الإسراع بوتيرة التعلم لتعزيز المسار المهني

18 دقيقة
تعزيز المسار المهني
shutterstock.com/turbodesign

أجرت هارفارد بزنس ريفيو في أحد برامجها الصوتية (بودكاست) مقابلة مع سكوت يونغ مؤلف كتاب "التعلم الفائق: احترف المهارات الفنية، وتفوّق في المنافسة، وتقدّم بسرعة في مسارك المهني" (Ultralearning: Master Hard Skills, Outsmart the Competition, and Accelerate Your Career) حول كيفية تعزيز المسار المهني بشكل صحيح.

يقول سكوت يونغ، الذي اشتهر بتدريس نفسه منهاج 4 أعوام من تخصص علوم الحاسوب بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) في غضون 12 شهراً فقط، إنّ نوع التعلم المركّز الذي استخدمه ممكن لنا جميعاً، سواء أردنا احتراف البرمجة أو إتقان لغة أجنبية أو التميز في الخطابة. وفي بيئة أعمال ديناميكية ومتسارعة الخطى تجعل الكثير منا لا يملكون وقتاً كافياً ويجدون صعوبة في مواكبة التطورات، يعتقد سكوت أنّ القدرة على اكتساب معارف وخبرات جديدة بسرعة ستشكل دعماً كبيراً. وبعد البحث في أفضل الممارسات وتجريبها بنفسه، قام بتطوير مجموعة من المبادئ التي يمكن لأي شخص منا اتباعها ليصبح "فائق التعلم".

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص

أليسون بيرد: مرحباً بكم في برنامج آيديا كاست المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا أليسون بيرد.

إذا كنتم قد استمعتم إلى هذا البرنامج من قبل، أو كنتم متابعين دائمين لهارفارد بزنس ريفيو، فأنتم تعلمون عدة أشياء. أولاً، من أجل النجاح في مكان العمل اليوم، يجب عليك أن تواصل التعلم والتكيف والنمو. معرفتك ومهاراتك الحالية لن تساعدك كثيراً.

ثانياً، ينتابنا شعور بالتوتر والضغط الشديدة في الوقت أكثر من ذي قبل. كيف نحقق كل جوانب تحسين الذات الضرورية في حياتنا مع الاستمرار في محاولة إيجاد توازن بين المتطلبات اليومية للوظيفة والأنشطة الخارجية والالتزامات الشخصية، مع الحصول على قليل من الراحة إن أمكن ذلك؟ يقول ضيفنا اليوم إنّ الإجابة قد تكون فيما يُسمى "التعلم الفائق"، وهو عبارة عن استراتيجية لتطوير الخبرات في مجالات تتنوع بين البرمجة واللغات الأجنبية والخطابة بسرعة كبيرة.

سكوت هو مؤلف كتاب "التعلم الفائق: احترف المهارات الفنية، وتفوّق في المنافسة، وتقدّم بسرعة في مسارك المهني" (Ultralearning: Master Hard Skills, Outsmart the Competition, and Accelerate Your Career). شكراً جزيلاً لتواجدك معنا في البرنامج يا سكوت.

سكوت يونغ: نعم، من الرائع أن أكون هنا.

أليسون بيرد: ما تعريفك للتعلم الفائق بالضبط؟ وكيف يختلف عن المذاكرة من أجل تقديم امتحان ما، أو القراءة السريعة؟

سكوت يونغ: حسناً، لن أعرّفه من ناحية أنه شبيه بالمذاكرة من أجل امتحان أو بالقراءة السريعة. لكن بالطريقة التي أنظر بها إلى الأمر فهو إيجاد أشخاص قاموا بتحقيق أشياء مذهلة عبر مشاريع تعلم بتوجيه ذاتي، ليس بالذهاب إلى المدرسة أو الالتزام بدراسة أربع سنوات في الجامعة أو حتى أكثر من ذلك لو كنت ملتحقاً بالدراسات العليا، لكن عبر تعليم أنفسهم المهارات التي احتاجوها.

وما يركزون عليه غالباً هو كيفية الحصول على ما يريدونه بالضبط. سواء كان ذلك الخطابة أو البرمجة أو تأسيس عمل ما، هم يركزون على اكتساب ما سيساعدهم أكثر من أي شيء آخر. وهذه في الغالب هي الطريقة التي يمكنك أن تتعلم بها شيئاً ما بسرعة أكبر. إذ لو كنت توجهها إلى ما تهتم به، وما تريد أن تتقنه، وليس فقط شخصاً وضع منهاجاً تعسفياً إلى حد ما.

أليسون بيرد: وما الذي دفعك إلى الاهتمام بهذا النمط مع التعلم؟

اقرأ أيضاً: إعادة ابتكار حياتك المهنية في زمن كورونا

سكوت يونغ: بداية تعرفي على هذا كانت في حقيقة الأمر لحظة من المعاناة. كنت أدرس في الجامعة وأعيش في فرنسا، وحظيت بفرصة للدراسة في الخارج لمدة عام، وكنت حريصاً جداً على تعلم الفرنسية.

وتبين لي أنّ ذلك كان صعباً للغاية. وجدت صعوبة كبيرة في تعلم الفرنسية، واكتشفت أنّ معظم الناس من حولي تحدثوا إليّ بالإنجليزية طوال الوقت. أصابني شعور بالإحباط إزاء ذلك. وكنت أدردش مع أحد أصدقائي من موطني، وكنت أقول له إنّ من الصعب تعلم الفرنسية، وهي تستغرق وقتاً طويلاً، وهي لغة صعبة جداً. وسألني فيما إذا سمعت بـ "بيني لويس". هذا الشخص يملك موقعاً إلكترونياً اسمه "فصيح في ثلاثة أشهر" (Fluent in Three Months). يتحدث "بيني" نحو عشر لغات إضافية، وخصوصاً الآن تعلم بعضاً منها في السنوات التي تلت تلك القصة. وكنت مندهشاً بهذا الأمر، وهو أنّ شخصاً لا يحاول تعلم اللغات فحسب، ولا يتعلمها بفعالية فحسب، إنما يمتلك هذا الهدف الطموح والكبير.

كان لقائي به بمثابة المقدمة الأولى بالنسبة لي إلى عالم التعلم الفائق، أو عن أشخاص ينفذون مشاريع تعلم مكثفة وصارمة جداً لتعلم الأشياء بسرعة كبيرة. ومنذ ذلك الحين قابلت أشخاصاً في مجالات مختلفة أقنعوني أنّ هذا نهج أكثر شمولية من تعلم اللغات فحسب.

أليسون بيرد: إذا كنت تفكر في طرق لتعزيز مسارك المهني، كيف تختار بالضبط الشيء المناسب لتعلم ما سيساعدك على التقدم في الطريق التي تريدها؟ هل هذا شيء مرتبط بشكل واضح بوظيفتك الآن، أم شيء تعتقد أنك تحتاجه بعد سنوات في المستقبل؟

سكوت يونغ: مجرد تمتعك بعقلية تركز على التعلم، بغض النظر عما إذا كانت المهارة التي تتعلمينها هي بالضبط المهارة الأفضل التي يتعين عليك تعلمها، أو فيما إذا كانت ثمة فائدة مرجوة منها، ثم ينتهي الأمر بها لتكون مفيدة فيما بعد، أعتقد أنّ موقف توجيه مسارك المهني دائماً حول التعلم، والاستمرار في امتلاك مشروع تعلم، وتحديث مهاراتك دائماً هي أشياء قيمة للغاية.

وعلى أي حال، أعتقد أنّ ثمة طريقتين للتعامل مع الأمر. الطريقة الأولى هي محاولة تحديد المهارة الأفضل بالنسبة لك لتبدئي تعلمها مباشرة. وأحد الأساليب المفيدة جداً لهذا الغرض هي ما ندعوها بطريقة المقابلة.

طريقة مقابلة الخبراء تعبّر ببساطة عن النظر إلى الأشخاص الذين يسبقونك بخطوة أو خطوتين في مسارك المهني الذي تريد أن تذهب إليه في المستقبل. يمكن أن يكون لديهم الوظيفة التي ترغب بها، ولديهم المكانة التي ترغب بأن تكون فيها، ويقومون بالعمل الذي ترغب بفعله، لذا تحدث إليهم، وتعرف على مسارهم المهني، وكيف تقدموا في هذا المسار الحالي حتى تستطيع النظر في أنواع المهارات التي شكّلت عاملاً في تقدمهم.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر حياتنا المهنية على حياة أطفالنا؟

ربما عندما كانوا ينتقلون من العمل التقني، مثلاً، إلى منصب قيادي، كان عليهم تعلم الكثير من المهارات الشخصية. أو أنه كان عليهم الانتقال من اعتبارهم جيدين في مجال محدد إلى أن يصبحوا من بين الأفضل فيه.

أما الشيء الآخر الذي أعتقد أنه قيِّم فهو مجرد البدء في أي من هذه المشاريع، حتى إذا لم تقض وقتاً طويلاً في البحث والتعرف على أفضل المهارات الممكنة.

أحد الأشخاص الذين مررت بتغير للعمل معهم في البحث لإنجاز هذا الكتاب أسس مشروعه الخاص بالخطابة. والأمر المثير للضحك بخصوص هذا المشروع هو أنه لم يتملك رغبة حقيقية ليصبح خطيباً لامعاً، وكانت تراوده فكرة أنّ الخطابة قد تكون مفيدة.

وانتهى به المطاف أن أصبح يمارس مشروع التعلم المكثف هذا على مدار نحو سبعة أشهر حيث تحدث عدة مرات في الأسبوع، وأحياناً مرتين في اليوم، وكان يحصل على آراء تقويمية من مصادر مختلفة، ويستخدم جميع المبادئ التي أطرحها في الكتاب. وانتقل من ذي خبرة قليلة، حيث خطب لمرات معدودة في حياته كاملة، إلى أن أصبح أحد المرشحين النهائيين في "بطولة العالم للخطابة" (World Championship of Public Speaking)، وهي عبارة عن مؤتمر تنظمه منظمة "توستماسترز" (Toastmasters) العالمية كل عام، ويتنافس فيه ما يزيد عن 32,000 شخص للحصول على المركز الأول كأفضل المتحدثين.

والأمر المضحك في هذا الشأن لم يقتصر على قدرته على إحراز هذه النتيجة، إنما أنّ ذلك أثر بشكل أساسي على تغيير مساره المهني بالكامل، بحيث أصبح هو والشخص الذي كان يعمل معه على هذا المشروع في نهاية الأمر مستشاري خطابة، وأسّسوا شركة في هذا المجال.

ومن هنا، أعتقد أنّ هذا هو مثال على كيف أنك لو اخترت مهارة قد تكون قيّمة، وأخذتها على محمل الجد، واكتشفت بالفعل ما يعنيه أن تكوني بارعة فيها، فيمكن في أحوال كثيرة أن تقودك إلى فرص لم تتوقعيها في المستقبل.

أليسون بيرد: أراهن أنك تستطيع توقع هذا السؤال بناء على مقدّمتي، لكن كيف بالله عليك يُفترض بنا أن نجد الوقت لفعل ذلك؟ وخصوصاً الأشخاص الذي يشغلون مناصب تنفيذية حافلة، ولديهم التزامات عائلية كبيرة؟

سكوت يونغ: في الحقيقة أعتقد أن هذا هو العكس تماماً. أعتقد أنّ هذا مرتبط أكثر بالأشخاص الذين لديهم قيود أكبر على الوقت. معظم الخيارات التقليدية للحصول على التعليم هي الأكثر استهلاكاً للوقت والأصعب للانسجام في نمط حياتك. تأملي العودة إلى الجامعة للحصول على الدرجة الجامعية الأولى، وهي تستغرق أربع سنوات على الأقل. أو حتى الماجستير في إدارة الأعمال أو برنامج الماجستير في إدارة الأعمال المخصص للتنفيذيين، أنت تمضين سنة أو اثنتين على الأقل، وتنفقين مبالغ كبيرة علاوة على ذلك من أجل تعلم مهارات جديدة.

اقرأ أيضاً: طريقة بسيطة لرسم خريطة طموحاتك المهنية

الأشخاص الذين يمتلكون وقتاً على الأقل، والأشخاص الذين يمتلكون أكثر عدد من القيود على الوقت، هؤلاء هم الأشخاص الذين عليهم أن يكونوا أكفاء إزاء تحديد الطريقة الأكثر فعالية لتعلم هذه المهارة. وبالتالي، ذكرت في صفحات هذا الكتاب الكثير من القصص، واخترت في أغلب الأحيان أشخاصاً ذوي إنجازات مذهلة جداً، لأنني أعتقد أنهم غالباً المثال الأوضح على ذلك، فقد كانوا يفعلون شيئاً كُتب له النجاح، ويمكننا تحليل هذا الشيء إلى حد ما والتعرف على ما كانوا يفعلونه في واقع الأمر.

لكن من ناحية المبادئ، أو من ناحية ما أعتقد أنها استراتيجيات فعالة، فلم يكن الأمر يتعلق لدى أي منهم بأن تقضي 80 ساعة أسبوعياً في فعل هذا، أو أنّ عليك حجز سنة من حياتك، ولكنهم يفعلون ما يفعلونه كل ساعة، أو ما تفعلينه في كل عشر دقائق متاحة للتعلم.

أليسون بيرد: كنت أنت نفسك شخصاً شبه عادي قبل أن تتمتع بهذه الخبرة في التعلم الفائق، وخضت بنفسك غمار كل هذه المشاريع المختلفة من اللغات إلى البرمجة وغيرها. حدثني قليلاً عن خبراتك الخاصة، حيث بدأت أولاً بتعلم لغة ما، ثم اخترت مهارات أخرى خلال مسيرتك.

سكوت يونغ: بالتأكيد. كان تحدي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مشروعاً خضته عام 2011. وكنت في الأساس قد تخرجت للتو من الجامعة في ذلك الوقت. درست الأعمال في كلية الأعمال. وكنت أشعر بشيء من الندم إزاء مجال دراستي، حيث كنت أطمح لأن أكون رائد أعمال، وخصوصاً أن أصنع أشياء متعلقة بالبرمجيات والإنترنت، وأردت نوعاً ما أن أدرس علوم الحاسوب.

وفي مثل هذا الوقت تقريباً، وجدت بعض المواد التي نشرها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على الإنترنت. يمتلك المعهد منصة تسمى "أوبن كورسوير" (Open Courseware) يضعون فيها عدداً لا بأس به من موادهم الدراسية، وربما معظمها، حيث تكون المواد المتاحة على الإنترنت من الفصول الفعلية لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ثمة فيديوهات مسجلة للمحاضرات، وتوجد تعيينات مع حلولها، وتوجد امتحانات نهائية مع حلولها.

وبهذا النوع من التجربة مع مقابلتي لـ "بيني لويس"، وأخذه هذه المشاريع المكثفة التي تنطوي على التعلم، ثم التعرف على هذه الدورات؛ كل ذلك دفعني إلى التفكير فيما إذا كان يوجد أحد قد جرب محاكاة الدرجة الأكاديمية التي يمنحها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كأن يفعل شيئاً ما باستخدام موادهم المجانية بشكل يعكس ما ستتعلمه في دراستك هذه الدرجة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؟

ثم بنيت هذا المنهاج الذي يضم 33 مادة، والذي يعتبر مشابهاً جداً لما سيدرسه طالب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. المقياس المعياري الجيد سيكون أن أنجح في الامتحانات النهائية وأنجز مشاريع البرمجة المطلوبة في ذلك الفصل، أليس كذلك؟ وبهذا، كان ذلك مشروع قررت تنفيذه. وعلاوة على ذلك، بالنسبة لعوائق العمل مع مواد مجانية من المنزل، أردت أن أحاول أن أفعل الأمر في غضون 12 شهراً.

اقرأ أيضاً: دور الأزواج في الحياة المهنية لشركائهم

شعرت بذلك من بعض الأشياء التي تعلمتها ليس فقط من "بيني لويس"، ولكن نوعاً ما من تجاربي الخاصة مع التعلم، أنه ربما من الممكن القيام بذلك بفعالية أكثر من الذهاب إلى الكلية، لأنك تمتلك الكثير من الخيارات والمرونة في استخدام المواد.

ومن الأمثلة على ذلك: عادة إذا كنت تذهب إلى فصل ما وتجلس في المحاضرة، عليك القدوم في الموعد المحدد، وعليك الجلوس طوال مدة المحاضرة، حتى عندما يقلب الأستاذ أوراقه أو عندما يتشدق في الحديث.

وفي المقابل، عندما تكون في البيت، يمكنك مشاهدة الفيديو عندما تكون مستعداً لذلك، ويمكنك مشاهدته بسرعة مضاعفة. وإذا احترت في شيء ما، يمكنك إيقاف الفيديو وإعادة المقطع مرة ثانية. أو أشياء مثل التعيينات حيث تقوم في العادة بحل التعيين كاملاً، وتجد صعوبة في العمل عليه، وتقدمه، ثم تنتظر لأسبوع، لتحصل بعدها على التقييم، وهنا يمكنك حل مسألة واحدة ثم إذا لم تعرف الإجابة تتوجه إلى الحل، ثم تتعلم تلك المسألة، ويساعدك ذلك مع المسألة التالية، ثم الثالثة، وبهذا تحصل على دورات تقييم تسمح لك بالتعلم بسرعة أكبر من الانتظار لأسابيع حتى تحصل على إجابتك.

أليسون بيرد: هذا منطقي. أريد أن نتحدث أكثر عن بعض المبادئ الخاصة التي يمكن للناس استخدامها بهذه الطريقة. أنت تقول أنّ عليك أولاً أن تتعلم كيفية تعلم الموضوع الذي اخترته، وهو الوصف. يمكنك أن تطلق عليه اسم "التعلم الوصفي". وكيف يستطيع الناس فعل ذلك؟

سكوت يونغ: حسناً. أعتقد أنّ هذا مهم للغاية لأنه من الواضح عندما تتحدثين عن مشروع تعلم بمفردك، هذا موقف عصيب للغاية، فالأشخاص الذين يصممون المنهاج يعرفون الموضوع لذا فإنهم يتذوقون الأمر، وعليك أن تبدأ بتعلم هذا، ثم عليك أن تتعلم ذلك.

من الواضح أنّ هذا يجعل الذهاب إلى الكلية أو الالتحاق بالفصل ميزة. في حين أنك إذا كنت تتعلم شيئاً ما بمفردك، فأنت في الغالب لا تعلم بالضبط ما تحتاج إلى أن تتعلمه، أو ما يجب عليك أن تتعلمه. أعتقد أنّ هذا ينطوي على صعوبة يمكنك التغلب عليها من خلال قضاء بعض الوقت أولاً، قبل البدء في تعلم الأشياء، وقبل أن تفتح كتاباً، وقبل أن تبدأ دورة، وقبل أن تبدأ العمل على مشروعك الخاص، تقضي القليل من الوقت لتحديد أي مهارة تريد اكتسابها، وتتعرف على الطريقة التي تعلم الآخرون من خلالها في السابق.
ما هي الموارد المتاحة؟

وهذا أسهل لأنني أعتقد أن الكثير من الأشخاص يشيرون إليه بالبنان. يمكنك أن تذهب إلى الإنترنت وتبحث في جوجل. إذن، بالنسبة للمهارات الشائعة مثل البرمجة واللغات والخطابة والماجستير في إدارة الأعمال ومهارات العمل، ستكون ثمة الكثير من الموارد. إذا قمت بالبحث في جوجل فستظهر لك الكثير من الأشياء، وبوسعك أن تستخدم هذه الموارد.

لكنني أعتقد في الوقت نفسه أنك على الأرجح بمجرد قضاء نصف ساعة أو ساعة من البحث، وعثورك على بعض هذه الموارد، يمكنك بعدها الانتقال إلى استخدام طريقة مقابلة الخبراء التي تحدثت عنها سابقاً، حيث تستطيع أن تجد أشخاصاً تعلموا المهارة وأن تسألهم بالفعل: إذا كنت تبدأ من الصفر، فكيف ستبدأ بتعلم هذا؟ وهذا في الغالب قيّم جداً لأنّ الكثير من الموارد المتوفرة في الخارج ليست الأفضل لتعلم تلك المهارة.

أليسون بيرد: تحدثت بضع مرات عن الممارسة المباشرة، والخبرة العملية، فلماذا الانتقال إلى الممارسة المباشرة مهم جداً قبل أن تقضي الكثير من الوقت في التعلم؟ وكيف تجد هذه الفرص عندما تكون جديداً في شيء ما، ومن المحتمل أنه يتعين عدم الوثوق بك للقيام بالأمر الذي تفعله؟ مثلاً، في بيئة مكان العمل؟

سكوت يونغ: نعم، بالضبط. كان هذا الأمر مثيراً للاهتمام بالنسبة لي لأنك تنظرين إلى الأبحاث السابقة حول ما يُعرف بـ "النقل". نقل التعلم هو عندما تتعلمي شيئاً ما في أحد السياقات، ولنقل من كتاب أو فصل، ثم تريدين تطبيقه على سياق مختلف، ولنقل في الحياة الواقعية.

وكانت ثمة دراسات تعود إلى أكثر من 100 عام وتبيّن أنّ هذا الأمر أصعب مما يظن الناس. أنّ الناس يميلون إلى الافتراض أنك عندما تتعلم شيئاً، فستتعلمه بطريقة عامة جداً، وستكون قادراً على استخدامه بمرونة في شتى أنواع المواقف، وهذا ليس ما توصل إليه أخصائيو علم النفس والباحثون التربويون. فهم وجدوا أنّ الناس يتعلمون شيئاً، ولا يميلون فقط إلى تعلمه بطرق ضيقة إلى حد ما، ويستطيعون بالفعل أن يتعاملوا فقط مع المسائل الذين تدربوا عليها صراحة، على الأقل في البداية، ولكنهم يميلون أيضاً إلى البقاء متصلين بالموقف الذي تعلموا ذلك منه.

يمكنك أن تدرّس شخصاً ما شيئاً في قاعة الفصل، ثم تعطيه تطبيقاً واضحاً من الحياة الواقعية، ويمكن أن يعجز عن التفكير في المعرفة التي تعلمها في مثال الفصل ذلك. فائقو التعلم الذين قابلتهم، وهم أشخاص ناجحون جداً في التعلم، يكافحون هذه المشكلة من خلال فعل العكس، أي من خلال الممارسة المباشرة حيثما عرفوا أين يريدون استخدام المهارة، وأين سيكون لهذا الأمر أثر على حياتهم، وأين يعتقدون أنهم سيستخدمون هذه المعرفة، وأين ستظهر، ثم يحاولون تصميم السيناريوهات المتعلقة بالممارسة والتي تحاكي هذا على نحو وثيق.

وبالتالي، فإنّ أسهل طريقة لفعل ذلك كما هو واضح تكون بالقيام بالشيء الذي تريد فعله. إذا كنت تحاول تعلم لغة، وتريد إجراء محادثات، تحدث مع الناس. إذا أردت تعلم البرمجة من أجل بناء موقع إلكتروني، ابدأ العمل على مشروع صغير لبناء موقع إلكتروني.

حتى إذا كان مجرد مشروع وهمي، أو مشروع لعبة، وليس موقعاً إلكترونياً كاملاً كالذي تريد بناءه، أو ليست محادثة كاملة كالتي تود إجراءها، ما زال يحاكيه بما فيه الكفاية، فعندما تتعلم أشياء في ذلك السياق، ستنتقل بشكل أفضل وتكون أكثر فائدة لاستخدامها في المستقبل.

والآن أحياناً، كما ذكرت، يكون ذلك مستحيلاً. ربما لا تكوني مؤهلة لفعل الشيء الحقيقي، وسيمنعك الناس حقاً من العمل في تلك الحالة. وبهذه الطريقة عليك أن تكوني مبدعة بعض الشيء، وعليك أن تحاولي تصميم مشاريع ستحاكيه بما يكفي حتى تكوني قادرة على الانتفاع من ذلك التعلم.

من الأمثلة التي أطرحها في هذا الكتاب أحد الزملاء واسمه "فات جيزويل" الذي كان متجهاً إلى دراسة الهندسة المعمارية. وللأسف، كانت الكثير من مهارات الهندسة التي تعلمها في الكلية نظرية للغاية، ومجردة للغاية، ولم تساعده في تأمين وظيفة. لم يمتلك المهارات التي تُمارس بالفعل، لذا كانت جهات التوظيف الذي تدرس احتمال توظيفه تقول إنه ليس مفيداً لنا، ونحن في وضع صعب الآن، ولا نريد أن نوظِّفك.

وبالتالي، ما قرر أن يفعله كان العمل على محفظة أعماله، مشروعه الخاص، حيث يصمِّم أنواع المباني التي لاحظ أنهم يصممونها. ثم حصل على وظيفة في مطبعة كبيرة حيث طبعوا مخططات العمل، ودرس مخططات العمل ليرى كيف يضعون المباني معاً، وكيف يعقبون على الأشياء، وكيف يوثقون تصاميمهم، ثم درّب نفسه على البرمجيات الفعلية التي استخدموها، وكان البرنامج في هذه الحالة يدعى "ريفيت" (Revit).

هذا مثال تُحاكى فيه البيئة، وتجرى محاولة المزج بين الميزات التي تحاول تعلمها بالصورة الوثيقة الممكنة، حيث استطاع تعلم مهارات مفيدة وعملية جداً، على النقيض من قراءة عشرات الكتاب مثلاً حول الهندسة والعودة ومحاولة التقديم لهذه الوظائف، مع عدم امتلاك المهارة العملية على الرغم من إنفاق عشرات أو مئات الساعات في فعل ذلك.

أليسون بيرد: نعم. هذه الفكرة عن ممارسة شيء قبل أن تكون جيداً تماماً فيه، والقليل من المبادئ الأخرى، واستكشاف نقاط ضعفك، واختبار الاسترجاع والتذكر لديك، ثم التماس آراء تقويمية بالغة الأهمية، يبدو ذلك جارحاً للكبرياء إلى حد كبير. كيف تعطي نفسك دفعة خلال كل هذا؟ هل يتطلب الأمر التمتع بشخصية معينة؟ شخص لا يصاب بالإحباط؟

سكوت يونغ: قد يكون ذلك محبطاً لكنني أعتقد أنّ الكثير من هذه الأمور مرتبطة بالتوقعات والعقلية. إذا بدأت مع توقع أنّ هذا سيكون صعباً جداً، وأنني أحاول القيام بشيء صعب وليس عادياً، وليس معتاداً، وسأتذوق طعم الفشل، وسأكون سيئاً في هذا من البداية. وإذا تخيلت مشروعك بتلك الطريقة، وقلت لنفسك "حسناً، هذا ما سأفعله"، فستكون وطأة هذه اللحظات أسهل بالنسبة لك.

على سبيل المثال، أحد المشاريع التي عملت عليها تضمّن تعلم اللغات، ويتضمن الحديث مع الناس ومحاولة الحديث بتلك اللغة من اللحظة الأولى التي ننزل فيها من الطائرة في البلد التي سنحاول التعلم فيها. وبالفعل يبدو ذلك مخيفاً جداً بالنسبة للكثير من الأشخاص عندما نتكلم عن هذه الطريقة.

وعلى أي حال، إذا نظرت إليها من منظور مختلف: حسناً، لن أبلي بلاء حسناً في هذا، وعندما أتحدث إلى الناس قد أتعلم عبارة أو اثنتين لأقول هذا ما أفعله، وهذا هي الطريقة التي أفعلها بها، وفجأة يتغير الوضع. فجأة يصبح الناس داعمين لك، ويتفهمون ما تحاول أن تفعله، ويحاولون تشجيعك.

عندما تتعامل مع هذه المشاريع، فالكثير منها عن التأطير، والكثير منا يريدون امتلاك حل للتعلم لا تعب فيه ولا ملل، ولا إحباط فيه، ولا صعوبة فيه، لذا نلجأ إلى طرق للممارسة ليست مباشرة جداً، ولا تتضمن آراء تقويمية، ولا تسبب لنا التوتر وتدرب عضلاتنا العقلية على الحديث. ولذا فإننا لا نتعلم الكثير بالفعل، أو نتعلم بوتيرة أبطأ نوعاً ما مما كنا نستطيع فعله بطريقة أخرى.

أليسون بيرد: تحدثت عن المذاكرة سابقاً، وذلك لأنني سأعترف أنني كنت مذاكِرة فظيعة في الكلية، واعتدت على الدراسة قبل يوم من الامتحان، وأكتب كل ما حفظته في الورقة بشكل جيد. كنت أحصل على علامات جيدة. ثم أنسى كل شيء في الفصل التالي. عندما يبدأ الناس في هذه المشاريع، يبدو أنّ الكثير من أساليب التعلم قد تمنع من حدوث ذلك النسيان، ولكن هل يوجد أشياء أخرى يمكنك فعلها للتأكد من أنك بمجرد تطوير هذه الخبرة أو هذه المهارة الجديدة والمعرفة الجديدة فستحتفظ بذلك كله؟

سكوت يونغ: نعم. أحد الأشياء التي ذكرتها أعتقد أنه من الأبحاث، وهو أنك إذا تعلمت شيئاً ما في فترة قصيرة من الوقت، ما يسميه أخصائيو علم النفس بالممارسة الشاملة حيث تفعل الشيء ذاته مراراً وتكراراً، أو تتعلمه مراراً وتكراراً في نفس جلسة الدراسة، ستمتلك بعد فترة قصيرة من الوقت أداء أفضل.

ثمة سبب يجعل الطلاب يعمدون إلى المذاكرة للامتحانات. ثم يُنسى ذلك بشكل كبير. لا تمتلك ذاكرة طويلة الأجل. أحد أكثر الاستنتاجات قوة من علم النفس فيما يخص التعلم هو "تأثير التباعد" (spacing effect)، والذي يقول إنك إذا تعلمت شيئاً ما على مراحل مقطعة، حتى يكون لديك تعرض لنفس المعلومات على مراحل عدة مختلفة على مدار فترة طويلة من الوقت، عندها ستبقى المهارة والمعرفة المعنية معك إلى وقت أطول.

إذن، ثمة طرق مختلفة لفعل ذلك. وإحدى الطرق البسيطة تكمن في أنك عندما تتعلم شيئاً، فأنت تريد زيادة التعرض قدر الإمكان إلى تلك المعلومات. نتعامل في العادة مع الأمر بأنك ستتعلم الوحدة الأولى، ثم ستركز كامل طاقتك على الوحدة الأولى، لتنتقل بعدها إلى الثانية، وتركز فقط على الثانية.

لكن علم النفس يقول إنك عندما تذهب إلى الوحدة الثانية، ربما يتعين عليك القيام بمراجعة الوحدة الأولى قليلاً. ويتعين عليك مراجعة الوحدة الأولى والثانية قليلاً عند عملك على الوحدة الثالثة. وبالتالي، يمكنك فعل هذا الأمر بطريقة غير رسمية. إذا كنت تقرأ الكتب، يمكنك مراجعة بعض ملاحظاتك، أو يمكنك الممارسة أكثر من خلال بعض الأسئلة، وهذا أفضل بكثير.

أو إذا كان لديك موضوع يشغل حيزاً كبيراً من الذاكرة، وتريد أن تتعلم اللغات مثلاً، أو القانون أو التشريح، ولديك أشياء كثيرة تريد أن تحتفظ بها في الذاكرة، عندها لديك أنظمة برمجية فعلية يمكنك استخدامها وتسمى بـ "أنظمة تكرار التباعد" (space repetition systems). وأحد أشهر هذه الأنظمة مفتوح المصدر واسمه "أنكي" (Anki).

وهذه الأشياء هي في الأساس برمجيات إدارة لبطاقات المذاكرة. يمكنك تحويل المعارف والأشياء والأسئلة التي تريد استرجاعها إلى بطاقات مذاكرة، وستضع لك خوارزمية بشكل تلقائي لإعداد مراجعتك له. إذا كان لديك شيء تريد تعلمه فسيقوم بتحديد ميعاد له في أوقات مستقبلية لمراجعة تلك المعلومات حتى تتأكد من عدم نسيانه، ويمكنك الاحتفاظ بتلك المعرفة لمدة أطول.

والشيء الآخر الذي يمكنك فعله، والذي أظهره علم النفس معروف باسم "التعلم الزائد". وهذه هي الفكرة من أنك عندما تتعلم شيئاً ما لأول مرة، غالباً ما يكون هدفنا هو التعرف على المعلومات. الوصول إلى المرحلة التي يمكنك عندها حل المشكلة مثلاً، ثم تطبيق المعلومات مرة. وما تبين إذا قمت بالمزيد من الممارسة فيما يتجاوز هذه المسألة، وإذا تعلمت هذه المعلومات بكثرة، وتجاوزت ما تحتاج فعله لإتقانها أولاً، سيكون لهذا أثر على بقاء المهارة، وستحتفظ بها لفترة أطول من الوقت.

وأحد الأمثلة التي أجدها مذهلة حول هذا الأمر هو أنّ ثمة دراسة أجريت على الطلاب الذين درسوا مادة الجبر. ما نظروا إليه كان معدل الاضمحلال، أو كيف ينسى الناس الجبر على مدار سنوات أو عقود. وما وجدوه هو أنّ هؤلاء الذين حصلوا على نتائج عالية في الامتحان، أو حصلوا على نتائج متدنية، امتلكوا نفس المعدل من النسيان.

وهذا يعني أنّ الأشخاص الذين حصلوا على علامة جيدة كانوا يعرفون أكثر، ولكنهم عرفوا أكثر فيما بعد، إلا أنك لو نظرت إلى الانحدار، أو مدى سرعة نسيان الأشخاص للأشياء، فقد كانت ببساطة في أوساط الطلاب الأفضل أداءً، والطلاب ذوي الأداء الضعيف.

وعلى أي حال، ثمة استثناء لهذا الأمر. الأشخاص الذين أكملوا دراسة حساب التفاضل والتكامل كان لديهم معدل نسيان أقل بكثير. ولم ينسوا بقدر ما نسي الأشخاص الذين أتموا مادة الجبر فحسب. وهذا يشير إلى أن تعلمت الأمر بزيادة، وهو ما ستفعله إذا أخذت مهارات الجبر وطبقتها في سياق أكثر صعوبة حيث يكون عليك استخدام الجبر طوال الوقت، فهذا سيؤدي إلى تأثير أكثر قوة من الذاكرة.

أليسون بيرد: تحدثنا كثيراً عن الطريقة التي يستطيع من خلالها الأفراد أن يصبحوا فائقي تعلم بأنفسهم، فهل ترى أنّ المؤسسات يمكنها استخدام هذه الاستراتيجية لتدريب الكثير من الأشخاص وتطويرهم؟

سكوت يونغ: نعم، أعتقد أنّ أحد الأشياء التي تمثل في الغالب تحدياً لمهارات التعلم هي أنه يتعين عليك أن تتمتع بالكفاءة من أجل العمل والقيام بالتدرب الفعلي في المجال الذي تعمل فيه. في الغالب لا تسمح لأحد بالاقتراب من مشروع ما حتى يمتلك المهارات اللازمة للعمل عليه.

لذا أعتقد أنّ إحدى الطرق التي قمنا بتجربتها لمعالجة ذلك في مجتمعنا هي زيادة المتطلبات التعليمية الكثيرة. ويكمن التحدي هنا في أنّ هذه الجذور التعليمية في الغالب ما تعاني من هذه المشاكل. أنها غير مباشرة جداً، وأنك غالباً ما تتعلم أشياء ليس لها صلة كبيرة بالوظيفة الفعلية، أو ربما تتعلم بعض الأشياء المجردة، لكنك لا تتعلم الكثير من التفاصيل. وبالتالي، ينطوي هذا النهج على صعوبات كثيرة.

وأعتقد في واقع الأمر أنّ النظام القديم لنموذج المعلم والمتدرب على الصنعة كان نموذجاً أفضل لتعلم الأشياء. وأعتقد أنه كلما استطعت تعزيز ذلك في بيئتك التنظيمية حيث لديك موظفين يريدون تعلم مهارة ما، وسيتعلمونها بالاشتراك مع شخص يعرفها بالفعل، أي شخص يمكنه العمل عيها، ويمكن لذلك الموظف العمل لتحقيق هذا الهدف، ثم يمكنه أن يحصل على شخص يعرف المهارة ويستطيع مشاهدة ما يفعله والاستفادة من الملاحظات، ويمكنه أن يشارك حقاً في هذه البيئة.

يمكنه حقاً إنجاز العمل في البيئة التي يحتاجها لإنجازه، وهذا سيكون مباشراً أكثر من حل بعض المسائل في قاعة الفصل والتي قد لا تكون مرتبطة بما تفعله في مكان العمل لعدة سنوات قبل أن تعود مرة ثانية وتجرب ما تعرفه.

أليسون بيرد: ما الطرق الأخرى التي تمكِّن المدراء من مساعدة موظفيهم في أن يصبحوا فائقي التعلم.

سكوت يونغ: نعم. أعتقد أنّ أحد الأشياء التي يمكنك فعلها هو تشجيع الموظفين على أخذ مشاريع يكون فيها التعلم هدفاً صريحاً لذلك المشروع. ومرة أخرى، أعتقد أنّ ذلك غالباً ما يكون صعباً لأننا نملك أهدافاً تنظيمية يحاول فيها الموظفون إنجاز الأشياء.

اقرأ أيضاً: خطط لتطورك المهني في هذا العام

لكنني أعتقد أنه إذا كان بوسعك إنشاء مساحة بحيث يفكر الموظفون في أحد وظائفهم في مؤسستك على أنها تعليم، وأنها تطوير لمهاراتهم، وإضافة لمهارات جديدة إلى مجموعة مهاراتهم، وإذا استطعت النظر إلى ذلك على أنه جزء مهم من حياتهم المهنية، عندها سيكونون أكثر ميلاً إلى أخذ بعض هذه المشاريع.

وكما طبّقت شركة جوجل قاعدة 20% الشهيرة الخاصة بها، حيث يعمل الموظفون على مشاريعهم، أعتقد أنه سيكون من المفيد تخصيص بعض الوقت لمشاريع التعلم. حتى إذا قال شخص ما، أتعلمون ماذا، أنا مبرمج رائع، لكنني أريد العمل على أسلوبي في الخطابة أو أريد العمل على هذه الأداة الجديدة التي لا أعرفها الآن، عندها لا يقتصر الأمر على أنك واضح بشأن السماح للموظفين بالعمل على هذه المشاريع، ولكن أنك واضح إزاء أنّ الهدف هو التعلم، والهدف بالنسبة لهم هو اكتساب مهارات جديدة. وهذا يعني إنه قد يعني أنهم في البداية لا ينتجون العمل الأكثر فائدة، لكنك لا تزال تشجع ذلك كمؤسسة، وأعتقد أنّ هذا مهم جداً.

إحدى الاستراتيجيات التي سمعت أشخاصاً يتحدثون عنها تتمثل في امتلاك أهداف تعلم فصلية، على سبيل المثال. أنت تقول ما هي المهارة الجديدة التي تنوون اكتسابها في هذا الفصل؟ ليس بالضرورة أن يكون أمراً ذا أهمية كبيرة. ليس بالضرورة أن يكون متقناً، كأن تقول سأتقن اللغة الصينية الماندارينية، ويمكن أن يكون شيئاً بسيطاً، كأن تقول إنك تريد تعلم كيفية عمل وحدات المايكرو في برنامج "إكسل" حتى يمكنك تحسين بعض أعمالك المحاسبية. هذا هدف جيد جداً.

أليسون بيرد: ما هي الخطوة الأولى الجيدة لشخص يريد أن يجرب التعلم الفائق، ويبدأ في أحد هذه المشاريع، لكنه يشعر نوعاً ما بالحيرة إزاء الاختيار الذي يتعين أن يركز عليه أو الطريقة التي سيستخدمها في إنجاز ذلك؟

سكوت يونغ: أنصح بالبدايات الصغيرة. أعتقد أنه إذا كان بوسعك البدء باختيار مهارة محددة جداً وعملية جداً تريد تعلمها، قد يعطيك ذلك بعض الأدوات ليس فقط لمعرفة ما الاستراتيجيات الناجحة وأيها لم تنجح لتعلم هذه المهارة المحددة فحسب، وإنما أيضاً لإدارة الذات في كيفية التحكم بوقتك وطريقة تخصيص مساحة في حياتك لتتمكن من اكتساب هذه المهارات وإحراز التقدم ومتابعة نفسك.

أعتقد أنّ الأشخاص الذين يحظون بمعظم النجاحات هم أولئك الذين يركزون دائماً على شيء عملي ومحدد سيكون له أثر عميق في حياتهم. استخدمت مثال وحدات الماكرو في "إكسل"، وهي هذه الأشياء البرمجية الصغيرة التي يمكنك فعلها لتسريع استخدام البرنامج، وهذا شيء إذا استخدمته في جداول البيانات في حياتك، إذا كنت محللاً، وإذا كنت محاسباً، وإذا كنت مسؤول حسابات، فهذا شيء يمكنه أن يجعلك أكثر إنتاجية، وهو ليس معقداً للغاية، وهو شيء يمكنك تعلمه في غضون شهر أو اثنين إن كنت جاداً بهذا الشأن.

لكنه أيضاً شيء لا يتعلمه الكثير من الناس لأنهم لا يعرفون الطريقة إلى ذلك، ويبدو لهم صعباً جداً، وهو يتطلب شيئاً من قبيل المشروع. إنّ هذا مثال جيد على الأمر. لكن يمكن أن يكون شيئاً مثل موضوع محدد له علاقة بالقطاع الذي تعمل فيه. إذا كنت تدخل في مجال الكمبيوتر أو المجال التقني بصفة عامة، فقد تفهم القليل عن كيفية عمل البرمجيات، حتى لو لم تكن تعمل بالضرورة في منصب تقني.

أليسون بيرد: حسناً، أشعر أنك ألهمتني بصورة كبيرة كي أخرج وأتعلم شيئاً ما. إذا لم يكن اليوم، ففي هذا الأسبوع، أو هذه السنة. وآمل أن يفعل المستمعون ذلك أيضاً. شكراً جزيلاً لانضمامك إلينا.

سكوت يونغ: شكراً جزيلاً لك.

أليسون بيرد: كان ذلك سكوت يونغ. مؤلف كتاب "التعلم الفائق: احترف المهارات الفنية، وتفوّق في المنافسة، وتقدّم بسرعة في مسارك المهني" (Ultralearning: Master Hard Skills, Outsmart the Competition, and Accelerate Your Career) وتحدثنا حول تعزيز المسار المهني بشكل صحيح.

هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي، وبدعم فني من روب إيكهارت، ومدير الصوت آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج آيديا كاست المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا أليسون بيرد.

اقرأ أيضاً: الإجابة عن سؤال تحدث عن نفسك

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي