هل انخفضت نسبة التحرش في العمل منذ حركة #أنا_أيضاً؟

6 دقائق
انخفاض نسبة التحرش بعد حركة #أنا_أيضاً

مضى ما يقرب من عامين على انتشار حركة #أنا_أيضاً (#MeToo) التي ذاع صيتها على نطاق واسع، وما زالت بعض الأسئلة المهمة مطروحة مثل: هل حدث أي تغيير؟ هل حصل انخفاض في نسبة التحرش بعد حركة #أنا_أيضاً؟ ماذا حلّ بالنساء اللائي شاركن في الحركة؟

دراسة حول مدى انتشار التحرش في أماكن العمل

نعتقد أنه من المفيد استطلاع بعض البيانات. أجرينا استبياناً عام 2016، قبل بدء حركة #أنا_أيضاً، على 250 امرأة عاملة في الولايات المتحدة، وطرحنا على هؤلاء النسوة أسئلة حول مدى انتشار التحرش في أماكن عملهن وأثر ذلك على عملهن. وأجرينا مقابلات شخصية مع 31 امرأة في الولايات المتحدة حول تجاربهن الفردية مع التحرش.

كما نظّمنا استبياناً آخر بعد حركة #أنا_أيضاً في سبتمبر/أيلول 2018، شمل 263 امرأة، وأعدنا التواصل مع بعض النساء اللائي أجرينا مقابلات شخصية معهن سابقاً، لمعرفة ما إذا كنّ قد شهدن أي تغييرات أو غيرّن من وجهات نظرهن. وانطوى الهدف من الاستبيان على جمع أدلة كمية حول التغييرات التي طرأت منذ حركة #أنا_أيضاً، وكان الهدف من المقابلات الشخصية تقديم رؤى ثاقبة حول سبب حدوث التغييرات وكيفيتها.

اقرأ أيضاً: نقاش: لماذا لم تتحسن بيئات العمل إلى الآن بعد حملة #أنا_أيضاً؟

وقمنا بقياس التحرش وفق ثلاثة أبعاد، ألا وهي التحرش بالنساء، والاهتمام العاطفي غير المرغوب فيه، والإكراه العاطفي. ويتمثّل التحرش بالنساء في المعاملة السلبية لهن، والتي ليس بالضرورة أن تكون عاطفية، بيد أنها قد تنطوي على إصدار أشخاص مثل المشرف أو زميل العمل لتلميحات متحيزة ضد النساء، أو سرد قصص غير مناسبة، أو عرض مواد تنطوي على تمييز جنساني. وينطوي الاهتمام العاطفي غير المرغوب فيه على سلوك زملاء العمل أو المشرفين، والذي قد يشمل التحديق أو النظرات الخبيثة والغرامية أو اللمس غير المرغوب فيه. ويتضمن الإكراه العاطفي رشوة النساء أو الضغط عليهن بهدف الانخراط في سلوك عاطفي. وقمنا أيضاً بقياس مدى تقدير المشاركات لذواتهن وثقتهن بأنفسهن، بهدف دراسة كيفية ارتباط هذه المشاعر بخبراتهن.

علام انطوت النتائج؟ بالنسبة إلى التغييرات التي طرأت، وجدنا انخفاضاً في حالات الإبلاغ عن الإكراه العاطفي والاهتمام العاطفي غير المرغوب فيه بين النساء في العينة في أعقاب حركة #أنا_أيضاً. إذ أفادت نسبة 25% من النساء بتعرضهن للإكراه العاطفي عام 2016، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 16% عام 2018. وانخفضت نسبة الاهتمام العاطفي غير المرغوب فيه لدى النساء من 66% إلى 25%. وفي المقابل، لاحظنا زيادة في تقارير التحرش بالنساء، إذ ازدادت هذه النسبة من 76% في عام 2016 إلى 92% عام 2018. ورغم أن التحرش الصارخ، أو التجارب التي تدفع الكثير من النساء إلى ترك وظائفهن، في تراجع، إلا أن البيانات تشير إلى أن أماكن العمل قد تشهد "رد فعل سلبي"، أو زيادة في العداء تجاه النساء.

وعندما درسنا مشاعر النساء المتمثلة في تقدير الذات وعدم الثقة في النفس، وجدنا زيادة في نسب تقدير النساء لذواتهن وتراجع في نسب عدم الثقة بأنفسهن منذ عام 2016. والأهم من ذلك، كانت العلاقة بين الاهتمام العاطفي غير المرغوب فيه وهاتين النتيجتين (الانخفاض في تقدير الذات، والارتفاع في عدم الثقة بالنفس) أضعف عام 2018. وبالمثل، انخفضت العلاقة بين التحرش بالنساء والنتائج. ونعتقد أن العرف القائل بتعرض الكثير من النساء إلى التحرش قد خفف من آثاره السلبية على مشاعر تقدير الذات وعدم الثقة بالنفس.

وتشير النظريات النفسية الاجتماعية إلى أن تجارب الشعور بالعار، مثل التحرش، قد تهدم مشاعر تقدير الذات، خصوصاً لخشية الأفراد الذين يشعرون بالعار أن يكونوا وحدهم، وهو ما يجعلهم يلقون لوم تعرضهم لسوء المعاملة على أنفسهم. وقد تُفيد معرفة مدى انتشار ظاهرة التحرش، وسماع تجارب النساء الأخريات في حماية مشاعر تقدير الذات لدى الأفراد من وصمة العار المرتبطة بالتحرش.

فوائد حركة #أنا_أيضاً

وأخبرتنا النساء اللائي أجرينا مقابلات شخصية معهن أن حركة #أنا_أيضاً ساعدتهن على إدراك أنهن لم يكن وحدهن في التجارب التي خضن بها. وأفادت مسؤولة تسويق تنفيذية في أواخر الثلاثينيات من عمرها قائلة "لقد بدأت ألحظ انتشار منشورات حركة #أنا_أيضاً، وأحسست بمدى شجاعة النساء في التحدث عن قصصهن الشخصية التي لم أكن أعرف عنها أبداً، ولم أشعر بالحاجة إلى تبرير هذه القصص، وإنما الإقرار بصحتها فقط".

ما هي مهمة الشركات والمدراء الآن؟ على المستوى الأساسي، يجب على الشركات والمدراء مواصلة إبراز أهمية منع التحرش. ويجب على إدارات الموارد البشرية داخل المؤسسات إيلاء هذه القضية الأولوية من خلال تقديم تدريب حول تدخل المتفرجين، واتباع سياسات واضحة لعدم التسامح مطلقاً بشأن التحرش، والاستجابة على النحو الواجب للشكاوى.

وقد أخبرتنا العديد من النساء أنه من الضروري أن تظل أقسام الموارد البشرية متيقظة في الاستجابة للمخاوف المتعلقة بالتحرش. وقالت إحدى النساء "أعتقد أنه من الشائع أن يتحدث الأفراد عن التجارب التي يمرون بها، أو عن مشاعر عدم الارتياح التي تنتابهم في بعض الأوقات. ولا تنطوي القضية على تحدثهم في المقام الأول، وإنما على رد فعل صاحب العمل عندما يعلم أن أحد موظفيه يتحرش بموظف آخر". ويمكن للمدراء أيضاً ضمان شعور النساء والرجال بالأمان للحديث عن التحرش.

ويجب على المؤسسات أيضاً إيلاء الاهتمام بقضايا التحرش بالنساء، بما في ذلك المضايقة والتعليقات المتحيزة ضد النساء. وقد أخبرتنا إحدى النساء باعتقادها أن زميلاتها اللائي جرى تمكينهن عبر حركة #أنا_أيضاً لفضح السلوك غير اللائق قد واجهن المزيد من العداء بين زملاء العمل. ومن المهم أن تدرك المؤسسات هذا الأمر، لأن تعرض النساء المستمر للتحرش قد يكون ذا تأثير بالغ بقدر تأثير أفظع أشكال التحرش.

اقرأ أيضاً: تبعات حركة #أنا_أيضاً

وقد يكون تقديم التدريب الذي يركز على هذه القضية وعلى الانتهاكات غير المباشرة والتحيز غير الواعي مفيداً لتشجيع السلوك المدني، ولتمكين الزملاء والقادة من التدخل عند رؤية سلوك المضايقة أو التحرش في مكان العمل على حد سواء. وقد يكون وقوف المرأة في وجه التعليقات المتحيزة ضدها مثيراً للقلق، بيد أنه قد يكون من الأسهل كثيراً للمتفرجين التدخل ونزع فتيل الموقف.

وستُكلل هذه الجهود بالنجاح إذا تمكنت المؤسسات من توظيف حلفاء ذكور في محادثات المساواة بين الجنسين. والأهم من ذلك، يجب على الرجال الإصغاء إلى رسالة مفادها أن تناول هذه القضايا على محمل الجد لا يُعتبر اتهاماً موجهاً ضدهم، وإنما هو جهد مشترك يهدف إلى خلق بيئة يسودها الاحترام في مكان العمل. وقد أثارت الحملة المنتشرة على "تويتر" باسم #نعم_كل_النساء إعجابنا، والتي تهدف إلى تذكير الرجال والنساء بأن لا أحد يعتقد أن جميع الرجال متحرشون، بيد أن جميع النساء تتعرضن للتحرش في حياتهن المهنية. وكما أفادت إحدى النساء، "تُبرز حركة #أنا_أيضاً مجتمعاً من الرجال الذين يؤيدون النساء ويدعمونهم في أي موقف من المواقف الصعبة، سواء اتبعوا أقصى درجات الدعم في حركة #أنا_أيضاً أو انطوى دعمهم على مجرد التفكير في كيفية الحصول على تمثيل متساو وصوت متساو في الاجتماعات. كما أنها تطور مجتمعاً من الرجال الذين يشعرون بالارتياح لقول "نعم، سأكون مؤيداً لك، ويمكنني التحدث نيابة عنك".

ولا يمكننا أن ننسى العمال الأكثر ضعفاً. إذ تركز معظم الجهود المبذولة حول المساواة بين الجنسين والحد من التحرش في مكان العمل على القادة المحتملين العاملين بدوام كامل والذين يتقاضون الأجور. ومع ذلك، يوجد أدلة على أن العمال المستقلون هم الأشخاص الأكثر عرضة للتحرش، بمن فيهم أولئك الذين يحصلون على الحد الأدنى من الأجور أو أجور الخدم، والموظفون بدوام جزئي أو مؤقت. إذ غالباً ما يكون الأشخاص في هذه المناصب ضمن الفئات الأضعف لأنهم لا يتمتعون بحماية من قبل قوانين لجنة تكافؤ فرص العمل. إن إنشاء مكان عمل أكثر أماناً يعني وضع الجميع في الاعتبار. وسيكون وضع تشريع أكبر لحماية غير الموظفين خطوة أولى واضحة، لكن قد يكون العاملون المستقلون والمؤسسات سبّاقين في تضمين شروط مكافحة التحرش في عقودهم بهدف زيادة حماية العمال. ويمكن للعاملين المستقلين أيضاً استخدام منصات التعهيد الجماعي عبر الإنترنت بهدف جمع المعلومات حول المؤسسات الآمنة.

وفي حين تشير نتائجنا إلى انخفاض نسبة التحرش بعد حركة #أنا_أيضاً على مدار العامين الماضيين، من المهم أن نضمن حفاظنا على هذه التغييرات، وأن يقدم النساء والرجال الدعم إلى أولئك الذين يتعرضون للتحرش، وألا يتعرض العمال المستضعفون إلى التجاهل. والهدف من هذه الجهود هو تحقيق التقدم المستمر في ممارسات الإنصاف في مكان العمل، وهو الهدف الذي سيفيد جميع الموظفين.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي