نموك المهني ويعزز تفاعل شبكة علاقاتك مع ما تقدمه من محتوى. شارك التحديثات في مجال عملك وإنجازاتك، مثل المشاريع الجديدة والمبادرات والترقيات، فذلك يظهر القيمة التي تضيفها للمؤسسة، ويجذب أيضاً انتباه مدراء التوظيف المحتملين. القيمة الإضافية: عندما تشارك معلومات حول شركتك، فستحظى بذلك على تقدير مدرائك. قد يبدو لك النشر المنتظم لتفاصيل عملك اليومية أمراً عادياً، لكنه أمر مثير للاهتمام لوكالات التوظيف، ويشكّل سجلاً دائماً لإنجازاتك، ما يفيدك عندما تبحث عن وظيفة جديدة أيضاً.

مبادئ يجب تذكرها

ما يجب فعله

  • حسّن ملفاتك التعريفية على منصات شبكات العلاقات المهنية من خلال إضافة كلمات رئيسية مهمة لجذب انتباه كل من مدراء التوظيف والخوارزميات.
  • استثمر الطبيعة التفاعلية لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال كتابة منشورات تثير اهتمام الجمهور وتشجع على الحوار.
  • حافظ على تفاؤلك وإيجابيتك عند نشر محتوى حول بحثك عن وظيفة، لأن شركتك المحتملة تراقب ما تنشره.

ما يجب تجنبه

  • تجاهُل أهمية تنظيم الحضور الرقمي على الإنترنت؛ التغاضي عن حذف المعلومات الحساسة والتحقق من الحسابات الشخصية، وعدم الحذر عند نشر المحتوى.
  • جعل جهودك مقتصرة على تطوير شبكة علاقاتك المهنية في أثناء البحث عن وظيفة؛ بل ركز على تحسين جهات اتصالك بصورة مستدامة، سواء من حيث الكم أو النوع.
  • إهمال وجودك على وسائل التواصل الاجتماعي بمجرد أن تحصل على وظيفة، بل حافظ على تفاعل شبكة علاقاتك معك من خلال مشاركة إنجازاتك وتحديثات عملك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .