تنفق الشركات الأميركية ما يربو عن 70 مليار دولار سنوياً على التدريب بمتوسط 1,459 دولاراً لكل مندوب مبيعات – وهو ما يجاوز 20% مما تنفقه على الموظفين في بقية الوظائف الأخرى. ومع هذا، حينما يتعلق الأمر بإكساب فرق المبيعات المعارف والمهارات اللازمة لمهنتهم، تأتي نتائج التدريب لفرق المبيعات مخيبة للآمال. وتشير الدراسات إلى أن الأفراد المشاركين في برامج التدريب التقليدية المبنية على المناهج النظرية ينسون أكثر من 80% من المعلومات التي يتلقونها خلال 90 يوماً.
وعلى الرغم من أن هذه النتائج مقلقة، لا يفترض بنا أن نستغربها بالنظر إلى الطريقة التي تُقدَم بها هذه الدورات التدريبية عادة لمندوبي المبيعات. إذ تجري عملية دمج الموظفين الجدد، على سبيل المثال، خلال جلسة واحدة يفترض فيها أن يستوعب مندوبو المبيعات كميات ضخمة من المعلومات خلال فترة زمنية محدودة. وبعد ذلك يقتصر التدريب الإضافي عادةً على التعريف بالمنتجات الجديدة أو الاجتماعات "الاستهلالية" السنوية لتحديد حصص المبيعات، والتي يتوافد إليها المندوبون كي يتلقوا المعلومات وأوامر التحركات وكي "تشتعل حماستهم" بالاستماع إلى أحد التدريبات أو المتحدثين التحفيزيين (هل من شيء آخر يمكن أن يزيد الأمر سوءاً؟). والأكثر من ذلك أنه في الحالات النادرة التي يُقدَم فيها التدريب بمعدل ثابت ومستمر لا يتلق مندوبو المبيعات عادةً التوجيه أو التقييمات الهامة بشأن أدائهم، حيث يُناقش فيها مدى تطور أدائهم (ولا يقتصر الحديث على التعويضات فقط).
وعلى الرغم من أن التدريب القائم على المنهج النظري، الذي يأتي في صورة البرامج التي تُدرَس في الصفوف والذي يركز على منهجيات البيع وأنشطة مثل إدارةالوقت، له أهميته إلا أنه لا ينبغي أن يُعامل معاملة الركيزة الأساسية للتدريب.
ولرفع معدل كفاءة الموظفين وضمان بقائهم في الشركة يتعين على الشركات أن تقدم برامج التدريب الإضافي لمندوبي المبيعات لديها وقت احتياجهم لها وأن تقدم لهم المواد التكميلية التي تعزز لديهم المعارف التي سبق وأن تعلموها وأن توفر لهم الفرص التي تمكنهم من ممارسة مهاراتهم خلال مواعيد زمنية متناسبة مع عمليات الشراء، كما تحدث على أرض الواقع. ويمكن للشركات تحقيق ذلك عن طريق استخدام نفس التقنيات التي "تزعزع" أنشطة التواصل مع الزبائن مثل تطبيقات الهواتف الجوالة ومقاطع الفيديو التي يتسنى لمندوبي المبيعات مشاهدتها عبر أجهزتهم قبل البرامج التدريبية وخلالها وبعد انتهائها.
فعلاوةً على أن مقاطع الفيديو والتطبيقات توفر المعلومات للمندوبين بطرق أكثر يسراً وقت احتياجهم لها، فهي أيضاً تسهل عليهم فهم المعلومات. فعندما يستمع الإنسان إلى معلومات نظرية لا يظل عالقاً بذاكرته منها سوى 10% بعد مرور ثلاثة أيام، ولكن عندما تضاف الصورة إلى المعلومات النظرية يتذكر الإنسان 65% مما يسمعه.
وفيما يلي بعض الطرق لإدماج التكنولوجيا بشكل أفضل في مجال التدريب:
قبل التدريب. يجب أن يعلم مندوبو المبيعات استراتيجية الشركة ومهمات المبيعات بها ولا يكتفوا بمعرفة منهجية البيع العامة. ويجب أن يتعلموا كيف تؤثر الوظائف الأخرى، مثل إدارة المنتج والتسويق ودعم التطبيقات قبل البيع وخدمة ما بعد البيع، في أنشطة البيع وكيف تتأثر هي بدورها بها. هم ليسوا بحاجة إلى أن يتعلموا كيفية تأدية تلك الوظائف. وإنما هم بحاجة باستمرار إلى التعرف على طبيعة تلك الوظائف وكيفية تأثيرها في العملاء.
لهذا السبب يجب أن يُنظر إلى عملية دمج الموظفين الجدد باعتبارها عملية متواصلة وليست حدثاً يحدث مرة واحدة فقط. ويتحقق ذلك من خلال الدمج بذكاء بين مقاطع الفيديو التي تتوفر لهم أثناء العمل الميداني وعند الطلب والتي يمكن استخدامها في أي وقت وفي أي مكان أثناء إرسالك الرسائل لمندوبيك بشكل مستمر.
استعن بمنصة سيلزفورس كوميرس كلاود (Salesforce Commerce Cloud). لكي تستكمل الشركة "معسكرات التأهيل" الربع سنوية للموظفين الجدد، حيث تستخدم المنصة عبر الهواتف الجوالة لتمكين مندوبي المبيعات من الحصول على المحتوى الذي يهمهم وتحديد وضع المنتجات وتبادل الرسائل. وكما ذكرت إحدى المندوبات الجدد، جعلتها مقاطع الفيديو على علم وبسرعة بكل المستجدات فيما يخص تبادل الرسائل مع الشركة وقصص العملاء. ونتيجة لذلك، شعرت أنها على قدر أكبر من التواصل مع سيلزفورس كوميرس كلاود وعلى ثقة أكثر في معرفتها بالمؤسسة التي ستعمل بها وبمهمات المبيعات التي تخصها قبل بداية عملها بالشركة.
أثناء التدريب: كي يتمكن المندوبون من اكتساب مهارات سلوكية جديدة، يجب عليهم أن يمارسوا نفس السلوك مرات عديدة قبل أن يتمرسوا فيه ويصبح السلوك ذا فاعلية. ويجب أن يكون مرتبطاً بمهمة يتولونها. فإذا شعر المندوب بالتحفيز قبال صفقة بيع معينة، سيتملكه دافع أكبر للتعلم. بعبارة أخرى، كي يحقق التدريب نتائج فاعلة يتعين عليك أن تقدمه للموظف وقت احتياجه إليه.
ويمكن أن تساعدك التكنولوجيا على تحقيق ذلك من خلال إتاحة الفرص لمندوبي المبيعات باستمرار لتعلم المحتوى الذي يمكن الاطلاع عليه باستخدام الهاتف الجوال المعد خصيصاً لاحتياجاتهم. ويساعد هذا النهج المندوبين، عند دمجه مع برامج التدريب التقليدي، على تحويل الحقائق النظرية الخاصة بعملية البيع والسوق والمنتج الذي يعرضونه إلى عروض مترابطة الأجزاء ونماذج سلوكية.
فشركة باسيفيك لايف إنشورانس كومباني (Pacific Life Insurance Company)، التي تبيع عقود التأمين وعروض التقاعد والصناديق الاستثمارية للمستشارين الماليين عبر مندوبي البيع بالجملة الميدانيين، تقدم لهم التوجيه عبر الفيديو. وهو ما يسمح لمندوبي المبيعات لديها بتسجيل ممارسات البيع الخاصة بهم ومشاركتها مع مدراء المبيعات الإقليميين الذين يقدمون بدورهم الآراء التقييمية عبر أجهزتهم المتنقلة في الوقت والمكان الذي يحتاج المندوبون إليها فيه. وهو ما يساعد الشركة على تعزيز أندر مواردها وهو: وقت المقابلة المباشرة مع الاستشاريين.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على كل مندوب مبيعات أن يلقي بياناً لتحديد وضع منتج استثماري ما باستخدام مقطع فيديو مدته خمس دقائق. ثم يختار مدراء المبيعات الإقليميون أفضل مقاطع الفيديو ويستخدموها كنماذج على عروض البيع الجذابة. الأمر الذي يشجع مندوبي المبيعات على تنقيح عروضهم وأفضل ممارساتهم، عوضاً عن ارتجالها، كما يحافظ على استمراريتها، ويعزز الثقة لدى مندوبي المبيعات ويرفع كفاءتهم ويؤسس عملية تطوير مستمرة.
بعد التدريب. يتحسن مستوى مندوبي المبيعات، شأنهم شأن سائر المهنيين، من خلال تحديد الجوانب المحددة التي يجب عليهم تحسينها ثم تلقي التقييمات الواضحة بشأن أدائهم. إنّ التقييمات أمر حيوي لجعل الناس يتخذون التصرفات السليمة ويتخلصون من العادات البالية أو العادات السيئة ويحددون الأولويات، ولتوضيح المسؤوليات التي يتحملها المندوب مقابل تلك التي يتحملها المدير أو الشركة، وكلها عوامل رئيسة من أجل قيادة مبيعات فاعلة.
ويمكن للتكنولوجيا أن تساعد على تسهيل التواصل مع مدراء المبيعات الأكفاء. فشركة باسيفيك لايف على سبيل المثال تواجه تحدياً يزداد شيوعاً وهو: كيف يمكن لمدراء المبيعات أن يوجهوا قوى المبيعات الموجودة في مناطق جغرافية متفرقة مع تقليل الوقت المستقطع من العمل الميداني بهدف تخصيصه للتدريب؟ وأتاحت إمكانية التوجيه باستخدام فيديو الهاتف الجوال لمدراء المبيعات الإقليميين تقديم التوجيه لمندوبي المبيعات دون الحاجة إلى أن يكونوا في نفس المنطقة الزمنية معهم. كما مكنتهم من تحديد مكامن الضعف لدى المندوبين وتحسين طريقة عرضهم لمعلوماتهم بدلاً من تدريبهم على ممارسة العروض أمام الاستشاريين.
ونحن، بخلاف كثيرين في يومنا هذا، لا نقصد المبالغة في قوة التكنولوجيا. فالبيع لا يمكن اختزاله في مقطع فيديو على موقع يوتيوب مدته دقيقتين أو في حديث يدوم 17 دقيقة على منصة تيد (TED). والمدراء الذين لا يمكنهم تقديم التوجيه وتقييمات الأداء أو يمتنعون عنها لن يحققوا نتائج فعالة بصرف النظر عن التقنيات التي يستخدموها. وحيث أن الشركات تنفق بالفعل المبالغ الطائلة على تدريب مندوبي المبيعات، تكمن فاعلية التدريب في كيفية إنفاقها لذلك الوقت والمال، لا على الكم.
اقرأ أيضاً: مهارات مندوب المبيعات