كيف تحافظ على تفاؤلك في الأوقات العصيبة؟

4 دقائق
الحفاظ على التفاؤل

ملخص: من الصعب الحفاظ على التفاؤل وعلى نشاطنا في ظل هذه الأوقات العصيبة. يقدم المؤلف 4 نصائح لمساعدتك في أن تكون أنت وزملاؤك أكثر تفاؤلاً: 1) احرص على تنفيذ التزامات العمل بشكل صارم، ولكن افسح المجال “لتفاهات العمل“، 2) وشجِّع الجميع على المشاركة في حل المشكلات، ثم امنحهم فرصة لإصلاح الأمور، 3) ولا تكتفِ بتأييد الأفكار الجديدة، بل حاول تقوية العلاقات الشخصية أيضاً، 4) وشارك الأخبار السارة لمواجهة سيل الأخبار السيئة.

 

من الصعب الحفاظ على التفاؤل في ظل ما نمر به من أوقات عصيبة. فحالات الوفاة جراء مرض “كوفيد-19” ⁧لا تزال مرتفعة للغاية⁧. وتزداد فرص العمل ⁧بوتيرة بطيئة للغاية⁧⁩. ويشعر الكثير من زملائنا وأطفالنا بالتوتر والإرهاق والغضب؛ فقد ⁧جعلتهم الجائحة غير قادرين على إحراز أي تقدم⁧⁩. ولا عجب أن يسلط مقال، نُشر مؤخراً في الصفحة الأولى من ⁧⁩صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal)⁧ وأبرز معاناة الشركات والجامعات الناجمة عن مرض “كوفيد-19″، الضوء على ⁧أزمة في نوع مختلف من المؤسسات⁧⁩؛ وهي مؤسسة “أوبتيمست إنترناشونال” (Optimist International) التي تُعد نادياً عمره 110 سنوات وله فروع في أنحاء العالم. فقد وصل عدد أعضائه الآن إلى 60 ألف عضو، بعدما كان 190 ألف عضو، على الرغم من أن قادة النادي لا يزالون أوفياء لدورهم في إرشاد الآخرين وإلهامهم. تقول رئيسة أحد الفروع: “عندما تصل إلى الحضيض، فإن الاتجاه الوحيد الذي يمكنك أن تسلكه هو الاتجاه إلى الأعلى”، وقد أعلنت أنها تحاول “استعادة تفاؤلها”. من المهم لنا جميعاً أن نحاول استعادة تفاؤلنا.

يقول جون غاردنر، ⁧⁩الباحث المشهور في مجال القيادة⁧ الذي أثرت أفكاره في أجيال من المسؤولين التنفيذيين، إن التغيير الإيجابي نادراً ما يبدأ من الثقة العمياء أو السذاجة، ولكنه لا يبدأ أيضاً من اليأس أو الانهزامية. وكتب في عام 1968⁧⁩، وهي فترة أخرى شهدت صراعات واضطرابات: “المهمة الأولى والأخيرة للقائد هي الإبقاء على الأمل حياً في النفوس. فنحن بحاجة إلى الإيمان بأنفسنا ومستقبلنا ولكن يجب ألا نعتقد أن الحياة ستكون سهلة”.

بعبارة أخرى، ينبغي أن يساعد القادة زملاءهم على أن يكونوا واقعيين ومتفائلين في الوقت ذاته. ولكن سواء كنت تدير شركة أو فريقاً، كيف تجعل زملاءك متفائلين ⁧⁩في وقت يشعر فيه العالم كله بالإحباط⁧⁩؟ وكيف تُبقي الأمل حياً في الآخرين عندما يبدو أن الوضع ميؤوس منه للغاية؟ فيما يلي 4 نصائح مستقاة من مفكرين مشهورين حول الحياة المؤسسية والابتكار وحتى التأمل، وآمل أن تساعدك على تشكيل مستقبل أكثر إيجابية.

نصائح تساعد على تشكيل مستقبل أكثر إيجابية

احرص على تنفيذ التزامات العمل بشكل صارم، ولكن افسح المجال “لتفاهات العمل”⁩

في هذه الأوقات العصيبة، من المستحيل أن تنجح من دون الكفاح اليومي لتلبية احتياجات العملاء القلقين والتعاون مع الزملاء المتوترين وتحقيق التوازن بين العمل والأسرة.

لكن هذا الاهتمام المؤسسي بالتفاصيل لا يمكن أن يأتي على حساب الإبداع وتوليد الأفكار، وهو ما يطلق عليه جيمس مارش الأستاذ المشهور في كلية ستانفورد للأعمال “تفاهات العمل” (organizational foolishness). يصف مارش في ⁧ورقته البحثية المبتكرة⁧⁩ بعنوان “معلومات إضافية حول التغيير المؤسسي” الكيفية التي يوازن بها أفضل القادة بين “عمليات التغيير المنطقي الواضحة”، مثل التخطيط المتأني والإدارة السليمة للمشاريع، وقضاء بعض أوقات الهدوء والراحة بين مهمة عمل وأخرى وإجراء التجارب وتأمل صفاء السماء الزرقاء، والتي تُعد “من التفاهات” التي قد يكون “من الصعب تبريرها” ولكنها “مهمة للنظام الأوسع” للابتكار.

أصبح تحقيق هذا التوازن أكثر أهمية من أي وقت مضى، ليس فقط للأداء السليم للمؤسسة، ولكن للحفاظ على الصحة العقلية لزملائك أيضاً. فمن الصعب على الأشخاص أن يكونوا إيجابيين إذا لم تتح لهم فرصة للعب.

شجِّع الجميع على المشاركة في حل المشكلات، ثم امنحهم فرصة لإصلاح الأمور

منذ أكثر من عقد من الزمان، نشرت سارة ساراسفاتي ⁧دراسة⁧⁩ مؤثرة حول كيفية إنجاز المبتكرين ورواد الأعمال للأمور في الواقع. وذكرت أن الأسطورة تقول إن المبتكرين الناجحين يتنبؤون بمستقبل لا يمكن أن يراه الآخرون ويضعون خطة فائقة الدقة لتحويل هذا المستقبل إلى واقع ويجذبون الموارد المالية والبشرية لدعم جهودهم.

ولكن في الواقع يبدأ معظم وكلاء التغيير بتحديد “ما هم عليه” (“سماتهم وأذواقهم وقدراتهم”) واستغلال “ما يعرفونه” (“من واقع تدريباتهم وخبراتهم وتجاربهم”) وإضافة “الأشخاص الذين يعرفونهم” (“شبكات علاقاتهم الاجتماعية والمهنية”). وتسمي هذا النهج “مبدأ عصفور في اليد”. وبالاسترشاد بهذا المبدأ تقول سارة إن بدء مشروع جديد أو محاولة تحسين الأمور “لم يعد عملاً بطولياً محفوفاً بالمخاطر بشكل لا يصدق، بل هو شيء يمكنك القيام به في إطار القيود والفرص في حياتك العادية”.

يمكن للقادة، من خلال تشجيع زملائهم على فعل “ما يستطيعون فعله باستخدام ما يمتلكونه أينما يكونون”، على حد تعبير ثيودور روزفلت، خلق الشعور بالقوة والمسؤولية الذي يؤدي إلى الشعور بالتفاؤل.

لا تكتفِ بتأييد الأفكار الجديدة، بل حاول تقوية العلاقات الشخصية أيضاً

في أوقات الاضطرابات التي لم يسبق لها مثيل، يتعرض القادة لإغراء يمكن تفهمه يتمثل في المراهنة على المستقبل بأفكار قد تُحدث تغييرات جذرية مثل: الزعزعة الرقمية وإعادة ابتكار المنتجات والتحول المؤسسي. ولكن في كثير من الأحيان يغفل القادة الذين يؤيدون الأفكار المستقبلية عن الروابط الإنسانية والعاطفية التي تجعل زملاءهم متفائلين في وقتنا الحالي.

تعمل شارون سالزبيرغ، وهي شخصية محورية في مجال التأمل، مع مقدمي الرعاية والمعلمين والنشطاء الداعين إلى إحداث تغيير اجتماعي؛ أي الأشخاص ذوي النوايا الحسنة الطامحين إلى إحداث تغيير كبير. فهي تحث هؤلاء القادة على الاهتمام أولاً بـ “⁧الأشخاص الذين يقعون داخل دائرة تأثيرهم⁧⁩”، ما يعني العملاء والمرضى والأشخاص والفِرق الأقرب إليهم. تقول شارون: “قلة من الأشخاص يتمتعون بالقوة الكافية والقدرة على الإقناع والمثابرة وما يكفي من الكاريزما لتغيير العالم كله دفعة واحدة. والعالم الذي يمكننا محاولة التأثير فيه هو العالم المحيط بنا مباشرة”.

⁧⁩شارك الأخبار السارة لمواجهة سيل الأخبار السيئة

لا يتفق الخبراء في علم النفس البشري مع هذا الأمر بدرجة كبيرة، ولكن جميعهم تقريباً يتفقون على أن الأشخاص يستجيبون بشكل أعنف وأعمق للأخبار السيئة أكثر من الأخبار الجيدة. وينصحون بأنه لإبقاء الأشخاص متفائلين ينبغي للقادة التركيز (أو حتى المبالغة في التركيز) على القصص المفعمة بالأمل والتطورات الإيجابية.

يقدر روبرت باومايستر الباحث في علم النفس أن “التغلب على شيء سيئ واحد يتطلب 4 أشياء جيدة”. لذا، أقم احتفالاً (افتراضياً) على نطاق القسم كلما حقق الفريق إنجازاً مهماً⁧ أو فاز بعميل جديد. ويمكنك توزيع نشرة إخبارية تسلط الضوء على ما يسير بشكل جيد لمساعدة الموظفين على التعويض عن الأمور التي سارت بشكل سيئ. وتعامل مع نفسك بالطريقة نفسها؛ إذ يوصي باومايستر: “بدلاً من القلق بشأن تعليق ساخر على وسائل التواصل الاجتماعي، انزل بالصفحة إلى الأسفل وأعد قراءة 4 تعليقات تحمل مدحاً”.

من الصعب الحفاظ على التفاؤل وعلى نشاطنا في ظل هذه الأوقات العصيبة. ولكن آمل أن يساعدك اتباع هذه النصائح في أن تصبح أنت وزملاؤك أكثر تفاؤلاً. وإذا لم يكن ذلك كافياً، يمكنك دائماً الانضمام إلى مؤسسة ⁧⁩”أوبتيمست إنترناشونال“؛ سمعت أن لديها أماكن شاغرة لأعضاء جدد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .