تقرير خاص

كيف مكّن نموذج الأعمال المبتكر شركة ثقة من تحقيق الريادة التقنية في المملكة؟

10 دقيقة
شركة ثقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لطالما ضمنت البداية المبكرة لصاحبها مكاناً متقدماً في السباق، وفي عصر الثورة الرقمية، تبوأت المؤسسات التي اتخذت قرار مواكبة التقنيات الحديثة وتبني مبادرات التحول الرقمي في وقت ربما اعتقدت منافساتها أنه تضييع للوقت والموارد مركزاً متقدماً في السباق.

بالعودة بالزمن إلى الوراء قليلاً، وتحديداً في عام 2012، لم يكن تطبيق التقنية في الخدمات الحكومية خياراً سهلاً للمؤسسات في المملكة العربية السعودية لعدة أسباب، مثل التكلفة المرتفعة لتطبيق هذه التقنية، وفي المقابل كانت الميزانية المخصصة لهذا النوع من الأعمال مختلفة من مكان إلى آخر، وكذلك لم تكن طريقة عمل شركات التقنية الموجودة في ذلك الوقت مناسبة للقطاع الحكومي بسبب تعارض طريقة عمل الجهات التقنية مع الجهات الحكومية، وعدم فهمها لبيئة الأعمال المحيطة بما فيها التشريعات والقوانين.

في هذا الوقت، فكرت وزارة التجارة والصناعة السعودية، التي أصبحت الآن وزارة التجارة، في ابتكار طريقة مختلفة لتطبيق التقنية في أعمالها بهدف أن تصبح أكثر كفاءة من ناحية الإنفاق وكذلك من ناحية خدمة العملاء، لتظهر إلى العلن شركة ستتربع لاحقاً على قمة الشركات التقنية بالمملكة، وهي شركة ثقة التي بدأت بتقديم خدماتها لوزارة التجارة، قبل أن تتوسع لتقديم خدماتها إلى العديد من الوزارات والهيئات في القطاعين العام والخاص.

بدأت شركة ثقة في 2012 وسط العديد من التحديات، بعضها يتعلق بشكل سوق الخدمات التقنية حينها ومدى استعداد المؤسسات للتحول الرقمي، وبعضها يتعلق بالموارد المالية والبشرية، غير أنها استطاعت في أقل من عشر سنوات تقديم أكثر من 60 منتجاً رقمياً ، مع 100 شريكاً، وخدمة أكثر من 10 ملايين مستفيد. كانت كلمة السر في هذه المسيرة هي الابتكار، وليس المقصود هنا الابتكارات التقنية، بل الابتكار في العقلية وطريقة التفكير والحلول من خارج الصندوق، إذ ابتكرت نماذج أعمال جديدة للتكيّف مع التحديات، وأعادت تشكيل مفهوم الخدمات التقنية بصورة أوسع. وفيما يلي، سنتعمق في الحديث عن شركة ثقة بدءاً من تأسيسها، وخدماتها، والتحديات التي واجهتها، وكيف تغلبت عليها، وكيف ساعدتها البداية المبكّرة، وكيف تأثرت برؤية المملكة 2030؟

بداية صعبة تتحوّل إلى نقطة قوة 

انطلق قادة ثقة متحمسين لهذه الفكرة الريادية، ولا سّيما في ظل حاجة السوق السعودية إليها ورغبتهم في تغيير شكل الخدمات الحكومية في المملكة، وشرعوا في استقطاب أبرع مهندسي التقنية، ووقعوا عروضاً مع نحو 32 مهندساً في أول أسبوعين، ليتفاجؤوا بعدها بضخ رأس مال الشركة البالغ مليون ريال سعودي فقط (260 ألف دولار)، وهو رقم قليل للغاية، إذ كان دفع رواتب هؤلاء المهندسين والتكاليف المرتبطة بالتوظيف سيستهلك ما يقرب من 70% من رأس مال الشركة في الشهر الأول فقط.

وعلى الرغم من البداية الصعبة، من الواضح أن هذا التحدي كان يمثل شرارة، لتبني عقلية جديدة ونموذج عمل مبتكر تماماً سيتحول فيما بعد لإحدى نقاط القوة التي تتمتع بها الشركة، إذ وجد المؤسسون أنفسهم أمام خيارين، إما البدء بهذه الطريقة وهكذا ستجد الشركة نفسها أمام خيار صعب من الشهر الثاني، أو إيجاد طريقة أخرى لإدارة الأمور.

قرر القادة إشراك المهندسين في الأمر، فأخبروهم بالموقف كاملاً، وخيّروهم بين الاستمرار أو المغادرة مع دعمهم في العودة إلى وظيفتهم السابقة إذا اختاروا المغادرة، وبالفعل غادر 50% من هؤلاء الموظفين، وبدأت الشركة أعمالها بالمهندسين المتبقيين في مايو 2012، لتبدأ رحلة إعادة تصميم الخدمات الحكومية، وإعادة تعريف الحلول التقنية التي ابتكرتها ثقة.

في العام نفسه، وتحديداً في سبتمبر 2012، خرج أول منتج للنور، وهو تسجيل العلامة التجارية في المملكة العربية السعودية، الذي يُمكّن المنشآت والأفراد من تسجيل العلامات التجارية إلكترونياً ونشرها، وهذه العملية كانت تأخذ وقتاً يصل إلى شهور، بين تقديم الطلب وقبوله واعتماده وسداد رسوم العلامة وتسجيلها، بالإضافة إلى عشرات الزيارات إلى الجهات الحكومية المعنية ذهاباً وإياباً، لذلك، صممت ثقة حلاً تقنياً يمكّن المستفيد من تسجيل علامته التجارية ونشرها من مكانه، لتصبح الخدمة الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، والتي أسهمت في تطوير التجارة في المملكة وتسهيلها وحفظ حقوق العلامات التجارية، سواء كانت لمؤسسة أو لفرد أو لوكيل.

وبالفعل في عام 2013، بلغ عدد العلامات التجارية المُسجلة 14.6 ألف علامة تجارية بزيادة 69% عن العام السابق له، وفي عام 2014 بلغ عدد طلبات التسجيل والنشر 19.6 ألف طلب بفضل هذه الخدمة، وفقاً للتقرير السنوي لوزارة التجارة.

إعادة مفهوم تقديم الحلول الذكية

غيّرت شركة ثقة مفهوم تقديم الحلول الذكية، إذ لا تقتصر فقط على تقديم الحل التقني، إنما إعادة تعريف العمليات بأكملها، فلا تقف حلول ثقة على تصميم التقنية أو تحويل عملية ورقية إلى حل مؤتمت على سبيل المثال، إنما تتدخل حتى في تهيئة كل من البيئة التشريعية والتطويرية، حيث إن مهندسي التقنية ليسوا فقط هم جانب القوة في ثقة، وإنما هناك أيضاً مطورو الأعمال ومستشاروها الذين يمكّنون القادة من فهم التشريعات القائمة ونماذج الأعمال الحالية والخروج بنماذج أعمال مبتكرة ممكنة بالتقنية.

عمل المؤسسون بشركات متنوعة في القطاعين العام والخاص، وأدركوا التحديات التي تواجهها الشركات مع شركات التقنية في الخروج بحلول، فلاحظوا اختلاف أولويات الجهات المشرعة عن أولويات الجهات التقنية، فخرجوا بحل مبتكر، وهو تقديم الحلول الذكية بمفهومها الواسع.

تُعد خدمة الموثّق التي طورتها ثقة مع وزارة العدل مثالاً دقيقاً على كيفية عمل الحلول الذكية، إذ كانت خدمات التوثيق مثل نقل ملكية عقار أو إصدار وكالة أو إفراغ عقاري أو توثيق عقود الشركات تحدُث بطريقة تقليدية ورقية عبر زيارة الأماكن المعنية مثل زيارة مكاتب العدل.

وكان الحل الذكي الذي طورته ثقة، هو إعادة تعريف مفهوم التوثيق بالكامل، وليس مجرد نقل العملية من عملية ورقية إلى إلكترونية، إذ طورت ثقة آلية جديدة تماماً، بحيث تمنح الوزارة التراخيص إلى أفراد مؤهلين لإجراء عمليات التوثيق في أي وقت وأي مكان دون التقيد بمكان أو ساعات عمل، ما تطلّب تغييرات في اللوائح والتنظيمات وإجراءات العمل الداخلية، وهو ما عملت عليه وزارة العدل، لتمكين المستخدم النهائي من طلب الخدمة؛ أي يحدد الخدمة التي يريدها، ثم يحدد المدينة، ومن ثم يختار الموثّق الأقرب إليه، ليحضر إليه ومعه جهازه ويجري كل العمليات التوثيقية في أي وقت وأي مكان.

سهّلت خدمة الموثّق، التي كانت أولى الخدمات التي خصخصتها وزارة العدل، العملية على المستفيد النهائي وخفّفت العبء على وزارة العدل، وأتاحت فرصاً وظيفية للموثقين والموثقات، ما يعد تجسيداً للمفهوم الواسع للحلول الذكية في ثقة عبر تقديم القيمة لأطراف متعددة باستخدام التقنية ونماذج عمل جديدة، ووصل عدد الموثقين والموثقات الى4600 موثق وموثقة وبلغ عدد العمليات مليوني عملية توثيقية في جميع انحاء المملكة العربية السعودية .

يمكن الاستعانة هنا بمثال آخر على كيفية عمل الحلول الذكية وهو منصة الخدمات المالية الإلكترونية اعتماد، وتُعد واحدة من قصص نجاح شركة ثقة مع وزارة المالية، وتقدم العديد من الخدمات لمختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد لتمكين التحول الرقمي لتلك الخدمات، ورفع الشفافية والكفاءة، وتسهيلاً لإجراء الخدمات المالية وخدمات المشتريات الحكومية.

حينما انطلقت رؤية المملكة 2030، تحملت وزارة المالية ضغطاً كبيراً للخروج بموازنات فعّالة تمكّن التحول الوطني، ما دفعها إلى ضرورة البحث عن حل يمكّنها من تغيير طريقة عملها التقليدية لتلبية الطلبات الكثيرة من الجهات المختلفة، إذ تطلبت كل مبادرة تحوّل إلى استثمار وتمويل، ووقع كل ذلك على عاتق وزارة المالية.

كانت طريقة العمل التقليدية في المناقصات الحكومية تجري كالآتي: يُعلن عن المناقصة في صحيفة، ومن يطّلع عليها من شركات القطاع الخاص يقدم عروضه في مظاريف، وبعد مرحلة المفاوضات تستقر الجهة الحكومية على إحدى شركات القطاع الخاص التي تقدم بدورها عشرات الشهادات والأوراق ومن ثم تبدأ مرحلة التعاقد والالتزام بصرف المستحقات للمورد بحسب بنود العقد، إذ يوجد نحو 450 جهة حكومية، وعشرات الآلاف من الموردين، ما يجعل المهمة بالغة التعقيد على وزارة المالية.

كان الحل المقترح من ثقة هو تقديم حل تقني يغير أسلوب عمل المناقصات وطريقة التفاعل، وهي منصة اعتماد التي سهلت من عملية طرح المناقصات الحكومية بشتى أنواعها في مكان واحد، بحيث يمكن للموردين والمقاولين الراغبين بالعمل مع الجهات الحكومية على الاطلاع على جميع المناقصات الحكومية بشفافية تامة، فلا يحتاج الموردين إلى المتابعة اليومية أو أن تكون على تواصل مع أشخاص في الجهات الحكومية لتعرف عن المناقصة، ما ضاعف عدد الموردين المتنافسين، فارتفعت جودة العروض، وانخفضت تكلفة التنفيذ، إلى جانب تسهيل عملية التواصل ورفع الكفاءة، حيث يعي كل طرف الموازنة، والمبلغ المصروف، والمتبقي، وهكذا وللعلم فقط حتى وقتنا الراهن حسب الموقع الإلكتروني للمركز الوطني  لنظم الموارد الحكومية بلغ عدد المستخدمين المنصة أكثر من 160 ألف مستفيد بالإضافة الى وصول عدد المنافسات المطروحة الى اكثر من 400 الف منافسة بعقود وتعميدات فاقة 550 الف تعميد وعقد.

نموذج أعمال مبتكر يتغلب على مقاومة التغيير 

لم يكن رأس المال هو التحدي الرئيس الوحيد في هذا الوقت، إنما أيضاً مقاومة التغيير في المؤسسات التي ترى الاستثمار في التحوّل الرقمي أو حتى أتمتة خدماتها رفاهية غير ضرورية، لذلك كان تقديم نموذج عمل جديد حلاً أمام قادة ثقة للتغلب على هذا التحدي.

ارتكز نموذج العمل الجديد على تقديم الخدمة كاملة مجاناً تماماً للمؤسسة، بدءاً من عرضها، وتطويرها وتشغيلها، وتفعيلها، وحتى تسويقها، وبعد التأكد من سير العملية بسلاسة وتقديم الخدمة بطريقة ميسرة للمستفيد، يتم  تشغيل وتطوير وصيانة المنصة عبر رسوم مرتبطة بالاستخدام، ما يجعل هذا النموذج فعالاً جداً وأيضاً مستدام، فمن وجهة نظر الجهة الحكومية، فلن يكون هناك أي تكاليف، وفي المقابل تتكلف شركة ثقة بكل التكاليف لتصميم المبادرات التقنية وتشغيلها، ثم تبدأ بتحصيل القيمة عن طريق المنصة، بعد التأكد من عمل المبادرة ونجاحها.

نجاح نموذج العمل الجديد، وهو نموذج المشاركة بالأعمال، يركّز على ثلاث ركائز أساسية وهي تقليل التكلفة المالية، وسهولة الحصول على الخدمة، بالإضافة إلى التواصل الفعّال، حيث يتميز نموذج العمل بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص في الخدمات الرقمية بمرونة نطاق العمل، وكفاءة الإنفاق، وتعزيز شعور المسؤولية بتقديم الخدمات الرقمية بجودة وكفاءة عالية، إلى جانب العمل على التحسين المستمر لها. ويرتكز النموذج على المدة الزمنية لإدارة الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى المشاركة بالدخل المالي لتعزيز كفاءة الإنفاق وحقوق الملكية الفكرية لتعزيز الاستثمار الرقمي بالمنتجات.

وينبغي على القطاع الخاص حيال العمل على نموذج المشاركة بالأعمال فهم احتياجات المستفيد وتحسين التواصل بشكل مباشر، والعمل على ابتكار خدمات إضافية لتحسين تجربة المستفيد وتطويرها، ويعود النموذج على القطاع العام برفع كفاءة الأعمال وابتكار خدمات بجودة عالية وتعزيز التنمية المستدامة لتحقيق تميُز عالمي في التحول الرقمي.

قد لا يكون النموذج مناسباً لكل الأعمال بين القطاعين العام والخاص، ولكن ينبغي العمل على المشاركة في جعل الخدمات الرقمية تصل إلى التميز العالمي من خلال توسيع نطاق العمل وتحسين تقديم الخدمات الرقمية بكفاءة وجودة عالية على مدار المدة الزمنية المحددة.

رؤية المملكة 2030: نقطة تحول في أعمال الشركة 

أُعلن عن رؤية المملكة 2030 بتاريخ 25 أبريل من عام 2016، فإذا بالمؤسسات تتسابق مع الزمن لتحقيق مستهدفات الرؤية التي يعد التحوّل الرقمي إحدى ركائزها الرئيسية، لتبدأ حقبة جديدة في عمل شركة ثقة.

فمنذ تأسيس شركة ثقة في 2012 وحتى قبل انطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016، أطلقت الشركة منتجين فقط في خمس سنوات لصالح وزارة التجارة، ولكن في السنوات الخمس التالية للرؤية، أطلقت الشركة 60 منتجاً؛ أي حققت 30 ضعف منتجاتها، إذ دفعت الرؤية الجميع نحو الإنجاز.

لم تكن فترة سهلة أيضاً لشركة ثقة، إذ تضخم كل شيء فجأة، ما قاد الشركة إلى التعثر في مواعيد التسليم أحياناً، فبعد رؤية المملكة 2030، ازداد اعتماد الحلول الرقمية في تقديم الخدمات والمنتجات، لتصل نسبة التعاملات الإلكترونية في القطاع الخاص إلى نحو 75.9% من الإجمالي، بحسب تقرير “الاقتصاد الرقمي في المملكة” الصادر عن غرفة الرياض، وتصدرت المملكة إقليمياً واحتلت المرتبة الثالثة على مستوى العالم في مؤشر نضج الحكومة في البنك الدولي 2022، إذ رقمنت أكثر من 6,000 خدمة حكومية، تمثل 97% من إجمالي الخدمات الحكومية.

خدمات الأعمال: ضمانة تقديم قيمة مستدامة إلى الشريك 

مع تزايد عدد الشركاء لدى شركة ثقة، خاصة مع مفهوم الشركة الواسع للحلول الذكية، كان لا بُد من حل فعّال لمساعدة ثقة في خدمة شركائها بشأن تقديم قيمة مستدامة، وهنا تظهر قيمة خدمات الأعمال لتقديم خدمة شاملة للشركاء على كافة المستويات والأصعدة.

إذ تقدم شركة ثقة حلولاً تقنية يصاحبها العديد من خدمات الأعمال المصاحبة لعملية التحول الرقمي، مثل استقطاب الكفاءات المتميزة، وخدمات إدارة المشاريع، والخدمات الاستشارية، وتشغيل الحلول الرقمية، لضمان اكتمال تحول المنظومة الرقمية.

تكتفي غالبية شركات التقنية بتسليم الحل الرقمي إلى العميل، الذي لا يملك بالضرورة ما يكفي من المواهب للارتقاء إلى مستوى بعض المواقف المعقدة، وهنا يأتي دور شركة ثقة التي تضمن تشغيل الحل الرقمي لشركائها بفضل فريقها المكوّن من أفضل المهندسين والاستشاريين المتخصصين، لضمان تقديم خدمة مستدامة إلى الشركاء.

ويمكن الاستعانة هنا بمنصة إحكام التابعة للهيئة العامة لعقارات الدولة، إذ ساعدت ثقة الهيئة في رقمنة العمليات الخاصة بها مثل استقبال طلبات تملُك العقارات وتعديلها، فبعدما قدمت ثقة حلاً رقمياً متكاملاً، ساعدت عملية التشغيل التي نفذتها ثقة في تسريع عملية معالجة الطلبات المقدمة للمواطنين بعشرين ضعفاً، إذ كانت تتلقى في بداية العمل 70 ألف طلب في عام، لتصل إلى أكثر من مليون و500 ألف طلب في عام. ويعود هذا النجاح إلى تقديم الحل الرقمي مدعوماً بحلول تشغيلية تضمن كفاءة العمل التشغيلي، خاصة أن فريق التشغيل كانت لديه خبرة في كل من القطاع العقاري والجغرافي.

التمحور حول العميل قيمة أساسية في رحلة ثقة

إحدى القيم الأساسية التي تقود الشركات إلى تحقيق النجاح والحفاظ على الشركاء، هي تقديم خدمة ترتكز حول الشريك، وهي قيمة أساسية من قيم العمل في ثقة، إذ تبدأ رحلة ثقة مع الشريك منذ بداية التواصل ووضع القادة أنفسهم مكان الشريك، مروراً بتشغيل المنتج، وتقديم خدمات الدعم الفني؛ أي أن العلاقة بين ثقة وشركائها لا تنتهي مثل رحلة ثقة مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.

واجهت الهيئة تحدياً كبيراً تمثّل في سلامة المنتجات الاستهلاكية القادمة من الخارج إلى السعودية، والتأكد من مطابقتها للمواصفات السعودية، فما كان من ثقة إلا أن وضعوا أنفسهم مكان الهيئة، لتظهر هنا قيمة التعاطف (empathy) التي يتحلى بها القادة في ثقة، ليخرجوا في النهاية بأحد أنجح منتجات ثقة، سابر، الذي يضمن بطريقة مبتكرة تطابُق جميع المنتجات، وهو ليس فقط الحل الأجدى تقنياً، إنما يحمل فعلاً العبء عن الهيئة ويضمن لها تطبيق الآليات اللازمة لضمان سلامة المنتجات للمستهلك النهائي.

يبحث فريق الأعمال في ثقة عن كل الفرص المتاحة في السوق والمبادرة في الحديث مع أصحاب المصلحة لتطوير حلول مبتكرة بعد العديد من جلسات العصف الذهني و هناك الكثير من المنتجات الرقمية التي تعمل عليها ثقة وتطورها وفق أحدث التقنيات وأعلى مستويات الجودة من قبل فريق الأعمال بعد دراسة وبحث عن حلول المشكلات في السوق

خلق بيئة عمل جاذبة للمواهب 

تصنف الشركات الكبيرة التقليدية العثور على مواهب رقمية على أنها أحد أكبر التحديات التي تواجهها اليوم، ولكن الندرة لم يكن تحدياً أمام ثقة، إنما كان التحدي الذي تضعه ثقة نصب عينيها في أثناء تعاملها مع المواهب، هو ارتفاع تطلعاتهم، لذلك، تدمج الشركة التحدي وفرص التطور السريع مع المتعة في بيئة العمل، لضمان جذب أفضل المواهب، خاصة مع ارتفاع عدد موظفيها إلى أكثر من 900 موظف.

تملك شركة ثقة ثلاث ركائز رئيسة لاستبقاء موظفيها يُطلق عليها “هرم ثقة”، وهي خلق التحديات المستمرة وإيجاد غاية للعمل، وخلق ثقافة شركة جيدة، وأخيراً المنافع المادية، ما مكّنها من الحصول على جائزة أفضل بيئة عمل خلال 2023.

  • قمة الهرم (التحدي المستمر): تملك ثقة محفظة أعمال متنوعة تتفرع في كل القطاعات تقريباً، ما يخلق بيئة عمل تلبي تطلعات الكوادر الموهوبة في الشركة، وتحفزها على الابتكار، ولا سيما مع ربط الابتكار بتأثير حقيقي في المجتمع. إذ يخبر قادة ثقة موظفيهم بأن أفكارهم الجديدة التي يطرحونها ليس فقط من أجل مؤشرات الأداء الرئيسة لهم وإنما قد تسهم في تحسين المجتمع وقطاعاته المختلفة، وتحسين تجربة المواطن والمقيم، وتسهيل حياته، وضمان حقوقه.
  • منتصف الهرم (ثقافة الشركة): استطاعت ثقة إرساء ثقافة جاذبة للموظفين، عبر تعزيز الارتباط الأسري والألفة، وابتكار أنظمة مراقبة الأداء بمرونة عالية بين الموظف ومديره إذ يستطيع كل فريق اختيار آليتي الإدارة والتفاعل وفقاً لراحة أفراده، وتعزيز تقبل الفشل، وغيرها من القيّم التي تتيح للجميع المشاركة باتخاذ القرار.
  • قاعدة الهرم (المنافع المادية): حرصت شركة ثقة أيضاً على إتاحة عناصر التحفيز المادية مثل التأمين الصحي الشامل والأنشطة الترفيهية، ومثال ذلك هو برنامج التدريب العائلي، باعتباره أحد المنافع المعنوية والمادية المميزة، الذي يتيح تدريباً صيفياً في الشركة لأقارب الموظف من طلاب المراحل المتوسطة أو الثانوية أو الجامعية يتعرف من خلاله على بيئة العمل، ويستكشف المسارات المهنية المختلفة، فربما تقود ساعة واحدة يقضيها المتدرب في ثقة إلى تغيّر مفهومه عن مساره المهني المستقبلي”.

تحرص ثقة على جذب المواهب من أنحاء المملكة كافة، إذ لا تكتفي بالطرق التقليدية، حيث أنها نجحت في توظيف مجموعة من الشباب من خريجي جامعات موجودة في المدن الصغيرة، مثل جامعات طيبة وأم القرى والطائف، وكانت النتيجة هي توظيف مواهب استثنائية، وكانت هذه الممارسة جزءاً من الارتباط الذي تصنعه ثقة مع جميع أطراف المجتمع.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة ثقة، أيمن الفلاّج، إن ثقة بدأت بنصف الطاقم الوظيفي الذي تحتاج إليه ومنتج واحد وجهة حكومية واحدة ورأس مال محدود جداً لتصل في أقل من 10 سنوات إلى 900 موظف و60 منتج وأكثر من 100 شريك بالقطاعين الحكومي والخاص ويصل أثرها إلى 26 دولة، ولا تزال لديها طموحات توسعية في تقديم الحلول الذكية على المستويين الإقليمي والعالمي بفضل سعيها دوماً إلى الابتكار ووضع قواعدها الخاصة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .