7 أسباب تفقدك اهتمام الآخرين بحديثك

4 دقائق
shutterstock.com/Rafael Prioli

قبل أيام من مقابلة عمل مهمة للحصول على وظيفة تمنيتها منذ 10 أعوام، رتبت جميع أفكاري، وكتبت كل ما يمكنني التطرق إليه في هذه المقابلة، يغمرني الحماس، وأنا على يقين بأنني سأبذل كل ما بوسعي، فالأمر يتعلق بحلمي وتحقيق ذاتي. جاء الموعد المنتظر، وها أنا ألتقي بمثلي الأعلى، الذي لا يعرف عني سوى سيرتي الذاتية. كنت على وشك الحديث معه عن طموحي، ومدى تطلعي للانتماء إلى فريق العمل، وكل أفكاري المرتقبة للتنفيذ، حينما أيقظني صوتي المرتجف وحماسي المبالغ فيه من حلمي في أهم لحظات حياتي المهنية.

وعلى الرغم من شغفي الكبير بالعمل، أفقدني حديثي اهتمام الآخرين بالإنصات لي، وشعرت أن الدقائق دامت كالساعات وكأنني أتحدث في غرفة فارغة مع نفسي فقط. فهل مررت بتجربة مشابهة؟

يعدّ التحدث أمام الآخرين من الممارسات شبه اليومية، فأنت في مرحلة ما ستكون على موعد مع التحدث عما يدور في ذهنك، سواء كنت مضطراً لتقديم نفسك إلى غرفة مليئة بالأشخاص، أو إجراء مقابلة لوظيفة محتملة، أو الترويج لمنتج أو خدمة ما، أو مجرد التعبير عن رأيك من خلال مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

لماذا حديثك ليس جذاباً بالنسبة للآخرين؟

عندما تبدأ حديثك، فهناك خطة تدور ببالك حول مدى تفاعل الآخرين معك؛ لكن في بعض الأحيان، تختلف ردود الأفعال، ويفقدون اهتمامهم بما تقول. يوضح خبير الصوتيات جوليان تريجر، أنه يجب أن تعرف كيفية إقناع الآخرين برسالتك خاصة في عالم مليء بالضوضاء، ومن السهل فقدان اهتمامهم بما لديك لتقوله، لذا هناك 7 أسباب يمكنك تجنبها حتى لا يفقدون اهتمامهم بحديثك.

1. النميمة

"العقول العظيمة تناقش الأفكار، أما العقول المتوسطة فتناقش الأحداث، فيما تتحدث العقول الصغيرة عن الناس"؛ هكذا وصفت السياسية الأميركية السابقة إليانور روزفلت (Eleanor Roosevelt) النميمة بواحدة من أشهر مقولاتها. فالحديث عن الآخرين لا يجذب سوى العقول الصغيرة، وإن كنت بحاجة إلى التأثير فيمن حولك، لا بد من التخلي عن هذه الصفة، وتبني مهارة جديدة لبحث الأفكار، ومناقشتها بطريقة عملية.

2. إصدار الأحكام على الآخرين

من الصعب الإنصات إلى شخص تعرف أنه يصدر أحكاماً مسبقة على الآخرين، ولديه بعض التصورات الخاصة عنك، ولعل التعليقات المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرز الأمثلة على ذلك. فإن كنت تريد أن تصبح متحدثاً بارعاً عليك التخلي عن إصدار الأحكام، والاعتماد على قوة رسالتك والبحث عن الحقائق كاملة.

3. السلبية

على الرغم من بعض الأحداث المأساوية في حياة الأفراد، فإن الغالبية لا يريدون الاستماع إلى الأحاديث السلبية، لذلك يسعى بعض الكتّاب إلى طرح أفكارهم الأكثر إزعاجاً في قالب كوميدي، وهو ما يطلق عليه "الكوميديا السوداء"، حتى لا يهرب المتلقي من الرسالة التي يريدون تقديمها. ويميل البعض إلى الهروب التدريجي من الاستماع إلى السلبية، حيث يؤكد علماء الأعصاب أن الكلمات السلبية تترك انطباعاً منفراً، كما تعزز من فرص الإصابة بالقلق الدائم، علماً أن الدماغ يستجيب إلى الكلمات الإيجابية بصفة أفضل ويمكنها ترك تأثير دائم في المستمعين.

4. التذمر

يصف جوليان تريجر التذمر، بالوباء الفيروسي، الذي يمكنه الانتشار سريعاً، سواء عن طريق الشكوى بسبب الأحوال الجوية، أو فشل الفريق المفضل لك في الفوز بالمبارة، أو الأوضاع المحيطة بك، وهذا يجعل حديثك سيئاً ولا يلقى اهتماماً من الآخرين.

5. إلقاء اللوم

لا يساعد إلقاء اللوم على الآخرين في التغلب على أخطائك، بل إنك لن تستفيد من فرصة الاعتذار والبدء مجدداً. لذا فإن تحمل مسؤولية أفعالك يمكنها مساعدتك في الحصول على اهتمام من حولك بما يمكنك قوله.

6. المبالغة

عندما يتعلق الأمر بالحديث عن شيء رائع، فإنك قد تقع في فخ المبالغة، يقول المتحدث العالمي كريغ فالنتاين: في بداية مسيرتي، بالغت في تقدير حسي الفكاهي، كما بالغت في استخدام بعض الكلمات للتعبير عما أريد قوله؛ ما أفقدني مصداقيتي، ولم أتمكن من التأثير في الآخرين.

7. التحيز والابتعاد عن الموضوعية

يؤدي معرفتك للفرق بين رأيك الشخصي، والحقائق المجردة، دوراً مهماً في كيفية الإنصات إلى حديثك. تذكر أنك لا تتحدث عن قناعاتك الشخصية أو كيفية تعاطيك مع الأشياء من حولك، فأنت عندما تتحدث أمام الآخرين، تقدّم لهم الحقائق فقط، وهذا ما يجعلهم ينتظرون المزيد مما يمكنك تقديمه لهم.

الآن، وبعد معرفة العوامل التي تتسبب في عدم الاستماع إلى رسالتك، كيف يمكن للحديث أن يكون جذاباً بالنسبة للمتلقي؟ وكيف يمكنك إرغام من حولك على الإنصات جيداً لما تقوله؟

كيف تحوّل حديثك إلى أسلوب جذاب؟

الأمر سهل. يقول مؤلف كتاب "كيف تجذب الآخرين إلى حديثك" (How to Speak So That People Want To Listen) جون والتون، إن هناك ثلاثة أسس تحدد مدى براعتك في الحديث، وهي: المصداقية، والمنطق في طرح الأفكار، والتأثير العاطفي على الآخرين، والأخيرة تتفق مع أسلوب السرد القصصي الذي يمكن استخدامه للتواصل الفعال، فعندما تعتبر نفسك راوياً، ستجذب انتباه جمهورك وتبقى في ذاكرته، وهذا ما أكدّه المؤلف كارماين غالو في مقاله: كيف تصبح متحدثاً بارعاً بالاعتماد على السرد القصصي.

بينما فضًل جوليان تريجر، أربعة مبادئ رئيسة يمكنها تحويل الحديث إلى رسالة جذابة، كما يمكن تعزيزها ببعض المهارات الأخرى:

  1. الصدق بطريقة غير مبالغ فيها، مع الحفاظ على لباقة التعامل.
  2. الأصالة والابتعاد عن تقليد الآخرين.
  3. النزاهة والالتزام بما تقدمه.
  4. المحبة وتقديم الأمنيات الطيبة للآخرين.

الحفاظ على الصوت العميق

يقول الشاعر جلال الدين الرومي: "ليرتفع منك المعنى لا الصوت، فإنّ ما يجعل الزهر ينبت ويتفتح هو المطر لا الرعد"؛ هكذا يجب أن تتذكر أهمية إظهار الرسالة على حساب صوتك. إذ يمكن لنبرة الصوت أن تُصقل المبادئ السابقة، فالصوت المنخفض العميق يجذب الانتباه أكثر من الصوت المرتفع. ويُصنف الرجال ذوي الأصوات العميقة أنهم أكثر هيمنة اجتماعياً من أصحاب الصوت المرتفع، فضلاً عن معرفة التوقيت المناسب للحديث، واختيار الصمت والإنصات الإيجابي إن لزم الأمر.

التدريب المتواصل

تناول فيلم "خطاب الملك" (The King's Speech) القصة الحقيقية لكيفية تغلب الملك جورج السادس على تلعثمه، من أجل البث الرسمي الأول له عبر الإذاعة البريطانية، وكان ذلك عن طريق التدريب المستمر. وإن كان هناك عبرة من هذه القصة، فإن استمرار التدريب يمكنه أن يحقق أفضل النتائج، سواء من حيث الالتزام بمبادئ الحديث الجذاب، أو تجنب العناصر التي قد تسيء إلى حديثك.

أهم ما يميز الحديث أمام الآخرين، أنه مهارة مكتسبة يمكن تطويرها، لهذا يدرس المتحدث دائماً كيفية الحصول على انتباه من يستمع إليه. فإذا كنت ترغب حقاً في الحديث اجعل كلمتك مسموعة، ويمكنك بتلك المبادئ جذب الآخرين للإنصات إليك، واستعادة انتباههم عند اللزوم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي