ملخص: عندما يغادر الأبناء منزل العائلة ليستقلوا بحياتهم، تتغير حياة الأبوين العاملين فجأة وتفقد الروتين الذي ينظمها، ما يزعزع استقرارهما في المنزل والعمل على حد سواء. من الشائع أن يحزن الأبوان عندما يغادر أبناؤهما المنزل؛ لعل مغادرتهم أتتك بغتة، إذ لم تكن تتوقعها في هذا التوقيت، وباتت حياتك الآن خاوية، فكيف تملؤها؟ إذا غادر أبناؤك المنزل (أو كانوا سيغادرون قريباً)، فهذه المقالة تقدم لك أسئلة واستراتيجيات تساعدك على إعادة تشكيل حياتك ووضع هدف جديد لها على المستويين الشخصي والمهني.
لا شك في أنك ستواجه أحداثاً فارقة ونقاط تحول خلال مسيرتك المهنية قد تحملك على إعادة تقييم المسار الذي تسلكه، ومن الأحداث الفارقة التي تؤثر في الآباء العاملين مغادرة الأبناء للمنزل. عندما يغادر الأبناء منزل العائلة للالتحاق بالجامعة أو للاستقلال بحياتهم، تختفي العادات الروتينية التي تنظّم الكثير من جوانب الحياة الأسرية، مثل الأنشطة الرياضية والألعاب والحفلات الموسيقية والمناسبات المدرسية الخاصة، وهلُّم جراً؛ فيمَ ستمضي هذا الوقت بعد مغادرتهم؟ قد يؤدي التغيير المفاجئ وفقدان نظام الأسرة الروتيني إلى زعزعة حياتك في المنزل والعمل على حدٍّ سواء.
من الشائع أن يحزن الأبوان عندما يغادر أبناؤهما المنزل؛ ربما مغادرتهم أتتك بغتة، إذ لم تكن تتوقعها في هذا التوقيت وباتت حياتك الآن خاوية، فكيف تملؤها؟ طرح هذا السؤال بحد ذاته يثير في النفس مشاعر تحتاج إلى علاج حقيقي.
إذا غادر أبناؤك المنزل (أو كانوا سيغادرون قريباً)، فإليك بعض الاستراتيجيات التي ستساعدك على إعادة تشكيل حياتك ووضع هدف جديد لها، على المستويين الشخصي والمهني.
افسِح المجال للتفكير في المستقبل
لست مضطراً للانتظار إلى أن يغادر أبناؤك المنزل للتفكير في كيفية تنظيم حياتك، ابدأ التفكير في هذا التحول قبل 5 أعوام. أطلق العنان لخيالك للتفكير في السؤال الآتي: كيف ستبدو حياتك دون أبناء في المنزل؟ ثم فكر في التفاصيل وحدد ما تريد أن تبدو عليه حياتك بناءً على اهتماماتك وأهدافك المهنية.
جرّب هذه الطريقة: اذهب إلى مقهى مرةً في الأسبوع وخذ معك ورقة وقلماً فقط، مارس العصف الذهني لتوليد الأفكار حول احتمالات حياتك المستقبلية. لا تُحضر معك أي جهاز تكنولوجي، وأطلق العنان لخيالك وسجّل أفكارك بالقلم والورقة؛ ستكون جودة أفكارك مختلفة عما لو استخدمتَ أجهزة رقمية. استغل هذا الوقت للتفكير في أحلامك لحياتك المستقبلية بصورة عامة ومحدَّدة.
خصص وقتاً لإعادة ضبط حياتك
قد تشعر بالأسف على ظروفك الجديدة وتتحسّر على الوقت الذي أمضيته مع أبنائك؛ بل قد تشعر بالممانعة إذا كنت ترفض حدوث هذا التغيير (على مستوى الوعي أو اللاوعي). إذا لم تخطط مسبّقاً لهذه المرحلة، فقد تشعر بالحيرة بشأن كيفية شغل وقت فراغك، ما الفرصة التي يتيحها وقتك الإضافي؟
للإجابة عن هذا السؤال، خذ لحظة لإعادة ضبط حياتك، وكن واعياً بالحاضر. وهنا تكمن المفارقة؛ فلكي تبدأ التفكير فيما هو قادم عليك أولاً أن تدرك اللحظة الحالية، لا تستسلم للتشاؤم بشأن المستقبل، وركّز على كل يوم وكل لحظة كما هي حتى لو كان عقلك يريد الانتقال سريعاً إلى المستقبل؛ تبنَّ مزيجاً من الفعل وعدم الفعل إذ تتوضح لك رغباتك.
قاوم الحاجة إلى التحكم في كلّ جوانب وقت فراغك المتاح مؤخراً، حاول أن تتخلى عن السيطرة لترى ما سيحدث بالمصادفة. على سبيل المثال، كان أحد العملاء الذين دربتهم يسافر للعمل، وبدلاً من العودة إلى مدينته مباشرة بعد الاجتماعات كان يمدد رحلته ويذهب لزيارة معرض فني بصحبة عميله. كان الوقت الذي يقضيه في حيّز إبداعي خارج مقر العمل يجدد نشاطه ويساعده على توطيد علاقته مع عميله الجديد وتوليد أفكار جديدة. عندما تستقر أحوالك وتصبح قادراً على تحديد ما تريده في هذه المرحلة الجديدة، فكّر فيما تريد حدوثه في حياتك على الصعيدين المهني والشخصي.
ركّز على التطوير المهني
الآن بعد أن أصبح لديك وقتٌ إضافي، كيف تريد المضي قدماً في حياتك المهنية؟ أنصح العملاء بدراسة الخيارات الآتية:
فكّر في الدورات التعليمية أو شهادات الاعتماد التي يمكن أن تساعدك على التقدم في حياتك المهنية.
هل لديك فجوة في المعرفة أو المهارات؟ هل منعك ضيق الوقت من المضي قدماً في هذا المجال؟ يمكنك اغتنام الوقت الإضافي للحصول على أحدث المعلومات عن المهارات الأساسية في قطاعك.
قررت إحدى رئيسات الموارد البشرية اللاتي عملت معهن تخصيص مزيد من الوقت للقراءة بمجرد مغادرة أبنائها المنزل؛ إذ أعدّت قائمة بالكتب التي لطالما أرادت قراءتها وبدأت مطالعتها فاكتسبت معرفة عميقة في مجالها إلى جانب ممارسة هواية ممتعة.
أعِد النظر في مراجعات العمل وتقييمات الأداء بطريقة 360 درجة التي حصلت عليها سابقاً.
هل تلاحظ في البيانات نقاطاً مشتركة؟ هل تلاحظ المجالات التي يمكنك العمل عليها؟ انظر إلى الماضي كي تتمكن من التقدم؛ فهو يحمل رؤى ثاقبة حول خطوتك التالية.
على سبيل المثال، نظرت إحدى عميلاتي في مراجعات أدائها وتقييمات الأداء بطريقة 360 درجة من زاوية تعتمد على مواطن القوة، واكتشفنا أنها كانت تستمتع بإعداد برامج المساعدة في تعزيز الثقافة المؤسسية وقيادتها وتجيد التعامل مع هذه البرامج، فقررت بناءً على ذلك التحدث إلى الرئيس التنفيذي للمؤسسة حول بعض أفكارها وتوصياتها. وبإضافة هذا العمل إلى قائمة مهامها، استطاعت بناء المهارات اللازمة لتحويل مسار عملها إلى هذا المجال.
هل حان الوقت لإجراء تغيير محوري أو تجربة شيء جديد؟
ربما تستمتع بالتدريس أو التطوع لإلقاء بعض المحاضرات في الكلية المحلية ويخلق فيك نوعاً من الشعور بالإنجاز، لا تُقبِل على التغيير المكثَّف دفعة واحدة، بل فكر في القيمة التي يمكن أن تضيفها إلى حياتك وسعادتك بتغيير اهتماماتك أو إضافة أنشطة جديدة إلى جدولك.
ربما كنت ترغب في بدء عمل تجاري جانبي، فما الخطوة الأولى نحو تنفيذ هذا المشروع الجديد؟
كان أحد القادة الذين عملت معهم يحتفظ بسجل للأنشطة التي تثير اهتمامه، وأنشأ أيضاً قائمة برفاقه الذين غادر أبناؤهم منازلهم ويرغب في التواصل معهم من جديد بعد أن أصبح لديهم جميعاً مزيد من وقت الفراغ، فوجد عميلي أنه يستمتع بمشاركة الخبرات معهم، وأن محادثاتهم أثارت أفكاراً لأنشطة تمكن إضافتها إلى سجله.
قد يتطلب التفكير في خطوتك التالية التعمق في معرفة ذاتك أكثر ممّا اعتدت عليه، فكّر في الاستعانة بمستشار مُؤتَمَن أو صديق محل ثقة لمساعدتك على تحديد رغباتك واحتياجاتك.
أعِد تقييم اهتماماتك الشخصية
عندما تفكر في إعادة صياغة حياتك العملية، فكر في السؤال الآتي: ما الأنشطة غير المرتبطة بالعمل التي ستعزز تطورك وتزيد متعتك؟
ابدأ بالتحقق من اهتماماتك الأساسية: فكر في أهدافك قبل 20 عاماً، ماذا كانت رؤيتك لحياتك؟ اسأل نفسك عما تحب أن تمضي وقتك فيه (وليس ما تشعر بأنه "يجدر بك" فعله). قد تكون الإجابة "ممارسة تمارين اليوغا" أو "محاولة تعلم ركوب الخيل"، واستكشف الأفكار التي تنشأ نتيجة لذلك. يمكنك أيضاً إعادة النظر في هوايات الطفولة، هل يمكنك التوصل إلى طريقة جديدة لاستئناف إحداها؟
استعرض جوانب حياتك كلها وقيّم رضاك عن جانب بعينه، قد تتمثل أهم الأمثلة التي تجب مراعاتها في الصداقات والصحة والعمل والسفر. انظر إلى الجانب الذي ربما تكون قد أهملته وابدأ تقييم خطوتك التالية، إذا شعرت بأن هذه القائمة أربكتك فمارس التمارين الرياضية؛ لأنك ستفكر على نحو أوضح بعد ممارسة الرياضة.
تؤدي مغادرة الأبناء لمنزل الأبوين إلى إتاحة قدر كبير من وقت الفراغ والطاقة الذهنية الإضافية، ما قد يضعك أمام الكثير من الخيارات وربما يصيبك بحالة من الشلل الفكري. ولكن تذكَّر ما يلي: خذ ما يكفي من الوقت لتحديد خطواتك التالية، ليس من الضروري أن تكون لديك خطة مثالية جاهزة لكل من حياتك الشخصية والمهنية، كل ما عليك هو أن تفكر ملياً فيما تحب فعله وتقبّل أنك ستشهد بعض التقلبات في هذه المرحلة الانتقالية، لكن يمكنك التعامل معها واغتنام الفرص العديدة التي تلوح في الأفق.