البطاريات الخمس لطاقة الإنسان ودور العادات الصغيرة في شحنها

4 دقيقة
طاقة الفرد

ملخص: خلال السنوات القليلة الماضية، تركز الاهتمام مجدداً على الاحتراق الوظيفي، وهو حالة جسدية ونفسية خطِرة تتطلب الاهتمام والرعاية. لكنّ التركيز الضيق على الاحتراق الوظيفي يتجاهل جزءاً رئيسياً آخر أقل وضوحاً لكن بالقدر نفسه من الأهمية لرفاهة الفرد وصحته، وهو الحفاظ المستمر على مستوى طاقة الفرد، لا سيما في مواجهة التحديات اليومية التي يواجهها القادة. يحدد المؤلفون 5 مصادر رئيسية للطاقة تشبه البطاريات، وهي البطاريات الجسدية والعقلية والعاطفية والروحية والاجتماعية. بمجرد تحديد البطاريات التي تنفد منها الطاقة ومعرفة سبب ذلك، يمكنك تنفيذ عادات صغيرة تساعدك على إعادة شحنها واستعادة نشاطك.

كان أنور عضواً في فريق تنفيذي مكلف بقيادة عملية إعادة تنظيم كبيرة لقسمه، وكان يواجه ضغوطاً كبيرة لتحقيق النتائج المرجوة. على الرغم من التوتر والضغوط وعبء العمل، كان أنور يستمتع بعمله وكان متحمساً لإحداث تغيير إيجابي.

لكنه بدأ تدريجياً يواجه صعوبة في الحفاظ على مستوى الطاقة المطلوب لإنجاز مهامه بنجاح. أصبح من السهل أن ينزعج بسبب بعض الأمور البسيطة، واستغرق وقتاً أطول لتجاوزها واستعادة حماسه المعتاد في العمل. كان دائماً يرى نفسه شخصاً مرناً وقادراً على التكيف والتعامل مع المواقف الغامضة والمعقدة والمحفوفة بالمخاطر. تساءل أنور عمّا كان يحدث.

شهدت السنوات الأخيرة تركيزاً متجدداً على رفاهة الموظفين وصحتهم والعلاقة بين المشكلات المؤسسية التنظيمية والاحتراق الوظيفي. الاحتراق الوظيفي هو حالة جسدية ونفسية خطِرة، تتطلب الاهتمام والرعاية.

لكن من خلال عملنا مع عملائنا التنفيذيين، وجدنا أن التركيز الضيق على الاحتراق الوظيفي يتجاهل جزءاً رئيسياً أقل وضوحاً لكن بالقدر نفسه من الأهمية لرفاهة الفرد وصحته، وهو الحفاظ اليومي والمستمر على مستوى طاقة الفرد في مواجهة التحديات اليومية التي تواجه القادة وتعوق تحقيق النتائج.

غالباً تتشابه العلامات الأولى لانخفاض طاقة الفرد اليومية مع تجربة أنور. تشمل الأعراض قلة الصبر في مواجهة التأخيرات أو الأخطاء، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الشك في الذات. لاحظنا تحول نقاط قوة العملاء، مثل الصراحة واللباقة والحذر، إلى نقاط ضعف، مثل الانفعال والخوف والتسويف. حتى الأمور البسيطة تتحول إلى ضغوط مزمنة. تؤثر الضغوط المزمنة أحياناً في جودة النوم، وتزداد وتيرة التعرض لنزلات البرد أو نوبات السعال، بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون فترة الراحة في عطلة نهاية الأسبوع كافية لاستعادة النشاط والحيوية اللازمين لبداية الأسبوع الجديد.

يمكن أن يشعر القادة الذين نعمل معهم بالتردد في التعامل مع تأثيرات هذه المشكلات، لاعتقادهم أن هذه المشكلات طفيفة ولا تشكل تهديدات أو تأثيرات ملموسة. يرى القادة أن الأمر لا يتعلق بالاحتراق الوظيفي، لذلك، يشعرون بأنه يجب عليهم فقط امتصاص هذه الضغوط وتحملها، على حد تعبير أحد المسؤولين التنفيذيين الذين تحدثنا إليهم.

لكننا نرى ذلك من زاوية مختلفة. يُمثل الحفاظ على مستوى مستقر من الطاقة على مدار اليوم، حتى عندما لا يبدو الأمر قريباً من التعرض لخطر الاحتراق الوظيفي، عنصراً أساسياً للحفاظ على الأداء المتميز والنجاح في ظل وتيرة العمل المكثفة المتوقعة من القادة اليوم.

لا تقتصر الطاقة على الجانب البدني أو النفسي فحسب، بل إنها تتضمن عدة جوانب وأبعاد. استناداً إلى خبرتنا على مدى 25 عاماً (مع الاستفادة من أعمال المؤلف توني شوارتز وغيره من الباحثين)، حددنا 5 "بطاريات للطاقة" تؤثر على صحة القادة ورفاهتهم:

  • البطارية الجسدية: تشير إلى الصحة البدنية والحيوية. يشكل النوم والحركة والتغذية العوامل الرئيسية التي تشحن هذه البطارية؛ وأي مشكلة في هذه العناصر سيؤدي إلى استنزافها بسرعة.
  • البطارية العقلية: تتضمن الوضوح والتركيز والمرونة الفكرية. تُشحن عادةً من خلال ممارسة اليقظة الذهنية أو تعلم موضوعات جديدة، وتستنزفها ضغوط العمل والمطالب المتواصلة والمقاطعات المستمرة التي تشتت الانتباه.
  • البطارية العاطفية: تتعلق بالإبداع والذكاء العاطفي والانضباط الذاتي. يُعاد شحن هذه البطارية من خلال ممارسة الأنشطة الممتعة، أو الهوايات التي تعيد الحيوية، أو الممارسات الإبداعية، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، وتُستنزف من خلال الاضطرار إلى إدارة النزاعات أو إعادة التفكير في الأحداث المؤلمة.
  • البطارية الروحية: تشمل التحفيز والشعور بأهمية الهدف. تمكن إعادة شحن هذه البطارية من خلال قضاء الوقت في الطبيعة، أو المشاركة بأعمال تطوعية، أو ممارسة الشعائر الدينية أو العبادات، أو الانخراط في الأنشطة التأملية الذاتية. في ضوء تجربتنا، تُعد هذه البطارية غالباً أمراً مفروغاً منه في عالم الأعمال (أي لا حاجة للعناية بها).
  • البطارية الاجتماعية: تشمل العلاقات الشخصية والمهنية. تُشحن من خلال الأنشطة الاجتماعية، مثل قضاء الوقت مع الأصدقاء والزملاء (خارج إطار أنشطة العمل التقليدية)، بالإضافة إلى القدرة على السفر بحرية وأمان. تُستنزف هذه البطارية عندما لا نشعر بالأمان في المكان الذي نعيش فيه، أو عندما نعمل في بيئات تفتقر إلى التقدير، أو عندما نشعر بالقلق بشأن سلامة أحبائنا.

على الرغم من تداخل الحدود بين هذه البطاريات، فإن فهم مستوى الطاقة في كل منها يساعدك على تقييم احتياجاتك بسهولة وسرعة أكبر. من خلال فحص مستوى كل بطارية، يمكنك فهم العوامل التي تؤدي إلى شحنها أو استنزافها بطريقة أوضح وأدق. إذا كنت تواجه صعوبات في مجالات معينة، يمكنك طرح الأسئلة التالية: "كيف تسهم عاداتي في تعزيز مستويات طاقتي؟" "ما أفضل الأنشطة لاستعادة طاقتي وشحنها بسرعة؟" "ما الذي يستنزف طاقتي بسهولة أكبر؟" "ما السلوكيات التي يمكنني ضبطها وتعديلها؟" "ما الذي يجب عليّ أن أقبله في الوقت الحالي؟"

وفقاً لتجاربنا مع عملاء مثل أنور، نلاحظ عادة أن بطارياتهم الجسدية والعقلية هي الأكثر استنزافاً، لذلك، تجب إعادة شحنها. على سبيل المثال، يواجه كثير من عملائنا تحديات بسبب نمط حياتهم الخامل نتيجة قلة الحركة، ما يؤدي إلى التشتت الذهني في نهاية اليوم بعد قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات.

لذلك، نقترح على عملائنا تحديد عادات صغيرة أو نشاطات هادفة يمكنهم الالتزام بممارستها بانتظام لإعادة شحن بطارياتهم المستنزَفة. على سبيل المثال، لإعادة شحن البطارية الجسدية، يمكن لشخص مثل أنور اختيار صعود السلالم واختيار أبعد موقف لركن السيارة لزيادة عدد خطواته اليومية، بدلاً من الالتزام بممارسة التمارين الرياضية 3 مرات أسبوعياً.

يمكن أن تؤدي هذه التعديلات الصغيرة إلى نتائج مؤثرة. بالنسبة لأحد العملاء، أدى قراره المتمثل في أخذ فترات استراحة قصيرة طوال اليوم إلى توفير رؤى حول قابلية تفويض بعض المهام، وتحديد المهام التي تتطلب اهتمامه المباشر، ما أدى إلى تحسين دقة قراراته وقدرته على مواكبة التغيرات السريعة في عمله والتكيف معها. وجد عميل آخر أن الاستماع إلى تأملات مدة 5 دقائق في أثناء ركوبه القطار إلى العمل كل صباح ساعده على التركيز والاستعداد لمواجهة تحديات العمل.

من خلال اعتماد هذا النهج، استعاد عملاؤنا ثقتهم في قدرتهم على التعامل مع تحديات الحياة، سواء تلك التي يمكنهم التأثير عليها وتغييرها أو تلك التي يضطرون إلى قبولها (مثل الحالات الصحية المزمنة أو عمليات إعادة الهيكلة التي تحدث في العمل).

عندما نشعر بالإحباط في حياتنا المهنية، سواء بسبب تأخر الردود، أو بسبب مكالمة مؤجلة، أو انتهاء اجتماع دون اتخاذ قرار واضح، يكون من الضروري إجراء تقييم لتأثير ذلك على مستويات الطاقة لدينا من أجل إعادة شحن البطاريات. على الرغم من أن هذه الحوادث قد تبدو بسيطة، فإنها تؤثر على الجسم والعقل؛ إذ ترفع مستويات الكورتيزول وتقلل الموارد المعرفية والعاطفية.

إن زيادة المرونة اليومية تساعد على تحقيق الرفاهية اليومية، كما تساعد القادة في الحفاظ على فاعليتهم في الأزمات والمواقف الحرجة من خلال بناء المهارات اللازمة لإدراك مستوى طاقتهم ومعرفة كيفية الحفاظ عليها في مستوياتها المثالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي