نصائح قيّمة تُساعدك في تحقيق الأمان الوظيفي

4 دقيقة
الأمان الوظيفي
unsplash.com/Andrew Neel
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بات من الثابت أن سوق العمل تتغير باستمرار، ففي كل عام تظهر مجموعة من التحديات التي تُلقي بظلالها على طبيعة الوظائف وكيفية استقطاب المواهب. ومع هذه التغيرات المتسارعة يتخذ مفهوم الأمان الوظيفي أبعاداً جديدة تتطلب عدم التركيز على فرصة وظيفية محددة تضمن البقاء والصعود في مسار مهني واحد داخل الشركة نفسها.

أدى ظهور الذكاء الاصطناعي، والعودة إلى العمل من المكتب، والتركيز المتزايد على اندماج الشركات في مسارات التنمية المستدامة عبر مبادرات التنوع والشمول والمساواة والإسهام في مواجهة التغير المناخي، إلى زعزعة سوق العمل، وبحسب أبحاث شركة غارتنر (Gartner) سيخلق ذلك توجهات جديدة بعيدة عن ثقافة العمل التقليدي من الساعة التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً، والعمل 5 أيام في الأسبوع، إذ أصبح كل من المرونة والاستقلالية من أولويات الموظفين لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية والشعور بالأمان الوظيفي.

وتشير الأبحاث إلى اتجاه شركات مثل جوجل ودلتا للطيران وزوهو نحو التوظيف القائم على المهارات بدلاً من الشهادات الأكاديمية، إذ تراجعت النسبة المئوية للوظائف التي تشترط الحصول على شهادة جامعية من 51% في عام 2017 إلى 44% في عام 2021، وكشفت الدراسات أيضاً عن ربط تقييم الموظفين واستمرارهم في العمل بحجم إنتاجيتهم والقيمة المضافة التي يقدمونها إلى بيئة العمل، إذ يستمر الموظفون ممن لا يحملون مؤهلات علمية في وظائفهم لفترة أطول بنسبة 34% مقارنةً بغيرهم من أصحاب الشهادات العلمية.

تغيير يخلق المزيد من الفرص

ومع التحديات التي قد يواجهها الموظفون في ظل هذه التغيرات والمتطلبات المتجددة؛ فإنها في الواقع من أقوى الحوافز التي تُبقي أصحاب الكفاءات متأهبين دائماً لكل جديد لئلا يطيلوا البقاء في منطقة الراحة فيخرجوا من مضمار المنافسة على المواهب، وكي لا يمضي الكثير من الوقت دون تحديث المهارات والقدرات الشخصية وتطويرها باستمرار خاصة في ظل العصر الرقمي الذي يتيح المصادر التي تدعم كل من يرغب في مواصلة النمو الذاتي في مختلف المجالات. لذا، فإن النظر من زاوية مختلفة قد يرينا المشهد باعتباره رحلة في النمو المستمر، ويمكن تسميته بـ “استدامة النمو”.

تدفع استدامة النمو الموظف إلى التفكير بعقلية رائد الأعمال الذي لا يهدف إلى تحقيق الربح فقط بل أيضاً إلى الحفاظ عليه وتعظيمه من خلال تعزيز مكانته في السوق والثبات في وجه المتغيرات وتنمية الحصة السوقية، وهذا لا يحدث دون استدامة في التطوير، وكذلك لا يحدث دون نمو في العوائد.

لذا، فإن هذه التحولات في سوق العمل لا تعني صعوبة ضمان المستقبل الوظيفي بل تعني أن الأدوات والوسائل لتحقيق ذلك قد تغيرت لتتناسب مع المرحلة الجديدة في عالم الأعمال والتحديات التي تواجهها الشركات، وهنا نقترح 4 وسائل لتحقيق نمو مستدام ومستقبل مهني أكثر أماناً وأوفر فرصاً للمهنيين وأصحاب الكفاءات:

1. بناء الهوية الرقمية

المقصود بالهوية الرقمية هو ذلك الانطباع الذي يكوّنه الشخص عن نفسه بناءً على ما ينشره في حساباته في منصات التواصل وما يقدمه للآخرين عن تجاربه وخبراته وإنجازاته وقيمه.

عند الحديث عن المسار الوظيفي والتطور المهني، تبرز منصة لينكد إن في مقدمة الأدوات التي تتيح الوصول إلى فرص العمل وتوسيع شبكة العلاقات المهنية، لكن علينا معرفة كيفية استخدامها لجذب انتباه الشركات بما يعزز مستقبلنا المهني.

وباستخدام منصة تضم أكثر من مليار مستخدم في أكثر من 200 دولة من بينهم أكثر من 65 مليون صانع قرار، نحن بحاجة إلى معرفة كيفية تقديم أنفسنا بأفضل طريقة وأكثرها استدامة وفاعلية من خلال سرد مسيرة مهنية متماسكة وموجزة تضمن لنا تحقيق النجاح.

بطبيعة الحال، بناء الهوية الرقمية لا يعني بالضرورة تحويل الحسابات الشخصية في المنصات الرقمية كافة إلى حسابات مهنية ودائمة النشاط في مجال التخصص، ولكن الفكرة هنا هي تعزيز الحضور الرقمي الفعّال عبر أكثر من منصة.

2. تنمية العلاقات المهنية

بالنظر إلى سوق العمل المتغيرة باستمرار، فإن قيمة الشبكات المهنية ستنمو أكثر من أي وقت مضى وفقاً لشركة ديلويت، ونحو 80% من الشواغر الوظيفية سيُملأ عبر العلاقات الشخصية المهنية والتزكيات. ولا نتحدث هنا عن المعنى السلبي لتقديم العلاقات على الكفاءات، بل عن المغزى الإيجابي الذي يركز على توسيع شبكة العلاقات الشخصية المهنية من أجل الوصول إلى صناع القرار في الشركات، وزيادة الفرص التي تمكن الاستفادة منها في أسرع وقت ممكن.

لذا من المهم أن يكون للشخص حضور في المؤتمرات والمعارض والأندية والفعاليات المجتمعية ذات الصلة، وبناء علاقات فعالة مع زملاء المهنة وصناع القرار خارج إطار الشركة التي يعمل بها، فكل علاقة مهنية جديدة هي إسهام في تعزيز الأمان الوظيفي أكثر.

كما يجب أن يستعد الشخص لترك انطباع أولي إيجابي عن نفسه، وأن يعرف كيف يسوِّق لنفسه جيداً وفي أقل وقت ممكن، ومن هنا جاءت فكرة حديث المصعد.

3. التعلم المستمر أسلوب حياة

التغير المستمر في الأدوات والتقنيات ومنهجيات العمل، سيقابله بالنتيجة احتياج القوى العاملة نفسها إلى التغير المستمر في المهارات والخبرات والقدرات لتتلاءم مع التطور في عالم الأعمال. فالتعلم مدى الحياة أصبح ضرورة وميزة تنافسية مستدامة في عالم الأعمال، وبات المرشحون للوظائف أو الموظفون الذين يهتمون بتطوير مهاراتهم وتحسينها هم أصحاب الأداء الأعلى، خاصة على المدى الطويل.

مع توافر مصادر التعليم المتاحة للجميع، بأقل الجهد والتكاليف، يجب توخي الحذر والدقة في تحديد المهارات المناسبة التي يجب التركيز عليها واكتسابها باستمرار وبطرق منهجية، وقد تساعد مصفوفة 2×2 القائمة على الوقت والمنفعة في ذلك. فالتباين الكبير بين الدورات التعليمية والتدريبية وعدم اتساقها في مسار واضح قد يوحي لجهات العمل بعدم وجود هدف مهني محدد بما ينعكس سلباً على الأمان الوظيفي.

4. تعدد الأوراق الرابحة

خلق الإنترنت فضاء واسعاً للعمل والتعلم، في أي وقت وأي مكان، وفي حقبة ما بعد جائحة كوفيد-19 بدأ صانعو السياسات بإعطاء الأولوية للوصول العادل إلى البنية التحتية الرقمية، ودراسة طرائق جديدة تناسب العدد المتزايد من العمال المستقلين.

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد العاملين التقليديين بدوام كامل الذين يعتقدون أن العمل المستقل أكثر أماناً من العمل التقليدي قد زاد على نحو ملحوظ خلال السنوات الأربع الماضية.

وعليه، بات يمتلك الفرد العديد من الأوراق الرابحة التي يمكن الاعتماد عليها في بناء مستقبل مهني مستدام، وأصبحت لديه القدرة على تكييف مؤهلاته لتتناسب مع فرص النمو المتاحة عبر الإنترنت بما لا يتعارض مع الواجبات اليومية الرئيسية؛ من مختلف فرص العمل الجزئي وفرص العمل الحر عبر الإنترنت سواء كانت في مجال التخصص والخبرة أو بالاستفادة من مهارات عامة.

إن اتباعك لهذه الوسائل الأربع قد يجعلك قادراً على التحكم بمسارك المهني ومواجهة العقبات التي قد تعترض أمانك الوظيفي، كل ما عليك فعله هو تطبيقها باستمرار وفاعلية لتحافظ على كفاءتك وقدرتك على التكيف مع أي تغيير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .