ركّز في اجتماعاتك على النتائج، لا على جداول الأعمال الاستعراضية

6 دقائق
جدول الأعمال
نيكولاس ريغ/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد يجعلنا إعداد جدول الأعمال نشعر بأننا قد أنجزنا شيئاً مهماً، على غرار ما يحدث عند فرز رسائل البريد الإلكتروني الواردة إلينا أو تنظيم الرسائل الواردة عبر برنامج سلاك أو إدارة قوائم مهماتنا. وعندما نراجع جداول أعمالنا مع زملائنا بكل تفاصيلها ونُرتبها في نقاط محدَّدة قبل الاجتماع أو في أثنائه، فمن المؤكد أننا سنشعر بالإنتاجية. لكن الأبحاث أثبتت أن هذه المشاعر قد تقودنا في حقيقة الأمر إلى الوقوع في مزلق “جداول الأعمال الاستعراضية”: بمعنى أننا نهدر الوقت والجهد في إعداد جداول أعمال تخلق مظهراً زائفاً يوحي بفاعلية الاجتماعات، دون تحسين أساليب إدارة الاجتماعات على أرض الواقع (وربما تؤدي إلى إضعاف فاعلية الاجتماعات والإفراط في صياغة بنيتها التنظيمية). ولكي نتجنب الوقوع في هذا المزلق، يجادل كُتَّاب المقالة بأنه يجب علينا اتباع نهج يتمحور حول النتائج ويركّز بكل بساطة على تحديد الهدف من الاجتماع، أي ما نريد تحقيقه ولماذا، بدلاً من توجيه كل تركيزنا إلى إعداد جدول أعمال مفصَّل يتناول كل صغيرة وكبيرة حول كيفية تحقيقنا لهذا الهدف مقدماً.

 

لا يخفى على أحد أن معظم الاجتماعات مريعة. وبصفتي عالمة متخصصة في دراسة السلوكيات تعمل مع شخصين أسَّسا شركة ناشئة تكرّس جهودها لتحسين أساليب إدارة الاجتماعات، فهذا هو الجزء السهل من عرضنا. لكن ماذا عن إصلاحها؟ إن الأمر ليس سهلاً بالمرة.

وقد أجرينا استقصاء لاستطلاع آراء الموظفين في مختلف القطاعات والمناصب، وقرأنا عدداً من الكتب والمقالات ذات الصلة، ودرسنا عدداً لا يُحصى من الأدوات والتقنيات، وخرجنا من كل ذلك بشيئين: أولاً: يبدو أن الكثير من الخبراء يعتقد أن جدول الأعمال هو المكوِّن الرئيسي للاجتماعات الجيدة. ولا أدلَّ على ذلك من صعوبة العثور على كتاب يدور حول الاجتماعات لا يبدأ بأهمية جداول الأعمال، حتى إن غالبية مدراء المنتجات الذين تحدثنا إليهم قد أشاروا إلى أنهم يعتقدون أن جداول الأعمال تشكّل مكوِّناً أساسياً لعقد اجتماعات أكثر فاعلية. ثانياً: أثبت الكثير من الأبحاث أن جداول الأعمال لا تكفي وحدها لإدارة اجتماعات فعَّالة.

وفي حين أنك قد تفترض أن جداول الأعمال التفصيلية تسهم في تحسين أساليب إدارة الاجتماعات، فقد يكون لها تأثير عكسي تماماً في واقع الأمر. ويرجع هذا إلى أن الكثير من الموظفين ينخرطون دون قصد في ممارسة نسميها جدول الأعمال الاستعراضية: بمعنى أنهم يهدرون الوقت والجهد في إعداد جداول أعمال تخلق مظهراً زائفاً يوحي بفاعلية الاجتماعات، دون تحسين أساليب إدارة الاجتماعات على أرض الواقع. ما الذي يُحفّز هذا السلوك غير المثمر، وما الذي يجب أن يفعله قادة الاجتماع بدلاً من ذلك؟

السلبيات الخفية لجداول الأعمال الاستعراضية

في عام 2003، صاغ الخبير الأمني، بروس شناير، مصطلح الأمن الاستعراضي لوصف “الإجراءات الأمنية التي تجعل الناس يشعرون بمزيد من الأمان دون فعل أي شيء لتحسين أوضاعهم الأمنية فعلياً”. وجادل بأن الأمن الاستعراضي ليس استراتيجية عديمة الفعالية فحسب، بل إنه قد يُسهم أيضاً في تضاؤل الأمن الفعلي بطريقتين حاسمتين: أولاً: تسهم الإجراءات الأمنية الاستعراضية في تبديد موارد كلٍّ من المؤسسة المنوطة بتنفيذ الإجراءات الأمنية والأفراد الخاضعين لها، ما يترك القليل من الموارد للإجراءات الأمنية الحقيقية. ثانياً: قد يؤدي هذا السلوك إلى خلق إحساس زائف بالأمان يجعل الأفراد أقل يقظة، ما يؤدي إلى تراجع الأمن الحقيقي بصورة أكثر بشاعة.

وقد وجدنا من خلال أبحاثنا أن جداول أعمال الاجتماعات يمكن أن تؤدي إلى الوقوع في مزلق مماثل. فقد يستلزم وضع جدول أعمال مُفصَّل لكل اجتماع أداء الكثير من العمل (ما يؤدي إلى إهدار موارد يمكن استغلالها في موضع آخر)، وقد يتسبب في شعورنا بالاستعداد والإنجاز حتى لو لم يؤدِّ ذلك إلى اجتماعات أكثر فاعلية. على سبيل المثال، أجرينا دراسة أولية، طلبنا فيها من 200 موظف بدوام كامل أن يتخيلوا أنفسهم يستعدون لحضور اجتماع ما. ثم طلبنا من نصفهم أن يتخيلوا أنهم وضعوا أيضاً جدول أعمال للاجتماع، ووجدنا أن أفراد هذه المجموعة شعروا بأنهم أكثر استعداداً بنسبة 21%، وافترضوا أن اجتماعاتهم ستكون أكثر كفاءة وإنتاجية بنسبة 11-12% مقارنةً بأولئك الذين تخيلوا أنفسهم يؤدون الأعمال التحضيرية نفسها ولكن دون وضع جدول أعمال.

فبمجرد أن نكرّس وقتنا وجهدنا لإعداد جدول أعمال، فإننا نفترض في أغلب الأحيان أن جدول الأعمال سيقدّم قيمة مضافة. ولكن الأبحاث أثبتت عموماً أن ضرر جداول الأعمال قد يكون أكثر من نفعها عندما يتعلق الأمر بتحسين أساليب إدارة الاجتماعات، فقد توصَّلت إحدى الدراسات إلى أن جدول الأعمال المكتوب لم يكن له أي أثر إيجابي على تقييم الحضور لجودة الاجتماعات، بينما خلُصت دراسة أخرى إلى أن جداول الأعمال الرسمية كانت أقل أهمية من بدء الاجتماعات وإنهائها في الوقت المحدَّد، وقد يعادل تأثيرها أثر تقديم الطعام مجاناً. وعلى غرار الأمن الاستعراضي، فإن جداول الأعمال الاستعراضية لها آثار سلبية: فقد أفاد الموظفون المشاركون في دراستنا بأنهم يمضون أكثر من 3 ساعات أسبوعياً في إعداد جداول الأعمال بالعمل، ما يشير إلى أن جداول الأعمال لا تُعطي إحساساً زائفاً بالإنجاز فحسب، بل إنها قد تتسبب أيضاً في إلحاق الضرر بالفِرق من خلال إهدار الموارد التي كان من الأفضل استغلالها في موضع آخر.

ركّز في اجتماعاتك على النتائج، لا على جداول الأعمال

إذا كانت جداول الأعمال لا تؤدي الغرض منها في أغلب الأحيان (وقد تأتي بنتائج عكسية)، فما الذي يمكننا فعله بدلاً من ذلك؟ أثبتت أبحاثنا أن الاجتماعات الفعَّالة تتمحور حول النتائج، ولا علاقة لها بالعملية نفسها. وبدلاً من البدء بجدول أعمال يحاول تحديد كيفية إدارة الاجتماع بالضبط، فإن الاجتماعات التي تتمحور حول النتائج تستند إلى هدف واحد واضح على الأقل.

وإذا لم تكن تعرف من أين تبدأ، فما عليك إلا أن تسأل نفسك: “ما الذي أتمنى تحقيقه في هذا الاجتماع؟”. وقد ثبت لنا في إحدى الدراسات أن مجرد حث المشاركين على التفكير في النتيجة المنشودة من الاجتماع قد أدى إلى تحديد أهداف أكثر وضوحاً لهذا الاجتماع. وبمجرد أن تعرف النتيجة التي تود تحقيقها، يمكنك حينئذ توجيه كافة الجوانب الأخرى المرتبطة بالتخطيط للاجتماع وإدارته. وقد توصلنا على وجه التحديد إلى 5 خطوات يمكن أن تساعدك على التحضير لاجتماع يستند إلى النتائج، دون الوقوع في مزلق جداول الأعمال الاستعراضية:

  1. ابدأ بتحديد السبب. ما الغرض المحدَّد من عقد هذا الاجتماع؟ ما الذي تود إنجازه؟ ستوضح إجابتك عن هذين السؤالين كيفية التعامل مع الخطوات الأربع المتبقية، لذا فإن الأمر يستحق التفكير فيه.
  2. انتقل إلى الوسيلة. لكي تحقّق الهدف الذي حددته، هل ستكون المناقشة الحرة البسيطة كافية؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد أنجزت الأعمال التحضيرية فعلياً. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فاعمل على إعداد قائمة بالموضوعات أو الأفكار التي ستحتاج إلى تغطيتها.
  3. فكّر في الأطراف الفاعلة. بمجرد أن تعرف سبب انعقاد اجتماعك وما تود التحدث عنه، يمكنك تحديد الأطراف التي ستحتاج إلى وجودها في غرفة الاجتماعات للوصول إلى هذا الهدف، والأطراف التي لا داعي لوجودها هناك. وفكّر فيما إذا كان بإمكانك أن تتفقد أحوال بعض أصحاب المصلحة مسبقاً، لتوفير الوقت والحفاظ على تركيز الاجتماع حول أهدافه المحدَّدة.
  4. لا تبالغ في الكيفية. يمكن تحقيق بعض الأهداف من خلال المحادثات المنظَّمة والميَّسرة. على سبيل المثال، لا شك في أهمية جلسات العصف الذهني للتعرّف على أنسب التصاميم والاجتماعات الاسترجاعية والاجتماعات المخصَّصة للأسئلة والأجوبة. لكن لا تخشَ اكتشاف البنية التنظيمية للاجتماع في أثناء انعقاده بناءً على الاتجاه الذي تسير فيه المحادثة بشكل طبيعي. وقد تبيّن لنا من خلال خبرتنا العملية أننا عندما نضع خططاً مسبقاً حول البنية التنظيمية للاجتماع، فإن الأمر ينتهي بنا بالتخلي عن تلك الخطط في أثناء انعقاد الاجتماع على أي حال، في حين أن عمل الفريق على هيكلة البنية التنظيمية للاجتماع في أثناء انعقاده قد يسهم في لم شمل أفراد المجموعة وتعزيز حضور الجميع واندماجهم.
  5. توخَّ الحذر تجاه تحديد مُدد زمنية معينة. من المغري أن تضع حدوداً زمنية على كل شيء: 10 دقائق للموضوع الأول و5 دقائق للثاني، وما إلى ذلك. ولكن ثبت لنا من واقع خبرتنا العملية أنه من الصعوبة بمكان أن يلتزم المرء بجداول المواعيد المحدَّدة بهذه الصرامة، وأنها قد تخلق ديناميات تأتي بنتائج عكسية خلال الاجتماعات. على سبيل المثال، تشير الأبحاث إلى أن الالتزام بخطة صارمة، خاصة خلال المشاريع الإبداعية، قد يمنعك من التحدث لفترة طويلة بما يكفي لظهور أفضل الأفكار. وعلى الرغم من أن الجداول الزمنية الصارمة قد تكون مفيدة للاجتماعات الشديدة التعقيد، فإنها غالباً ما تكون أقل أهمية ممّا قد تعتقد، وقد تكون أكثر فائدة كمبادئ توجيهية شخصية عليك أخذها في الحسبان دون النظر إليها باعتبارها بنية تنظيمية يتم الإعلان عنها رسمياً للمجموعة.

الإكثار من الشيء ليس الخيار الأفضل عادةً

قد يجعلنا إعداد جدول الأعمال نشعر بأننا نسيطر على زمام الأمور وأننا قد أنجزنا شيئاً مهماً، على غرار ما يحدث عند فرز رسائل البريد الإلكتروني الواردة إلينا أو تنظيم الرسائل الواردة عبر برنامج سلاك أو إدارة قوائم مهماتنا. وعندما نراجع جداول أعمالنا مع زملائنا بكل تفاصيلها ونُرتبها في نقاط محدَّدة قبل الاجتماع أو في أثنائه، فمن المؤكد أننا سنشعر بالإنتاجية، لكن الأبحاث أثبتت أن هذه المشاعر قد تكون مضلِّلة في حقيقة الأمر.

إذ تعني جداول الأعمال الاستعراضية في أفضل الأحوال أداء الكثير من العمل دون طائل. وتعني في أسوأ الأحوال استنزاف الموارد التي كان من الأفضل أن تُستغَل في أداء عمل أكثر إنتاجية، كما أنها تؤدي إلى عقد اجتماعات غير فعَّالة ومفرطة التنظيم. والحقيقة أن الكثير من الاجتماعات لا يستفيد ببساطة من إعداد جدول الأعمال، وإذا أردنا الاستفادة من جداول الأعمال، فعلينا أن نقتصر فيها على تحديد التفاصيل المهمة فقط، دون تقييد أنفسنا وفريقنا دون داعٍ. لذا بدلاً من العمل على إعداد جدول أعمال متعمّق لكل اجتماع، ما عليك إلا أن تتأكد من معرفة سبب الدعوة لعقد الاجتماع في المقام الأول. وطالما كان لديك هدف واضح وموجَّه نحو النتائج المرجوة من المناقشات الدائرة، فسيتضح لك باقي الأهداف تباعاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .