تنطوي القيادة على إدارة التغيير، ولكن ما الذي يجب على القائد فعله عندما يواجه مقاومة واسعة النطاق للتغيير؟ يمكن أن تتخذ مقاومة التغيير أشكالاً عديدة، تتراوح بين المماطلة والتقاعس عن العمل إلى الانخراط في أعمال بسيطة من التعطيل المتعمد وحتى معارضة التغيير علانية وبقوة. النهج الأكثر فعالية للقادة الذين يديرون التغيير هو تحديد المصادر الشائعة والمتوقعة للمقاومة في كل موقف ووضع استراتيجيات لمعالجتها. فيما يلي المصادر العشرة للمقاومة التي لاحظت أنها الأكثر شيوعاً.

فقدان السيطرة

يتعارض التغيير مع الاستقلالية ويمكن أن يولّد لدى الموظفين شعوراً بفقدان السيطرة؛ لا يقتصر فقدان السيطرة هذا على المواقف السياسية حيث يتعلق الأمر بمن هم في مناصب قيادية، فغالباً ما يكون إحساسنا بذواتنا وبقدرتنا على التحكم في أفعالنا وقراراتنا أول جانب نشعر أننا نخسره عندما نواجه تغييراً محتملاً يفرضه الآخرون علينا. لمعالجة هذه المشكلة، يجب أن يتيح القادة الأذكياء للمتأثرين بالتغيير اتخاذ القرارات من خلال إشراكهم في التخطيط له وجعلهم شركاء فيه مسيطرين عليه.

المستوى العالي من عدم اليقين

إذا بدا التغيير مثل السير في الظلام نحو الهاوية، فسيرفضه الموظفون بالتأكيد. يفضّل الموظفون الاستمرار بمعاناتهم على تبنّي تغيير يقودهم نحو المجهول، فالإنسان بطبيعته يتمسك بما يعرفه ويرفض ما يجهله ولو كان المجهول أفضل. يتطلب التغلب على القصور الذاتي شعوراً بالأمان ورؤية ملهمة عن المستقبل، لذلك يجب على القادة رفع درجة الاطمئنان والثقة في عملية التغيير من خلال خطوات وجداول زمنية واضحة وبسيطة.

التغييرات المفاجئة وغير المتوقعة

عندما تُفرض القرارات على الموظفين فجأة دون منحهم وقتاً للتكيف أو الاستعداد، فسيقاومونها عموماً، فالأسهل دائماً رفض التغييرات بدلاً من قبولها. يجب على القادة تجنب الميل نحو صياغة التغييرات سراً ثم الإعلان عنها فجأة، ومن الأفضل تقديم فكرة التغيير تدريجياً من خلال التمهيد لها والسعي للحصول على آراء الآخرين وملاحظاتهم حولها.

يبدو أن كل شيء قد تغيّر

يهدف التغيير إلى تقديم شيء جديد مختلف، ولكن ما درجة هذا الاختلاف؟ البشر مجبولون على العادات الروتينية، إذ تصبح العادات سلوكاً تلقائياً، لكن التغيير يعطّله بطرق مزعجة أحياناً، إذ يمكن أن تؤدي الاختلافات الكثيرة إلى تشتيت الانتباه أو الارتباك. لذلك يجب على القادة محاولة تقليل عدد الاختلافات غير ذات الصلة التي يؤدي إليها التغيير الرئيسي، والحفاظ على الألفة حيث أمكن ذلك في أثناء عملية التغيير، بالإضافة إلى مواصلة التركيز على الجوانب المهمة، وتجنب التغيير من أجل التغيير فقط.

فقدان ماء الوجه

ينطوي التغيير بطبيعته على الابتعاد عن الطرق السابقة. قد يتخذ الأفراد الذين ارتبطوا بطرق سابقة لأداء المهام -لم تعد تجدي نفعاً أو استُبدلت في سياق التغيير- موقفاً دفاعياً عنها. عندما ينطوي التغيير على تحول كبير في الاتجاه الاستراتيجي، يخشى الأفراد الذين كانوا مسؤولين عن الاستراتيجية السابقة من أن يُنظر إليهم على أنهم مخطئون أو فاشلون. يمكن للقادة مساعدة هؤلاء الأفراد على الحفاظ على ماء وجههم من خلال الاحتفاء بالجوانب القيّمة من الأساليب أو الاستراتيجيات السابقة، وتوضيح أن التغييرات ناتجة عن تحولات في الظروف الخارجية وليس عن إخفاقات شخصية. تسهل هذه الاستراتيجيات على الأفراد قبول التغييرات والمضي قُدماً.

مخاوف بشأن الكفاءة

يشكك الأفراد عند التغيير في قدراتهم ويشعرون بعدم الكفاءة. على سبيل المثال، قد يعبّر الموظفون عن شكوكهم حول نجاح إصدار البرنامج الجديد، أو حول جدوى التحول إلى الصحافة الرقمية في التحسين، ولكنهم في الحقيقة يشعرون بالقلق من أن تفقد مهاراتهم قيمتها وأهميتها. يجب على القادة توفير قدر كبير من الطمأنينة والدعم لمعالجة المخاوف المتعلقة بالكفاءة، وذلك من خلال توفير معلومات كافية وإتاحة التدريب والتعليم والتوجيه وأنظمة الدعم الأخرى. من المفيد وجود فترة انتقالية، حيث يعمل النظامان القديم والجديد معاً لتسهيل عملية التغيير وتقليل المخاوف بشأن الكفاءة.

التغيير الذي يؤدي إلى عمل إضافي

نأتي هنا إلى التحدي المشترك: التغيير يتطلب دائماً عملاً إضافياً. غالباً ما يواجه الأفراد الأكثر انخراطاً في عملية التغيير، مثل من يعملون على تصميمه واختباره، أعباء عمل ثقيلة تفوق طاقتهم، ومن أسباب ذلك المشكلات غير المتوقعة التي تنشأ في أثناء عملية التغيير، وفقاً لقانون كانتر الذي ينص على أن كل شيء يمكن أن يبدو كأنه فشلٌ في منتصف العملية. يجب على القادة الاعتراف بالعمل الشاق الذي ينطوي عليه التغيير من خلال السماح لبعض الأفراد بالتركيز عليه فقط، أو تقديم امتيازات إضافية للمشاركين (مثل الوجبات أو خدمة ركن السيارات أو الاستراحات)، ويجب عليهم مكافأة المشاركين وتقديرهم مع عائلاتهم أيضاً التي غالباً ما تقدم تضحيات غير مرئية.

التأثيرات المتموجة

مثل رمي الحصى في بركة ماء، يولد التغيير تموجات تصل إلى مناطق بعيدة في دوائر تتسع باستمرار. تؤدي التموجات إلى زعزعة المعنيين المختلفين، مثل الأقسام الأخرى والعملاء الرئيسيين والأفراد البعيدين عن المشروع، ما يدفعهم إلى اتخاذ موقف سلبي ومقاومة التغييرات التي لا علاقة لهم بها وتتعارض مع أنشطتهم الخاصة. يجب على القادة توسيع نطاق اهتمامهم ليشمل مجموعة أكبر من أصحاب المصالح عند التخطيط للتغيير وتنفيذه، وبعبارة أخرى، يجب عليهم النظر في جميع الأطراف المتأثرة بالتغيير مهما كانت بعيدة والتعاون معها لتقليل الزعزعة.

المظالم العالقة

مظالم الماضي جاهزة دائماً للظهور من جديد والتأثير فينا؛ ما دامت الظروف مستقرة تظل هذه المظالم مخفية، ولكن في اللحظة التي تحتاج فيها إلى التعاون في مساعٍ جديدة أو مختلفة، تظهر من جديد وتفتح الجروح القديمة، وتذكّرنا بمشاعر الاستياء السابقة، التي تعود أحياناً إلى أجيال عديدة. يجب على القادة بذل الجهود لمعالجة مظالم الماضي قبل الشروع في رحلة التغيير نحو المستقبل.

يمكن أن يشكل التغيير تهديداً حقيقياً

ننتقل الآن إلى مناقشة الجوانب الأصعب من التغيير، بما فيها تأثيراته العاطفية وتداعياته على الاستراتيجية. يُقاوَم التغيير لأنه يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية. على سبيل المثال، عندما تحل التكنولوجيات الجديدة محل القديمة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض الوظائف وانخفاض الأسعار وتقويض الاستثمارات. عندما تشكّل التغييرات التي يسعى القادة لتنفيذها تهديداً كبيراً، فأفضل مسار لعمل القادة هو التزام الصدق والشفافية والسرعة والإنصاف في أفعالهم. على سبيل المثال، من الأفضل إجراء عملية تسريح واحدة واسعة النطاق للموظفين مع دعم كبير للمتضررين بدلاً من إجراء عمليات تسريح متتالية.

على الرغم من أن القادة لا يستطيعون دائماً دفع الموظفين للشعور بالراحة تجاه التغيير، لكن يمكنهم اتخاذ خطوات للتخفيف من أثره المزعج. تبدأ الخطوة الأولى نحو التوصل إلى حلول فعالة لإدارة المقاومة بتحديد مصادرها، كما أن الآراء التي يقدمها مَن يعارضون التغيير يمكن أن تكون مفيدة في تحسين طرق اكتساب القبول للتغيير.