ملخص: يفكر الناس في كل مكان في ترك العمل لكن كيف تقرر ما إذا كان ذلك القرار صحيحاً بالنسبة لك؟ وإذا قررت ذلك، ماذا ستكتب في إشعار المغادرة؟ وكيف ستغادر بصورة مقبولة؟ تجمع هذه المقالة أفضل نصائح هارفارد بزنس ريفيو حول هذا الموضوع وتغطي كل تفاصيله، بدءاً من كيفية إخطار مديرك في العمل إلى فترة الإشعار.
من المؤكد أنك سمعت من قبل عمّا يسمى بـ "الاستقالة العظيمة"، حيث أظهر استقصاء تلو الآخر في الأشهر القليلة الماضية أن الناس في كل مكان يفكرون في ترك وظائفهم. ويبدو أن الجائحة العالمية قد دفعت الكثير منا إلى إعادة التفكير في الهدف من وظائفنا (جهات عملنا)، في حين منحنا سوق العمل القوي حرية إجراء التغييرات.
وإذا كنت من بين ملايين الأشخاص الذين يفكرون في تقديم إشعار بترك العمل، فربما تتساءل عن أفضل طريقة لتقديمه. لحسن الحظ، يُعتبر موضوع ترك العمل من ضمن الموضوعات التي غطتها هارفارد بزنس ريفيو على مر السنين، لذلك، بحثت في الأرشيف لأقدّم لكم أفضل نصائحنا.
تنطوي الخطوة الأولى بالطبع على اتخاذ القرار.
هل أنت مستعد فعلاً للاستقالة من وظيفتك؟
فكّر أولاً فيما يحثّك على إجراء تغيير؛ ربما تشعر بالضيق في منصبك الحالي منذ مدة، أو اكتشفت أنك تُفضل العمل في قطاع أو منصب مختلف، أو تشعر أنك مستعد للعمل بمفردك أو بشكل مستقل (فريلانسر) أو ترغب في بدء عملك الخاص.
لكن كيف تضمن أن يكون الوقت الذي تختاره مناسباً لترك العمل؟ لا ينبغي أن يكون قرارك متسرعاً بالطبع. وتُخبرنا المدربة في مجال العمل بريسيلا كلامان بضرورة أن نسأل أنفسنا عدة أسئلة قبل أن نصل إلى مرحلة الانهيار. تدبّر الأسئلة التالية:
- هل أعمل لصالح المؤسسة المناسبة؟
- هل أشغل الوظيفة المناسبة؟
- هل أعمل في مهنة المستقبل التي أريدها؟
إذا كانت الإجابة عن أي من تلك الأسئلة هي "كلا"، فتلك إشارة لك إلى ضرورة أن تبحث عن فرصة عمل جديدة. يجب أن تبدأ بالتفكير ملياً فيما يحدث في مؤسستك الحالية. ربما لاحظت أن الأشخاص الذين تحترمهم يتركون العمل في الشركة، أو أن الأرباح في انخفاض، أو أن بعض التغييرات تُنفّذ دون سابق إنذار أو مبرر. وقد تكون تلك علامة على أن مؤسستك هي المشكلة، وأن الوقت قد حان لتبحث عن وظيفة مماثلة مع جهة عمل أخرى. قد لا تمتلك أي فرص للتعلم والنمو، أو قد تعمل مع مدير يعيق حياتك المهنية. وقد تشعر أحياناً أن وظيفتك غير مناسبة، وترغب في شغل منصب آخر في إدارة أخرى من شركتك. أخيراً، فكّر فيما إذا كنت مستعداً بالفعل لاتخاذ الخطوة التالية في حياتك المهنية. لكن إذا لم تكن مستعداً لاتخاذها بالفعل، فركز على تعزيز أصولك المهنية لتعدّ نفسك لاتخاذ خطوة جديدة في المستقبل القريب، كأن تعزز سمعتك، أو تطور خبرتك في القطاع، أو تنمي شبكة علاقاتك.
تقول المدربة والمستشارة دوري كلارك إنك قد ترغب قبل تقديم الإشعار في التفكير فيما إذا كان من الممكن معالجة مشكلتك مع مؤسستك الحالية. أي تشجعك على مشاركة مخاوفك مع مديرك. على سبيل المثال، إذا أعلنت شركتك أنه يجب على جميع الموظفين العودة إلى المكتب في حين أنك تفضل مواصلة العمل من المنزل، فيمكنك أن تطلب الحصول على استثناء. قد تنطوي الإجابة على الرفض، ولكن لا يضر أن تسأل قبل أن تقرر ترك العمل. أو إذا كنت قلقاً من عدم وجود مجال للنمو مع جهة عملك الحالي، فاطلب الانخراط في مشروع أو مبادرة تثير اهتمامك أو اطلب الانضمام إلى برنامج تطوير يمكنك أن تتعلم فيه مهارات جديدة.
يمثّل المال سبباً آخر لرغبة كثير من الناس في المغادرة. فإذا كنت تشعر بأنك تتقاضى أجراً منخفضاً، أو أنك اكتسبت مهارات وخبرات جديدة تجعلك شخصاً مطلوباً، فاستفسر عن إمكانية حصولك على زيادة في الراتب، وقدّم حجة منطقية حول سبب استحقاقك زيادة في الراتب.
لن تفيد زيادة الراتب إذا كنت تشعر بالإحباط في العمل كل يوم بالطبع. وتقول الاستشارية ماري أباجاي إنه لا يجب عليك التمسك بوظيفتك إذا كان لديك مدير سيئ أو كنت تعمل وسط ثقافة مضرة: وتضيف: "إذا كنت تخشى الذهاب إلى العمل كل يوم، أو إذا كنت تشعر بانعدام الأمان الجسدي أو العقلي في العمل، أو إذا كنت تقضي كثيراً من الوقت في التفكير في مديرك في العمل أكثر من التفكير في عملك، أو إذا تسلل الضغط الناتج عن العمل إلى حياتك، أو انخفض تقديرك لذاتك، فقد حان الوقت من أجل ترك العمل إذ يجب أن تمنح نفسك الإذن لإجراء تغيير في مهنتك، أي أن تتخلى عن الأمل في أن الأمور في تحّسن، وأن تتغلب على خوفك من الاستقالة".
هل ترغب في العثور على عمل آخر قبل أن تترك عملك الحالي؟
يقول بعض الخبراء إنه لا يجب عليك ترك العمل إلى حين تتاح لك فرصة عمل أخرى. أعتقد أنها نصيحة جيدة، لكنها ليست ممكنة دائماً، خاصة إذا بدأت تفقد صبرك. وبالتالي، إذا كان وضعك المالي يُتيح لك تجاوز فترة البطالة بعضاً من الوقت (كن واقعياً بشأن المدة التي قد تستغرقها تلك الفترة)، فيمكنك تخطي تلك النصيحة.
تقول كلامان إنه يوجد حالتان تستدعيان الاستقالة دون معرفة ما سيحدث لك في المستقبل بالضبط: الأولى هي عندما تتأكد من وجود أعمال غير قانونية أو غير أخلاقية تحدث في مكان العمل وتقلق من أن تؤثر تلك الأعمال عليك بشكل سلبي، والثانية هي عندما تؤثر وظيفتك الحالية سلباً على صحتك وحياتك خارج العمل.
وتقترح أن تضع خطة قبل تقديم الإشعار تتضمن وقت تقديم الاستقالة وكيفية تقديمها (سأورد المزيد عن ذلك فيما يلي)، وهوية الأشخاص الذين ستطلب منهم كتابة رسائل توصية لك، والأهم من ذلك هو أن تذكر ما تود قوله لجهة العمل عن سبب استقالتك.
من يجب عليك إخباره أولاً؟
أبلغ مديرك بمجرد أن تتخذ قراراً بالاستقالة. قد تكون ناقشت الأمر مع بعض الزملاء المقربين بالفعل، لكن لا يجب عليك أن تخبر أي شخص لا تأتمنه على أسرارك. بشكل عام، قد لا ترغب في أن يكتشف مديرك أنك ستترك العمل قبل أن تحظى بفرصة تشرح فيها أسباب تركك العمل. حتى لو كانت علاقتك مع مديرك صعبة بالفعل، تذكّر أنه من المحتمل أن يجري التواصل معه بصفته شخصاً مرجعياً من قبل جهات العمل الجديدة، بمعنى آخر، حاول ترك العمل بعلاقة طيبة مع مديرك.
يقول المؤلف والرئيس التنفيذي رون كاروتشي إنه يجب عليك إخبار مديرك في العمل بمجرد اتخاذك قرار ترك العمل ويُضيف: "قد تشعر بالميل إلى تأجيل الإعلان عن قرارك لأنك لا ترغب في أن تزيد مدى التوتر في البيئة المُجهدة التي يعمل فيها فريقك بالفعل. لكن لا تُعتبر تلك الخطوة ملائمة لأي شخص. وإذا وجدت أن مواصلة العمل دون إخطار مديرك هو أفضل خيار لك، فقد يؤدي تأخير الإعلان إلى مزيد من المخاطرة على صحتك العقلية والعاطفية، أي أنه من الأفضل لك أن تكون صريحاً فقط. ويفضّل معظم المدراء بالفعل الحصول على إشعار مسبق".
ويقدم كاروتشي أيضاً بعض نماذج اللغة المفيدة التي تساعدك على الدخول في صلب الموضوع مباشرة: وجدت بعد كثير من التفكير أن الوقت قد حان لأنتقل إلى الفصل التالي من حياتي المهنية. ويتمثّل هدفي من هذه المحادثة في مناقشة كيفية جعل عملية الانتقال سلسة قدر الإمكان لكلينا.
ما هي الأسباب التي يجب عليك تقديمها؟
أنا من أشد المناصرين لأسلوب التواصل الصادق والصريح. ومع ذلك، قد لا ترغب في هذه المحادثة في مشاركة الحقيقة كاملة، خاصة إذا كنت تنوي ترك العمل لأنك تكره العمل مع مديرك. ولدى كاروتشي نصيحة جيدة في هذا الصدد: "كن واضحاً بأن السبب وراء تركك العمل يتعلق باحتياجاتك المتغيرة وأهدافك المهنية. وتجنب التلميح إلى أي رسائل تشير إلى أن مديرك هو سبب مغادرتك (حتى لو كان هو السبب وراء تركك العمل)، لأنك عندما تلقي باللوم على الشخص الذي تحاول التفاوض معه على نهاية سلمية، فإنك تخاطر بذلك بتدمير علاقاتك معه دون رجعة، في حين أن آخر ما قد ترغب في القيام به هو خسارة مرجع إيجابي، أو الأسوأ من ذلك، حث مديرك على مواصلة الإساءة أو قول أمور غير لطيفة عنك ليغطي عن أفعاله".
وبما أنك لا تستطيع أن تقول: "سأترك العمل لأنني كنت أشعر بالإحباط هنا"، حاول أن تذكر ما تنوي فعله بعد ترك العمل بدلاً من ذلك: كتولي منصب مختلف، أو الدخول في قطاع جديد، أو رغبتك في زعزعة حياتك وتغييرها.
ما هي فترة الإشعار؟
تُعتبر الفترة التي لا تقل عن أسبوعين فترة طبيعية، كما يعلم الجميع. لكن كما توضح الكاتبة ريبيكا نايت، قد تفكر في تقديم عرض البقاء لفترة أطول للمساعدة في عملية الانتقال (وذلك على افتراض أنك لست مضطراً إلى الانتظام في وظيفتك الجديدة بعد). من جهة أخرى، ستعتمد فترة الإشعار الطويلة جزئياً على مستواك في الشركة. كتبت ريبكا: "كلما كنت تشغل منصباً أعلى في مؤسسة ما، استغرقت وقتاً أطول في تحرير نفسك وربما في تدريب الموظف الجديد، لذلك قد تحتاج إلى تقديم إشعار قبل ما يقرب من شهر إن أمكنك ذلك". قد لا ترغب في جعل فترة الإشعار طويلة لئلا يعاملك زملاؤك كشخص غريب، لكن لا ينطبق ذلك على قطاعات أخرى، كقطاع التعليم الذي تُعتبر فترة الإشعار الطويلة فيه هي المعيار. من الناحية المثالية، يجب عليك تقديم وقت كاف حتى لا يشعر مديرك وزملاؤك في العمل أنك تركتهم في مأزق.
ومجدداً، يقدم كاروتشي بعض نماذج اللغة المفيدة في هذا الصدد: أود أن أعبر عن امتناني بدايةً للفرصة التي أتاحتها لي هذه الوظيفة وللزملاء الذين قابلتهم، لكني أود ترك العمل بحلول [اذكر التاريخ]. كيف يمكنني أن أقدّم أقصى فائدة للفريق في أثناء فترة الانتقال؟ ويضيف إنه يجب أن ينصب تركيزك على المساعدة في عملية الانتقال قدر الإمكان: "قد توجد بعض المهام التي لا يمكنك إنهاؤها قبل مغادرتك. لذلك، اعرض أن تفعل كل ما في وسعك للمساعدة في نقل الصلاحيات. إذا كنت قد قبلت وظيفة أخرى بالفعل، فذلك سبب وجيه آخر لأن تتفاوض مع شركتك الجديدة بشأن الحصول على فترة إشعار أطول من فترة الإشعار العادية لمدة أسبوعين، إذ ستمنحك الفترة الأطول مزيداً من الوقت لإجراء انتقال تدريجي وإنهاء أي مشاريع معلقة لدى صاحب عملك الحالي".
ما الذي يجب عليك فعله في الأسابيع القليلة الماضية؟
يجب أن تعمل بعد أن ترسل إشعارك على تحقيق هدفين أساسين: المساعدة في الانتقال السلس لمشاريعك ومسؤولياتك وترسيخ علاقاتك مع الزملاء الذين ترغب في البقاء على تواصل معهم.
قد يعني نقل مهامك إلى الآخرين رغبتك في المساعدة في تعيين بديل عنك أو مجرد محاولة بتعهيد مشاريعك إلى الزملاء الآخرين. حدد مع مديرك في العمل ماهية المشاريع التي يجب تعهيدها وهوية الأشخاص الذين يجب تعهيد تلك المشاريع إليهم. من الجيد أن تكون لديك بعض الاقتراحات، لكن دع مديرك يتخذ القرارات النهائية. وكما تقول ريبيكا نايت، يجب أن يتم ذلك الأمر بالتعاون "مع مديرك في العمل لكي تستغل أيامك المتبقية أفضل استغلال وتنجح في إنهاء الأمور المعلقة". بمعنى آخر، يجب أن يأخذ مديرك السابق وزملاؤك فكرة جيدة عنك بمجرد رحيلك باعتبارك شخصاً مهنياً وعميق التفكير.
يجب عليك أيضاً استغلال بعض الوقت المتبقي للتواصل مع الزملاء؛ اخرج لتناول الغداء أو احتساء القهوة معهم، وكن صريحاً بشأن رغبتك في البقاء على تواصل معهم، وعبر عن امتنانك للفرصة والخبرة التي حصلت عليها. ثم فكّر في إعطاء ملاحظات شخصية لمديرك المباشر وأي موجهين وزملاء مقربين، فقد يساعدك ذلك في ترك انطباع جيد.
ابق على تواصل
من السهل بمجرد أن تنتقل إلى خطوتك التالية أن تركز كل طاقتك على بناء العلاقات الجديدة التي تحتاج إليها، ولكن حاول ألا تفقد التواصل مع زملائك السابقين أيضاً. وتنصح الاستشارية جودي غليكمان قائلة: "حافظ على دفء شبكة علاقاتك من الأصدقاء والزملاء والاستشاريين الموثوق بهم". "إذا كان أداؤك جيداً، أو بنيت علاقات حقيقية أو جدّية مع زملائك، أو حتى اكتسبت مجموعة من المهارات القيمة، فلا تحاول التخلص من كل تلك الخبرة بالتظاهر بأن تلك السنوات من حياتك كأن لم تكن".
سأعترف بأنني معجبة بمقاطع الفيديو التي تحمل عنوان "استقلت" (I Quit) التي نشاهدها عبر الإنترنت، حيث يترك الموظف (الذي تعرض لسوء المعاملة عادة) وظيفته بعد الاستقالة بطريقة مؤثرة. لكن لنكن صادقين، لا تُعتبر تلك طريقة ذكية فيما يخص ترك العمل أو أي منصب. صحيح أنه يجب عليك أن تتخذ أفضل قرار بالنسبة لك، ولكن قد يساعدك ترك انطباع إيجابي في تسهيل عملية الانتقال ويُتيح لك الاستفادة من شبكة علاقاتك في المستقبل.